الأول
(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
قراءة الطالب، والشيخ يستمع . وهي إحدى طرق التلقي عن المشايخ القراء، وهذه إحدى الطرق التي كان يستعملها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مع أصحابه
العِرْضُ: الشَّرَفُ والحَسَبُ، يُقال: فُلانٌ كَرِيمُ العِرْضِ، أيْ: كَرِيم الحَسَبِ والشَّرَفِ. ويأْتي العِرْضُ بِمعنى النَّفْسِ، يُقال: أَكْرَمْتُ عنه عِرْضِي، أيْ: صُنْتُ عنه نَفْسِي، وفُلانٌ نَقِيُّ العِرْضِ، أيْ: بَرِيءُ النَّفْسِ مِنْ أن يُشْتَمَ أو يُعابَ، وقِيلَ: العِرْضُ هو كُلُّ ما يُمْدَحُ لأَجْلِهِ الإِنْسانُ أو يُذَمُّ. وجَمْعُه: أَعْراضٌ.
يَرِد مُصْطلَح (عِرْض) في كتاب النِّكاحِ، باب: اللِّعان، وفي كتاب الحُدودِ، باب حَدّ القِصاصِ.
عرض
مَوْضِعُ المَدْحِ والذَّمِ مِن الإِنْسانِ، سَواءً في النَّفْسِ أو الأَهْلِ أو النَّسَبِ.
العِرْضُ: هو كُلُّ ما يُمْدَحُ ويُذَمُّ مِن الإِنْسانِ، سَواءً كان في نَفْسِهِ، كأنْ يُقْذَفَ بِفاحِشَةِ الزِّنا، أو في أَهْلِهِ، كأن يُتَهَّمَ في شَرَفِ زَوْجَتِهِ، أو في نَسَبِهِ، كأن يُطْعَنَ في صِحَّةِ نَسَبِهِ أو يُشْتَمَ آباؤُهُ، والأَصْلُ في كُلِّ إِنْسانٍ حِمايَةُ عِرْضِهِ مِن الاِنْتِقاصِ والعَبَثِ.
العِرْضُ: الشَّرَفُ والحَسَبُ، يُقال: فُلانٌ كَرِيمُ العِرْضِ، أيْ: كَرِيم الحَسَبِ والشَّرَفِ. وقِيلَ: هو كُلُّ ما يُمْدَحُ لأَجْلِهِ الإِنْسانُ أو يُذَمُّ.
إظْهَارُ الأمر، وكشفه، وبيانه.
* تهذيب اللغة : (1/290)
* مقاييس اللغة : (4/272)
* المحكم والمحيط الأعظم : (1/397)
* مختار الصحاح : (ص 205)
* لسان العرب : (7/171)
* تاج العروس : (18/395)
* الكليات : (ص 625)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 266)
* القاموس الفقهي : (ص 248)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 309)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (30/52)
* إعلام الموقعين : (1/304) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعَرْضُ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الثَّانِي - فِي اللُّغَةِ يَأْتِي لِمَعَانٍ مِنْهَا: الإِْظْهَارُ وَالْكَشْفُ، يُقَال: عَرَضْتُ الشَّيْءَ، أَظْهَرْتُهُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} (1) قَال الْفَرَّاءُ فِي مَعْنَى الآْيَةِ: أَبْرَزْنَاهَا حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهَا الْكُفَّارُ وَمِنْهَا الْمَتَاعُ.
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
أ - عَرْضُ الإِْسْلاَمِ عَلَى مَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنَ الزَّوْجَيْنِ:
2 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ: إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ أَوِ الْمَجُوسِيَّيْنِ أَوْ أَسْلَمَ كِتَابِيٌّ تَزَوَّجَ بِوَثَنِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ قَبْل الدُّخُول تَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ حِينِ إِسْلاَمِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا لاَ طَلاَقًا (3) .
وَقَال مَالِكٌ: إِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ عُرِضَ عَلَيْهِ الإِْسْلاَمُ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلاَّ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ تَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةُ (4) .
أَمَّا إِذَا كَانَ إِسْلاَمُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الدُّخُول فَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ الآْخَرُ قَبْل انْقِضَائِهَا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ مُنْذُ اخْتَلَفَ الدِّينَانِ، فَلاَ يُحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ الْعِدَّةِ، وَهَذَا قَوْل الزُّهْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ، وَنَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَال أَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: تَتَعَجَّل الْفُرْقَةُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخَلاَّل وَقَوْل الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (5) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَا فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ عُرِضَ الإِْسْلاَمُ عَلَى الآْخَرِ، فَإِنْ أَبَى وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ حِينَئِذٍ وَإِنْ أَسْلَمَ اسْتَمَرَّتِ الزَّوْجِيَّةُ، وَإِنْ كَانَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَفَ ذَلِكَ عَلَى انْقِضَاءِ ثَلاَثِ حِيَضٍ أَوْ مُضِيِّ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمِ الآْخَرُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ (6) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ: أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ بَقِيَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَلاَ يُتَعَرَّضْ لَهُمَا؛ لأَِنَّ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ صَحِيحٌ بَعْدَ إِسْلاَمِ الرَّجُل فَلأََنْ يَبْقَى أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْكِتَابِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَيْهَا الإِْسْلاَمَ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلاَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ وَالزَّوْجُ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ أَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْكِتَابِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ حَتَّى يُعْرَضَ عَلَيْهِ الإِْسْلاَمُ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلاَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَيَسْتَوِي إِنْ كَانَ دَخَل بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل بِهَا، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ دِهْقَانَةَ الْمَلِكِ أَسْلَمَتْ فَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنْ يُعْرَضَ الإِْسْلاَمُ عَلَى زَوْجِهَا فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلاَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ دِهْقَانًا أَسْلَمَ فِي عَهْدِ عَلِيٍّ ﵁ فَعَرَضَ الإِْسْلاَمَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَأَبَتْ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إِذَا كَانَ الزَّوْجَانِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، أَمَّا إِذَا اخْتَلَفَتِ الدَّارُ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ خِلاَفٌ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اخْتِلاَفُ الدَّارِ ف 5) .
وَإِذَا عُقِدَ نِكَاحُ صَبِيَّيْنِ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ يَعْقِل الإِْسْلاَمَ صَحَّ إِسْلاَمُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ اسْتِحْسَانًا، وَيُعْرَضُ عَلَى الآْخَرِ الإِْسْلاَمُ إِنْ كَانَ يَعْقِل، فَإِنْ أَسْلَمَ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُسْلِمَ: فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ وَالْمَرْأَةُ كِتَابِيَّةٌ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَا بَالِغَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ فَفِي الْقِيَاسِ لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا؛ لأَِنَّ الإِْبَاءَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ مُوجِبًا لِلْفُرْقَةِ مِمَّنْ يَكُونُ مُخَاطَبًا بِالأَْدَاءِ، وَالَّذِي لَمْ يَبْلُغْ وَإِنْ كَانَ عَاقِلاً فَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِذَلِكَ، إِلاَّ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا اسْتِحْسَانًا، إِذِ الأَْصْل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ كُل مَنْ صَحَّ مِنْهُ الإِْسْلاَمُ إِذَا أَتَى بِهِ صَحَّ مِنْهُ الإِْبَاءُ إِذَا عُرِضَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْفُرْقَةِ: الصَّبِيُّ يَسْتَوِي بِالْبَالِغِ كَمَا لَوْ وَجَدَتْهُ امْرَأَتُهُ مَجْنُونًا (7) هَذَا وَيُنْتَظَرُ عَقْل غَيْرِ مُمَيِّزٍ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَلاَ يُنْتَظَرُ لِعَدَمِ نِهَايَتِهِ، بَل يُعْرَضُ الإِْسْلاَمُ عَلَى أَبَوَيْهِ فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ تَبِعَهُ فَيَبْقَى النِّكَاحُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ نَصَّبَ الْقَاضِي عَنْهُ وَصِيًّا فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْفُرْقَةِ (8) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ: إِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا ثَبَتَ نِكَاحُهُمَا إِذَا خَلاَ مِنَ الْمَوَانِعِ، فَإِنْ سَبَقَ الزَّوْجُ إِلَى الإِْسْلاَمِ أُقِرَّ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ، وَيُقَرُّ عَلَى غَيْرِهَا إِذَا أَسْلَمَتْ بِأَثَرِهِ، وَإِنْ سَبَقَتْ هِيَ: فَإِنْ كَانَ قَبْل الدُّخُول وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ ثَبَتَ وَإِلاَّ بَانَتْ (9) .
ب - عَرْضُ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُل الصَّالِحِ.
3 - يَجُوزُ عَرْضُ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُل وَتَعْرِيفُهُ رَغْبَتَهَا فِيهِ، لِصَلاَحِهِ وَفَضْلِهِ أَوْ لِعِلْمِهِ وَشَرَفِهِ أَوْ لِخَصْلَةٍ مِنْ خِصَال الدِّينِ، وَلاَ غَضَاضَةَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ، بَل ذَلِكَ يَدُل عَلَى فَضْلِهَا، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَال: كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ ﵁ وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، قَال أَنَسُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ، أَلَكَ بِي حَاجَةٌ؟ فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ: مَا أَقَل حَيَاءَهَا، وَاسَوْأَتَاهُ (10) قَال: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ ﷺ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا. (11) ج - عَرْضُ الإِْنْسَانِ مَوْلَيَاتِهِ عَلَى أَهْل الْخَيْرِ:
4 - يَجُوزُ عَرْضُ الإِْنْسَانِ بِنْتَهُ وَغَيْرَهَا مِنْ مَوْلَيَاتِهِ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ خَيْرَهُ وَصَلاَحَهُ، لِمَا فِيهِ مِنَ النَّفْعِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَعْرُوضَةِ عَلَيْهِ وَلاَ اسْتِحْيَاءَ فِي ذَلِكَ، وَلاَ بَأْسَ بِعَرْضِهَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا (12) فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ ﵄ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ ﵁ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ - فَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ﵁ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقَال: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي فَقَال: قَدْ بَدَا لِي أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا، قَال عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ﵁ فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ زَوَّجْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يُرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، وَكُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيْهِ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَال: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قَال عُمَرُ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَال أَبُو بَكْرٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ عَلَيَّ إِلاَّ أَنِّي كُنْتُ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُِفْشِيَ سِرَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَلَوْ تَرَكَهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ قَبِلْتُهَا.
(13) وَأَمَّا الْعَرْضُ بِمَعْنَى الْمَتَاعِ.
فَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (عُرُوض)
__________
(1) سورة الكهف / 100.
(2) الصحاح، والقاموس المحيط ودستور العلماء 2 / 316، والكليات لأبي البقاء الكفوي 3 / 226.
(3) المغني 6 / 614 ط الرياض، وروضة الطالبين 7 / 143.
(4) القوانين الفقهية لابن جزي ص201.
(5) المغني لابن قدامة 6 / 616.
(6) المبسوط 5 / 45.
(7) المبسوط للسرخسي 5 / 46 - 47، وابن عابدين 2 / 389.
(8) ابن عابدين 2 / 389.
(9) القوانين الفقهية لابن جزي ص201 نشر الدار العربية للكتاب.
(10) " واسوأتاه " الواو فيه للنداء ولكن هي الواو التي تختص بالندبة والألف فيه للندبة والهاء للسكت نحو وازيداه، والمراد بالسوأة هنا: الفعلة الفاحشة والفضيحة. (عمدة القاري 20 / 113) .
(11) حديث: " جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ تعرض عليه نفسها. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 174) .
(12) (فتح الباري 9 / 178) .
(13) حديث: عبد الله بن عمر: " أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 175 - 176) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 48/ 30
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الْعِرْضِ - بِالْكَسْرِ -: النَّفْسُ وَالْحَسَبُ: يُقَال: نَقِيُّ الْعِرْضِ، أَيْ: بَرِيءٌ مِنَ الْعَيْبِ، وَفُلاَنٌ كَرِيمُ الْعِرْضِ أَيْ: كَرِيمُ الْحَسَبِ، وَيُقَال: عَرَّضَ عِرْضَهُ: إِذَا وَقَعَ فِيهِ وَشَتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ أَوْ سَاوَاهُ فِي الْحَسَبِ (1) . وَجَمْعُ الْعِرْضِ أَعْرَاضٌ، كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا. (2)
وَإِذَا ذُكِرَ مَعَ النَّفْسِ أَوِ الدَّمِ وَالْمَال فَالْمُرَادُ بِهِ الْحَسَبُ فَقَطْ، كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ: كُل الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ (3) . وَهَذَا الْمَعْنَى الأَْخِيرُ: الْحَسَبُ هُوَ الْغَالِبُ فِي اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِكَلِمَةِ عِرْضٍ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْحَسَبُ:
2 - الْحَسَبُ هُوَ: الْكَرَمُ وَالشَّرَفُ الثَّابِتُ فِي الآْبَاءِ، وَقِيل: هُوَ الْفِعَال الصَّالِحَةُ مِثْل الشَّجَاعَةِ، وَالْجُودِ، وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَالْوَفَاءِ، وَقَال الأَْزْهَرِيُّ: الْحَسَبُ هُوَ الشَّرَفُ الثَّابِتُ لِلشَّخْصِ وَلآِبَائِهِ. (4)
وَيَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ غَالِبًا الْحَسَبَ بِالْمَعْنَى الأَْوَّل، أَيْ: مَآثِرِ الآْبَاءِ وَالأَْجْدَادِ وَشَرَفِ النَّسَبِ (5) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - كَفَلَتِ الشَّرِيعَةُ الإِْسْلاَمِيَّةُ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الأَْنْفُسِ وَالأَْعْرَاضِ وَالأَْمْوَال، وَشَرَعَتْ لِذَلِكَ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ، وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ وَالْعِرْضِ وَالْمَال فِي حَالَةِ الصِّيَال، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (6) ، وَقَوْلُهُ ﷺ: مَنْ قُتِل دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِل دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِل دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِل دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ (7) وَلَيْسَ عَلَى الْمَصُول عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا يُتْلِفُ مِنَ النَّفْسِ أَوِ الْمَال فِي حَالَةِ الدِّفَاعِ، إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ وَسِيلَةٌ أُخْرَى أَخَفُّ مِنْ ذَلِكَ (8)
4 - وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الدِّفَاعَ عَنِ الْعِرْضِ بِمَعْنَى الْبُضْعِ وَاجِبٌ، فَيَأْثَمُ الإِْنْسَانُ بِتَرْكِهِ، قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ:؛ لأَِنَّهُ لاَ سَبِيل إِلَى إِبَاحَتِهِ، وَسَوَاءٌ بُضْعُ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَمِثْل الْبُضْعِ مُقَدِّمَاتُهُ (9) .
وَقَال الْفُقَهَاءُ: مَنْ وَجَدَ رَجُلاً يَزْنِي بِامْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ فَلاَ قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلاَ دِيَةَ، لِقَوْل عُمَرَ لِمَنْ وَجَدَ رَجُلاً بَيْنَ فَخِذَيِ امْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ: إِنْ عَادُوا فَعُدْ (10) .
5 - وَاخْتَلَفُوا فِي الدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ وَالْمَال، فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِوُجُوبِ الدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ، وَجَوَازِهِ عَنِ الْمَال. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ فِي الصُّورَتَيْنِ (11) .
وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (صِيَال ف 5، 12) .
__________
(1) المصباح المنير ولسان العرب.
(2) حديث: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 158) من حديث أبي بكرة.
(3) حديث: " كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. . . ". أخرجه مسلم (4 / 1986) من حديث أبي هريرة.
(4) لسان العرب، والمصباح المنير.
(5) المصباح المنير، والموسوعة الفقهية 17 / 222.
(6) سورة البقرة / 194.
(7) حديث: " من قتل دون ماله فهو شهيد ". أخرجه الترمذي (4 / 30) من حديث سعيد بن زيد وقال: " حديث حسن صحيح ".
(8) الهداية مع تكملة فتح القدير 8 / 268، 269، وحاشية الدسوقي مع الشرح الكبير 4 / 357، ومغني المحتاج 4 / 194، 195، والمغني لابن قدامة 8 / 331، 332.
(9) مجمع الضمانات ص203، والدسوقي مع الشرح الكبير للدردير 4 / 357، ومغني المحتاج 4 / 194، 195، والمغني لابن قدامة 8 / 331، 332.
(10) المغني لابن قدامة 8 / 332.
(11) فتح القدير مع الهداية 8 / 268، 269، والدسوقي مع الشرح الكبير 4 / 357، ومغني المحتاج 4 / 194، 195، والمغني لابن قدامة 8 / 332، 333.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 51/ 30
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".