القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (لولاَ أن أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي؛ لَأَمَرتُهُم بِالسِّوَاك عِندَ كُلِّ صَلاَة).
[صحيح.] - [متفق عليه.]
من كمال نصح النبي ﷺ ومحبته الخير لأمته، ورغبته أن يفعلوا كل فعل يعود عليهم بالنفع؛ لينالوا كمال السعادة أن حثهم على التسوك، فهو ﷺ لما علِم من كثرة فوائد السواك، وأثر منفعته عاجلا وآجلا؛ كاد يلزم أمته به عند كل وضوء أو صلاة؛ لورود رواية: (مع كل وضوء)، ولكن -لكمال شفقته ورحمته- خاف أن يفرضه الله عليهم؛ فلا يقوموا به؛ فيأثموا؛ فامتنع من فرضه عليهم خوفاً وإشفاقاً، ومع هذا رغبهم فيه وحضَّهم عليه.
لَولا | حرف امتناع لوجود: أي أنها تدل على امتناع شيء؛ لوجود شيء آخر، ففي هذا الحديث تدل على امتناع إلزام النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته بالسواك عند كل صلاة؛ لوجود المشقة عليهم بذلك. |
أَشُق | أتعب وأثقل. |
أُمَتِّي | جماعتي، والمراد بهم: من آمن به واتبعه. |
لأَمَرتُهُم | لألزمتهم. |
بالسِّوَاك | أي: باستخدام السواك لتنظيف الفم. |
عند كلِّ صَلاة | عند فعل كل صلاة. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".