البارئ
(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...
محاولة العودة بالشيء إلى ما كان عليه يوم نشأ، وظهر، بحيث يبدو مع قِدمه كأنه جديد . وذلك بتقوية ما وَهَى منه، وترميم ما بلي، ورَتْقِ ما انفتق، حتى يعود أقربَ ما يكون إلى صورته الأولى .
تَحْدِيثُ الشَّيْءِ، تَقولُ: جَدَّدَ البَيْتَ إذَا صَيَّرَهُ جَدِيدًا حَدِيثًا، وَضِدُّ التَّجْدِيدِ: التَّعْتِيقُ، وَالجَدِيدُ خِلاَفُ القَدِيمِ، وَيَأْتِي التَّجْديدُ بِمَعْنَى: الإِعَادَةِ وَالتَّكْرارِ، كَقَوْلِ: جَدَّدَ العَهْدَ أَيْ أَعَادَهُ، وَمِنْ مَعانِي التَّجْدِيدِ أَيْضًا: الاسْتِئْنافُ والتَّمْدِيدُ.
يُطْلَقُ مُصْطَلَحُ (التَّجْديدِ) أَيضًا فِي كِتَابِ النِّكاحِ فِي بَابِ عَقْدِ النِّكاحِ. وَيُطْلَقُ أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ بِمَعْنَى: (إِبْدالُ شَيْءٍ قَدِيمٍ بِآخَرَ حَديثٍ) وَذَلِكَ: فِي بَابِ صِفَةِ الوُضوءِ عِنْدَ الكَلاَمِ عَنْ مَسْحِ الأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ جَديدٍ، وَبَابِ المَسْح عَلى الجَبِيرَةِ، وَكِتَابِ الوَقْفِ فِي بَابِ اسْتِبْدالِ الوَقفِ. وَيُسْتَعْمَلُ فِي كُتُبِ العَقيدَةِ وَيُرادُ بِه: (إحْياءُ مَعالِمِ الدِّينِ الإسْلامِيِّ وإعادَتِهِ إلى ما كان عليه في عَهْدِ السَّلَفِ الأولِ، مِن خلالِ تَعلِيمِ النّاس السُّنَنَ وتَحذِيرِهِم مِن البِدَعِ).
جدد
محاولة العودة بالشيء إلى ما كان عليه يوم نشأ؛ ليبدو مع قِدمه كأنه جديد. ومن ذلك تقوية ما وَهَى منه، وترميم ما بلي، ورَتْقِ ما انفتق.
* الـمغني لابن قدامة : 143/1 - شرح مختصر خليل للخرشي : 75/1 - الصحاح : 454/2 - المحكم والمحيط الأعظم : 184/7 - الصحاح : 454/2 - مغني الـمحتاج فـي شرح الـمنهاج : 74/1 - الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) : 81/1 -
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّجْدِيدُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ: جَدَّدَ، وَالْجَدِيدُ: خِلاَفُ الْقَدِيمِ. وَمِنْهُ: جَدَّدَ وُضُوءَهُ، أَوْ عَهْدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ: أَيْ صَيَّرَهُ جَدِيدًا. (1) وَالاِصْطِلاَحُ الشَّرْعِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّجْدِيدِ بِاخْتِلاَفِ مَوْضِعِهِ:
فَتَجْدِيدُ الْوُضُوءِ سُنَّةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، أَوْ مُسْتَحَبٌّ عَلَى اخْتِلاَفِ اصْطِلاَحَاتِهِمْ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ: أَصَحُّهُمَا تُوَافِقُ الْجُمْهُورَ، وَالأُْخْرَى أَنَّهُ لاَ فَضْل فِيهِ. (2)
وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ لِلاِسْتِحْبَابِ: أَنْ يُصَلِّيَ بِالأَْوَّل صَلاَةً وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُصَل بِهِ صَلاَةً فَلاَ يُسَنُّ التَّجْدِيدُ، فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَل لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ. (3) وَيَشْتَرِطُ الأَْحْنَافُ أَنْ يَفْصِل بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ بِمَجْلِسٍ أَوْ صَلاَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَفْصِل بِذَلِكَ كُرِهَ، وَنُقِل عَنْ بَعْضِهِمْ مَشْرُوعِيَّةُ التَّجْدِيدِ، وَإِنْ لَمْ يَفْصِل بِصَلاَةٍ أَوْ مَجْلِسٍ. (4)
وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ لاِسْتِحْبَابِ التَّجْدِيدِ أَنْ يَفْعَل بِالأَْوَّل عِبَادَةً: كَالطَّوَافِ أَوِ الصَّلاَةِ، (5)
وَدَلِيل مَشْرُوعِيَّتِهِ حَدِيثُ: مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ (6)
وَقَدْ كَانَ الْخُلَفَاءُ يَتَوَضَّئُونَ لِكُل صَلاَةٍ، وَكَانَ عَلِيٌّ ﵁ يَفْعَلُهُ وَيَتْلُو قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ. . .} (7) الآْيَةَ وَلأَِنَّهُ كَانَ يَجِبُ الْوُضُوءُ فِي أَوَّل الإِْسْلاَمِ لِكُل صَلاَةٍ فَنُسِخَ وُجُوبُهُ، وَبَقِيَ أَصْل الطَّلَبِ (8) ر: مُصْطَلَحَ (وُضُوءٌ) .
تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِمَسْحِ الأُْذُنَيْنِ:
3 - ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ تَجْدِيدَ الْمَاءِ لِمَسْحِ الأُْذُنَيْنِ سُنَّةٌ، وَلاَ تَحْصُل السُّنَّةُ إِلاَّ بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. (9) وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ السُّنَّةَ هِيَ: مَسْحُهُمَا بِمَاءِ الرَّأْسِ فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ. (10) .
تَجْدِيدُ الْعِصَابَةِ وَالْحَشْوِ لِلاِسْتِحَاضَةِ:
4 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ تَجْدِيدُ الْعِصَابَةِ وَالْحَشْوِ عِنْدَ كُل صَلاَةٍ، قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ، وَقِيل: لاَ تَجِبُ عَلَيْهَا، لأَِنَّهُ لاَ مَعْنَى لإِِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِهَا، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَظْهَرِ الدَّمُ عَلَى جَوَانِبِ الْعِصَابَةِ، وَلَمْ تَزُل الْعِصَابَةُ عَنْ مَحَلِّهَا، أَمَّا إِذَا ظَهَرَ الدَّمُ عَلَى جَوَانِبِ الْعِصَابَةِ أَوْ زَالَتْ عَنْ مَحَلِّهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّجْدِيدُ قَوْلاً وَاحِدًا عِنْدَهُمْ. (11)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ يَلْزَمُهَا إِعَادَةُ شَدِّ الْعِصَابَةِ وَغَسْل الدَّمِ لِكُل صَلاَةٍ، إِذَا لَمْ تُفَرِّطْ فِي الشَّدِّ.
وَصَرَّحَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِاسْتِحْبَابِ الْحَشْوِ أَوِ الْعِصَابَةِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَصْحَابِ الأَْعْذَارِ تَقْلِيلاً لِلنَّجَاسَةِ، وَلَمْ يَنُصُّوا عَلَى مَسْأَلَةِ التَّجْدِيدِ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ وُجُوبِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ أَصْل الْعِصَابَةِ.
وَلَمْ نَجِدْ لِلْمَالِكِيَّةِ تَصْرِيحًا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (12) تَجْدِيدُ نِكَاحِ الْمُرْتَدَّةِ:
5 - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا ارْتَدَّتْ، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَى الإِْسْلاَمِ بَعْدَ الاِسْتِتَابَةِ تُقْتَل، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ تُقْتَل، بَل تُحْبَسُ إِلَى أَنْ تَمُوتَ.
وَذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا ارْتَدَّتِ الْمَرْأَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ، تُجْبَرُ عَلَى الإِْسْلاَمِ وَتَجْدِيدِ النِّكَاحِ مَعَ زَوْجِهَا، وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا، إِذَا رَغِبَ زَوْجُهَا فِي ذَلِكَ، وَلاَ يَجُوزُ لَهَا إِذَا رَجَعَتْ إِلَى الإِْسْلاَمِ أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ، وَلِكُل قَاضٍ أَنْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ بِمَهْرٍ يَسِيرٍ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (رِدَّةٌ) .
وَإِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَنِ الإِْسْلاَمِ بَعْدَ الدُّخُول انْفَسَخَ النِّكَاحُ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، فَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إِلَى الإِْسْلاَمِ، وَكَانَتِ الْعِدَّةُ قَائِمَةً وَجَبَ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إِلَى الإِْسْلاَمِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ الأَْوَّل. وَإِنْ لَمْ يَعُدِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ، وَتَبْدَأُ الْعِدَّةُ مُنْذُ الرِّدَّةِ. (13) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (رِدَّةٌ) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح مادة: " جدد ".
(2) المغني لابن قدامة 1 / 143.
(3) مغني المحتاج 1 / 74.
(4) حاشية ابن عابدين 1 / 81. .
(5) مواهب الجليل 1 / 302.
(6) القرطبي 6 / 81 وحديث: " من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات " أخرجه الترمذي (1 / 87 - ط الحلبي) وقال: وهو إسناد ضعيف.
(7) سورة المائدة / 6.
(8) مغني المحتاج 1 / 74.
(9) مغني المحتاج 1 / 60، والإنصاف 1 / 135، ومواهب الجليل 1 / 248.
(10) حاشية ابن عابدين 1 / 82 - 83.
(11) مغني المحتاج 1 / 112.
(12) الإنصاف 1 / 377، والطحطاوي على مراقي الفلاح 80 ط دار الإيمان دمشق.
(13) البحر الرائق شرح كنز الدقائق 3 / 230، وحاشية ابن عابدين 2 / 392، والمغني مع الشرح الكبير 7 / 565 - 566.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 155/ 10
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".