المؤمن
كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...
الانحراف، والميل عن القراءة الصحيحة . وهو نوعان لحن جلي . ولحن خفي . ومن أمثلته ما ذكره الفقهاء عن لحن المصلي في قراءة القرآن، كقراءته : ﱫأنعمتُ عليهمﱪ، بدلاً من : ﭽﭭ ﭮﭼ الفاتحة :٧ .
اللَّحْنُ الخَطَأُ وَتَرْكُ الصَّوَابِ، وَلَحَّنَ الشَّخْصُ وَأَلْحَنَ فِي كَلاَمِهِ أَيْ أَخْطَأَ، وَهُوَ لَحَّانٌ وَلَحَّانَةٌ أَيْ يُخْطِئُ، وَجَمْعُهُ أَلْحَانٌ وَلُحُونٌ، وَيَأْتِي اللَّحْنُ بِمَعْنَى: تَحْسِينِ الكَلاَمِ، كَقَوْلِك: فُلاَنٌ أَلْحَنُ النَّاسِ إِذَا كَانَ أَحْسَنَهُمْ قِرَاءَةً، وَأَصْلُ اللَّحْنِ: إِمَالَةُ الشَّيْءِ عَنْ جِهَتِهِ، يُقَالُ: لَحَنَ الشَّيْءَ وَلَحَّنَهُ يُلَحِّنُهُ لَحْنًا وَتَلْحِينًا إِذَا أَمَالَهُ وَصَرَفَهُ عَنْ جِهَتِهِ، وَسُمِّيَ الخَطَأُ فِي نُطْقِ الكَلاَمِ لَحْنًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إِمَالَةَ الْكَلَامِ عَنْ جِهَتِهِ الصَّحِيحَةِ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَمِنْ مَعَانِي اللَّحْنِ أَيْضًا: الصَّوْتُ والطَّرَبُ.
يُطْلَقُ مُصْطَلَحُ (اللَّحْنِ) فِي بَابِ جَمْعِ القُرْآنِ وَتَرْتِيبِهِ، وَبَابِ كِتَابَةِ المَصَاحِفِ، وَبَابِ آدَابِ التِّلاَوَةِ.
لَحَنَ
الخَطَأُ عِنْدَ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ سَوَاءً تَغَيَّرَ مَعَهُ المَعْنَى أَمْ لَا.
اللَّحْنُ هُوَ المَيْلُ عَنْ القِرَاءَةِ الصَّحِيحَةِ لِلْقُرْآنِ الكَرِيمِ، سَوَاءً كَانَ جَهْلاً بِقَوَاعِدِ التَّجْوِيدِ أَوْ بِقَصْدِ تَحْسِينِ التِّلاَوَةِ لِمُوَافَقَةِ نَغَمَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاللَّحْنُ نَوْعَانِ: الأَوَّلُ: اللَّحْنُ الخَفِيُّ، وَهُوَ الوَاقِعُ فِي قَوَاعِدِ تَجْوِيدِ اللَّفْظِ دُونَ المَعْنَى، وَلاَ يُدْرِكُهُ إِلَّا أَهْلُ التَّخَصُّصِ. الثَانِي: اللَّحْنُ الجَلِيُّ، وَهُوَ خَلَلٌ وَفَسَادٌ يَدْخُلُ عَلَى اللَّفْظِ فَيُخِلُّ بِقَوَاعِدِ التَّجْوِيدِ وَبِنَاءِ الكَلِمَةِ مَعًا سَواءً تَغَيَّرَ المَّعْنَى أَوْ لَمْ يَتَغَّيَرْ، وَيَكُونُ فِي الحُرُوفِ وَالكَلِمَاتِ وَالحَرَكَاتِ بِزيَادَةِ حَرْفٍ أَوْ كَلِمَةٍ أو إنْقَاصِهَا، أَوْ بِإِبْدَالِ حَرَكَةٍ بِحَرَكَةٍ أو حرفٍ بحرفٍ.
اللَّحْنُ الخَطَأُ وَتَرْكُ الصَّوَابِ، وَأَصْلُ اللَّحْنِ: إِمَالَةُ الشَّيْءِ عَنْ جِهَتِهِ، وَمِنْ مَعَانِي اللَّحْنِ أَيْضًا: الصَّوْتُ وتَحْسِينُ الكَلاَمِ والطَّرَبُ.
الانحراف، والميل عن القراءة الصحيحة. وهو نوعان لحن جلي، ولحن خفي.
* مقاييس اللغة : (239/5)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (241/4)
* مختار الصحاح : (ص280)
* جمال القراء وكمال الإقراء : (326/1)
* التمهيد في علم التجويد : (ص62)
* النشر في القراءات العشر : (211/1)
* مقاييس اللغة : (239/5)
* معجم علوم القرآن : (ص94)
* المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز : (169/1)
* التبيان في آداب حملة القرآن : (ص112) -
التَّعْرِيفُ:
1 - اللَّحْنُ: فِي اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ عِدَّةٍ. يُقَال: لَحِنَ فُلاَنٌ لِفُلاَنٍ لَحْنًا: قَال لَهُ قَوْلاً يَفْهَمُهُ عَنْهُ، وَيَخْفَى عَلَى غَيْرِهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْخَطَأِ فِي الإِْعْرَابِ وَمُخَالَفَةِ الصَّوَابِ فِيهِ، يُقَال: لَحِنَ الْقَارِئُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْمُتَكَلِّمُ فِي كَلاَمِهِ، يَلْحَنُ لَحْنًا: أَخْطَأَ فِي الإِْعْرَابِ، وَخَالَفَ وَجْهَ الصَّوَابِ.
وَيُطْلَقُ عَلَى الْفِطْنَةِ، فَفِي الأَْثَرِ: إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَل بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ (1) . . . أَيْ أَفْطَنَ بِحُجَّتِهِ، قَال ابْنُ حَجَرٍ: الْمُرَادُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَفْطَنَ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي حُجَّتِهِ مِنَ الآْخَرِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الأَْصْوَاتِ الْمَصُوغَةِ الْمَوْضُوعَةِ الَّتِي فِيهَا تَغْرِيدٌ، وَتَطْرِيبٌ، وَجَمْعُهُ أَلْحَانٌ، وَلُحُونٌ، وَيُقَال: لَحْنُ الْقَوْل أَيْ فَحْوَاهُ وَمَعْنَاهُ (2) .
وَفِي اصْطِلاَحِ النَّحْوِيِّينَ هُوَ: الْخَطَأُ فِي إِعْرَابِ الْكَلِمَةِ، أَوْ تَصْحِيحُ الْمُفْرَدِ. وَعِنْدَ الْقُرَّاءِ هُوَ: خَلَلٌ يَطْرَأُ عَلَى اللَّفْظِ فَيُخِل بِالْمَعْنَى (3) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّحْنِ:
تَعَمُّدُ اللَّحْنِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ
2 - الْقُرْآنُ كَلاَمُ اللَّهِ الْمُعْجِزُ الْمُنَزَّل عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ الْمَنْقُول بِالتَّوَاتُرِ، فَيَحْرُمُ تَعَمُّدُ اللَّحْنِ فِيهِ، سَوَاءٌ أَغَيَّرَ الْمَعْنَى أَمْ لَمْ يُغَيِّرْ، لأَِنَّ أَلْفَاظَهُ تَوْقِيفِيَّةٌ نُقِلَتْ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ، فَلاَ يَجُوزُ تَغْيِيرُ لَفْظٍ مِنْهُ بِتَغْيِيرِ الإِْعْرَابِ أَوْ بِتَغْيِيرِ حُرُوفِهِ بِوَضَعِ حَرْفٍ مَكَانَ آخَرَ.
وَلأَِنَّ فِي تَعَمُّدِ اللَّحْنِ عَبَثًا بِكَلاَمِ اللَّهِ، وَاسْتِهْزَاءً بِآيَاتِهِ، وَهُوَ كُفْرٌ بَوَاحٌ (4) ، قَال تَعَالَى: {قُل أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (5) .
قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِجَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالأَْلْحَانِ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الْكَلِمَةُ عَنْ وَضْعِهَا، وَلَمْ يَحْصُل بِاللَّحْنِ تَطْوِيلٌ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْحَرْفُ حَرْفَيْنِ، أَوْ يَصِل بِهِ إِلَى مَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقُرَّاءِ بَل كَانَ لِمُجَرَّدِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ، وَتَزْيِينِ الْقِرَاءَةِ، بَل يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ (6) ، وَفِي أَثَرٍ عَنْ عُمَرَ ﵁: تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَاللَّحْنَ وَالسُّنَنَ كَمَا تَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ (7) .
وَنَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ الْمَاوَرْدِيَّ أَنَّهُ قَال: الْقِرَاءَةُ بِالأَْلْحَانِ الْمَوْضُوعَةِ إِنْ أَخْرَجَتْ لَفْظَ الْقُرْآنِ عَنْ صِيغَتِهِ بِإِدْخَال حَرَكَاتٍ فِيهِ أَوْ إِخْرَاجِ حَرَكَاتٍ مِنْهُ أَوْ قَصْرِ مَمْدُودٍ أَوْ مَدِّ مَقْصُورٍ، أَوْ تَمْطِيطٍ يَخْفَى بِهِ بَعْضُ اللَّفْظِ وَيَلْتَبِسُ الْمَعْنَى فَهُوَ حَرَامٌ يَفْسُقُ بِهِ الْقَارِئُ وَيَأْثَمُ بِهِ الْمُسْتَمِعُ، لأَِنَّهُ عَدَل بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ إِلَى الاِعْوِجَاجِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُول: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} (8) قَال: وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ اللَّحْنُ عَنْ لَفْظِهِ وَقِرَاءَتِهِ عَلَى تَرْتِيلِهِ كَانَ مُبَاحًا، لأَِنَّهُ زَادَ بِأَلْحَانِهِ فِي تَحْسِينِهِ (9) .
وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ عَنِ الشَّاشِيِّ أَنَّهُ نَسَبَ فِي حِلْيَتِهِ إِلَى الشَّافِعِيِّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (10) . وَقَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: إِنْ قَرَأَ بِالأَْلْحَانِ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ إِنْ غَيَّرَ الْكَلِمَةَ وَيَقِفُ فِي مَوْضِعِ الْوَصْل أَوْ فَصَل فِي مَوْضِعِ الْوَقْفِ يُكْرَهُ وَإِلاَّ لاَ يُكْرَهُ (11) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَاتِ: (قِرَاءَةٌ ف 9، غِنَاءٌ ف 11) .
اللَّحْنُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاَةِ
3 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ تَعَمُّدَ اللَّحْنِ فِي الصَّلاَةِ إِنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ يُبْطِل الصَّلاَةَ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ، أَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ اللَّحْنُ لاَ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَرَفْعِ هَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَانَتْ إِمَامَتُهُ مَكْرُوهَةً كَرَاهَةً تَنْزِيهِيَّةً وَصَحَّتْ صَلاَتُهُ وَصَلاَةُ مَنِ اقْتَدَى بِهِ.
وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى كَضَمِّ " تَاءِ " أَنْعَمْتَ، وَكَسْرِهَا، وَكَقَوْلِهِ: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِينَ بَدَل " الْمُسْتَقِيمَ ".
فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ لَهُ التَّعَلُّمُ فَهُوَ مُرْتَكِبٌ لِلْحَرَامِ، وَيَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ بِالتَّعَلُّمِ، فَإِنْ قَصَّرَ، وَضَاقَ الْوَقْتُ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَيَقْضِيَ، وَلاَ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعَلُّمُ لِعَجْزٍ فِي لِسَانِهِ، أَوْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ لَهُ التَّعَلُّمُ فِيهَا فَصَلاَتُهُ صَحِيحَةٌ، وَكَذَا صَلاَةُ مَنْ خَلْفَهُ، هَذَا إِذَا وَقَعَ اللَّحْنُ فِي الْفَاتِحَةِ، وَإِنْ لَحِنَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ كَالسُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ صَحَّتْ صَلاَتُهُ، وَصَلاَةُ كُل أَحَدٍ صَلَّى خَلْفَهُ، لأَِنَّ تَرْكَ السُّورَةِ لاَ يُبْطِل الصَّلاَةَ فَلاَ يَمْنَعُ الاِقْتِدَاءَ بِهِ (12)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَفْسُدُ الصَّلاَةُ بِاللَّحْنِ الَّذِي يُغَيِّرُ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا يَكُونُ اعْتِقَادُهُ كُفْرًا سَوَاءٌ وُجِدَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ أَمْ لاَ، إِلاَّ مَا كَانَ فِي تَبْدِيل الْجُمَل مَفْصُولاً بِوَقْفٍ تَامٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ، وَالْمَعْنَى بَعِيدٌ، وَيَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا فَاحِشًا تَفْسُدُ الصَّلاَةُ بِهِ أَيْضًا، كَـ " هَذَا الْغُبَارِ " بَدَل " هَذَا الْغُرَابِ " وَكَذَا إِنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ، وَلاَ مَعْنَى لَهُ مُطْلَقًا، كَالسَّرَائِل، بَدَل " السَّرَائِرِ ".
وَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُهُ وَكَانَ الْمَعْنَى بَعِيدًا وَلَكِنْ لاَ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا فَاحِشًا تَفْسُدُ الصَّلاَةُ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ تَفْسُدُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُرْآنِ وَلَكِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَعْنَى نَحْوَ: " قَيَّامِينَ " بَدَل: " قَوَّامِينَ " فَالْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ بِالْعَكْسِ: فَالْمُعْتَبَرُ فِي عَدَمِ الْفَسَادِ عِنْدَ عَدَمِ تَغَيُّرِ الْمَعْنَى كَثِيرًا وُجُودُ الْمِثْل فِي الْقُرْآنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَالْمُوَافَقَةُ فِي الْمَعْنَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، فَهَذِهِ قَوَاعِدُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ: كَابْنِ مُقَاتِلٍ، وَابْنِ سَلاَّمٍ، وَإِسْمَاعِيل الزَّاهِدِ، وَأَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيِّ، وَالْهِنْدُوَانِيِّ، وَابْنِ الْفَضْل فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْخَطَأَ فِي الإِْعْرَابِ لاَ يُفْسِدُ الصَّلاَةَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَدَّى اعْتِقَادُهُ كُفْرًا، كَكَسْرِ " وَرَسُولِهِ "، فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} لأَِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُمَيِّزُونَ بَيْنَ وُجُوهِ الإِْعْرَابِ، وَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ بِإِبْدَال حَرْفٍ بِحَرْفٍ: فَإِنْ أَمْكَنَ الْفَصْل بَيْنَهُمَا بِلاَ كُلْفَةٍ كَالصَّادِ مَعَ الطَّاءِ بِأَنْ قَرَأَ الطَّالِحَاتِ، بَدَل " الصَّالِحَاتِ " فَهُوَ مُفْسِدٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِمَشَقَّةٍ كَالظَّاءِ مَعَ الضَّادِ وَالصَّادِ مَعَ السِّينِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى (13) ، وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ اللَّحْنُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاَةِ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي أَصَحِّ الأَْقْوَال عِنْدَهُمْ: لاَ تَبْطُل الصَّلاَةُ بِلَحْنٍ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَوْ بِالْفَاتِحَةِ، وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى، وَأَثِمَ الْمُقْتَدِي بِهِ إِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ، مِمَّنْ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ (14) .
اللَّحْنُ بِمَعْنَى التَّغْرِيدِ وَالتَّطْرِيبِ
4 - اللَّحْنُ بِهَذَا الْمَعْنَى إِنْ كَانَ بِلاَ آلَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي أَلْفَاظِهِ مَا يَحْرُمُ كَوَصْفِ امْرَأَةٍ، أَوْ أَمْرَدَ مُعَيَّنَيْنِ حَيَّيْنِ، وَوَصْفِ الْخَمْرِ الْمُهَيِّجِ إِلَيْهَا وَهِجَاءِ مُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْجُمْلَةِ لِشَغْلِهِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ لَهْوٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ آلَةٍ، وَفُحْشِ الْقَوْل فَهُوَ حَرَامٌ. وَإِنْ كَانَ فِيهِ حِكَمٌ، وَمَوَاعِظُ وَخَلاَ مِنَ الآْلَةِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ قَصَدَ مِنْهُ الاِسْتِشْهَادَ، أَوْ لِيَعْلَمَ فَصَاحَتَهُ، وَبَلاَغَتَهُ، أَوْ أَنْشَدَ فِي خَلْوَةٍ وَحْدَهُ لِيَطْرُدَ عَنْ نَفْسِهِ الْمَلَل، فَلاَ بَأْسَ بِهِ أَيْضًا.
وَالتَّفْصِيل فِي (غِنَاءٌ، شِعْرٌ ف 17، تَشْبِيبٌ ف 2 - 3) .
__________
(1) حديث: " إنكم تختصمون إليَّ. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 339) من حديث أم سلمة.
(2) لسان العرب ومتن اللغة، والكليات مادة (لحن) ، وفتح الباري 12 / 339.
(3) الكليات لأبي البقاء الكفوي 4 / 172.
(4) كشاف القناع 1 / 481.
(5) سورة التوبة / 66.
(6) المحلي وعميرة 4 / 320، وابن عابدين 5 / 272، 1 / 424.
(7) أثر عمر: " تعلموا الفرائض. . . ". أخرجه الدارمي (2 / 341) .
(8) سورة الزمر / 27.
(9) التبيان في آداب حملة القرآن ص146 - 147.
(10) كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع بهامش الزواجر 1 / 70.
(11) الفتاوى الهندية 5 / 317.
(12) المجموع 4 / 268 - 269، والمغني 2 / 297.
(13) حاشية ابن عابدين 1 / 423، وفتح القدير 1 / 281.
(14) الشرح الصغير 1 / 437، مختصر خليل 1 / 78.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 214/ 35
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".