البصير
(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «من مات ولم يَغْزُ، ولم يُحدث نفسه بالغزو، مات على شُعْبَةٍ من نِفَاقٍ»
[صحيح] - [رواه مسلم.]
كل رجل قادر على الغزو يبلغه الأجل ولم يغز ولم يحدث نفسه بذلك أي لم يكلم بالغزو نفسه، والمعنى لم يعزم على الجهاد ففيه شيء من النفاق، ومن علاماته في الظاهر إعداد آلة الغزو، قال تعالى: (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة). وقوله: (مات على شعبة من نفاق): أي: نوع من أنواع النفاق ، أي: من مات على هذا فقد أشبه المنافقين والمتخلفين عن الجهاد، ومن تشبه بقوم فهو منهم، فيجب على كل مؤمن أن ينوي الجهاد. وكونه يغزو أي: بشروط الغزو والجهاد، فإذا توفرت عُمل به وإلا بقيت النية موجودة إلى حين توفر دواعي الجهاد.
مَنْ لَمْ يَغْزُ | أي لم يباشر القتال في سبيل الله. |
لم يُحَدِّث نَفْسَهُ بِالغَزْو | لم ينو الغزو. |
شعبة | خصلة. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".