الرءوف
كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّحَوُّل فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ تَحَوَّل، وَمَعْنَاهُ: التَّنَقُّل مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى آخَرَ، وَمِنْ مَعَانِيهِ أَيْضًا: الزَّوَال، كَمَا يُقَال: تَحَوَّل عَنِ الشَّيْءِ أَيْ: زَال عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ.
وَكَذَلِكَ: التَّغَيُّرُ وَالتَّبَدُّل. وَالتَّحْوِيل مَصْدَرُ حَوَّل، وَهُوَ: النَّقْل، فَالتَّحَوُّل مُطَاوِعٌ وَأَثَرٌ لِلتَّحْوِيل. (1)
وَيَقْصِدُ الْفُقَهَاءُ بِالتَّحَوُّل مَا يُقْصَدُ بِهِ فِي اللُّغَةِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الاِسْتِحَالَةُ:
2 - مِنْ مَعَانِي الاِسْتِحَالَةِ لُغَةً: تَغَيُّرُ الشَّيْءِ عَنْ طَبْعِهِ وَوَصْفِهِ، أَوْ عَدَمُ الإِْمْكَانِ. (2)
فَالاِسْتِحَالَةُ قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى التَّحَوُّل، كَاسْتِحَالَةِ الأَْعْيَانِ النَّجِسَةِ مِنَ الْعَذِرَةِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَتَحَوُّلِهَا عَنْ أَعْيَانِهَا وَتَغَيُّرِ أَوْصَافِهَا، وَذَلِكَ بِالاِحْتِرَاقِ، أَوْ بِالتَّخْلِيل، أَوْ بِالْوُقُوعِ فِي شَيْءٍ، كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.
أَحْكَامُ التَّحَوُّل:
لِلتَّحَوُّل أَحْكَامٌ تَعْتَرِيهِ، وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ مَوَاطِنِهَا، أَهَمُّهَا مَا يَلِي:
أ - تَحَوُّل الْعَيْنِ وَأَثَرُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَالْحِل:
3 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى: أَنَّ نَجِسَ الْعَيْنِ يَطْهُرُ بِالاِسْتِحَالَةِ، فَرَمَادُ النَّجِسِ لاَ يَكُونُ نَجِسًا، وَلاَ يُعْتَبَرُ نَجِسًا مِلْحٌ كَانَ حِمَارًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ غَيْرَهُمَا، وَلاَ نَجِسٌ وَقَعَ فِي بِئْرٍ فَصَارَ طِينًا، وَكَذَلِكَ الْخَمْرُ إِذَا صَارَتْ خَلًّا سَوَاءٌ بِنَفْسِهَا أَوْ بِفِعْل إِنْسَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، لاِنْقِلاَبِ الْعَيْنِ، وَلأَِنَّ الشَّرْعَ رَتَّبَ وَصْفَ النَّجَاسَةِ عَلَى تِلْكَ الْحَقِيقَةِ، فَيَنْتَفِي بِانْتِقَائِهَا. فَإِذَا صَارَ الْعَظْمُ وَاللَّحْمُ مِلْحًا أَخَذَا حُكْمَ الْمِلْحِ؛ لأَِنَّ الْمِلْحَ غَيْرُ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ.
وَنَظَائِرُ ذَلِكَ فِي الشَّرْعِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: الْعَلَقَةُ فَإِنَّهَا نَجِسَةٌ، فَإِذَا تَحَوَّلَتْ إِلَى الْمُضْغَةِ تَطْهُرُ، وَالْعَصِيرُ طَاهِرٌ فَإِذَا تَحَوَّل خَمْرًا يَنْجُسُ.
فَيَتَبَيَّنُ مِنْ هَذَا: أَنَّ اسْتِحَالَةَ الْعَيْنِ تَسْتَتْبِعُزَوَال الْوَصْفِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا. (3)
وَالأَْصْل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ: أَنَّ نَجِسَ الْعَيْنِ لاَ يَطْهُرُ بِالاِسْتِحَالَةِ، فَالْكَلْبُ أَوْ غَيْرُهُ يُلْقَى فِي الْمَلاَّحَةِ فَيَصِيرُ مِلْحًا، وَالدُّخَانُ الْمُتَصَاعِدُ مِنْ وُقُودِ النَّجَاسَةِ، وَكَذَلِكَ الْبُخَارُ الْمُتَصَاعِدُ مِنْهَا إِذَا اجْتَمَعَتْ مِنْهُ نَدَاوَةٌ عَلَى جِسْمٍ صَقِيلٍ، ثُمَّ قَطَّرَ، نَجِسٌ. (4)
4 - ثُمَّ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْخَمْرَ إِذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا خَلًّا فَتَطْهُرُ بِالتَّخَلُّل؛ لأَِنَّ عِلَّةَ النَّجَاسَةِ الإِْسْكَارُ وَقَدْ زَالَتْ، وَلأَِنَّ الْعَصِيرَ لاَ يَتَخَلَّل إِلاَّ بَعْدَ التَّخَمُّرِ غَالِبًا، فَلَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِالطَّهَارَةِ تَعَذَّرَ الْحُصُول عَلَى الْخَل، وَهُوَ حَلاَلٌ بِالإِْجْمَاعِ.
وَأَمَّا إِنْ خُلِّلَتْ بِطَرْحِ شَيْءٍ فِيهَا بِفِعْل إِنْسَانٍ فَلاَ تَطْهُرُ عِنْدَهُمْ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهَا لَوْ تَخَلَّلَتْ بِإِلْقَاءِ الرِّيحِ فَلاَ تَطْهُرُ عِنْدَهُمْ أَيْضًا، سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي التَّخْلِيل كَبَصَلٍ وَخُبْزٍ حَارٍّ، أَمْ لاَ كَحَصَاةٍ.
وَكَذَلِكَ لاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمُلْقَاةُ طَاهِرَةً أَوْ نَجِسَةً. (5) وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ أَكْثَرُ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ: (تَخْلِيلٌ وَاسْتِحَالَةٌ) . ب - تَطْهِيرُ الْجِلْدِ بِالدِّبَاغِ:
5 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي نَجَاسَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْل الدِّبَاغِ، (6) وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي طَهَارَتِهِ بَعْدَهُ عَلَى اتِّجَاهَاتٍ كَثِيرَةٍ. وَفِي الْمَوْضُوعِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ وَخِلاَفٌ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، فَصَّلَهُ الْفُقَهَاءُ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنِ النَّجَاسَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَطْهِيرِهَا، (7) وَيُرَاجَعُ فِيهِ أَيْضًا مُصْطَلَحُ: (دِبَاغَةٌ) .
ج - تَحَوُّل الْوَصْفِ أَوِ الْحَالَةِ:
تَحَوُّل الْمَاءِ الرَّاكِدِ إِلَى الْمَاءِ الْجَارِي:
6 - الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَاءَ النَّجِسَ الرَّاكِدَ إِذَا تَحَوَّل إِلَى جَارٍ يَطْهُرُ بِمُجَرَّدِ جَرَيَانِهِ، وَالْجَارِي مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ جَارِيًا (8) بِأَنْ يَدْخُل الْمَاءَ مِنْ جَانِبٍ وَيَخْرُجَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ حَال دُخُولِهِ، وَإِنْ قَل الْخَارِجُ، لأَِنَّهُ صَارَ جَارِيًا حَقِيقَةً، وَبِخُرُوجِ بَعْضِهِ وَقَعَ الشَّكُّ فِي بَقَاءِ النَّجَاسَةِ، فَلاَ تَبْقَى مَعَ الشَّكِّ.
وَفِيهِ قَوْلاَنِ ضَعِيفَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
الأَْوَّل: لاَ يَطْهُرُ بِمُجَرَّدِ التَّحَوُّل، بَل لاَ بُدَّ مِنْ خُرُوجِ قَدْرِ مَا فِيهِ.
وَالثَّانِي: لاَ بُدَّ مِنْ خُرُوجِ ثَلاَثَةِ أَمْثَالِهِ. وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْل الْمُخْتَارِ وَالْقَوْلَيْنِ الآْخَرَيْنِ فِي: أَنَّ الْخَارِجَ مِنَ الْحَوْضِ يَكُونُ طَاهِرًا بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ، بِنَاءً عَلَى الْقَوْل الْمُخْتَارِ. وَلاَ يَكُونُ طَاهِرًا قَبْل الْحُكْمِ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ الرَّاكِدِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الآْخَرَيْنِ.
وَعَلَى هَذَا الْخِلاَفِ: الْبِئْرُ وَحَوْضُ الْحَمَّامِ وَالأَْوَانِي. (9)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ يَتَحَوَّل الْمَاءُ الْكَثِيرُ النَّجِسُ طَهُورًا بِزَوَال التَّغَيُّرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِصَبِّ مَاءٍ مُطْلَقٍ عَلَيْهِ، قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، أَوْ مَاءٍ مُضَافٍ مُقَيَّدٍ انْتَفَتْ نَجَاسَتُهُ، أَمْ بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ كَتُرَابٍ أَوْ طِينٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَحَدُ أَوْصَافِ مَا أُلْقِيَ فِيهِ. لأَِنَّ تَنَجُّسَهُ إِنَّمَا كَانَ لأَِجْل التَّغَيُّرِ وَقَدْ زَال، وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا، كَالْخَمْرِ إِذَا صَارَتْ خَلًّا، وَفِي تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِنَزْحِ بَعْضِهِ قَوْلاَنِ. (10)
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْمَاءَ إِذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ لاَ يَنْجُسُ بِمُلاَقَاةِ نَجِسٍ، لِحَدِيثِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِل الْخَبَثَ (11) أَيْ لاَ يَقْبَل النَّجِسَ.
هَذَا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ فَيَنْجُسُ لِحَدِيثِ: إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلاَّ مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ. (12)
فَإِنْ تَغَيَّرَ وَصْفٌ مِنْ هَذِهِ الأَْوْصَافِ تَنَجَّسَ، فَإِنْ زَال تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَاءٍ انْضَمَّ إِلَيْهِ طَهُرَ. وَمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ يَنْجُسُ بِالْمُلاَقَاةِ، فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ وَلاَ تَغَيُّرَ بِهِ فَطَهُورٌ. وَلَوْ كَوْثَرٌ بِإِيرَادِ طَهُورٍ فَلَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَطْهُرْ. وَقِيل: هُوَ طَاهِرٌ لاَ طَهُورٌ. (13)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَخْتَلِفُ تَطْهِيرُ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ بِالْمُكَاثَرَةِ بِاخْتِلاَفِ أَحْوَالٍ ثَلاَثٍ لِلْمَاءِ: أَنْ يَكُونَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، أَوْ وَفْقَ الْقُلَّتَيْنِ، أَوْ زَائِدًا عَنْهُمَا.
(14) فَإِنْ كَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَتَطْهِيرُهُ بِالْمُكَاثَرَةِ بِمَاءٍ آخَرَ.
فَإِنِ اجْتَمَعَ نَجِسٌ إِلَى نَجِسٍ، فَالْكُل نَجِسٌ وَإِنْ كَثُرَ، لأَِنَّ اجْتِمَاعَ النَّجِسِ إِلَى النَّجِسِ لاَ يَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا طَاهِرٌ، كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَطْهُرَ إِذَا زَال التَّغَيُّرُ وَبَلَغَ الْقُلَّتَيْنِ، (14) لِحَدِيثِ: إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِل الْخَبَثَ (16) وَحَدِيثِ: إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلاَّ مَاءٌ غُيِّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ. (17)
وَجَمِيعُ النَّجَاسَاتِ فِي هَذَا سَوَاءٌ، إِلاَّ بَوْل الآْدَمِيِّينَ وَعَذِرَتَهُمُ الْمَائِعَةَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تُنَجِّسُ الْمَاءَ الْكَثِيرَ، إِلاَّ أَنْ يَبْلُغَ حَدًّا لاَ يُمْكِنُ نَزْحُهُ كَالْغُدْرَانِ، فَذَلِكَ الَّذِي لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ.
(16) فَإِنْ كَانَ وَفْقَ الْقُلَّتَيْنِ:
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ فَيَطْهُرُ بِالْمُكَاثَرَةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَإِنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا يَطْهُرُ بِالْمُكَاثَرَةِ إِذَا أَزَالَتِ التَّغَيُّرَ، أَوْ بِتَرْكِهِ حَتَّى يَزُول تَغَيُّرُهُ بِطُول الْمُكْثِ. (19) وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الْقُلَّتَيْنِ: فَإِنْ كَانَ نَجِسًا بِغَيْرِ التَّغَيُّرِ فَلاَ طَرِيقَ إِلَى تَطْهِيرِهِ بِغَيْرِ الْمُكَاثَرَةِ.
وَإِنْ كَانَ نَجِسًا مُتَغَيِّرًا بِالنَّجَاسَةِ فَتَطْهِيرُهُ إِمَّا بِالْمُكَاثَرَةِ، أَوْ زَوَال تَغَيُّرِهِ بِمُكْثِهِ، أَوْ أَنْ يُنْزَحَ مِنْهُ مَا يَزُول بِهِ التَّغَيُّرُ، وَيَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ قُلَّتَانِ فَصَاعِدًا. (20)
وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ: (طَهَارَةٌ) .
التَّحَوُّل إِلَى الْقِبْلَةِ أَوْ عَنْهَا:
7 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا كَانَ مُعَايِنًا لِلْكَعْبَةِ، فَفَرْضُهُ الصَّلاَةُ إِلَى عَيْنِهَا بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، بِأَنْ لاَ يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْهُ عَنِ الْكَعْبَةِ وَلَوْ عُضْوًا، فَلَوْ تَحَوَّل بِغَيْرِ عُذْرٍ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. (21)
وَأَمَّا فِي تَحْوِيل الْوَجْهِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوِ انْحَرَفَ وَجْهُهُ عَنْ عَيْنِ الْكَعْبَةِ انْحِرَافًا لاَ تَزُول فِيهِ الْمُقَابَلَةُ بِالْكُلِّيَّةِ، جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (19) وَأَمَّا تَحْوِيل الصَّدْرِ عَنِ الْقِبْلَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَمُفْسِدٌ لِلصَّلاَةِ. (23)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: مَنِ الْتَفَتَ بِجَسَدِهِ كُلِّهِ عَنِ الْقِبْلَةِ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُ، إِنْ بَقِيَتْ قَدَمَاهُ إِلَى الْقِبْلَةِ. (24)
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ التَّحَوُّل إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى عَامِدًا مُبْطِلٌ لِلصَّلاَةِ، وَإِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا لَمْ تَبْطُل. (25) وَفِي الْمَوْضُوعِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ: (اسْتِقْبَالٌ) .
التَّحَوُّل مِنَ الْقِيَامِ إِلَى الْقُعُودِ فِي الصَّلاَةِ:
8 - التَّحَوُّل مِنَ الْقِيَامِ إِلَى الْقُعُودِ، وَمِنْهُ إِلَى الاِسْتِلْقَاءِ أَوِ الاِضْطِجَاعِ مِنْ فُرُوعِ قَاعِدَةِ: " الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ " وَالأَْصْل فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (26) وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (27) ، وَلِذَلِكَ أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ لاَ يُطِيقُ الْقِيَامَ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ قَبْل الصَّلاَةِ أَوْ أَثْنَاءَهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، بِأَنْ خَافَ زِيَادَةَ مَرَضٍ، أَوْ بُطْءَ بُرْئِهِ، أَوْ دَوَرَانَ رَأْسِهِ، أَوْ وَجَدَ لِقِيَامِهِ أَلَمًا شَدِيدًا وَنَحْوَهُ، لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْمَأَ مُسْتَلْقِيًا، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: صَل قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ (28) زَادَ النَّسَائِيُّ: فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا.
وَيُزَادُ فِي النَّافِلَةِ: أَنَّ لَهُ التَّحَوُّل مِنَ الْقِيَامِ إِلَى الْقُعُودِ بِلاَ عُذْرٍ.
وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى كِتَابِ الصَّلاَةِ عِنْدَ الْكَلاَمِ فِي صَلاَةِ الْمَرِيضِ.
تَحَوُّل الْمُقِيمِ إِلَى مُسَافِرٍ وَعَكْسُهُ:
أ - تَحَوُّل الْمُقِيمِ إِلَى مُسَافِرٍ:
9 - يَصِيرُ الْمُقِيمُ مُسَافِرًا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:
أَوَّلُهُمَا: إِذَا جَاوَزَ بُيُوتَ مَقَامِهِ، وَجَاوَزَ مَا اتَّصَل بِهِ مِنْ تَوَابِعِ الْبَلَدِ بِنِيَّةِ السَّفَرِ، قَاصِدًا الْمَسَافَةَ الَّتِي يَتَحَقَّقُ بِهَا السَّفَرُ الَّذِي تَتَغَيَّرُ بِهِ الأَْحْكَامُ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي النِّيَّةِ نِيَّةُ الْمَتْبُوعِ لاَ التَّابِعِ، حَتَّى تَصِيرَ الزَّوْجَةُ مُسَافِرَةً بِنِيَّةِ الزَّوْجِ، وَالْجُنْدِيُّ بِنِيَّةِ الْقَائِدِ، وَكُل مَنْ لَزِمَهُ طَاعَةُ غَيْرِهِ كَالسُّلْطَانِ وَأَمِيرِ الْجَيْشِ. (29)
ثَانِيهِمَا: إِذَا أَنْشَأَ السَّيْرَ بَعْدَ الإِْقَامَةِ. وَلِتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ يُرْجَعُ إِلَى (صَلاَةُ الْمُسَافِرِ) . (30)
ب - تَحَوُّل الْمُسَافِرِ إِلَى مُقِيمٍ:
10 - يَصِيرُ الْمُسَافِرُ مُقِيمًا بِأَحَدِ الأُْمُورِ التَّالِيَةِ:
الأَْوَّل: الْعَوْدُ إِلَى الْوَطَنِ الأَْصْلِيِّ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الإِْقَامَةَ فِيهِ.
وَالضَّبْطُ فِيهِ: أَنْ يَعُودَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي شَرَطَ الْفُقَهَاءُ مُفَارَقَتَهُ فِي إِنْشَاءِ السَّفَرِ مِنْهُ. (31)
الثَّانِي: الْوُصُول إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُسَافِرُ إِلَيْهِ، إِذَا عَزَمَ عَلَى الإِْقَامَةِ فِيهِ الْقَدْرَ الْمَانِعَ مِنَ التَّرَخُّصِ، وَكَانَ صَالِحًا لِلإِْقَامَةِ. وَالْمُدَّةُ الْمَانِعَةُ مِنَ التَّرَخُّصِ خِلاَفِيَّةٌ يُرْجَعُ فِيهَا إِلَى (صَلاَةُ الْمُسَافِرِ) .
الثَّالِثُ: إِذَا تَزَوَّجَ الْمُسَافِرُ بِبَلَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْهُ وَطَنًا، وَلَمْ يَنْوِ الإِْقَامَةَ.
الرَّابِعُ: نِيَّةُ الإِْقَامَةِ فِي الطَّرِيقِ: وَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: نِيَّةُ الإِْقَامَةِ، وَنِيَّةُ مُدَّةِ الإِْقَامَةِ، وَاتِّحَادُ الْمَكَانِ، وَصَلاَحِيَّتُهُ لِلإِْقَامَةِ.
وَأَمَّا الْمَفَازَةُ وَنَحْوُهَا فَفِي انْقِطَاعِ السَّفَرِ بِنِيَّةِ الإِْقَامَةِ فِيهَا خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ (32) يُنْظَرُ فِي (صَلاَةُ الْمُسَافِرِ) .
الْخَامِسُ: الإِْقَامَةُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ: وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ الأَْصْل مُقِيمًا، فَيَصِيرَ التَّبَعُ أَيْضًا مُقِيمًا، بِإِقَامَةِ الأَْصْل. (33)
التَّحَوُّل عَنِ الْوَاجِبِ إِلَى الْبَدَل:
الْكَلاَمُ عَلَى التَّحَوُّل عَنِ الْوَاجِبِ إِلَى الْبَدَل يَكُونُ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا:
أ - الزَّكَاةُ:
11 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ التَّحَوُّل عَنِ الْوَاجِبِ إِلَى الْبَدَل فِي الزَّكَاةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الأَْوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. فَيَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يَدْفَعَ الْعَيْنَ أَوِ الْقِيمَةَ مِنَ النَّقْدَيْنِ وَالْعُرُوضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} . (34)
نَصَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَأْخُوذِ (صَدَقَةً) وَكُل جِنْسٍ يَأْخُذُهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ.
وَلِقَوْل مُعَاذٍ لأَِهْل الْيَمَنِ حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ ﷺ إِلَيْهِمُ: ائْتُونِي بِعَرْضِ ثِيَابٍ خَمِيصٍ أَوْ لَبِيسٍ فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ، أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لأَِصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ بِالْمَدِينَةِ، (35) وَكَانَ يَأْتِي بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَلاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ.
وَالْفِقْهُ فِيهِ: أَنَّ الْمَقْصُودَ إِيصَال الرِّزْقِ الْمَوْعُودِ إِلَى الْفَقِيرِ، وَدَفْعُ حَاجَةِ الْمِسْكِينِ، وَهُوَ يَحْصُل بِالْقِيمَةِ أَيْضًا. قَال ﵊: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ قُوتَ الْفُقَرَاءِ، وَسَمَّاهُ زَكَاةً. (36)
وَفِي اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ هَل تُدْفَعُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الأَْدَاءِ أَمْ يَوْمَ الْوُجُوبِ؟ خِلاَفٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مَوْطِنِهِ. (37)
وَأَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: فَيَجُوزُ التَّحَوُّل عَنِ الْوَاجِبِ إِلَى الْبَدَل فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَقَطْ، فَيَجُوزُ لِلْمُزَكِّي أَنْ يُخْرِجَ فِي زَكَاةِ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ بِقِيمَتِهَا، وَيُخْرِجَ عَنِ الْفِضَّةِ ذَهَبًا بِقِيمَتِهِ، قَلَّتِ الْقِيمَةُ أَوْ كَثُرَتْ، لأَِنَّ ذَلِكَ مُعَاوَضَةٌ فِي حَقِّهِ، فَكَانَتْ بِالْقِيمَةِ كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ، (38) وَهُمَا كَجِنْسٍ وَاحِدٍ.
وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ. (39)
وَأَمَّا فِي الْمَوَاشِي: فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ جَائِزٌ، بِنَاءً عَلَى قَاعِدَتِهِمْ بِجَوَازِ الْقِيمَةِ فِي كُل شَيْءٍ. وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَيُكْرَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ التَّحَوُّل عَنِ الْوَاجِبِ إِلَى الْبَدَل، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ، وَلِئَلاَّ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَقَل مِمَّا عَلَيْهِ، فَيَكُونُ قَدْ بَخَسَ الْفُقَرَاءَ حَقَّهُمْ، إِلاَّ إِذَا أَجْبَرَ السَّاعِي الْمُزَكِّيَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ دَرَاهِمَ فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَقَتِهِ، فَيُجْزِئُ عَنْهُ، إِذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِقِيمَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَكَانَ عِنْدَ مَحَلِّهَا. (40) وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ يُجْزِئُ إِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ قِيمَةِ الشَّاةِ. وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الإِْبِل مِرَاضًا، أَوْ قَلِيلَةَ الْقِيمَةِ لِعَيْبٍ أَجْزَأَ الْبَعِيرُ النَّاقِصُ عَنْ قِيمَةِ الشَّاةِ، وَإِنْ كَانَتْ صِحَاحًا سَلِيمَةً لَمْ يُجْزِئِ النَّاقِصُ.
وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي (الزَّكَاةُ) .
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَلاَ يَجُوزُ عِنْدَهُمُ التَّحَوُّل فِي الْمَاشِيَةِ مِنْ جِنْسٍ إِلَى آخَرَ وَلاَ إِلَى الْقِيمَةِ. .
ب - زَكَاةُ الْفِطْرِ:
12 - التَّحَوُّل عَنِ الْعَيْنِ إِلَى الْقِيمَةِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ لاَ يَجُوزُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (41)
وَأَمَّا التَّحَوُّل مِنْ جِنْسٍ إِلَى آخَرَ مِنْ أَجْنَاسِ الأَْقْوَاتِ، أَوِ التَّحَوُّل مِنَ الأَْدْنَى إِلَى الأَْعْلَى وَعَكْسُهُ فَفِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (زَكَاةُ الْفِطْرِ) .
ج - الْعُشُورُ:
13 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّحَوُّل عَنِ الْوَاجِبِ إِلَى الْبَدَل فِي الْعُشُورِ. (42)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ التَّحَوُّل عَنِ الْوَاجِبِ إِلَى الْبَدَل فِي الْعُشُورِ، وَذَلِكَ لِلأَْدِلَّةِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ التَّحَوُّل مِنَ الْوَاجِبِ إِلَى الأَْعْلَى فَقَطْ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا كَانَتِ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ نَوْعًا وَاحِدًا.
وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الأَْنْوَاعُ: أَخَذَ الْوَاجِبَ مِنْ كُل نَوْعٍ بِالْحِصَّةِ إِنْ لَمْ يَتَعَسَّرْ، فَإِنْ عَسُرَ أَخْذُ الْوَاجِبِ مِنْ كُل نَوْعٍ بِأَنْ كَثُرَتْ، وَقَل ثَمَرُهَا فَفِيهِ أَوْجُهٌ:
الْوَجْهُ الأَْوَّل، وَهُوَ الصَّحِيحُ: أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنَ الْوَسَطِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ. (43)
وَالثَّانِي: يُؤْخَذُ مِنْ كُل نَوْعٍ بِقِسْطِهِ.
وَالثَّالِثُ: مِنَ الْغَالِبِ، وَقِيل: يُؤْخَذُ الْوَسَطُ قَطْعًا. (44)
وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (عُشْرٌ) .
د - الْكَفَّارَاتُ:
14 - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّحَوُّل عَنِ الْوَاجِبِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْكَفَّارَاتِ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا تَعَيَّنَ، وَإِنْ كَانَ مُخَيَّرًا تَخَيَّرَ فِي الْخِصَال الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا الشَّارِعُ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ جَوَازَ التَّحَوُّل عَنِ الْوَاجِبِ إِنْ كَانَ مَالِيًّا إِلَى الْبَدَل فِي الْكَفَّارَاتِ. وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ: (كَفَّارَاتٌ) . (45)
هـ - النُّذُورُ:
15 - الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الصَّحِيحُ لَدَى الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا مُعَيَّنًا وَغَيْرَ مُطْلَقٍ فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُهُ مِمَّا عَيَّنَهُ، وَلاَ يَجُوزُ الْعُدُول عَنِ الْمُعَيَّنِ إِلَى غَيْرِهِ بَدَلاً أَوْ قِيمَةً. وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (النَّذْرُ) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ جَوَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا، كَمَا يَجُوزُ عِنْدَهُمُ الْعُدُول عَنِ الْوَاجِبِ إِلَى الْقِيمَةِ فِي النُّذُورِ، وَاسْتَثْنَوْا نَذْرَ الْعِتْقِ وَالْهَدْيِ وَالأُْضْحِيَّةِ. (46)
تَحَوُّل فَرِيضَةِ الصَّوْمِ إِلَى فِدْيَةٍ:
16 - اتَّفَقَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ الْهَرِمَ الَّذِي لاَ يُطِيقُ الصَّوْمَ، أَوْ تَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ لاَ صَوْمَ عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْلٌ غَيْرُ مَشْهُورٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ غَيْرُ الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْحَامِل وَالْمُرْضِعِ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ وَلَدِهَا، وَالْمَرِيضِ الَّذِي لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ
، يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ: (صَوْمٌ وَفِدْيَةٌ) . .
تَحَوُّل الْعَقْدِ الَّذِي لَمْ تُسْتَكْمَل شَرَائِطُهُ إِلَى عَقْدٍ آخَرَ:
17 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِلَى أَنَّ الْهِبَةَ إِذَا كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَتَحَوَّل إِلَى بَيْعٍ، فَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ وَالشُّفْعَةُ، وَيَلْزَمُ قَبْل الْقَبْضِ، وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ. وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: يَبْطُل الْعَقْدُ، لأَِنَّهُ شَرَطَ فِي الْهِبَةِ مَا يُنَافِي مُقْتَضَاهَا.وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى: أَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ بَيْعٌ ابْتِدَاءً، وَلِذَا لاَ تَبْطُل بِمَوْتِ الْوَاهِبِ قَبْل حِيَازَةِ الْهِبَةِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُثَابَ عَنِ الذَّهَبِ فِضَّةً أَوِ الْعَكْسُ، لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنَ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، مَا لَمْ يَحْدُثِ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ. وَفِي كَوْنِ الْعِوَضِ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولاً، وَكَذَلِكَ فِي كَوْنِهَا بَيْعًا ابْتِدَاءً أَوِ انْتِهَاءً تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ: (هِبَةٌ) . (47)
وَلِتَحَوُّل الْعَقْدِ الَّذِي لَمْ تُسْتَكْمَل شَرَائِطُهُ إِلَى عَقْدٍ آخَرَ أَمْثِلَةٌ أُخْرَى مِنْهَا: تَحَوُّل الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ إِلَى وَكَالَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفَاتِ الْمُضَارِبِ، وَلِذَلِكَ يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ: أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُضَارِبِ مَنُوطَةٌ بِالْمَصْلَحَةِ كَالْوَكِيل. (48)
وَإِلَى شَرِكَةٍ إِنْ رَبِحَ الْمُضَارِبُ، وَإِلَى إِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ إِنْ فَسَدَتْ. (49)
وَمِنْهَا: تَحَوُّل السَّلَمِ إِلَى بَيْعٍ مُطْلَقًا، إِذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَيْنًا فِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَإِلَى هِبَةٍ لَوْ قَال: بِعْتُ بِلاَ ثَمَنٍ، وَالأَْظْهَرُ الْبُطْلاَنُ. (50)
وَمِنْهَا: تَحَوُّل الاِسْتِصْنَاعِ سَلَمًا إِذَا ضُرِبَ فِيهِ الأَْجَل عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، حَتَّى تُعْتَبَرَ فِيهِ شَرَائِطُ السَّلَمِ. (51)
وَفِي كُلٍّ مِنَ الأَْمْثِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِ (عَقْدٌ، وَسَلَمٌ، وَمُضَارَبَةٌ، وَشَرِكَةٌ، وَاسْتِصْنَاعٌ) .
تَحَوُّل الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ إِلَى نَافِذٍ:
18 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِلَى أَنَّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ، فَإِذَا أَجَازَهُ الْمَالِكُ أَصْبَحَ نَافِذًا، وَإِلاَّ فَلاَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْل الْجَدِيدِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى: أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ بَاطِلٌ وَيَجِبُ رَدُّهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ. (52)
وَقَدْ فَصَّل الْقَائِلُونَ بِانْعِقَادِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ الْكَلاَمَ حَوْلَهُ، وَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحَاتِ: (عَقْدٌ، وَمَوْقُوفٌ، وَفُضُولِيٌّ) . تَحَوُّل الدَّيْنِ الآْجِل إِلَى حَالٍّ:
يَتَحَوَّل الدَّيْنُ الآْجِل إِلَى حَالٍّ فِي مَوَاطِنَ مِنْهَا:
أ - الْمَوْتُ:
19 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِلَى أَنَّ الدَّيْنَ الآْجِل يَتَحَوَّل بِالْمَوْتِ إِلَى حَالٍّ، لاِنْعِدَامِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَتَعَذُّرِ الْمُطَالَبَةِ. وَبِهِ قَال الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إِلَى أَنَّهُ لاَ يَحِل إِذَا وَثَّقَهُ الْوَرَثَةُ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ سِيرِينَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ أَيْضًا. (53)
وَفِي لِحَاقِ الْمُرْتَدِّ بِدَارِ الْحَرْبِ هَل يَتَقَرَّرُ مَوْتُهُ، وَتَثْبُتُ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ؟ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ يُنْظَرُ فِي مَوَاطِنِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، (54) وَمُصْطَلَحِ: (رِدَّةٌ) . وَمُصْطَلَحِ أَجَلٌ (ف: 95 ج 2) .
ب - التَّفْلِيسُ:
20 - الْمُتَبَادَرُ مِنْ أَقْوَال أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ الْحَجْرِ لِلإِْفْلاَسِ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّل لاَ يَحِل بِالتَّفْلِيسِ، لأَِنَّ الأَْجَل حَقٌّ لِلْمُفَلِّسِ فَلاَ يَسْقُطُ بِفَلَسِهِ، كَسَائِرِ حُقُوقِهِ، وَلأَِنَّهُ لاَ يُوجِبُ حُلُول مَا لَهُ، فَلاَ يُوجِبُ حُلُول مَا عَلَيْهِ. (55)
وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلاَ يَتَأَتَّى هَذَا، لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ عِنْدَهُ الْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِل الْبَالِغِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ. (56)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ إِلَى: أَنَّ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لإِِفْلاَسِهِ يَتَحَوَّل دَيْنُهُ الآْجِل إِلَى حَالٍّ، لأَِنَّ التَّفْلِيسَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الدَّيْنُ بِالْمَال، فَيَسْقُطُ الأَْجَل كَالْمَوْتِ. (57) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (حَجْرٌ) .
تَحَوُّل الْوَقْفِ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ:
21 - ذَهَبَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ التَّأْبِيدَ شَرْطٌ فِي الْوَقْفِ، وَأَنَّ الْوَقْفَ الَّذِي لاَ خِلاَفَ فِي صِحَّتِهِ: مَا كَانَ مَعْلُومَ الاِبْتِدَاءِ وَالاِنْتِهَاءِ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ، مِثْل أَنْ يَجْعَل نِهَايَتَهُ إِلَى جِهَةٍ لاَ تَنْقَطِعُ، كَأَنْ يَجْعَل آخِرَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، أَوْ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ انْقِرَاضُهُمْ. (58)
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوِ انْقَطَعَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ:
فَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ: إِلَى أَنَّهُ يُرْجَعُ إِلَى الْوَاقِفِ، أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ، إِلاَّ أَنْ يَقُول: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ يُنْفَقُ مِنْهَا عَلَى فُلاَنٍ، وَعَلَى فُلاَنٍ فَإِذَا انْقَرَضَ الْمُسَمَّى كَانَتْ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. (59)
وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ يَبْقَى وَقْفًا، وَيَنْصَرِفُ إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ. وَهُنَاكَ أَقْوَالٌ أُخْرَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي مَصْرِفِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْوَقْفِ. (60)
وَيُرْجَعُ إِلَى تَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (وَقْفٌ) . تَحَوُّل الْمِلْكِيَّةِ الْعَامَّةِ مِنَ الإِْبَاحَةِ إِلَى الْمِلْكِيَّةِ الْخَاصَّةِ وَعَكْسُهُ:
22 - قَدْ تَتَحَوَّل الْمِلْكِيَّةُ مِنَ الْعَامَّةِ إِلَى الْخَاصَّةِ بِأَيِّ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ، كَالإِْقْطَاعِ مِنْ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال.
فَلِلإِْمَامِ أَنْ يُعْطِيَ الأَْرْضَ مِنْ بَيْتِ الْمَال عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ، كَمَا يُعْطِي الْمَال حَيْثُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ، إِذْ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الأَْرْضِ وَالْمَال فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّ. (61) وَرَاجِعْ مُصْطَلَحَ: (إِقْطَاعٌ) .
وَيَتَحَوَّل الْمِلْكُ الْخَاصُّ إِلَى الْعَامِّ إِذَا مَاتَ عَنْهُ أَرْبَابُهُ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ وَارِثُهُ بِفَرْضٍ وَلاَ تَعْصِيبٍ، فَيَنْتَقِل إِلَى بَيْتِ الْمَال مِيرَاثًا لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ. (62)
وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى أَنَّهُ يَنْتَقِل إِلَى بَيْتِ الْمَال مَصْرُوفًا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، لاَ عَلَى طَرِيقِ الْمِيرَاثِ. (63)
وَيَتَحَوَّل الْمِلْكُ الْخَاصُّ إِلَى عَامٍّ، فِي نَحْوِ الْبَيْتِ الْمَمْلُوكِ إِذَا اُحْتِيجَ إِلَيْهِ لِلْمَسْجِدِ، أَوْ تَوْسِعَةِ الطَّرِيقِ، أَوْ لِلْمَقْبَرَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، بِشَرْطِ التَّعْوِيضِ. تَحَوُّل الْوِلاَيَةِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ:
23 - تَتَحَوَّل الْوِلاَيَةُ مِنَ الْوَلِيِّ الأَْقْرَبِ إِلَى الْوَلِيِّ الأَْبْعَدِ فِي مَوَاطِنَ مِنْهَا:
- إِذَا فُقِدَ الْوَلِيُّ الأَْقْرَبُ، وَكَذَلِكَ إِذَا أُسِرَ أَوْ حُبِسَ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْوِلاَيَةَ تَتَحَوَّل مِنَ الْوَلِيِّ الأَْقْرَبِ إِلَى الأَْبْعَدِ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَالْوِلاَيَةُ عِنْدَهُمْ تَنْتَقِل إِلَى الْحَاكِمِ.
- وَمِنْهَا غَيْبَةُ الْوَلِيِّ، فَإِذَا غَابَ الْوَلِيُّ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً تَنْتَقِل الْوِلاَيَةُ مِنَ الأَْقْرَبِ إِلَى الأَْبْعَدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَنْتَقِل إِلَى الْحَاكِمِ؛ لأَِنَّ الْحَاكِمَ وَلِيُّ الْغَائِبِ. وَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِلاَّ إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْوَلِيِّ الأَْقْرَبِ وَقَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، فَتَنْتَقِل عِنْدَهُمْ إِلَى الأَْبْعَدِ.
وَمِنْهَا: الْعَضْل، وَهُوَ: مَنْعُ الْوَلِيِّ مُوَلِّيَتَهُ مِنْ زَوَاجِ الْكُفْءِ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّ الْوَلِيَّ الأَْقْرَبَ إِذَا عَضَلَهَا انْتَقَلَتِ الْوِلاَيَةُ إِلَى السُّلْطَانِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ ﵁. وَذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَشُرَيْحٍ. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَنْصُوصِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهَا تَنْتَقِل إِلَى الأَْبْعَدِ. (64) وَانْظُرْ لِتَفْصِيل ذَلِكَ وَالْخِلاَفِ فِيهِ مُصْطَلَحَ: (وِلاَيَةُ النِّكَاحِ) .
تَحَوُّل حَقِّ الْحَضَانَةِ:
24 - الأَْصْل فِي الْحَضَانَةِ أَنَّ الأُْمَّ أَوْلَى النَّاسِ بِحَضَانَةِ الطِّفْل إِذَا كَمُلَتِ الشُّرُوطُ، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﵄ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنِّي، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي. (65)
فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الأُْمُّ مِنْ أَهْل الْحَضَانَةِ لِفِقْدَانِ جَمِيعِ الشُّرُوطِ فِيهَا أَوْ بَعْضِهَا، أَوِ امْتَنَعَتْ مِنَ الْحَضَانَةِ، فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ، وَتَنْتَقِل الْحَضَانَةُ إِلَى مَنْ يَلِيهَا، وَهَكَذَا تَتَحَوَّل مِنَ الأَْقْرَبِ إِلَى الأَْبْعَدِ فِي الاِسْتِحْقَاقِ. (66) عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَضَانَةٌ) . تَحَوُّل الْمُعْتَدَّةِ مِنْ عِدَّةِ الطَّلاَقِ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ:
25 - إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ فِي عِدَّةِ طَلاَقِهِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلاَقُ رَجْعِيًّا سَقَطَتْ عَنْهَا عِدَّةُ الطَّلاَقِ، وَانْتَقَلَتْ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، أَيْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ حِينِ الْوَفَاةِ، بِلاَ خِلاَفٍ.
قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُطَلَّقَةَ رَجْعِيًّا زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا طَلاَقُهُ، وَيَنَالُهَا مِيرَاثُهُ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ.
وَإِذَا مَاتَ مُطَلِّقُ الْبَائِنِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، وَكَانَ الطَّلاَقُ فِي حَال صِحَّتِهِ، أَوْ طَلَّقَهَا بِطَلَبِهَا، بَنَتْ عَلَى مُدَّةِ الطَّلاَقِ، وَهَذَا بِالاِتِّفَاقِ. أَمَّا إِذَا طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِغَيْرِ طَلَبٍ مِنْهَا، فَهَذِهِ خِلاَفِيَّةٌ:
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِأَبْعَدِ الأَْجَلَيْنِ احْتِيَاطًا لِشُبْهَةِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ، بِاعْتِبَارِ إِرْثِهَا مِنْهُ.
وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو يُوسُفَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى أَنَّهَا تَبْنِي عَلَى عِدَّةِ الطَّلاَقِ لاِنْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ كُل وَجْهٍ. (67) تَحَوُّل الْعِدَّةِ مِنَ الأَْشْهُرِ إِلَى الأَْقْرَاءِ وَعَكْسُهُ:
أ - تَحَوُّل الْعِدَّةِ مِنَ الأَْشْهُرِ إِلَى الأَْقْرَاءِ:
26 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَمْ تَحِضْ، وَكَذَلِكَ الْبَالِغَةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ، إِذَا اعْتَدَّتْ بِبَعْضِ الأَْشْهُرِ، فَحَاضَتْ قَبْل انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، أَنَّ عِدَّتَهَا تَتَحَوَّل مِنَ الأَْشْهُرِ إِلَى الأَْقْرَاءِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الشُّهُورَ بَدَلٌ عَنِ الأَْقْرَاءِ، وَقَدْ ثَبَتَتِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمُبْدَل، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْمُبْدَل، قَبْل حُصُول الْمَقْصُودِ بِالْبَدَل تُبْطِل حُكْمَ الْبَدَل كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْوُضُوءِ فِي حَقِّ الْمُتَيَمِّمِ، فَيَبْطُل حُكْمُ الأَْشْهُرِ، وَتَنْتَقِل عِدَّتُهَا إِلَى الأَْقْرَاءِ. (68)
وَكَذَا الآْيِسَةُ إِذَا اعْتَدَّتْ بِبَعْضِ الأَْشْهُرِ، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ، فَتَتَحَوَّل عِدَّتُهَا إِلَى الأَْقْرَاءِ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ يُقَدِّرُوا فِيهَا لِلإِْيَاسِ سِنًّا مُعَيَّنَةً.
وَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (69)
وَأَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَقَبْل السَّبْعِينَ - وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَقَبْل السِّتِّينَ - يَكُونُ دَمًا مَشْكُوكًا فِيهِ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى النِّسَاءِ. إِلاَّ أَنَّ ابْنَ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ قَال: إِنَّ الْمَرْأَةَ إِنْ رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ عَلَى الْعَادَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرَاهُ فِيهَا، فَهُوَ حَيْضٌ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي وَقَّتُوا لِلإِْيَاسِ فِيهَا وَقْتًا: إِلَى أَنَّ مَا رَأَتْهُ مِنَ الدَّمِ بَعْدَهَا لَيْسَ بِحَيْضٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ دَمًا خَالِصًا فَحَيْضٌ، حَتَّى يَبْطُل بِهِ الاِعْتِدَادُ بِالأَْشْهُرِ. (70) وَلِتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحَيْ: (إِيَاسٌ، وَعِدَّةٌ) .
27 - وَأَمَّا مَنِ انْقَطَعَ حَيْضُهَا بَعْدَ أَنْ رَأَتِ الدَّمَ، وَقَبْل أَنْ تَبْلُغَ سِنَّ الْيَأْسِ - وَهِيَ الْمُرْتَابَةُ - فَذَهَبَ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ انْقِطَاعُ الدَّمِ بِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ كَرَضَاعٍ وَنِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ، فَإِنَّهَا تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ، فَتَعْتَدُّ بِالأَْقْرَاءِ، أَوْ تَبْلُغُ سِنَّ الْيَأْسِ، فَتَعْتَدُّ بِالأَْشْهُرِ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ، وَلاَ عِبْرَةَ بِطُول مُدَّةِ الاِنْتِظَارِ؛ لأَِنَّ الاِعْتِدَادَ بِالأَْشْهُرِ جُعِل بَعْدَ الْيَأْسِ بِالنَّصِّ، فَلَمْ يَجُزِ الاِعْتِدَادُ بِالأَْشْهُرِ قَبْلَهُ.
أَمَّا مَنِ انْقَطَعَ حَيْضُهَا لاَ لِعِلَّةٍ تُعْرَفُ. فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِلَى أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، فَهَذِهِ سَنَةٌ. وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الأَْغْلَبَ فِي مُدَّةِ الْحَمْل تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ تَبَيَّنَتْ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ، فَتَعْتَدُّ بِالأَْشْهُرِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَيْضًا، وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ﵃ أَجْمَعِينَ.
وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ أَيْضًا أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ ثَلاَثَةً، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْقَدِيمِ: أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ. (71)
تَحَوُّل الأَْرْضِ الْعُشْرِيَّةِ إِلَى خَرَاجِيَّةٍ وَالْعَكْسُ:
28 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأَْرْضَ الْخَرَاجِيَّةَ لاَ تَصِيرُ عُشْرِيَّةً أَصْلاً، وَكَذَلِكَ لاَ تَتَحَوَّل الأَْرْضُ الْعُشْرِيَّةُ إِلَى خَرَاجِيَّةٍ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ إِلَى أَنَّ الأَْرْضَ الْعُشْرِيَّةَ تَتَحَوَّل إِلَى خَرَاجِيَّةٍ إِذَا اشْتَرَاهَا ذِمِّيٌّ. (72)
وَفِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لأَِبِي يُوسُفَ: لِلإِْمَامِ أَنْ يُصَيِّرَ الأَْرْضَ الْعُشْرِيَّةَ خَرَاجِيَّةً، وَالْخَرَاجِيَّةَ عُشْرِيَّةً، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالْيَمَنِ، فَإِنَّ هُنَالِكَ لاَ يَقَعُ خَرَاجٌ، فَلاَ يَحِل لِلإِْمَامِ أَنْ يُغَيِّرَ ذَلِكَ، وَلاَ يُحَوِّلَهُ عَمَّا جَرَى عَلَيْهِ أَمْرُ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَحُكْمُهُ. (73) وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحَاتِ: (أَرْضٌ، وَعُشْرٌ، وَخَرَاجٌ) .
تَحَوُّل الْمُسْتَأْمَنِ إِلَى ذِمِّيٍّ:
29 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ لاَ يُمَكَّنُ مِنَ الإِْقَامَةِ سَنَةً فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَإِذَا أَقَامَ فِيهَا سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ تُفْرَضُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَيَصِيرُ بَعْدَهَا ذِمِّيًّا.
وَظَاهِرُ الْمُتُونِ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ أَنَّ قَوْل الإِْمَامِ: إِنْ أَقَمْتَ سَنَةً أَوْ أَقَل مِنْ ذَلِكَ وَضَعْنَا عَلَيْكَ الْجِزْيَةَ، شَرْطٌ لِصَيْرُورَتِهِ ذِمِّيًّا، فَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَامَ سَنَةً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُول الإِْمَامُ لَهُ ذَلِكَ لاَ يَصِيرُ ذِمِّيًّا.
وَكَذَلِكَ يَتَحَوَّل الْمُسْتَأْمَنُ إِلَى ذِمِّيٍّ بِالتَّبَعِيَّةِ: كَمَا لَوْ دَخَل مَعَ امْرَأَتِهِ، وَمَعَهُمَا أَوْلاَدٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، فَصَارَ ذِمِّيًّا، فَالصِّغَارُ تَبَعٌ لَهُ بِخِلاَفِ الْكِبَارِ. (74)
وَتَتَرَتَّبُ عَلَى صَيْرُورَةِ الْمُسْتَأْمَنِ ذِمِّيًّا أَحْكَامٌ عِدَّةٌ، يُرْجَعُ لِتَفْصِيلِهَا إِلَى مُصْطَلَحَيْ: (أَهْل الذِّمَّةِ، وَمُسْتَأْمَنٌ) .
تَحَوُّل الْمُسْتَأْمَنِ إِلَى حَرْبِيٍّ:
30 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ يَصِيرُ حَرْبِيًّا بِأُمُورٍ:
- إِذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ بِنِيَّةِ الإِْقَامَةِ، فَإِنْ دَخَل تَاجِرًا أَوْ رَسُولاً أَوْ مُتَنَزِّهًا، أَوْ لِحَاجَةٍ يَقْضِيهَا، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَهُوَ عَلَى أَمَانِهِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ. (75)
- وَإِذَا نَقَضَ الأَْمَانَ: كَأَنْ يُقَاتِل عَامَّةَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى قَرْيَةٍ أَوْ حِصْنٍ لأَِجْل حَرْبِنَا، أَوْ يُقْدِمَ عَلَى عَمَلٍ مُخَالِفٍ لِمُقْتَضَى الأَْمَانِ، (76) انْتُقِضَ عَهْدُهُ وَصَارَ حَرْبِيًّا.
وَفِيمَا يُنْتَقَضُ بِهِ الأَْمَانُ وَالْعَهْدُ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (أَهْل الْحَرْبِ وَمُسْتَأْمَنٌ) .
تَحَوُّل الذِّمِّيِّ إِلَى حَرْبِيٍّ:
31 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الذِّمِّيَّ يَتَحَوَّل إِلَى حَرْبِيٍّ بِاللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُخْتَارًا طَائِعًا وَالإِْقَامَةِ فِيهَا، أَوْ بِنَقْضِ عَهْدِ ذِمَّتِهِ، فَيَحِل دَمُهُ وَمَالُهُ. وَفِي مُحَارَبَتِهِ جَوَازًا أَوْ وُجُوبًا - بَعْدَ بُلُوغِ مَأْمَنِهِ - خِلاَفٌ بَيْنَهُمْ، وَكَذَلِكَ فِيمَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَقْدُ الذِّمَّةِ تَفْصِيلٌ (77) يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (أَهْل الْحَرْبِ، وَأَهْل الذِّمَّةِ) .
تَحَوُّل الْحَرْبِيِّ إِلَى مُسْتَأْمَنٍ:
32 - يَصِيرُ الْحَرْبِيُّ مُسْتَأْمَنًا بِالْحُصُول عَلَى أَمَانٍ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ إِعْطَاءِ الأَْمَانِ، عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ ذُكِرَ فِي مَوَاطِنِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَانْظُرْ أَيْضًا مُصْطَلَحَيْ: (أَمَانٌ، وَمُسْتَأْمَنٌ) .
تَحَوُّل دَارِ الإِْسْلاَمِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ وَعَكْسُهُ:
33 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ مَتَى ارْتَدَّ أَهْل بَلَدٍ وَجَرَتْ فِيهِ أَحْكَامُهُمْ صَارَتِ الدَّارُ دَارَ حَرْبٍ، وَعَلَى الإِْمَامِ قِتَالُهُمْ بَعْدَ الإِْنْذَارِ وَالإِْعْذَارِ، لأَِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ﵁ قَاتَل أَهْل الرِّدَّةِ بِجَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ. (78)
34 - وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ دَارَ الإِْسْلاَمِ لاَ تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ إِلاَّ بِأُمُورٍ ثَلاَثَةٍ:
أ - أَنْ تَجْرِيَ فِيهَا أَحْكَامُ أَهْل الشِّرْكِ عَلَى الاِشْتِهَارِ، وَأَنْ لاَ يُحْكَمَ فِيهَا بِحُكْمِ أَهْل الإِْسْلاَمِ، أَمَّا لَوْ أُجْرِيَتْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَحْكَامُ أَهْل الشِّرْكِ، فَلاَ تَكُونُ دَارَ حَرْبٍ.
ب - أَنْ تَكُونَ مُتَاخِمَةً (أَيْ مُجَاوِرَةً) لِدَارِ الْحَرْبِ، بِأَنْ لاَ تَتَخَلَّل بَيْنَهُمَا بَلْدَةٌ مِنْ بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ.
ج - أَنْ لاَ يَبْقَى فِيهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ آمِنًا بِالأَْمَانِ الأَْوَّل الَّذِي كَانَ ثَابِتًا قَبْل اسْتِيلاَءِ الْكُفَّارِ، لِلْمُسْلِمِ بِإِسْلاَمِهِ، وَلِلذِّمِّيِّ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ.
وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَيَقُولاَنِ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ لاَ غَيْرُ، وَهُوَ: إِظْهَارُ حُكْمِ الْكُفْرِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ. (79)
وَتَتَرَتَّبُ عَلَى دَارِ الرِّدَّةِ أَحْكَامٌ، اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا، تُنْظَرُ فِي مَظَانِّهَا، وَفِي مُصْطَلَحِ: (رِدَّةٌ) .
35 - وَتَتَحَوَّل دَارُ الْحَرْبِ إِلَى إِسْلاَمٍ بِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ أَهْل الإِْسْلاَمِ فِيهَا كَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ، وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا كَافِرٌ أَصْلِيٌّ، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِل بِدَارِ الإِْسْلاَمِ. (80)
التَّحَوُّل مِنْ دِينٍ إِلَى آخَرَ:
36 - التَّحَوُّل مِنْ دِينٍ إِلَى آخَرَ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الأَْوَّل: التَّحَوُّل مِنْ دِينٍ بَاطِلٍ إِلَى دِينٍ بَاطِلٍ، وَهُوَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَضْرُبٍ: لأَِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ إِلَى مَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، كَتَهَوُّدِ نَصْرَانِيٍّ أَوْ عَكْسُهُ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُقَرُّ عَلَيْهِ إِلَى مَا لاَ يُقَرُّ عَلَيْهِ، كَانْتِقَال يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ إِلَى الْوَثَنِيَّةِ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لاَ يُقَرُّ عَلَيْهِ إِلَى مَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، كَتَهَوُّدِ وَثَنِيٍّ أَوْ تَنَصُّرِهِ. فَفِي هَذِهِ الْحَالاَتِ هَل يُقَرُّ عَلَى مَا انْتَقَل إِلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ أَمْ لاَ؟ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مَوَاطِنِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَانْظُرْ أَيْضًا مُصْطَلَحَيْ: (تَبْدِيلٌ، وَرِدَّةٌ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّحَوُّل مِنْ دِينِ الإِْسْلاَمِ إِلَى بَاطِلٍ، وَهُوَ رِدَّةُ الْمُسْلِمِ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - فَلاَ يُقْبَل مِنْهُ إِلاَّ الإِْسْلاَمُ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (رِدَّةٌ) .
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: التَّحَوُّل مِنْ دِينٍ بَاطِلٍ إِلَى الإِْسْلاَمِ، فَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ مُخْتَلِفَةٌ تُنْظَرُ فِي مَظَانِّهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، (81) وَفِي الْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ، وَيُنْظَرُ أَيْضًا مُصْطَلَحَيْ: (تَبْدِيلٌ، وَإِسْلاَمٌ) .
__________
(1) مختار الصحاح، والصحاح في اللغة والعلوم، ولسان العرب مادة: " حول ".
(2) المصباح المنير مادة: " حول ".
(3) ابن عابدين 1 / 209، 217، والدسوقي 1 / 52 - 53، والإنصاف 1 / 318، والمغني 9 / 72.
(4) نهاية المحتاج 1 / 247، ط مصطفى البابي الحلبي، والمغني 1 / 72 ط مكتبة الرياض الحديثة، وروضة الطالبين 1 / 28 ط المكتب الإسلامي للطباعة والنشر.
(5) المراجع السابقة.
(6) يسمى الجلد قبل الدباغ (إهابا) و (مسكا) .
(7) ابن عابدين 1 / 135، 136 ط دار إحياء التراث الإسلامي بيروت، وحاشية الدسوقي 1 / 54، 55 ط دار الفكر، والمغني 1 / 66 وما بعدها.
(8) الاختيار 1 / 15.
(9) ابن عابدين 1 / 130، 131.
(10) حاشية الدسوقي 1 / 46، 47.
(11) حديث: " إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث " أخرجه أبو داود واللفظ له والترمذي والحاكم، ونسبه ابن حجر أيضا إلى الشافعي وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والبيهقي. قال المباركفوري بعد سرد طرق الحديث المختلفة: والحاصل أن الحديث صحيح قابل للاحتجاج، وكل ما اعتذروا به عن العمل والقول به فهو مدفوع. (سنن أبي داود 1 / 51 ط عزت عبيد دعاس، وتحفة الأحوذي 1 / 215 - 221 نشر المكتبة السلفية، والمستدرك 1 / 132، والتلخيص الحبير 1 / 16 نشر المكتبة الأثرية، ونيل الأوطار 1 / 37 ط دار الجيل، والسنن الكبرى للبيهقي 1 / 260) .
(12) حديث: " إن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما. . . " أخرجه البيهقي بلفظ " إن الماء طاهر إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيها " وقال: الحديث غير قوي، إلا أنا لا نعلم خلافا في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة. وقال النووي: اتفق المحدثون على تضعيفه، قال في البدر المنير: إن الاستثناء المذكور ضعيف فتعين الاحتجاج على نجاسة الماء المتغير بالنجاسة بالإجماع. أما شطر الحديث الأول: " إن الماء طهور لا ينجسه شيء " فقد أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. وقد صححه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل والحاكم وغيره. (السنن الكبرى للبيهقي 1 / 260 ط الهند، وتحفة الأحوذي 1 / 203 - 205 نشر المكتبة السلفية، ونيل الأوطار للشوكاني 1 / 34، 35 ط دار الجيل) .
(13) المنهاج للنووي وشرحه للمحلي 1 / 21 و 22.
(14) الكافي 1 / 10 - 11 ط المكتب الإسلامي.
(15) الكافي 1 / 10 - 11 ط المكتب الإسلامي.
(16) الحديث سبق تخريجه.
(17) الحديث سبق تخريجه.
(18) الحديث سبق تخريجه.
(19) ابن عابدين 1 / 287، 288.
(20) المغني 1 / 35 و 36، والإنصاف 1 / 66، والكافي 1 / 11، 1 / 508، وروضة الطالبين 1 / 216، والمغني 1 / 439، وكشاف القناع 1 / 305.
(21) ابن عابدين 1 / 287، وحاشية الدسوقي 1 / 223، والحطاب 1 / 508، وروضة الطالبين 1 / 216، والمغني 1 / 439، وكشاف القناع 1 / 305.
(22) ابن عابدين 1 / 287، 288.
(23) ابن عابدين 1 / 421، 432.
(24) الحطاب 1 / 508، 509، وشرح الزرقاني 1 / 184 ط دار الفكر، وكشاف القناع 1 / 369، 370.
(25) روضة الطالبين 1 / 212.
(26) سورة البقرة / 185.
(27) سورة الحج / 78.
(28) حديث: " صل قائما. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 587 ط السلفية، وجامع الأصول 5 / 312 نشر مكتبة الحلواني) .
(29) بدائع الصنائع 1 / 94 ط دار الكتاب العربي.
(30) ابن عابدين 1 / 525، 526، وبدائع الصنائع 1 / 94، والاختيار لتعليل المختار 1 / 79، 80 ط دار المعرفة، والقوانين الفقهية / 89، 90، وروضة الطالبين 1 / 380، وما بعدها و 386، والمغني 2 / 258 وما بعدها، وكشاف القناع 1 / 503، 506 وما بعدها.
(31) ابن عابدين 1 / 528، والقوانين الفقهية / 90، وروضة الطالبين 1 / 383 والمغني 2 / 260، والشرح الصغير 1 / 481.
(32) ابن عابدين 1 / 528، والشرح الصغير 1 / 481، وروضة الطالبين 1 / 383، 384، والمغني 2 / 288.
(33) بدائع الصنائع 1 / 101، وروضة الطالبين 1 / 384.
(34) سورة التوبة / 103.
(35) قول معاذ: " ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 311 ط السلفية) . و " خميص " بالصاد كذا ذكره البخاري فيما قاله عياض وابن قرقول. وقال الداودي والجوهري وغيرهما: ثوب خميس (بالسين) ويقال أيضا: خموس. وهو الثوب الذي طوله أذرع يعني الصغير من الثياب. (عمدة القاري 9 / 4 ط المنيرة، وفتح الباري 3 / 311، 314 ط السلفية، والنهاية لابن الأثير مادة: " خمس ".
(36) حديث: " إن الله تعالى فرض على الأغنياء. . . . " أورده صاحب الاختيار بهذا اللفظ ولم نعثر عليه فيما لدينا من مراجع السنن والآثار، إلا أنه يدل عليه ما أخرجه الطبراني في الأوسط والصغير بلفظ " إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم، ولن يجهد الفقراء إذا جاءوا وعروا إلا بما يصنع أغنياؤهم، ألا وإن الله يحاسبهم حسابا شديدا ويعذبهم عذابا أليما " قال الطبراني: تفرد به ثابت بن محمد الزاهد، وقال الحافظ المنذري: وثابت ثقة صدوق، روى عنه البخاري وغيره وبقية رواته لا بأس بهم، وروي موقوفا عن علي ﵁، وهو أشبه. (الترغيب والترهيب للمنذري 2 / 107 ط مطبعة السعادة بمصر) .
(37) ابن عابدين 2 / 22، والاختيار لتعليل المختار 1 / 102، 103.
(38) الحطاب 2 / 355، والمدونة 1 / 243، وكشاف القناع 2 / 217، ونيل المآرب 1 / 250.
(39) السراج الوهاج على متن المنهاج 124 ط الحلبي، والقليوبي 2 / 22.
(40) الحطاب 2 / 360، والمدونة 1 / 308.
(41) ابن عابدين 2 / 22، والاختيار 1 / 102 - 103، وروضة الطالبين 2 / 303، والمغني 3 / 62، 65 وكشاف القناع 2 / 252، 254، والمدونة 1 / 358، والحطاب 2 / 368، ونيل المآرب 1 / 258، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 37.
(42) الحطاب 2 / 360، والمدونة 1 / 308، وكشاف القناع 2 / 7، والمغني 2 / 578.
(43) متن المنهاج المطبوع مع السراج الوهاج 5 / 122، وروضة الطالبين 2 / 247.
(44) روضة الطالبين 2 / 247.
(45) المدونة 1 / 345 و 2 / 111، وابن عابدين 2 / 22، والاختيار لتعليل المختار 1 / 102، 103، والمغني 8 / 738، وروضة الطالبين 8 / 298، 307، وكشاف القناع 1 / 214، 217، ونيل المآرب 1 / 258.
(46) ابن عابدين 2 / 222، والاختيار لتعليل المختار 1 / 102 - 103، والمدونة 1 / 358 و 2 / 111، والقوانين الفقهية / 175، وروضة الطالبين 2 / 247، و3 / 328، والمغني 9 / 18.
(47) ابن عابدين 4 / 519، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد 2 / 357، 358 ط مكتبة الكليات الأزهرية، وروضة الطالبين 5 / 386، والمغني 5 / 685، والفواكه الدواني 2 / 222.
(48) بدائع الصنائع 6 / 87، 92، والاختيار لتعليل المختار 3 / 19.
(49) ابن عابدين 4 / 484، والاختيار لتعليل المختار 3 / 20، والشرح الصغير 3 / 681، وروضة الطالبين 5 / 141، والمغني 5 / 63، 64.
(50) روضة الطالبين 4 / 6، والوجيز 1 / 154.
(51) ابن عابدين 4 / 212.
(52) ابن عابدين 4 / 135 وما بعدها، والشرح الصغير 3 / 26، والقوانين الفقهية / 250، وروضة الطالبين 3 / 353، والمغني 4 / 227.
(53) ابن عابدين 5 / 483، والشرح الصغير 3 / 353، 354، والقوانين الفقهية / 323، والقليوبي 2 / 285، وروضة الطالبين 4 / 128، والمغني 4 / 481، 482.
(54) ابن عابدين 3 / 300، والقليوبي 2 / 285، وجواهر الإكليل 2 / 279، 280، والمغني 8 / 129، 130.
(55) ابن عابدين 5 / 92، والشرح الصغير 3 / 353، 354، والقوانين الفقهية / 323، والقليوبي 2 / 285، وروضة الطالبين 4 / 128، والمغني 4 / 481.
(56) ابن عابدين 5 / 92.
(57) الشرح الصغير 3 / 353، 354، والقوانين الفقهية / 323، والقليوبي 2 / 285، وروضة الطالبين 4 / 128، والمغني 4 / 481.
(58) ابن عابدين 3 / 364، 365، والاختيار لتعليل المختار 3 / 42، والشرح الصغير 4 / 121 وما بعدها، والمغني 5 / 619، 623، 626، وروضة الطالبين 5 / 325، 326، 328.
(59) ابن عابدين 3 / 364، 365، والاختيار لتعليل المختار 3 / 42.
(60) الشرح الصغير 4 / 121 وما بعدها، والمغني 5 / 623، وروضة الطالبين 5 / 326.
(61) ابن عابدين 5 / 265، 277، والشرح الصغير 4 / 87، 90، والقوانين الفقهية / 343، 344، والقليوبي 4 / 87 ط دار إحياء الكتب العربية، والمغني 5 / 563.
(62) الأحكام السلطانية للماوردي / 171.
(63) الأحكام السلطانية لأبي يعلى / 205.
(64) ابن عابدين 2 / 315، 316، والاختيار لتعليل المختار 3 / 96 ط دار المعرفة، والشرح الصغير 1 / 365 ط دار المعارف بمصر، والقوانين الفقهية / 205، وروضة الطالبين 7 / 58، 68، 69، وكشاف القناع 5 / 54، 55، والمغني 6 / 476.
(65) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: " أن امرأة قالت يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء. . . " أخرجه أبو داود، وسكت عنه ابن حجر والمنذري، وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن. (عون المعبود 2 / 251 ط الهند، والتلخيص الحبير 4 / 10، 11، والمستدرك 2 / 207، ونيل الأوطار 7 / 138، 139 ط دار الجيل، وشرح السنة للبغوي 9 / 333) .
(66) ابن عابدين 2 / 643، 638، والاختيار لتعليل المختار 4 / 14، 15 والقوانين الفقهية / 229 وروضة الطالبين 9 / 98، والمغني 7 / 613، وكشاف القناع 5 / 499.
(67) فتح القدير 4 / 142، 143 ط دار إحياء التراث العربي، وابن عابدين 2 / 605، والقوانين / 242، والحطاب 4 / 150، 152 ط دار الفكر، وروضة الطالبين 8 / 399، والمغني 7 / 472.
(68) ابن عابدين 2 / 606، وبدائع الصنائع 3 / 200 ط دار الكتاب العربي، والقوانين الفقهية / 241، وروضة الطالبين 8 / 370، والمغني لابن قدامة 7 / 467، 468.
(69) بدائع الصنائع 3 / 200، وفتح القدير 4 / 145، وروضة الطالبين 8 / 372، والسراج الوهاج / 449.
(70) البدائع 3 / 200، ابن عابدين 2 / 606، والزرقاني 4 / 204، والمغني 7 / 461، 465، 466.
(71) ابن عابدين 2 / 606، وبدائع الصنائع 3 / 200، والقوانين الفقهية / 241، وروضة الطالبين 8 / 371، والمغني لابن قدامة 7 / 463 - 467، ومتن المنهاج المطبوع مع السراج الوهاج ص 449.
(72) ابن عابدين 3 / 262، والاختيار لتعليل المختار 1 / 114، 115 ط دار المعرفة، والشرح الصغير 1 / 608 وما بعدها، والأحكام السلطانية للماوردي / 135 ط مطبعة السعادة، والمغني 2 / 729، والأحكام السلطانية لأبي يعلى / 154.
(73) هامش الأحكام السلطانية لأبي يعلى / 154 ط مصطفى البابي الحلبي، وكتاب الخارج لأبي يوسف / 65 ط مطبعة بولاق.
(74) ابن عابدين 3 / 249، والأحكام السلطانية للماوردي / 146 والمغني 8 / 400، والأحكام السلطانية لأبي يعلى / 145.
(75) ابن عابدين 3 / 250، 251، والمغني 8 / 400.
(76) ابن عابدين 3 / 251، 252، والشرح الصغير 1 / 317، وجواهر الإكليل 1 / 269، ومغني المحتاج 4 / 258، 262، والمغني 8 / 400، و458 وما بعدها.
(77) ابن عابدين 3 / 310، والشرح الصغير 1 / 316، 317، وجواهر الإكليل 1 / 269، والمغني 8 / 458، ومغني المحتاج 4 / 258، 262.
(78) الأحكام السلطانية للماوردي / 45، 46، والمغني 8 / 138.
(79) ابن عابدين 3 / 253.
(80) الأحكام السلطانية للماوردي / 46، وابن عابدين 3 / 253.
(81) ابن عابدين 2 / 366، وروضة الطالبين 7 / 132.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 278/ 10
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".