الظاهر
هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...
النُّمُوُّ والكَثْرَة. وأصلُ الكَلِمَةِ يَدُلُّ على الفَضْلِ؛ أي: النُّمُوُّ، يُقال: زادَ، يَزِيدُ، زَيْداً وزِيادَةً، وضِدُّها: النُّقْصان. والتَّزيُّدُ: الغَلاءُ في السِّعْرِ، وتَزايَدُوا في الثَّمَن حتَّى بَلغَ مُنتهاه. والتزّيُّد: تَكلُّفُ الزِّيادةِ في الكَلامِ وغيرِه. وجَمْعُها: زَوائِدُ.
يُطلَق مُصطَلح (زِيادَة) في عَدَدٍ مِن كتب الفِقه وأبوابِه، منها: كتاب الطَّهارَة، باب: صِفة الوُضوء عند الكلام على حكم الزِّيادَة على الغَسَلاتِ الثَّلاثِ في الوُضوء، وفي باب: صِفَة التَّيمُّم عند الكلام على حكم الزِّيادَة على الضَّربتَيْنِ. وفي كتاب الصَّلاة، باب: صفة الأذان والإقامة عند الكلام على حكم الزِّيادَة على الألفاظ الوارِدَة فيهما، وحكم التَّثويبِ في أذان صَلاة الفَجْرِ، والمُرادُ بِه: أن يَزِيدَ المُؤَذِّنُ عِبارَةَ " الصَّلاةُ خَيْرٌ مِن النَّوْمِ " مَرَّتَيْنِ بعد الحَيْعَلَتَيْنِ في أَذانِ الفَجْرِ. وفي كتاب الجنائز، باب: صِفة صلاة الجنازَة عند الكلام على حُكم الزِّيادَة على التَّكبِيرات الأربع في الصَّلاة. ويُطلق في كتاب الزِّكاة، باب: إخراج الزَّكاة عند الكلام على حُكم الزِّيادَةِ في الزَّكاةِ على المِقْدارِ الواجِبِ إخْراجُهُ. ويُطلَق في كتاب البيوع، ويُراد به: 1- الزَّيادَةُ المُنفَصِلَة المُتَوَلِّدَةُ مِن الأصل، وهي عَيْنٌ مالِيَّةٌ تَنتُجُ مِن سِلْعَةٍ وتَسْتَقِلُّ عَنْها كَسِلْعَةٍ أخرى. 2- الزِّيادَةُ المُنفَصِلَة غير المُتولِّدَةِ مِن الأصل، وهي عَيْنٌ مالِيَّةٌ يُحْصَلُ عَلَيْها في مُقابِلِ بَذْلِ مَنافِعَ عَيْنٍ مالِيَّةٍ. ويُطلَق في كتاب القضاء، ويُراد به: أن يَزِيدَ الوالي لِلعامِلِ في عَطائِه أو رِزْقِهِ الجارِي شَيْئاً مَعْلُوماً، وتُعرَف الآن بِاسم: العَلاوَة. كما يُطلَق أيضاً في باب: الرَّهن، والهِبَة، والحدود، وغير ذلك. كما يَرِد في علم القواعد الفقهية عند الكلام على جملَةٍ مِن القواعِدِ منها: 1- الزِّيادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَتْبَعُ الأَصْل في سائِرِ الأَبْوابِ مِن الرَّدِّ بِالعَيْبِ والتَّفْلِيسِ وغَيْرِهِما، إلّا في الصَّداقِ. 2- الزِّيادَةُ الْيَسِيرَةُ على ثَمَنِ المِثْل لا أَثَرَ لَها وإن كان فِيها غَبْنٌ ما. 3- الزِّيادَةُ على العَدَدِ إذا لم تَكُن شَرْطاً في الوُجُوبِ شَرْعاً لا يَتَأَثَّرُ بِفَقْدِها.
زيد
* مفاتيح العلوم : (ص 90)
* الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) : 100/5، 105/3 - مقاييس اللغة : (3/40)
* مختار الصحاح : (ص 139)
* لسان العرب : (3/198)
* تاج العروس : (8/155)
* الكليات : (ص 487)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 188)
* حاشية ابن عابدين : (4/80)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (7/160)
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : (4/65)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (3/220)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : (1/917)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (24/65) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الزِّيَادَةُ فِي اللُّغَةِ النُّمُوُّ، تَقُول: زَادَ الشَّيْءُ يَزِيدُ زَيْدًا وَزِيَادَةً، وَزَائِدَةُ الْكَبِدِ هُنَيَّةٌ مِنَ الْكَبِدِ صَغِيرَةٌ إِلَى جَنْبِهَا مُتَنَحِّيَةٌ عَنْهَا، وَجَمْعُهَا زَوَائِدُ.
وَزَوَائِدُ الأَْسَدِ: أَظْفَارُهُ وَأَنْيَابُهُ، وَزَئِيرُهُ وَصَوْلَتُهُ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الرِّيعُ:
2 - الرِّيعُ هُوَ الزِّيَادَةُ وَالنَّمَاءُ، وَالرِّيعُ فِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ الْغَلَّةُ كَالأُْجْرَةِ وَالثَّمَرِ وَالدَّخْل (2) . ب - غَلَّةٌ:
3 - الْغَلَّةُ هِيَ كُل شَيْءٍ مُحَصَّلٌ مِنْ رِيعِ الأَْرْضِ أَوْ أُجْرَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ غَلاَّتٌ وَغِلاَلٌ، وَالْغَلَّةُ أَخَصُّ مِنَ الزِّيَادَةِ (3) . ج - نَقْصٌ:
4 - النَّقْصُ وَالنُّقْصَانُ مَصْدَرَا (نَقَصَ) يُقَال: نَقَصَ يَنْقُصُ نَقْصًا مِنْ بَابِ قَتَل، وَانْتَقَصَ إِذَا ذَهَبَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ تَمَامِهِ، وَدِرْهَمٌ نَاقِصٌ غَيْرُ تَامِّ الْوَزْنِ (4) .
أَقْسَامُ الزِّيَادَةِ:
أ - أَقْسَامُهَا مِنْ حَيْثُ الاِتِّصَال وَالاِنْفِصَال:
5 - تَنْقَسِمُ الزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ الاِتِّصَال وَالاِنْفِصَال إِلَى قِسْمَيْنِ:
1 - زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِالأَْصْل، وَهِيَ إِمَّا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْهُ كَالسِّمَنِ وَالْجَمَال، أَوْ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ.
2 - زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الأَْصْل كَالْوَلَدِ وَالْغَلَّةِ (5) . وَهِيَ إِمَّا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْهُ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ، أَوْ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ.
ب - أَقْسَامُهَا مِنْ حَيْثُ التَّمْيِيزُ وَعَدَمُهُ:
6 - تَنْقَسِمُ الزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ التَّمْيِيزُ وَعَدَمُهُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
زِيَادَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ كَالْوَلَدِ وَالْغِرَاسِ. وَزِيَادَةٌ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ، أَوِ السَّمْنِ بِالسَّمْنِ.
وَزِيَادَةُ صِفَةٍ كَالطَّحْنِ (6) .
ج - أَقْسَامُهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مِنْ جِنْسِ الأَْصْل أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ:
7 - 1 - زِيَادَةٌ مِنْ جِنْسِ الأَْصْل كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فِي الصَّلاَةِ وَتُسَمَّى أَيْضًا زِيَادَةً فِعْلِيَّةً، وَكَزِيَادَةِ سُورَةٍ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ أَيْ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُل رَكْعَةٍ وَتُسَمَّى زِيَادَةً قَوْلِيَّةً.
2 - زِيَادَةٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الأَْصْل كَالْكَلاَمِ الأَْجْنَبِيِّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ، وَالأَْكْل وَالشُّرْبِ فِيهَا (7) .
الْقَوَاعِدُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالزِّيَادَةِ:
ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ ثَلاَثَ قَوَاعِدَ تَتَعَلَّقُ بِالزِّيَادَةِ:
الْقَاعِدَةُ الأُْولَى:
8 - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَتْبَعُ الأَْصْل فِي سَائِرِ الأَْبْوَابِ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالتَّفْلِيسِ وَغَيْرِهِمَا، إِلاَّ فِي الصَّدَاقِ فَإِنَّ الزَّوْجَ إِذَا طَلَّقَ قَبْل الدُّخُول لاَ يَسْتَرْجِعُ مَعَ نِصْفِ الْمَهْرِ زِيَادَتَهُ إِلاَّ بِرِضَا الْمَرْأَةِ. وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ لاَ تَتْبَعُ الأَْصْل فِي الْكُل.
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ:
9 - الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْل لاَ أَثَرَ لَهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا غَبْنٌ مَا، كَمَا فِي الْوَكِيل بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَعَدْل الرَّهْنِ وَنَحْوِهِ إِلاَّ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا كَانَ شَرْعِيًّا عَامًّا، كَمَا فِي الْمُتَيَمِّمِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ يُبَاعُ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْل لاَ تَلْزَمُهُ فِي الأَْصَحِّ، وَقِيل: إِنْ كَانَتْ مِمَّا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا وَجَبَ، وَالْمَذْهَبُ - أَيْ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - الأَْوَّل، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَنَّ مَا وَضَعَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ حَقٌّ لَهُ بُنِيَ عَلَى الْمُسَامَحَةِ.
أَمَّا وُجْدَانُ الْوَاجِبِ بِأَكْثَرَ مِنَ الْمُعْتَادِ فَيَنْزِل مَنْزِلَةَ الْعُدْمِ، كَمَا لَوْ وَجَدَ الْغَاصِبُ الْمِثْل يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ لاَ يُكَلَّفُ تَحْصِيلَهُ فِي الأَْصَحِّ.
الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ:
10 - الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَدَدِ إِذَا لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ شَرْعًا لاَ يَتَأَثَّرُ بِفَقْدِهَا، وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ ثَمَانِيَةٌ عَلَى شَخْصٍ بِالزِّنَى، فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ أَرْبَعَةٌ عَنِ الشَّهَادَةِ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ رَجَعَمِنْهُمْ خَمْسَةٌ ضَمِنُوا؛ لِنُقْصَانِ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ (8) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالزِّيَادَةِ:
الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلاَثِ فِي الْوُضُوءِ:
11 - مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ التَّثْلِيثُ أَيْ غُسْل الأَْعْضَاءِ الَّتِي فَرَضَهَا الْغُسْل ثَلاَثًا، وَفِي تَثْلِيثِ مَسْحِ الرَّأْسِ، وَفِي الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلاَثِ فِي غُسْل الرِّجْلَيْنِ بِقَصْدِ الإِْنْقَاءِ خِلاَفٌ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلاَثِ فِي غُسْل الأَْعْضَاءِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ طُمَأْنِينَةَ الْقَلْبِ لاَ الْوَسْوَسَةَ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ كَرَاهَةُ الْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ فِي غَيْرِ الرِّجْلَيْنِ، وَأَمَّا فِي الرِّجْلَيْنِ فَالْمَطْلُوبُ فِيهِمَا الإِْنْقَاءُ حَتَّى لَوْ زَادَ عَلَى الثَّلاَثِ أَوِ الاِقْتِصَارُ عَلَى الثَّلاَثِ عَلَى خِلاَفٍ فِي ذَلِكَ. وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَرَاهَةُ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلاَثِ، وَقِيل: تَحْرُمُ، وَقِيل: هِيَ خِلاَفُ الأَْوْلَى.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى الْكَرَاهَةِ (9) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يَسْأَلُهُ عَنِ الْوُضُوءِ، فَأَرَاهُ ثَلاَثًا ثَلاَثًا، وَقَال: هَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ (10) .
الزِّيَادَةُ فِي الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ:
12 - الزِّيَادَةُ الْمَشْرُوعَةُ فِي الأَْذَانِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنِ التَّثْوِيبِ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّثْوِيبِ هُوَ أَنْ يَزِيدَ الْمُؤَذِّنُ عِبَارَةَ " الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ " مَرَّتَيْنِ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَ أَذَانِهِ كَمَا يَقُول بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ لِمَا وَرَدَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: مِنَ السُّنَّةِ إِذَا قَال الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ قَال: الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ (11) .
وَأَصْل التَّثْوِيبِ أَنَّ بِلاَلاً ﵁ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ يُؤْذِنُهُ بِصَلاَةِ الْفَجْرِ فَقِيل: هُوَ نَائِمٌ، فَقَال: الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَأُقِرَّتْ فِي تَأْذِينِ الْفَجْرِ، فَثَبَتَ الأَْمْرُ عَلَى ذَلِكَ (12) . وَخُصَّ التَّثْوِيبُ بِالصُّبْحِ لِمَا يَعْرِضُ لِلنَّائِمِ مِنَ التَّكَاسُل بِسَبَبِ النَّوْمِ، وَاعْتِبَارُ التَّثْوِيبِ زِيَادَةً إِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى أَذَانِ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، وَلاَ يَجُوزُ زِيَادَةُ شَيْءٍ فِي أَلْفَاظِ الأَْذَانِ؛ لأَِنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ بِنَصِّ الشَّارِعِ، وَقَدْ تَوَاتَرَ النَّقْل عَلَى عَدَمِ زِيَادَةِ شَيْءٍ فِيهَا، وَالإِْقَامَةُ كَالأَْذَانِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَزِيدُ بَعْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ مَرَّتَيْنِ (13) .
الزِّيَادَةُ فِي الأَْذْكَارِ الْمَسْنُونَةِ:
13 - سَبَقَ فِي بَحْثِ (ذِكْرٍ) حُكْمُ الزِّيَادَةِ فِي الأَْذْكَارِ الْمَسْنُونَةِ فَيُنْظَرُ هُنَاكَ.
الزِّيَادَةُ عَلَى الضَّرْبَتَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ:
14 - التَّيَمُّمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَالأَْكْمَل عِنْدَهُمْ ضَرْبَتَانِ كَالْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الضَّرْبَتَيْنِ فَلاَ بَأْسَ بِهَا مَا دَامَ الْقَصْدُ اسْتِيعَابَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِالْمَسْحِ، سَوَاءٌ أَحَصَل ذَلِكَ بِضَرْبَتَيْنِ أَمْ أَكْثَرَ، وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَيَمُّمٍ) (14) .
الزِّيَادَةُ فِي الْفِعْل وَالْقَوْل فِي الصَّلاَةِ:
15 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّلاَةِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ زِيَادَةَ أَفْعَالٍ، أَوْ أَقْوَالٍ.
فَزِيَادَةُ الأَْفْعَال قِسْمَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الصَّلاَةِ، فَتَبْطُل الصَّلاَةُ بِعَمْدِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ سَهْوًا فَلاَ بُطْلاَنَ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ.
وَالآْخَرُ: إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلاَةِ، فَيُبْطِل الصَّلاَةَ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَجَهْلُهُ، إِنْ كَانَ كَثِيرًا وَلَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ.
أَمَّا إِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ، أَوْ كَانَ يَسِيرًا، فَلاَ يَبْطُل.
وَالزِّيَادَةُ الْقَوْلِيَّةُ قِسْمَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يُبْطِل عَمْدُهُ الصَّلاَةَ، كَكَلاَمِ الآْدَمِيِّينَ.
وَالآْخَرُ، مَا لاَ يُبْطِل الصَّلاَةَ كَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، إِلاَّ أَنْ يُخَاطِبَ بِهِ كَقَوْلِهِ لِعَاطِسٍ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ.
وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الصَّلاَةَ تَبْطُل بِتَعَمُّدِ النُّطْقِ بِحَرْفَيْنِ، أَفْهَمَا أَمْ لَمْ يُفْهِمَا، وَبِحَرْفٍ مُفْهِمٍ كَذَلِكَ. وَقَالُوا: يُعْذَرُ مَنْ تَكَلَّمَ بِيَسِيرِ الْكَلاَمِ إِنْ سَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ نَسِيَ الصَّلاَةَ، أَوْ جَهِل تَحْرِيمَ الْكَلاَمِ فِيهَا، وَقَرُبَ عَهْدُهُ بِالإِْسْلاَمِ، وَلاَ يُعْذَرُ بِالْكَثِيرِ مِنْ ذَلِكَ (15) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلاَةِ، وَسُجُودِ السَّهْوِ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْفِعْل، أَنَّ الْكَثِيرَ مِنْهُ يُبْطِل الصَّلاَةَ.
وَفِي حَدِّهِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ، الْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُصَلِّي بِحَالٍ لَوْ رَآهُ إِنْسَانٌ مِنْ بَعِيدٍ، فَتَيَقَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلاَةِ فَهُوَ كَثِيرٌ، إِنْ كَانَ يَشُكُّ أَنَّهُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَشُكَّ أَنَّهُ فِيهَا، فَهُوَ قَلِيلٌ.
وَأَمَّا الْقَوْل أَوِ الْكَلاَمُ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلاَتِهِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، لِحَدِيثِ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ (16) .
وَمِنْهُ أَيْضًا: الأَْنِينُ وَالتَّأَوُّهُ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَكُل مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا قَصَدَ بِهِ الْجَوَابَ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْجَوَابَ بَل الإِْعْلاَمَ أَنَّهُ فِي الصَّلاَةِ، فَلاَ تَفْسُدُ بِالاِتِّفَاقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. فَلَوْ كَانَ الذِّكْرُ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، كَمَا لَوْ ذَكَرَ الشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُؤَذِّنِ لَهُمَا، أَوْ سَمِعَ ذِكْرَ اللَّهِ، فَقَال: جَل جَلاَلُهُ، أَوْ ذِكْرَ النَّبِيِّ ﷺ فَصَلَّى عَلَيْهِ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ (17) .
الزِّيَادَةُ عَلَى التَّكْبِيرَاتِ الأَْرْبَعِ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ وَأَثَرُهَا:
16 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ صَلاَةَ الْجِنَازَةِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ لاَ يَجُوزُ النَّقْصُ مِنْهَا، وَالأَْوْلَى عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُقَابِلُهُ الْبُطْلاَنُ لِزِيَادَةِ رُكْنٍ، فَإِنْ زَادَ الإِْمَامُ عَلَيْهَا تَكْبِيرَةً خَامِسَةً، فَفِي مُتَابَعَةِ الْمَأْمُومِ لَهُ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَوْ عَدَمِ مُتَابَعَتِهِ لَهُ فِيهَا خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
فَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ سِوَى زُفَرَ أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا فَعَل ذَلِكَ لَمْ يُتَابِعْهُ الْمُؤْتَمُّ فِي تِلْكَ التَّكْبِيرَةِ، لأَِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ ﷺ كَبَّرَ أَرْبَعًا فِي آخِرِ صَلاَةِ جِنَازَةٍ صَلاَّهَا (18) . وَقَال زُفَرُ: يُتَابِعُهُ لأَِنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا ﵁ كَبَّرَ خَمْسًا. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ وَلاَ يَنْتَظِرُ إِمَامَهُ فِي التَّكْبِيرَةِ الْخَامِسَةِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيُفَارِقُ الْمَأْمُومُ إِمَامَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْخَامِسَةِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْل بِبُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِهَا، وَعَلَى الْقَوْل بِعَدَمِ الْبُطْلاَنِ لاَ يُفَارِقُهُ، وَلَكِنْ لاَ يُتَابِعُهُ فِيهَا عَلَى الأَْظْهَرِ، وَفِي تَسْلِيمِهِ فِي الْحَال أَوِ انْتِظَارِهِ حَتَّى يُسَلِّمَ إِمَامُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.
وَالأَْوْلَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنْ لاَ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ، وَلاَ خِلاَفَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَلاَ يَجُوزُ النَّقْصُ عَنْ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عِنْدَهُمْ فِيمَا زَادَ عَلَى الأَْرْبَعِ إِلَى السَّبْعِ، فَظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا كَبَّرَ خَمْسًا تَابَعَهُ الْمَأْمُومُ، وَلاَ يُتَابِعُهُ فِي زِيَادَةٍ عَلَيْهَا رَوَاهُ الأَْثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسًا وَقَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُكَبِّرُهَا (19) .
وَرَوَى حَرْبٌ عَنْ أَحْمَدَ إِذَا كَبَّرَ خَمْسًا لاَ يُكَبِّرُ مَعَهُ، وَلاَ يُسَلِّمُ إِلاَّ مَعَ الإِْمَامِ، لأَِنَّهَا زِيَادَةٌ غَيْرُ مَسْنُونَةٍ لِلإِْمَامِ فَلاَ يُتَابِعُهُ الْمَأْمُومُ فِيهَا، كَالْقُنُوتِ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يُكَبِّرُ مَعَ الإِْمَامِ إِلَى سَبْعٍ، قَال الْخَلاَّل: ثَبَتَ الْقَوْل عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مَعَ الإِْمَامِ إِلَى سَبْعٍ ثُمَّ لاَ يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ، وَلاَ يُسَلِّمُ إِلاَّ مَعَ الإِْمَامِ (20) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ.
الزِّيَادَةُ فِي الزَّكَاةِ عَلَى الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ إِخْرَاجُهُ:
17 - الأَْصْل أَنْ يُخْرِجَ الْمُزَكِّي الْقَدْرَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ لإِِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ، فَإِنْ زَادَ فَذَلِكَ خَيْرٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (21) وَالزِّيَادَةُ قَدْ تَكُونُ فِي الْمِقْدَارِ أَوْ فِي الصِّفَةِ. فَمِنْ أَمْثِلَةِ الزِّيَادَةِ فِي صِفَةِ الْوَاجِبِ إِخْرَاجُ بِنْتِ اللَّبُونِ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ، فَإِنَّ بِنْتَ اللَّبُونِ تَخْرُجُ عَنْ سِتٍّ وَثَلاَثِينَ مِنَ الإِْبِل وَبِنْتَ الْمَخَاضِ تَخْرُجُ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَالْحِقَّةُ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ فَإِنَّ الْحِقَّةَ تَخْرُجُ عَنْ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ، وَإِخْرَاجُ الْجَذَعَةِ عَنِ الْحِقَّةِ فَإِنَّ الْجَذَعَةَ تَجِبُ فِي إِحْدَى وَسِتِّينَ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ الزِّيَادَةِ فِي الْمِقْدَارِ إِخْرَاجُ أَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ لأَِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا صَاعٌ عَنْ كُل فَرْدٍ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ: (زَكَاةٍ) . زِيَادَةُ الْوَكِيل عَمَّا حَدَّدَهُ لَهُ الْمُوَكِّل:
18 - الْوَكِيل لاَ يَمْلِكُ مِنَ التَّصَرُّفِ إِلاَّ مَا يَقْتَضِيهِ إِذْنُ مُوَكِّلِهِ مِنْ جِهَةِ النُّطْقِ أَوْ جِهَةِ الْعُرْفِ؛ لأَِنَّ تَصَرُّفَهُ بِالإِْذْنِ فَاخْتَصَّ بِمَا أَذِنَ فِيهِ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالاِحْتِيَاطِ وَالْغِبْطَةِ، فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي زَمَنٍ مُقَيَّدٍ لَمْ يَمْلِكِ التَّصَرُّفَ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ إِذْنُهُ مُطْلَقًا، وَلاَ عُرْفًا؛ لأَِنَّهُ قَدْ يُؤَثِّرُ التَّصَرُّفُ فِي زَمَنِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ (22) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَكَالَةِ.
زِيَادَةُ الْمَبِيعِ وَأَثَرُهَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ:
19 - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ زِيَادَةَ الْمَبِيعِ الْمُتَّصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ كَسِمَنٍ وَجَمَالٍ لاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ قَبْل الْقَبْضِ، وَكَذَا بَعْدَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ قَبُولُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ كَغَرْسٍ وَبِنَاءٍ فَتَمْنَعُ الرَّدَّ مُطْلَقًا. وَأَمَّا زِيَادَةُ الْمَبِيعِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَالأَْرْشِ فَلاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ قَبْل الْقَبْضِ، فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا أَوْ رَضِيَ بِهِمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَبَعْدَ الْقَبْضِ يُمْتَنَعُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ كَكَسْبٍ، وَغَلَّةٍ، وَهِبَةٍ، فَقَبْل الْقَبْضِ لاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ، فَإِذَا رَدَّ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي بِلاَ ثَمَنٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلاَ تَطِيبُ لَهُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِلْبَائِعِ وَلاَ تَطِيبُ لَهُ، وَبَعْدَ الْقَبْضِ لاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ أَيْضًا، وَتَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ.
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي حَالَةِ رَدِّهِ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لِبَائِعِهِ، يَشْتَرِكُ مَعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ بِمِثْل نِسْبَةِ مَا زَادَ مِنْ قِيمَتِهِ، بِصَبْغِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ عَلَى قِيمَتِهِ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ مَعِيبًا، فَإِنْ قُوِّمَ مَصْبُوغًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَغَيْرَ مَصْبُوغٍ بِعَشَرَةٍ شَارَكَهُ بِثُلُثِهِ، دَلَّسَ بَائِعُهُ أَمْ لاَ، أَوْ يَتَمَسَّكُ بِالْمَبِيعِ وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الأَْرْجَحِ.
هَذَا فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ، وَذَكَرُوا فِي الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لاَ يَشْتَرِكُ مَعَ الْبَائِعِ فِيهَا عِنْدَ الرَّدِّ (23) .
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ تَتْبَعُ الأَْصْل فِي الرَّدِّ،
وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ فِي نَمَاءِ الْمَبِيعِ الْمُتَّصِل كَالسِّمَنِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ لِعَدَمِ إِمْكَانِ إِفْرَادِ الزِّيَادَةِ، وَلِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِدُونِهَا، وَلأَِنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَجَدَّدَ بِالْفَسْخِ فَكَانَتِ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ فِيهِ تَابِعَةً لِلأَْصْل كَالْعَقْدِ. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ عَيْنًا كَالْوَلَدِ، أَوْ مَنْفَعَةً كَالأُْجْرَةِ، فَهِيَ مِنَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَمِنَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ فِي نَمَاءِ الْمَبِيعِ الْمُنْفَصِل، لِقَوْلِهِ ﷺ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ (24) . وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ لاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْعَيْبِ عَمَلاً بِمُقْتَضَى الْعَيْبِ (25) .
وَالتَّفْصِيل فِي خِيَارِ الْعَيْبِ.
الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَنِ وَأَثَرُهَا:
20 - تَتَّضِحُ آثَارُ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ أَوِ النَّقْصِ مِنْهُ فِي الإِْقَالَةِ. يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (إِقَالَةٍ) ف 5 327
زِيَادَةُ الْمَشْفُوعِ فِيهِ هَل تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلشَّفِيعِ؟ :
21 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زِيَادَةِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ هَل تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلشَّفِيعِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَبِيعِ الَّتِي حَدَثَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قِبَل الآْخِذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، إِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَالشَّجَرِ إِذَا كَبُرَ فَهِيَ لِلشَّفِيعِ، لِعَدَمِ تَمَيُّزِهَا فَتَبِعَتِ الأَْصْل، كَمَا لَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ أَوْ إِقَالَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً مُتَمَيِّزَةً كَالْغَلَّةِ وَالأُْجْرَةِ وَالطَّلْعِ الْمُؤَبَّرِ وَالثَّمَرَةِ الظَّاهِرَةِ، فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي لاَ حَقَّ لِلشَّفِيعِ فِيهَا؛ لأَِنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ، وَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مُبْقَاةً فِي رُءُوسِ النَّخْل إِلَى الْجُذَاذِ.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَمَيِّزَةِ غَيْرِ الظَّاهِرَةِ قَوْلاَنِ:
أَحَدُهُمَا - وَهُوَ الْقَدِيمُ -: تَتْبَعُ الأَْصْل كَمَا فِي الْبَيْعِ.
وَالثَّانِي - وَهُوَ الْجَدِيدُ -: لاَ تَتْبَعُ الأَْصْل لأَِنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِغَيْرِ تَرَاضٍ فَلاَ يُؤْخَذُ بِهِ إِلاَّ مَا دَخَل بِالْعَقْدِ وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ؛ لأَِنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ عَنْ تَرَاضٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الاِسْتِثْنَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَثْنِ تَبِعَ الأَْصْل (26) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَشْفُوعِ فِيهِ كَالثَّمَرِ الَّذِي عَلَى النَّخْل لِلشَّفِيعِ إِذَا شَرَطَهُ فِي الْبَيْعِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَدْخُل بِدُونِ الشَّرْطِ، فَإِذَا شَرَطَهُ دَخَل فِي الْبَيْعِ وَاسْتُحِقَّ بِالشُّفْعَةِ، لأَِنَّهُ بِاعْتِبَارِ الاِتِّصَال صَارَ كَالنَّخْل وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ شُفْعَةَ فِيهِ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ، حَتَّى لاَ يَدْخُل فِي الْبَيْعِ بِدُونِ الشَّرْطِ، وَإِذَا دَخَل فِي الشُّفْعَةِ فَإِذَا جَذَّهُ الْمُشْتَرِي نَقَصَ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَنِ لأَِنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالذِّكْرِ، فَقَابَلَهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَرَةَ لأَِنَّهَا نَفْلِيَّةٌ أَيْ زِيَادَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى النَّخْل ثَمَرٌ وَقْتَ الْبَيْعِ فَأَثْمَرَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالثَّمَرَةِ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ سَرَى إِلَيْهَا فَكَانَتْ تَبَعًا، فَإِذَا جَذَّهَا الْمُشْتَرِي فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْل بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، لأَِنَّ الثَّمَرَةَ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْعَقْدِ، فَلَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً فَلاَ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ غَلَّتَهُ، أَيْ غَلَّةَ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا قَبْل أَخْذِهِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لأَِنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لَهُ، وَفِي الْحَدِيثِ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (شُفْعَةٍ) .
زِيَادَةُ الْمَرْهُونِ:
22 - نَصَّ الْكَاسَانِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَرْهُونِ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَوَلِّدَةً مِنَ الأَْصْل وَلاَ فِي حُكْمِ الْمُتَوَلَّدِ مِنْهُ كَالْكَسْبِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لاَ يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ الرَّهْنِ، لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مَرْهُونَةً بِنَفْسِهَا، وَلاَ هِيَ بَدَل الْمَرْهُونِ، وَلاَ جُزْءٌ مِنْهُ، وَلاَ بَدَل جُزْءٍ مِنْهُ.
وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُتَوَلِّدَةً مِنَ الأَْصْل كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ، أَوْ فِي حُكْمِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْهُ كَالأَْرْشِ وَالْعُقْرِ فَهِيَ مَرْهُونَةٌ تَبَعًالِلأَْصْل؛ لأَِنَّ الرَّهْنَ حَقٌّ لاَزِمٌ فَيَسْرِي إِلَى التَّبَعِ.
وَزِيَادَةُ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهِيَ الَّتِي يُعَبِّرُونَ عَنْهَا بِالْغَلَّةِ، كَاللَّبَنِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَعَسَل النَّحْل، لاَ تَدْخُل فِي الرَّهْنِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ الْمُرْتَهِنُ دُخُولَهَا، بِخِلاَفِ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ الأُْمِّ، فَإِنَّهُ يَنْدَرِجُ فِي الرَّهْنِ، سَوَاءٌ أَحَمَلَتْ بِهِ قَبْل الرَّهْنِ أَمْ بَعْدَهُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَرْهُونِ إِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً كَسِمَنِ الدَّابَّةِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ تَبِعَتِ الأَْصْل فِي الرَّهْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ لَمْ تُتْبَعْ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ جَمِيعَهُ وَغَلاَّتِهِ تَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِ مَنِ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ كَالأَْصْل، وَإِذَا احْتِيجَ إِلَى بَيْعِهِ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ بِيعَ مَعَ الأَْصْل، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُتَّصِل كَالسِّمَنِ وَالتَّعَلُّمِ، وَالْمُنْفَصِل كَالْكَسْبِ وَالأُْجْرَةِ وَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالشَّعْرِ. لأَِنَّهُ حُكْمٌ يَثْبُتُ فِي الْعَيْنِ بِعَقْدِ الْمَالِكِ فَيَدْخُل فِيهِ النَّمَاءُ وَالْمَنَافِعُ كَالْمِلْكِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (27) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (رَهْنٍ) . زِيَادَةُ الْمَوْهُوبِ وَأَثَرُهَا فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ:
23 - الزِّيَادَةُ فِي الْمَوْهُوبِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُنْفَصِلَةً. فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً كَالثَّمَرَةِ وَالْوَلَدِ فَإِنَّهَا لاَ تُؤَثِّرُ فِي الرُّجُوعِ فِيهَا اتِّفَاقًا.
وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً مَنَعَتْ مِنَ الرُّجُوعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِيهَا دُونَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ، وَلاَ سَبِيل إِلَى الرُّجُوعِ بِالْهِبَةِ مَعَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِعَدَمِ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ تَمْنَعُ مِنَ الرُّجُوعِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهَا فَتَتْبَعُ الأَْصْل (28) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (هِبَةٍ) .
زِيَادَةُ الصَّدَاقِ وَحُكْمُهَا فِي الطَّلاَقِ قَبْل الدُّخُول:
24 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، إِلَى أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْل الدُّخُول تَشَطَّرَ الصَّدَاقُ سَوَاءٌ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ أَوْ حَدَثَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ أَوْ مُنْفَصِلَةٌ، أَيْ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تَأْخُذُ حُكْمَ الأَْصْل، فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَا دَفَعَهُ لَهَا بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ أَوِ الْمُنْفَصِلَةِ؛ لأَِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنَ الْعَيْنِ، وَالْحَادِثُ مِنْهَا بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْل الْقَبْضِ كَالْمَوْجُودِ وَقْتَ الْعَقْدِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ الصَّدَاقِ الْمُنْفَصِلَةَ تَكُونُ لِلْمَرْأَةِ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِنِصْفِ الأَْصْل فَقَطْ؛ لأَِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ نَمَاءُ مِلْكِهَا، وَالرُّجُوعُ بِنِصْفِ الأَْصْل لاَ يُلْحِقُ الضَّرَرَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً، فَإِنَّ الزَّوْجَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لاَ يَسْتَقِل بِالرُّجُوعِ إِلَى النِّصْفِ ذَاتِهِ، بَل يُخَيِّرُ الزَّوْجَةَ بَيْنَ رَدِّ نِصْفِهِ زَائِدًا، وَبَيْنَ إِعْطَاءِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ (29) .
وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (صَدَاقٍ) .
زِيَادَةُ التَّرِكَةِ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْوَفَاةِ قَبْل أَدَاءِ الدَّيْنِ:
25 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زِيَادَةِ التَّرِكَةِ وَنَمَائِهَا الَّذِي حَدَثَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَدِينِ وَقَبْل أَدَاءِ الدَّيْنِ، كَأُجْرَةِ دَارٍ لِلسُّكْنَى، وَكَدَابَّةٍ وَلَدَتْ أَوْ سَمِنَتْ، وَكَشَجَرٍ صَارَ لَهُ ثَمَرٌ، هَل يُضَمُّ إِلَى التَّرِكَةِ لِمَصْلَحَةِ الدَّائِنِينَ أَوْ هُوَ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ. وَهَذَا الْخِلاَفُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى خِلاَفٍ سَابِقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي انْتِقَال تَرِكَةِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إِلَى وَارِثِهِ، وَحَاصِل مَا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِل إِلَى الْوَارِثِ إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا دُيُونٌ مِنْ حِينِ وَفَاةِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ دَيْنٌ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي انْتِقَالِهَا إِلَى الْوَارِثِ بَعْدَ الْوَفَاةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، أَنَّ أَمْوَال التَّرِكَةِ تَنْتَقِل إِلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ مَعَ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ أَمْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ لَهَا.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يُمَيِّزُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرِقَةً بِالدَّيْنِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقَةٍ بِهِ، فَإِنِ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ أَمْوَال التَّرِكَةِ تَبْقَى أَمْوَال التَّرِكَةِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَلاَ تَنْتَقِل إِلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ فَالرَّأْيُ الرَّاجِحُ أَنَّ أَمْوَال التَّرِكَةِ تَنْتَقِل إِلَى الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، مَعَ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَذِهِ الأَْمْوَال.
وَالثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ أَمْوَال التَّرِكَةِ تَبْقَى عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى أَنْ يُسَدَّدَ الدَّيْنُ سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لَهَا أَمْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ.
وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ مَنْ قَال بِأَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِل إِلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْوَفَاةِ وَقَبْل أَدَاءِ الدَّيْنِ قَال: إِنَّالزِّيَادَةَ لِلْوَارِثِ وَلَيْسَتْ لِلدَّائِنِ، وَمَنْ قَال بِعَدَمِ انْتِقَالِهَا قَال: تُضَمُّ الزِّيَادَةُ إِلَى التَّرِكَةِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ فَضَل شَيْءٌ انْتَقَل إِلَى الْوَرَثَةِ (30) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (تَرِكَةٍ) .
زِيَادَةُ التَّعْزِيرِ عَنْ أَدْنَى الْحُدُودِ:
26 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ لاَ يَبْلُغُ الْحَدَّ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْحَدِّ مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي لاَ يَشُوبُهَا الْهَوَى. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ بِالْجَلْدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُنْقِصَ عَنْ أَقَل حُدُودِ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي قَدْرِ جَلْدِ التَّعْزِيرِ، فَرُوِيَ أَنَّهُ لاَ يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ، وَنَصُّ مَذْهَبِهِ أَنْ لاَ يُزَادَ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ فِي التَّعْزِيرِ،
انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (تَعْزِيرٍ) .
الزِّيَادَةُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ (النَّفَل الْمُطْلَقُ) :
27 - قَسَّمَ الْمَاوَرْدِيُّ الزِّيَادَةَ عَلَى فِعْل الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى النَّفَل الْمُطْلَقُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ رِيَاءً لِلنَّاظِرِينَ وَتَصَنُّعًا لِلْمَخْلُوقِينَ، حَتَّى يَسْتَعْطِفَ بِهَا الْقُلُوبَ النَّافِرَةَ وَيَخْدُمَ بِهَا الْعُقُول الْوَاهِيَةَ، فَيَتَبَهْرَجَ بِالصُّلَحَاءِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَيَتَدَلَّسَ فِي الأَْخْيَارِ وَهُوَ ضِدُّهُمْ، وَقَدْ ضَرَبَ رَسُول اللَّهِ ﷺ لِلْمُرَائِي بِعَمَلِهِ مَثَلاً فَقَال: الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ (31) .
يُرِيدُ بِالْمُتَشَبِّعِ بِمَا لاَ يَمْلِكُ: الْمُتَزَيِّنُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ: هُوَ الَّذِي يَلْبَسُ ثِيَابَ الصُّلَحَاءِ، فَهُوَ بِرِيَائِهِ مَحْرُومُ الأَْجْرِ، مَذْمُومُ الذِّكْرِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَفْعَل الزِّيَادَةَ اقْتِدَاءً بِغَيْرِهِ، وَهَذَا قَدْ تُثْمِرُهُ مُجَالَسَةُ الأَْخْيَارِ الأَْفَاضِل، وَتُحْدِثُهُ مُكَاثَرَةُ الأَْتْقِيَاءِ الأَْمَاثِل. وَلِذَلِكَ قَال النَّبِيُّ ﷺ: الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِل (32) .
فَإِذَا كَاثَرَهُمُ الْمَجَالِسَ وَطَاوَلَهُمُ الْمُؤَانِسَ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ، وَيَتَأَسَّى بِهِمْ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَلاَ يَرْضَى لِنَفْسِهِ أَنْ يُقَصِّرَ عَنْهُمْ، وَلاَ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَيْرِ دُونَهُمْ، فَتَبْعَثُهُ الْمُنَافَسَةُ عَلَى مُسَاوَاتِهِمْ، وَرُبَّمَا دَعَتْهُ الْحَمِيَّةُ إِلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمْ، وَالْمُكَاثَرَةِ لَهُمْ، فَيَصِيرُونَ سَبَبًا لِسَعَادَتِهِ، وَبَاعِثًا عَلَى اسْتِزَادَتِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَفْعَل الزِّيَادَةَ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ الْتِمَاسًا لِثَوَابِهَا وَرَغْبَةً فِي الزُّلْفَةِ بِهَا، فَهَذَا مِنْ نَتَائِجِ النَّفْسِ الزَّاكِيَةِ، وَدَوَاعِي الرَّغْبَةِ الْوَاقِيَةِ الدَّالَّيْنِ عَلَى خُلُوصِ الدِّينِ وَصِحَّةِ الْيَقِينِ، وَذَلِكَ أَفْضَل أَحْوَال الْعَامِلِينَ، وَأَعْلَى مَنَازِل الْعَابِدِينَ.
28 - ثُمَّ لِمَا يَفْعَلُهُ مِنَ الزِّيَادَةِ حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُقْتَصِدًا فِيهَا وَقَادِرًا عَلَى الدَّوَامِ عَلَيْهَا، فَهِيَ أَفْضَل الْحَالَتَيْنِ، وَأَعْلَى الْمَنْزِلَتَيْنِ، عَلَيْهَا انْقَرَضَ أَخْيَارُ السَّلَفِ، وَتَتَبَّعَهُمْ فِيهَا فُضَلاَءُ الْخَلَفِ، وَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ فَوَاللَّهِ لاَ يَمَل اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا، وَكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ (33) .
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْهَا اسْتِكْثَارَ مَنْ لاَ يَنْهَضُ بِدَوَامِهَا، وَلاَ يَقْدِرُ عَلَى اتِّصَالِهَا، فَهَذَا رُبَّمَا كَانَ بِالْمُقَصِّرِ أَشْبَهَ؛ لأَِنَّ الاِسْتِكْثَارَ مِنَ الزِّيَادَةِ إِمَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ أَدَاءِ اللاَّزِمِ فَلاَ يَكُونُ إِلاَّ تَقْصِيرًا؛ لأَِنَّهُ تَطَوَّعَ بِزِيَادَةٍ أَحْدَثَتْ نَقْصًا، وَبِنَفْلٍ مَنَعَ فَرْضًا، وَإِمَّا أَنْ يَعْجَزَ عَنِ اسْتِدَامَةِ الزِّيَادَةِ وَيُمْنَعَ مِنْ مُلاَزَمَةِ الاِسْتِكْثَارِ، مِنْ غَيْرِ إِخْلاَلٍ بِلاَزِمٍ وَلاَ تَقْصِيرٍ فِي فَرْضٍ، فَهِيَ إِذَنْ قَصِيرَةُ الْمَدَى قَلِيلَةُ اللُّبْثِ، وَقَلِيل الْعَمَل فِي طَوِيل الزَّمَانِ أَفْضَل عِنْدَ اللَّهِ ﷿ مِنْ كَثِيرِ الْعَمَل فِي قَلِيل الزَّمَانِ؛ لأَِنَّ الْمُسْتَكْثِرَ مِنَ الْعَمَل فِي الزَّمَانِ الْقَصِيرِ قَدْ يَعْمَل زَمَانًا وَيَتْرُكُ زَمَانًا، فَرُبَّمَا صَارَ فِي زَمَانِ تَرْكِهِ لاَهِيًا أَوْ سَاهِيًا، وَالْمُقَلِّل فِي الزَّمَانِ الطَّوِيل مُسْتَيْقِظَ الأَْفْكَارِ مُسْتَدِيمَ التَّذْكَارِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: إِنَّ لِكُل شَيْءٍ شِرَّةً، وَلِكُل شِرَّةٍ فَتْرَةً، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ فَارْجُوهُ، وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأَْصَابِعِ فَلاَ تَعُدُّوهُ (34) . فَجَعَل لِلإِْسْلاَمِ شِرَّةً وَهِيَ الإِْيغَال فِي الإِْكْثَارِ، وَجَعَل لِلشِّرَّةِ فَتْرَةً وَهِيَ الإِْهْمَال بَعْدَ الاِسْتِكْثَارِ، فَلَمْ يَخْل بِمَا أَثْبَتَ مِنْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ تَقْصِيرًا أَوْ إِخْلاَلاً، وَلاَ خَيْرَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا (35) .
الزِّيَادَةُ عَلَى الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:
29 - الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كَلاَمُ اللَّهِ الْمُعْجِزُ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ وَحَفِظَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، قَال تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (36) فَالذِّكْرُ هُوَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ، كَمَا قَال الْقُرْطُبِيُّ، وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} أَيْ مِنْ أَنْ يُزَادَ فِيهِ أَوْ يُنْقَصَ مِنْهُ. قَال قَتَادَةَ وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ أَنْ تَزِيدَ فِيهِ الشَّيَاطِينُ بَاطِلاً، أَوْ يَنْقُصَ مِنْهُ حَقًّا، فَتَوَلَّى سُبْحَانَهُ حِفْظَهُ فَلَمْ يَزَل مَحْفُوظًا، وَقَال فِي غَيْرِهِ {بِمَا اسْتُحْفِظُوا} (37) فَوَكَّل حِفْظَهُ إِلَيْهِمْ فَبَدَّلُوا وَغَيَّرُوا. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصَفَ الْقُرْآنَ بِأَنَّهُ عَزِيزٌ، أَيْ مُمْتَنِعٌ عَنِ النَّاسِ أَنْ يَقُولُوا مِثْلَهُ، كَمَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄. قَال تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِل مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (38)
وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِل مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ} كَمَا قَال الْقُرْطُبِيُّ نَقْلاً عَنِ السُّدِّيِّ وَقَتَادَةَ: أَيْ أَنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَ فِيهِ وَلاَ يَزِيدَ وَلاَ يُنْقِصَ. وَذَكَرَ صَاحِبُ رَوْحِ الْمَعَانِي أَنَّ فِي قَوْله تَعَالَى: {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِل مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ} تَمْثِيلاً لِتَشْبِيهِهِ بِشَخْصٍ حُمِيَ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، فَلاَ يُمْكِنُ أَعْدَاؤُهُ الْوُصُول إِلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ مِنْ حِمَايَةِ الْحَقِّ الْمُبِينِ (39) . مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
30 - يُبْحَثُ عَنِ الأَْحْكَامِ الْخَاصَّةِ بِمُصْطَلَحِ زِيَادَةٍ فِي الْوُضُوءِ، وَالتَّيَمُّمِ، وَالصَّلاَةِ، وَالْمَبِيعِ، وَالثَّمَنِ، وَالْغَصْبِ، وَالشُّفْعَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالْهِبَةِ، وَالصَّدَاقِ، وَالتَّرِكَةِ، وَالتَّعْزِيرِ، وَالْحَدِّ، وَالتَّكْلِيفِ.
__________
(1) الصحاح والقاموس والمصباح مادة: (زيد) .
(2) المصباح مادة: (ريع) .
(3) المصباح مادة: (غلل) .
(4) المصباح مادة: (نقص) .
(5) حاشية ابن عابدين 4 / 80 - 81 ط. الأميرية، الاختيار 2 / 20 ط. المعرفة، والبدائع 7 / 160 ط. الجمالية، نهاية المحتاج 4 / 65 - 66 ط. المكتبة الإسلامية، كشاف القناع 3 / 220 ط النصر.
(6) حاشية الجمل على المنهج 3 / 329 ط. التراث.
(7) فتح القدير 1 / 358 ط. الأميرية، مواهب الجليل 1 / 36 ط. النجاح، روضة الطالبين 1 / 293 ط. المكتب الإسلامي، مطالب أولي النهى 1 / 536 ط. المكتب الإسلامي.
(8) المنثور 2 / 182 - 185 ط. الأولى.
(9) ابن عابدين 1 / 81 ط. المصرية، الدسوقي 1 / 101 - 102 ط. الفكر، جواهر الإكليل 1 / 16 - 17 ط. المعرفة، روضة الطالبين 1 / 59 ط. المكتب الإسلامي، مطالب أولي النهى 1 / 97. ط المكتب الإسلامي، كشاف القناع 1 / 102 ط النصر.
(10) حديث: " عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في صفة الوضوء ". أخرجه النسائي (1 / 88 - ط المكتبة التجارية) وجود إسناده ابن حجر في الفتح (1 / 223 - ط السلفية) .
(11) حديث أنس من السنة: " إذا قال المؤذن في أذان الفجر ". أخرجه البيهقي (1 / 423 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال: إسناده صحيح.
(12) حديث بلال: " أنه أتى النبي ﷺ يؤذنه بصلاة الفجر ". أخرجه ابن ماجه (1 / 237 - ط الحلبي) وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 153 ط. دار الجنان) : " هذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا، سعيد بن المسيب لم يسمع من بلال ".
(13) حاشية ابن عابدين 1 / 259 - 260 ط. الأميرية، تبيين الحقائق 1 / 91 ط. الأميرية، فتح القدير 1 / 169 ط الأميرية، جواهر الإكليل 1 / 36 - 37 ط. المعرفة، روضة الطالبين 1 / 199 ط. المكتب الإسلامي، المهذب 1 / 63 - 64 ط. الحلبي، المغني 1 / 406 - 408 ط. الرياض.
(14) تبيين الحقائق 1 / 38 ط. الأميرية، الدسوقي 1 / 158 ط. الفكر، حاشية القليوبي 1 / 91 ط. الحلبي، روضة الطالبين 1 / 112 ط. المكتب الإسلامي، كشاف القناع 1 / 179 ط. النصر، المغني 1 / 246 ط. الرياض.
(15) حاشية الدسوقي 1 / 275، جواهر الإكليل 1 / 62، مغني المحتاج 1 / 194 - 199، وكشاف القناع 1 / 395 وما بعدها.
(16) حديث: " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ". أخرجه مسلم (1 / 381 - 382 - ط الحلبي) من حديث معاوية بن الحكم.
(17) فتح القدير ط. أولى 1 / 286، ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي 175 - 179.
(18) حديث: " أنه ﷺ كبر أربعا في آخر صلاة جنازة صلاها ". أخرجه الحاكم (1 / 386 ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس، وضعف الذهبي في تلخيصه أحد رواته، وذكره ابن حجر في التلخيص (2 / 121 - ط شركة الطباعة الفنية) وقال: " روي هذا اللفظ من وجوه أخر كلها ضعيفة ".
(19) حديث زيد بن أرقم: " أن الرسول ﷺ كان يكبر خمسا على الجنائز ". أخرجه مسلم (2 / 659 - ط الحلبي) .
(20) فتح القدير مع العناية 1 / 461 ط. الأميرية، تبيين الحقائق 1 / 241 ط. المعرفة، الفتاوى الهندية 1 / 164 ط. المكتبة الإسلامية، حاشية العدوي على الرسالة 1 / 374 ط. المعرفة، روضة الطالبين 2 / 124 ط. المكتب الإسلامي، حاشية القليوبي 1 / 331 ط الحلبي، المغني 2 / 514 - 515 ط. الرياض.
(21) سورة البقرة / 158.
(22) حاشية ابن عابدين 4 / 403 وما بعدها، جواهر الإكليل 2 / 137 ط. المعرفة، مواهب الجليل 5 / 196 ط. النجاح، روضة الطالبين 4 / 316 ط. المكتب الإسلامي، المغني 5 / 131 - 132 ط. الرياض.
(23) حاشية ابن عابدين 4 / 80 - 81 ط. الأميرية، الاختيار 2 / 20 ط. المعرفة، جواهر الإكليل 2 / 45 - 46، المعرفة، الدسوقي 3 / 127 ط. الفكر.
(24) حديث: " الخراج بالضمان ". أخرجه أبو داود (3 / 780 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عائشة، وصححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير لابن حجر (3 / 22 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(25) نهاية المحتاج 4 / 65 - 66 ط. المكتبة الإسلامية، والجمل على المنهج 3 / 151 ط. التراث، وكشاف القناع 3 / 220 ط النصر، الإنصاف 4 / 412 - 413 ط. التراث.
(26) الاختيار 2 / 50 ط. المعرفة، جواهر الإكليل 2 / 163 ط. المعرفة، المهذب 1 / 389 ط. الحلبي، مطالب أولي النهى 4 / 120 ط. المكتب الإسلامي، المغني 5 / 346 ط. الرياض.
(27) بدائع الصنائع 6 / 152 ط. الجمالية، الاختيار 2 / 65 - 66 ط. المعرفة، الدسوقي 3 / 244 - 245 ط. الفكر، جواهر الإكليل 2 / 81 - 82 ط. المعرفة، روضة الطالبين 4 / 102 ط. المكتب الإسلامي، المغني 4 / 430 ط. الرياض.
(28) الاختيار 3 / 51 ط. المعرفة، ابن عابدين 4 / 515 ط. الأميرية، جواهر الإكليل 2 / 215 ط. المعرفة، المهذب 1 / 331، 454 ط. الحلبي، حاشية القليوبي 3 / 114 ط. الحلبي، المغني 5 / 673 - 674 ط. الرياض.
(29) فتح القدير 2 / 456 ط. الأميرية، جواهر الإكليل 1 / 317 ط. المعرفة، الدسوقي 2 / 319 ط. الفكر، روضة الطالبين 7 / 293 ط. المكتب الإسلامي، مطالب أولي النهى 5 / 196 ط. المكتب الإسلامي.
(30) تبيين الحقائق 5 / 213 ط. بولاق، بداية المجتهد 2 / 284، روضة الطالبين 4 / 85 ط. المكتب الإسلامي، الجمل على المنهج / 307 - 308 ط. التراث، المغني 9 / 220 - 221 ط. الرياض.
(31) حديث: " المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 317 - ط السلفية) ومسلم (3 / 168 - ط. الحلبي) من حديث أسماء بنت أبي بكر.
(32) حديث: " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ". أخرجه الترمذي (4 / 589 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن صحيح.
(33) حديث: " عليكم بما تطيقون ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 101 - ط السلفية) من حديث عائشة.
(34) حديث: " إن لكل شيء شرَّة. . . " أخرجه الترمذي (4 / 635 - ط الحلبي) وقال: حديث حسن صحيح غريب.
(35) أدب الدنيا والدين للماوردي ص 110 - 114 ط. الرابعة.
(36) سورة الحجر / 9.
(37) سورة المائدة / 44.
(38) سورة فصلت 41 - 42.
(39) تفسير القرطبي 10 / 5، 15 / 367 ط. الثانية، روح المعاني 24 / 127 ط. المنيرية.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 66/ 24
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".