السبوح
كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...
اليَأْسُ: القُنُوطُ، يُقال: يَئِسَ فُلانٌ، وأَيِسَ، يَيْأَسُ، يَأْساً وإِياساً: إذا قَنِطَ وانْقَطَعَ رَجاؤُهُ. وأَصْلُه: انْقِطاعُ الرَّجاءِ. وضِدُّه: الرَّجاءُ والطَّمَعُ. ويأْتي بِمعنى قَطْعِ الأَمَلِ، تقول: يَئِسَ مِن النَّجاةِ: إذا انْقَطَعَ أَمَلُهُ منها وانْتَفَى طَمَعُهُ فيها. ويُسْتَعْمَلُ أيضاً بِمعنى السِّنِّ التي يَنْقَطِع فيها الحَيْضُ عن المَرْأَةِ، فهي يائِسٌ، وآيِسٌ.
يَرِد مُصْطلَح (يَأْس) في الفقه في كِتابِ النِّكاحِ، باب: عِدَّة الطَّلاقِ، وفي كتابِ المَوارِيثِ، باب: مِيراث الحامِل. ويُطلَق في كتاب الطَّهارَةِ، باب: التَّيَّمُّم، وكتاب الجنائِزِ، باب: احْتِضار المَرِيضِ، وكتاب البُيُوعِ، باب: شُرُوط البَيْعِ، عند الكَلامِ عن الأَخْرَسِ واليَأْسِ مِن كَلامِهِ، وفي أَبْواب: الصُّلْح، والوَصِيَّة، والضَّمان، والغَصْب، ونحْوها، وفي كتاب النِّكاحِ، باب: المَفْقُود زَوْجُها، وكتاب الـجِهادِ، باب: شُرُوط الجِهادِ، عند الكَلامِ عن اليَأْسِ مِنْ إسْلامِ العَدُّوّ، وكتاب الأَيْمانِ، باب: كَفَارَة اليَمِينِ، ويُراد به: انْقِطاعُ الأَمَلِ في حُصُولِ المَطْلُوبِ.
يأس
* لسان العرب : 6/259 - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : 2/683 - مختار الصحاح : ص 348 - الفروق اللغوية للعسكري : (ص 245)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (7/196)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 189)
* أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء : (ص 14)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 346)
* التعريفات الفقهية : (ص 244) -
التَّعْرِيفُ:
1 ـ الْيَأْسُ وِزَانُ فَلْسٍ، لُغَةً: مَصْدَرُ يَئِسَ يَيْأَسُ مِنْ بَابِ تَعِبَ، فَهُوَ يَائِسٌ بِمَعْنَى الْقُنُوطِ ضِدَّ الرَّجَاءِ، أَوْ قَطْعِ الأَْمَل.
وَالْيَأْسُ يُطْلَقُ عَلَى سِنِّ الْيَأْسِ وَهُوَ السِّنُّ الَّتِي يَنْقَطِعُ فِيهَا الْحَيْضُ عَنِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا عَقِمَتْ فَهِيَ يَائِسَةٌ وَيَئِسَةٌ. (1)
وَيَأْتِي يَئِسَ بِمَعْنَى عَلِمَ فِي لُغَةِ النَّخَعِ. (2) وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا (3) } .
وَالْيَأْسُ اصْطِلاَحًا هُوَ انْقِطَاعُ الرَّجَاءِ. (4) الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْيَأْسِ
أـ حُكْمُ الْيَأْسِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى:
2 ـ الْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَالْقُنُوطُ مِنْ فَرْجِهِ تَعَالَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَمِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (5) } .
وَلِلتَّفْصِيل يَنْظُرُ (إِيَاس ف 13) .
ب ـ الْيَأْسُ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ 3 ـ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْيَأْسَ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ التَّيَمُّمِ.
وَانْظُرْ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَيَمُّم ف 14 - 20) .
ج ـ تَوْبَةُ الْيَائِسِ:
4 ـ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَبُول تَوْبَةِ الْيَائِسِ الَّذِي يُشَاهِدُ دَلاَئِل الْمَوْتِ وَقَطَعَ الأَْمَل مِنْ الْحَيَاةِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ " الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ) فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهَا لاَ تُقْبَل لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَال إِنِّي تُبْتُ الآْنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (6) } .
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ تُقْبَل مَا لَمْ يُغَرْغِرْ - أَيْ تَبْلُغُ رُوحُهُ الْحُلْقُومَ - لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَل تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ (7) .
قَال ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِ اللَّطَائِفِ: فَمَنْ تَابَ قَبْل أَنْ يُغَرْغِرَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ؛ لأَِنَّ الرُّوحَ تُفَارِقُ الْقَلْبَ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ فَلاَ يَبْقَى لَهُ نِيَّةٌ وَلاَ قَصْدٌ.
وَلَهُمْ قَوْلٌ ثَانٍ: تُقْبَل التَّوْبَةُ مَا لَمْ يُعَايِنْ الْمَلَكَ، وَهُوَ قَوْل الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَقَدْ خَرَّجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي مُوسَى قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ: مَتَى تَنْقَطِعُ مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ مِنَ النَّاسِ؟ قَال: إِذَا عَايَنَ (8) يَعْنِي الْمَلَكَ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ قَال: " لاَ يَزَال الْعَبْدُ فِي مُهْلَةٍ مِنَ التَّوْبَةِ مَا لَمْ يَأْتِهِ مَلَكُ الْمَوْتِ يَقْبِضُ رُوحَهُ، فَإِذَا نَزَل مَلَكُ الْمَوْتِ فَلاَ تَوْبَةَ حِينَئِذٍ "، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: " التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ مَا لَمْ يَنْزِل سُلْطَانُ الْمَوْتِ "، وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَال: " إِذَا عَايَنَ الْمَيِّتُ الْمَلَكَ ذَهَبَتِ الْمَعْرِفَةُ " (9) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُخْتَارِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ الْعَاصِيَ تُقْبَل تَوْبَتُهُ وَلَوْ فِي حَال الْغَرْغَرَةِ بِخِلاَفِ إِيمَانِ الْيَائِسِ فَإِنَّهُ لاَ يُقْبَل لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَل التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (10) } .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ آخَرَ: تُقْبَل تَوْبَتُهُ مَا دَامَ مُكَلَّفًا، قَال الْمِرْدَاوِيُّ: وَهُوَ قَوِيٌّ، وَالصَّوَابُ قَبُولُهَا مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا وَإِلاَّ فَلاَ. (11)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَوْبَة ف 11) .
د ـ سِنُّ الْيَأْسِ:
5 ـ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ سِنِّ الْيَأْسِ الَّتِي تُصْبِحُ فِيهِ الْمَرْأَةُ يَائِسَةً مِنَ الْحَيْضِ: فَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَحْدِيدَ لِهَذَا السِّنِّ الَّتِي لاَ تَحِيضُ فِيهِ الْمَرْأَةُ.
وَقَال بَعْضُهُمْ لِلْمَرْأَةِ سِنٌّ مُحَدَّدَةٌ لاَ تَحِيضُ بَعْدَهُ إِذَا بَلَغَتْهُ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِيَاس ف 6) .
هـ - عِدَّةُ الْيَائِسَةِ:
6 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ عِدَّةَ الْيَائِسَةِ مِنَ الْحَيْضِ لِكِبَرِهَا فِي السِّنِّ، وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَرَ الْحَيْضَ وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِلْوَطْءِ، ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (عِدَّة ف 17) .
__________
(1) القاموس المحيط، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط.
(2) النخع ـ بفتحتين ـ قبيلة من مذْحِج، ومنهم إبراهيم النخعي، (المصباح المنير) .
(3) سورة الرعد / 31.
(4) قواعد الفقه للبركتي، والمغرب للمطرزي، وحاشية ابن عابدين 1 / 201، 3 / 289.
(5) سورة يوسف / 87.
(6) سورة النساء / 18.
(7) حديث: " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " أخرجه الترمذي (5 / 547) وقال: حديث حسن غريب.
(8) حديث: أبي موسى: " سألت النبي ﷺ: متى تنقطع معرفة العبد من الناس. . . " أخرجه ابن ماجه (1 / 467) وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 260) : هذا إسناد ضعيف، نصر بن حماد كذبه ابن معين وغيره، واتهم بالوضع.
(9) ذكر ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف (ص 573 ـ ط دار ابن كثير) أثر علي وابن عمر وأبي موسى، وعزاها إلى كتاب الموت لابن أبي الدنيا ولم يحكم عليها.
(10) سورة الشورى / 25.
(11) انظر حاشية ابن عابدين 1 / 571، والفواكه الدواني 1 / 90، والدسوقي 1 / 407، وأسنى المطالب 4 / 356، والمغني لابن قدامة 9 / 200، والآداب الشرعية 1 / 128، وتصحيح الفروع 4 / 657 ـ 658، وكشاف القناع 4 / 336.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 251/ 45
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".