الصمد
كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «إنكم سَتَحْرِصُونَ على الإِمَارَة، وستكون نَدَامَةً يوم القيامة، فَنِعْمَ المُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ».
[صحيح.] - [رواه البخاري.]
هذا الحديث ينبه على عظم شأن الإمارة -وما هو في حكمها كالقضاء- وكثرة تبعاتها ومسؤولياتها في الدار الآخرة, والتحذير من طلبها والحرص عليها, وهذا مقيد بمن دخل فيها بسعي منه وحرص عليها وكان غير أهلٍ لها, بخلاف من وُكِلت إليه ولم يسعَ لها وكان أهلا لها وعدل فيها فإنه سيُعان عليها كما جاء في أحاديث أخرى, وقد شبهت الإمارة في الحديث بأنها نعم المرضعة بما تدر من منافع المال والجاه ونفاذ الحكم، وبئس الفاطمة بتبعاتها يوم القيامة وحسراتها.
ستحرصون | ستشتد رغبتكم في الإمارة. |
الإمارة | بكسر الهمزة، هي منصب الأمير, ويدخل فيها الإمارة العظمى, وهي الخلافة وولاية أمر الأمة, والصغرى وهي الولاية على بعض البلاد, كما يدخل في ذلك ولاية القضاء. |
ندامة | أسفًا وحزنًا وأسىً. |
فنعم - بئس | : نعم وبئس فعلان ماضيان، وهما جامدان لا يتصرفان، جاءا لإفادة المدح أو الذم. |
المرضعة | وصف المرأة إذا كان لها ولدٌ ترضعه، ورضع الثدي إذا مصَّه، والمراد هنا تشبيه منافع الإمارة العاجلة الزَّائلة بالرضاع في مدته القصيرة. |
الفاطمة | يُقال: فطمت المرأة الرضيع تفطمه فطماً، أي: فصلت المرضعة الرضيع عن الرضاع، شبَّه انقطاع منافع الإمارة بالفطام. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".