الشافي
كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...
ما بلغ سنة من الغنم، وسنتين من البقر، وأربع سنين من الإبل . وشاهده ما روي عن عقبة بن عامر، قال : "ضحينا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - بالجذع من الضأن " صحيح ابن حبان : 5904.
ما بلغ سنة من الغنم، وسنتين من البقر، وأربع سنين من الإبل.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَذَعُ بِفَتْحَتَيْنِ: هُوَ مِنْ بَهِيمَةِ الأَْنْعَامِ مَا قَبْل الثَّنِيِّ. قَال فِي الْقَامُوسِ: الْجَذَعُ اسْمٌ لَهُ فِي زَمَنٍ وَلَيْسَ بِسِنٍّ تَنْبُتُ أَوْ تَسْقُطُ، وَالْجَمْعُ جُذْعَانٌ وَجِذَاعٌ، وَالأُْنْثَى جَذَعَةٌ، وَالْجَمْعُ جَذَعَاتٌ. وَأَجْذَعَ وَلَدُ الشَّاةِ أَيْ صَارَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَجْذَعَ وَلَدُ الْبَقَرَةِ وَذِي الْحَافِرِ صَارَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، وَأَجْذَعَ وَلَدُ النَّاقَةِ أَيْ صَارَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ.
وَالْجَذْعَمَةُ: بِمَعْنَى الصَّغِيرِ، وَمِنْهُ قَوْل عَلِيٍّ ﵁: " أَسْلَمَ وَاللَّهِ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا جَذْعَمَةٌ وَأَصْلُهُ جَذَعَةٌ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ (1) .
وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَاخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي الْجَذَعِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
أ - الْجَذَعُ مِنَ الإِْبِل:
2 - الْجَذَعُ مِنَ الإِْبِل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ هُوَ مَا أَكْمَل أَرْبَعَ سِنِينَ، وَدَخَل فِي الْخَامِسَةِ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ مَا كَانَ ابْنَ خَمْسِ سِنِينَ وَطَعَنَ فِي السَّادِسَةِ (2) .
ب - الْجَذَعُ مِنَ الْبَقَرِ:
3 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الْبَقَرِ هُوَ مَا اسْتَكْمَل سَنَةً وَطَعَنَ فِي الثَّانِيَةِ.
وَفِي قَوْلٍ لِلْمَالِكِيَّةِ: الْجَذَعُ مَا كَانَ لَهُ سَنَتَانِ.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الْبَقَرِ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (3) .
ج - الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعِزِ:
4 - اخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي الْمُرَادِ بِالْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ، فَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فَسَّرَهُ بِأَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَفِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ: الْجَذَعُ مَا أَتَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْحَوْل، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الأَْكْثَرِ:
فَفِي الْمُحِيطِ: مَا دَخَل فِي الشَّهْرِ الثَّامِنِ.
وَفِي الْخِزَانَةِ: مَا أَتَى عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَشَيْءٌ. وَذَكَرَ الزَّعْفَرَانِيُّ: أَنَّهُ ابْنُ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ ثَمَانِيَةٌ، أَوْ تِسْعَةٌ، وَمَا دُونَهُ حَمَلٌ (4) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعِزِ هُوَ ابْنُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَقِيل ثَمَانِيَةٌ، وَقِيل عَشْرَةٌ (5) .
وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ وَجْهٌ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْجَذَعَ مَا دَخَل فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ آخَرَانِ:
الْوَجْهُ الأَْوَّل: الْجَذَعَةُ مَا لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِذَا بَلَغَ الضَّأْنُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَهُوَ مِنْ شَابَّيْنِ فَهُوَ جَذَعٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ هَرِمَيْنِ فَلاَ يُسَمَّى جَذَعًا حَتَّى يَبْلُغَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ (6) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَدَخَل فِي السَّابِعَةِ، وَقَال وَكِيعٌ: الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ يَكُونُ ابْنَ سَبْعَةِ أَوْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (7) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الثَّنِيُّ:
5 - الثَّنِيُّ فِي اللُّغَةِ الَّذِي يُلْقِي ثَنِيَّتَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الظِّلْفِ (الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ) وَالْحَافِرِ (الْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِيرِ) فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، وَفِي الْخُفِّ (الإِْبِل) فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ (8) . وَأَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهِ (9) تَبَعًا لاِخْتِلاَفِ أَنْوَاعِ الأَْنْعَامِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (ثَنِيٌّ) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
6 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُجْزِئُ فِي الأُْضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ إِلاَّ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ اللَّيْثُ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ.
وَقَال ابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ: لاَ يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ، فَلاَ يُجْزِئُ مِنْهُ كَالْحَمَل.
وَقَال عَطَاءٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ: يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ جَمِيعِ الأَْجْنَاسِ إِلاَّ الْمَعِزَ.
وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنَ الْمَعِزِ وَهُوَ شَاذٌّ (10) .
7 - وَأَمَّا فِي الزَّكَاةِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنَ الإِْبِل الْجَذَعَةُ فِي إِحْدَى وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَمِنَ الْبَقَرِ الْجَذَعُ أَوِ الْجَذَعَةُ فِي ثَلاَثِينَ إِلَى تِسْعٍ وَثَلاَثِينَ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْغَنَمِ. فَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَلاَ يُجْزِئُ مِنَ الْمَعْزِ إِلاَّ الثَّنِيُّ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُجْزِئُ الْجَذَعُ فِي زَكَاةِ الشِّيَاهِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُجْزِئُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنَ الضَّأْنِ أَمْ مِنَ الْمَعْزِ (11) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ: (الزَّكَاةُ، وَالأُْضْحِيَّةُ، وَالْهَدْيُ) .
__________
(1) مختار الصحاح مادة: (جذع) .
(2) ابن عابدين 5 / 204، والاختيار لتعليل المختار 1 / 106، والقوانين الفقهية / 193، وروضة الطالبين 2 / 152، وكشاف القناع 2 / 185، والمغني 8 / 623.
(3) ابن عابدين 5 / 204، والاختيار لتعليل المختار 1 / 107، والقوانين الفقهية / 193، وروضة الطالبين 2 / 152، والمغني 8 / 623، وكشاف القناع 2 / 185.
(4) ابن عابدين 5 / 204 ط دار إحياء التراث العربي، والاختيار 1 / 108 ط دار المعرفة.
(5) القوانين الفقهية / 193.
(6) روضة الطالبين 2 / 153.
(7) المغني 8 / 623.
(8) مختار الصحاح مادة: (ثني) .
(9) ابن عابدين 5 / 204، 2 / 19، والاختيار لتعليل المختار 1 / 108، والقوانين الفقهية / 193، وروضة الطالبين 3 / 152، 2 / 193، والمغني 8 / 623 ط مكتبة الرياض الحدثية، وكشاف القناع 2 / 185.
(10) ابن عابدين 5 / 204، والاختيار 1 / 172، 173، والقوانين الفقهية / 193، وروضة الطالبين 2 / 153، 154، 3 / 183، والمغني 3 / 552، 553.
(11) الاختيار لتعليل المختار 1 / 108، ومواهب الجليل 2 / 262، والقوانين الفقهية / 112، 113، وروضة الطالبين 2 / 151، 152، 153، والمغني 2 / 575، 578، 605.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 133/ 15
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".