الكريم
كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...
الوَلَدُ: الـمَوْلُودُ، سَواءً كان ذَكَراً أو أُنْثَى، يُقال: وَلَدَتِ الأُنْثَى، تَلِدُ، وِلادَةً، أيْ: وَضَعَتْ مَوْلُوداً. وأَصْلُ الكلِمَة مِنَ التَّوَلُّدِ، وهو: نَشْأَةُ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ، يُقال: تَوَلَّدَ الشَّيْءُ عَن الشَّيْءِ، أيْ: نَشَأَ وصَدَرَ عَنْهُ، ومِنْهُ: تَوَلُّدُ الدُّودِ مِن الفاكِهَةِ إذا نَشَأَ مِنْها. والوِلادَةُ: وَضْعُ الأُنْثَى وَلَدَها. ويأْتي الوَلَدُ بِمعنى الصَّبِيِّ والفَرْعِ. ويُطْلَقُ أيضاً على الـحَمْلِ ومَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالوِلادَةِ، كَقَوْلِهم: شاةٌ والِدٌ، أيْ: حامِلٌ. وجَمْعُه: أَولادٌ، ووِلْدانٌ.
يَرِد مُصْطلَح (وَلَد) في مَواطِنَ كَثِيرَةٍ من الفقه، منها: كتابُ الصَّلاَةِ، باب: شُرُوط الإِمامَةِ، وكتاب الزَّكاةِ، باب: زَكاة الفِطْرِ، وكتاب النِّكاحِ، باب: الرّضاع، وباب: النَّفَقات، وباب: الـحَضانَة، وفي كتاب الوَصِيَّة، باب: شُرُوط الوَصِيَّةِ، وكتاب الوَقْفِ، باب: شُرُوط الوَقْفِ، وكتاب الـهِبَةِ، وكتاب الـمَوارِيثِ، باب: مِيراث الأولادِ، وكتاب الـجِنايات، باب: شُرُوط القِصاصِ، وغَيْر ذلك. وقد يُطْلَقُ ويُرادُ بِهِ: الإِنْسانُ مِن زَمَنِ الوِلادَةِ إلى مَرْحَلَةِ البُلُوغِ، سَواءً كان ذَكَراً أو أُنْثَى. ويُطْلَقُ أيضاً في كتاب الوَصِيَّةِ وغَيْرِها، ويُراد بِهِ: كُلُّ ابْنٍ لِلشَّخْصِ وإن نَزَلَ، كَابْنِ الابْنِ، وابْنِ البِنْتِ، ونحْوِهِما.
ولد
الابْنُ والبنتُ، سَواءً كان ذَكَراً أو أُنْثَى، صَغِيراً كان أو كَبِيراً.
الوَلَدُ: اسْمٌ للذي وُلِدَ مِن الإِنْسانِ أو الحَيَوانِ، ويَشْمَلُ الذَّكَرَ والأُنْثَى، والصَّغِيرَ والكَبِيرَ، حَيّاً كان أم مَيِّتاً. ويُقَسِّمُ الفُقَهاءُ الوَلَدَ إلى: 1- وَلَد مِن النَّسَبِ، وهو: الوَلَدُ الذي سَبَبُهُ الوِلاَدَةُ، وهو الوَلَدُ الـحَقِيقِيّ. 2- وَلَد مِن الرَّضاعِ، وهو: الوَلَدُ الذي رَضَعَ مِن امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ رَضاعاً تامّاً. وهناك تَقْسِيمات أُخْرَى لِلْوَلَدِ، كَوَلَدِ الزِّنا، ووَلَدِ اللِّعانِ، وغَيْرِهِما.
الوَلَدُ: الـمَوْلُودُ، سَواء كان ذَكَراً أو أُنْثَى، يُقال: وَلَدَتِ الأُنْثَى، تَلِدُ، وِلادَةً، أيْ: وَضَعَتْ مَوْلُوداً. وأَصْلُ الكلِمَة مِنَ التَّوَلُّدِ، وهو: نَشْأَةُ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ، ويأْتي الوَلَدُ بِمعنى الصَّبِيِّ والفَرْعِ.
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 347)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (4/123)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (7/318)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (6/24)
* العين : (8/71)
* مقاييس اللغة : (6/143)
* تهذيب اللغة : (14/125)
* المحكم والمحيط الأعظم : (9/429)
* مختار الصحاح : (ص 345)
* لسان العرب : (3/467)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 510)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/671)
* التعريفات الفقهية : (ص 239) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْوَلَدُ فِي اللُّغَةِ: بِفَتْحَتَيْنِ: الْمَوْلُودُ. يُقَال لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالأُْنْثَى، وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى أَوْلاَدٍ وَوِلْدَةٍ وَإِلْدَةٍ وَؤُلْدٍ. (1)
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِبْنُ:
2 - عَرَّفَ الْجُرْجَانِيُّ الاِبْنَ بِأَنَّهُ: حَيَوَانٌ ذَكَرٌ يَتَوَلَّدُ مِنْ نُطْفَةِ شَخْصٍ آخَرَ مِنْ نَوْعِهِ.
وَقَال الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ: وَسُمِّيَ ابْنًا لِكَوْنِهِ بِنَاءً لِلأَْبِ، فَإِنَّ الأَْبَ هُوَ الَّذِي بَنَاهُ وَجَعَلَهُ اللَّهُ بَنَّاءَ فِي إِيجَادِهِ، وَيُقَال لِكُل مَا يَحْصُل مِنْ جِهَةِ شَيْءٍ أَوْ مِنْ تَرْبِيَتِهِ أَوْ بِتَفَقُّدِهِ أَوْ كَثْرَةِ خِدْمَتِهِ لَهُ أَوْ قِيَامِهِ بِأَمْرِهِ هُوَ ابْنُهُ، نَحْوَ فُلاَنِ ابْنِ حَرْبٍ، وَابْنِ السَّبِيل وَابْنِ اللَّيْل وَابْنِ الْعِلْمِ. (2)
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الاِبْنِ وَالْوَلَدِ هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ، لأَِنَّ الاِبْنَ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ، أَمَّا الْوَلَدُ فَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالأُْنْثَى.
ب - الْبِنْتُ:
3 - الْبِنْتُ وَالاِبْنَةُ مُؤَنَّثُ ابْنٍ، (3) وَأُرِيدَ بِهِ الْفُرُوعُ مِنَ الأُْنْثَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ( {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَْخِ وَبَنَاتُ الأُْخْتِ} ) (4) بِطَرِيقِ عُمُومِ الْمَجَازِ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْوَلَدِ: أَنَّ الْبِنْتَ تُطْلَقُ عَلَى الأُْنْثَى، أَمَّا الْوَلَدُ فَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالأُْنْثَى.
ج - الْحَفِيدُ:
4 - الْحَفِيدُ فِي اللُّغَةِ: يُطْلَقُ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَعَلَى الأَْعْوَانِ وَالْخَدَمِ وَالأَْخْتَانِ وَالأَْصْهَارِ. (5)
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْحَفِيدُ هُوَ: وَلَدُ الْوَلَدِ. (6)
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَبَيْنَ الْحَفِيدِ هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ، فَكُل حَفِيدٍ وَلَدٌ، وَلَيْسَ كُل وَلَدٍ حَفِيدًا.
د - السِّبْطُ:
5 - السِّبْطُ هُوَ: وَلَدُ الاِبْنِ وَالاِبْنَةِ، قَال الْعَسْكَرِيُّ: وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَل السِّبْطُ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ. (7)
وَفِي الاِصْطِلاَحِ يُطْلَقُ السِّبْطُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى وَلَدِ الْبِنْتِ، وَأَمَّا وَلَدُ الاِبْنِ فَيُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ الْحَفِيدِ عِنْدَهُمْ. (8)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُطْلَقُ كُلٌّ مِنَ الْحَفِيدِ وَالسِّبْطِ عَلَى وَلَدِ الاِبْنِ وَوَلَدِ الْبِنْتِ. (9)
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالسِّبْطِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ.
هـ - الذُّرِّيَّةُ:
6 - الذُّرِّيَّةُ فِي اللُّغَةِ قِيل: نَسْل الثَّقَلَيْنِ، وَقِيل: هِيَ وَلَدُ الرَّجُل، وَقِيل: مِنْ أَسْمَاءِ الأَْضْدَادِ تَجِيءُ تَارَةً بِمَعْنَى الأَْبْنَاءِ (10) قَال تَعَالَى فِي قِصَّةِ نُوحٍ: ( {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} ) (11) وَتَجِيءُ تَارَةً بِمَعْنَى الآْبَاءِ وَالأَْجْدَادِ (12) كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ( {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} . (2)
وَقِيل: إِنَّ الذُّرِّيَّةَ النُّطَفُ، حَمَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي بُطُونِ النِّسَاءِ تَشْبِيهًا بِالْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، قَالَهُ سَيِّدُنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁. (13)
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ: أَنَّ الذُّرِّيَّةَ تُطْلَقُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَبْنَاءِ الشَّخْصِ وَبَنَاتِهِ وَأَوْلاَدِهِمْ. وَفِي رَأْيٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لاَ يَدْخُل أَوْلاَدُ الْبَنَاتِ فِي الذُّرِّيَّةِ. (14)
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الذُّرِّيَّةِ وَالْوَلَدِ أَنَّ الذُّرِّيَّةَ أَعَمُّ مِنَ الْوَلَدِ.
و النَّسْل:
7 - النَّسْل: الْوَلَدُ، وَتَنَاسَلُوا: وَلَدَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهُوَ فِي الأَْصْل عِبَارَةٌ عَنْ خُرُوجِ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ مُطْلَقًا، نَسَل الشَّيْءُ نُسُولاً: انْفَصَل عَنْ غَيْرِهِ وَسَقَطَ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النَّسْل وَالْوَلَدِ أَنَّ النَّسْل أَعَمُّ مِنَ الْوَلَدِ. (15)
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوَلَدِ:
تَنْقَسِمُ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوَلَدِ إِلَى قِسْمَيْنِ: أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِوَلَدِ الآْدَمِيِّ، وَأَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِوَلَدِ الْحَيَوَانِ.
أَوَّلاً: الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِوَلَدِ الآْدَمِيِّ:
تَبَعِيَّةُ الْوَلَدِ فِي الدِّينِ:
8 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ على أَنَّ الْوَلَدَ يَتَّبِعُ خَيْرَ الأَْبَوَيْنِ دِينًا. (16)
فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مُسْلِمًا، فَالْوَلَدُ عَلَى دِينِهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ صَارَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا بِإِسْلاَمِهِ، لأَِنَّ فِي جَعْلِهِ تَبَعًا لَهُ نَظَرًا لَهُ.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا، وَالآْخَرُ مَجُوسِيًّا، فَالْوَلَدُ كِتَابِيٌّ، لأََنَّ فِيهِ نَوْعَ نَظَرٍ لَهُ، إِذِ الْمَجُوسِيَّةُ شَرٌّ، (17) كَمَا اشْتَرَطُوا لِتَبَعِيَّةِ الْوَلَدِ لِخَيْرِ الأَْبَوَيْنِ دِينًا اتِّحَادَ الدَّارِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، بِأَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي دَارِنَا وَالأَْبُ فِي دَارِ الْكُفْرِ، بِخِلاَفِ الْعَكْسِ بِأَنْ كَانَ الأَْبُ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ وَالصَّغِيرُ فِي دَارِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ لاَ يَتْبَعُهُ. (18)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (رِدَّة ف 46، وَاخْتِلاَفُ الدِّينِ ف 7 - 8، وَتَبَعِيَّة ف 3) .
رِدَّةُ الصَّبِيِّ:
9 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ رِدَّةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ.
فَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ وَقَوْلٌ لأَِحْمَدَ إِلَى أَنَّ رِدَّةَ الصَّبِيِّ لاَ تَصِحُّ. لأَِنَّ أَقْوَال الصَّبِيِّ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَكَمٌ كَالطَّلاَقِ وَالإِْقْرَارِ وَالْعُقُودِ، وَلأَِنَّ الإِْسْلاَمَ فِيهِ نَفْعُهُ، وَالْكُفْرَ فِيهِ ضَرَرُهُ، وَيَجُوزُ تَصَرُّفُهُ النَّافِعُ دُونَ الضَّارِّ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ: يُحْكَمُ بِرِدَّةِ الصَّبِيِّ، لأَِنَّ الإِْسْلاَمَ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَمَال الْعَقْل دُونَ الْبُلُوغِ بِدَلِيل أَنَّ مَنْ بَلَغَ غَيْرَ عَاقِلٍ لَمْ يَصِحَّ إِسْلاَمُهُ، وَالْعَقْل يُوجَدُ مِنَ الصَّغِيرِ كَمَا يُوجَدُ مِنَ الْكَبِيرِ، وَلأَِنَّهُ أَتَى بِحَقِيقَةِ الإِْسْلاَمِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ مَعَ الإِْقْرَارِ، لأَِنَّ الإِْقْرَارَ طَائِعًا دَلِيل الاِعْتِقَادِ، وَالْحَقَائِقَ لاَ تُرَدُّ، وَإِذَا صَارَ مُسْلِمًا، فَإِذَا ارْتَدَّ تَصِحُّ كَالْبَالِغِ، وَلأَِنَّ الإِْسْلاَمَ عَقْدٌ وَالرِّدَّةُ حَلُّهُ، وَكُل مَنْ مَلَكَ عَقْدًا مَلَكَ حَلَّهُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَلأَِنَّ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ الاِعْتِقَادُ تُصُوِّرَ مِنْهُ تَبْدِيلُهُ، فَإِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الاِعْتِرَافُ دَل عَلَى تَبْدِيل الاِعْتِقَادِ كَالْمُسْلِمِ. (19)
وَإِذَا ثَبَتَتْ رِدَّةُ الصَّبِيِّ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا أَحْكَامُ الرِّدَّةِ، فَلاَ يَرِثُ وَلاَ يُوَرَّثُ، وَتَبِينُ امْرَأَتُهُ، وَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ لَوْ مَاتَ مُرْتَدًا، وَيُجْبَرُ عَلَى الإِْسْلاَمِ لأَِنَّا لَمَّا حَكَمْنَا بِإِسْلاَمِهِ لاَ يُتْرَكُ عَلَى الْكُفْرِ كَالْبَالِغِ، وَلأَِنَّ بِالْجَبْرِ يَنْدَفِعُ عَنْهُ مَضَرَّةُ حِرْمَانِ الإِْرْثِ وَبَيْنُونَةِ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَإِنَّمَا لاَ يُقْتَل لأَِنَّ كُل مَنْ لاَ يُبَاحُ قَتْلُهُ بِالْكُفْرِ الأَْصْلِيِّ لاَ يُبَاحُ بِالرِّدَّةِ، لأَِنَّ إِبَاحَةَ الْقَتْل بِنَاءً عَلَى أَهْلِيَّةِ الْحِرَابِ، وَلأَِنَّ الْقَتْل عُقُوبَةٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلأَِنَّ الْقَتْل لاَ يَتَعَلَّقُ بِفِعْل الصَّبِيِّ كَالْقِصَاصِ، وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ لاَ يَعْقِل لاَ يَصِحُّ إِسْلاَمُهُ وَلاَ ارْتِدَادُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ لأَِنَّ الإِْسْلاَمَ وَالْكُفْرَ يَتْبَعَانِ الْعَقْل.
وَوَرَدَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صَبِيٍّ أَبَوَاهُ مُسْلِمَانِ كَبُرَ كَافِرًا وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ الإِْقْرَارُ بِالإِْسْلاَمِ بَعْدَمَا بَلَغَ قَال: لاَ يُقْتَل وَيُجْبَرُ عَلَى الإِْسْلاَمِ، وَإِنَّمَا يُقْتَل مَنْ أَقَرَّ بِالإِْسْلاَمِ بَعْدَمَا بَلَغَ ثُمَّ كَفَرَ، لأَِنَّ الأَْوَّل لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْحُدُودُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُسْلِمًا بِفِعْلِهِ وَإِنَّمَا بِالتَّبَعِيَّةِ، وَحُكْمُ أَكْسَابِهِ كَالْمُرْتَدِّ. (20)
وَلاَ يُقْتَل الصَّبِيُّ قَبْل بُلُوغِهِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ رِدَّتِهِ، بَل لاَ يُقْتَل عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حَتَّى بَعْدَ بُلُوغِهِ. (21)
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (رِدَّة ف 3، 4)
الأَْذَانُ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ:
10 - يُسَنُّ الأَْذَانُ فِي يُمْنَى أُذُنَيِ الْمَوْلُودِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حِينَ يُولَدُ، وَالإِْقَامَةُ بِيُسْرَاهُمَا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَذَان ف 51)
تَقْدِيمُ الْوَلَدِ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ:
11 - يُقَدَّمُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ أَبُوهُ، ثُمَّ ابْنُهُ، ثُمَّ ابْنُ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَل، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (جَنَائِز ف 41)
إِمَامَةُ وَلَدِ الزِّنَى:
12 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَى. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِمَامَة ف 24)
إِمَامَةُ وَلَدِ اللِّعَانِ:
13 - نَصَّ الْحَنَابِلَةُ: عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ إِذَا سَلِمَ دِينُهُ وَكَانَ صَالِحًا لِلإِْمَامَةِ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ ﷺ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ (22) وَصَلَّى التَّابِعُونَ خَلْفَ ابْنِ زِيَادٍ وَهُوَ مِمَّنْ فِي نَسَبِهِ نَظَرٌ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ لَمَّا سُئِلَتْ عَنْ وَلَدِ الزِّنَا: " لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ " وَقَرَأَتْ: ( {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ) (23) وَلأَِنَّهُ حُرٌّ مَرْضِيٌّ فِي دِينِهِ يَصْلُحُ لِلإِْمَامَةِ كَغَيْرِهِ. (24)
دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَى وَلَدِ الْمُزَكِّي:
14 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَى وَلَدِهِ، لأَِنَّ مَنَافِعَ الأَْمْلاَكِ بَيْنَهُمْ مُتَّصِلَةٌ فَلاَ يَتَحَقَّقُ التَّمْلِيكُ عَلَى الْكَمَال.
وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (زَكَاة ف 177) .
زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ الْوَلَدِ:
15 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ يُخْرِجُهَا الشَّخْصُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ كُل مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَمِنْهُمْ أَوْلاَدُهُ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (زَكَاةُ الْفِطْرِ ف 7 وَمَا بَعْدَهَا) .
إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنِ الْوَلَدِ الَّذِي مَاتَ أَوْ وُلِدَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ:
16 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنِ الْوَلَدِ الَّذِي مَاتَ أَوْ وُلِدَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ. فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى وُجُوبِ إِخْرَاجِهَا عَنْهُ. وَذَهَبَ الْبَعْضُ الآْخَرُ إِلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ.
وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (زَكَاةُ الْفِطْرِ ف 8) .
حَجُّ الْوَلَدِ عَنْ وَالِدَيْهِ:
17 - يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ حَجُّ الْوَلَدِ عَنْ وَالِدَيْهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ قَالَتْ: " يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَال: نَعَمْ ". (25)
وَالتَّفْصِيل فِي (حَجّ ف 114، 117، أَدَاء ف 16، نِيَابَة ف 13 28) نَسَبُ الْوَلَدِ:
18 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ مِنْ أُمِّهِ بِالْوِلاَدَةِ مِنْهَا، وَمِنْ أَبِيهِ بِالْفِرَاشِ وَالإِْقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ، وَلاَ يَنْتَفِي إِلاَّ بِاللِّعَانِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ، وَكُل مَا يَتَعَلَّقُ بِنَسَبِ الْوَلَدِ مِنْ مَبَاحِثَ، يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (نَسَب ف 10 وَمَا بَعْدَهَا، وَلِعَان ف 25 وَمَا بَعْدَهَا، وَاسْتِلْحَاق ف2)
التَّضْحِيَةُ عَنِ الْوَلَدِ:
19 - الْوَلَدُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا، فَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا فَلاَ يَجِبُ عَلَى وَالِدِهِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُ، أَمَّا إِنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ وَإِمَّا أَنْ لاَ يَكُونَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَالِدِهِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُ، لأَِنَّ وَلَدَ الرَّجُل جُزْؤُهُ، فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ نَفْسِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلَدِهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ. وَعَنْهُ: لاَ تَجِبُ التَّضْحِيَةُ عَنْهُ، لأَِنَّهَا قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ، وَالْقُرْبَةُ لاَ تَجِبُ بِسَبَبِ الْغَيْرِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِْنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} ) (26) ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ( {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} ) (27) بِخِلاَفِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَإِنَّهَا مَؤُونَةٌ، وَسَبَبُهَا رَأَسُ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ، وَصَارُوا كَالْعَبِيدِ يُؤَدَّى عَنْهُمْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَلاَ يُضَحَّى عَنْهُمْ، وَلِهَذَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ.
ثُمَّ عَلَى الْقَوْل بِعَدَمِ الْوُجُوبِ يُسْتَحَبُّ لِلْوَالِدِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مِنْ مَال نَفْسِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ ضَحَّى عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ، خِلاَفًا لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَهُوَ نَظِيرُ الاِخْتِلاَفِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَقِيل: الأَْصَحُّ أَنَّهَا لاَ تَجِبُ فِي مَال الصَّبِيِّ بِإِجْمَاعِ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا قُرْبَةٌ فَلاَ يُخَاطَبُ بِهَا، بِخِلاَفِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلأَِنَّ الْوَاجِبَ الإِْرَاقَةُ، وَالتَّصَدُّقُ بِهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي مَال الصَّبِيِّ، لأَِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَكْل جَمِيعِهَا عَادَةً وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا فَلاَ تَجِبُ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا تَجِبُ وَلاَ يُتَصَدَّقُ بِهَا لأَِنَّهُ تَطَوُّعٌ، وَلَكِنْ يَأْكُل مِنْهَا الصَّغِيرُ وَعِيَالُهُ، وَيَدَّخِرُ لَهُ مَا يُمْكِنُهُ، وَيَبْتَاعُ لَهُ بِالْبَاقِي مَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ، كَمَا يَجُوزُ لِلْبَالِغِ ذَلِكَ فِي الْجَلَدِ، وَالْجَدُّ مَعَ الْحَفَدَةِ كَالأَْبِ عِنْدَ عَدَمِهِ. (28)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِلإِْنْسَانِ التَّضْحِيَةُ مِنْ مَالِهِ عَنْ أَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ الذَّكَرُ، وَيَدْخُل بِالأُْنْثَى زَوْجُهَا، وَيُخَاطَبُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ بِفِعْلِهَا عَنْهُ مِنْ مَال الْيَتِيمِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَيُقْبَل قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُقْبَل فِي زَكَاةِ مَالِهِ، وَيُخَاطَبُ الأَْبُ بِهَا عَمَّنْ وُلِدَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَوْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لاَ عَمَّنْ فِي الْبَطْنِ. (29)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الطِّفْل وَالْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلأَْبِ وَالْجَدِّ التَّضْحِيَةُ عَنْهُمْ مِنْ مَالِهِمَا، كَمَا أَنَّ لَهُ إِخْرَاجَ فِطْرَتِهِ مِنْ مَالِهِ عَنْهُ، لأَِنَّ فِعْلَهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ دُونَ غَيْرِهِمَا، لأَِنَّهُ لاَ يُسْتَقَل بِتَمْلِيكِهِ فَتَضْعُفُ وِلاَيَتُهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ التَّضْحِيَةِ. (30)
الْعَقِيقَةُ عَنِ الْوَلَدِ
20 - الْعَقِيقَةُ: مَا يُذَكَّى عَنِ الْوَلَدِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى بِنِيَّةٍ وَشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ.
وَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَمَنْدُوبَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُبَاحَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (عَقِيقَة ف4 وَمَا بَعْدَهَا) خِتَانُ الْوَلَدِ:
21 - الْخِتَانُ: اسْمٌ مِنَ الْخَتْنِ: وَهُوَ قَطْعُ الْقُلْفَةِ مِنَ الذَّكَرِ، وَالنَّوَاةِ مِنَ الأُْنْثَى.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى وُجُوبَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى سُنِّيَتَهُ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (خِتَان ف2 وَمَا بَعْدَهَا)
تَسْمِيَةُ الْوَلَدِ:
22 - بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ حُكْمَ تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الأَْسْمَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَسْمِيَة ف 5 وَمَا بَعْدَهَا)
حَضَانَةُ الْوَلَدِ:
23 - الْحَضَانَةُ هِيَ حِفْظُ مَنْ لاَ يَسْتَقِل بِأُمُورِهِ وَتَرْبِيَتُهُ بِمَا يُصْلِحُهُ.
وَبَيَّنَ الْفُقَهَاءُ حُكْمَهَا وَالْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا مِنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ، وَشُرُوطَ اسْتِحْقَاقِهَا، وَحُكْمَ طَلَبِ الأُْجْرَةِ عَلَيْهَا، وَوَقْتَ انْتِهَائِهَا.
وَالتَّفْصِيل فِي (حَضَانَة ف 5 وَمَا بَعْدَهَا)
إِرْضَاعُ الْوَلَدِ:
24 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ إِرْضَاعُ الْمَوْلُودِ إِذَا كَانَ فِي سِنِّ الرَّضَاعِ، وَكَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ.وَتَفْصِيل أَحْكَامِهِ فِي مُصْطَلَحِ رَضَاعٍ (ف 3 - 6، خُلْع ف 25)
نَفَقَةُ الْوَلَدِ:
25 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ تَجِبُ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلاَّ وَجَبَتْ عَلَى أَبِيهِ بِشُرُوطٍ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (نَفَقَة ف 54 58)
تَعْلِيمُ الْوَلَدِ:
26 - يَلْزَمُ الْوَالِدَيْنِ تَعْلِيمُ الْوَلَدِ فِي صِغَرِهِ كُل مَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، فَيُعَلِّمُهُ مَا تَصِحُّ بِهِ عَقِيدَتُهُ مِنْ: إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَمَا تَصِحُّ بِهِ عِبَادَتُهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ.
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (تَعَلُّم وَتَعْلِيم ف 11، وَوِلاَيَة)
تَأْدِيبُ الْوَلَدِ:
27 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ تَأْدِيبُ الْوَلَدِ لِتَرْكِهِ الصَّلاَةَ وَالطَّهَارَةَ، وَسَائِرَ الْفَرَائِضِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَأْدِيب ف 3 وَمَا بَعْدَهَا، وِلاَيَة)
طَاعَةُ الْوَلَدِ لِلْوَالِدَيْنِ وَبِرُّهُمَا:
28 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ أَنْيُطِيعَ وَالِدَيْهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَأَنْ يَبَرَّهُمَا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (بِرِّ الْوَالِدَيْنِ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا) وَطَاعَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدَيْهِ فِي تَرْكِ النَّوَافِل أَوْ قَطْعِهَا أَوْ تَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ يُنْظَرُ حُكْمُهُ فِي مُصْطَلَحِ (بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ف 10 12)
دُعَاءُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ:
29 - دُعَاءُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا يَحْصُل ثَوَابُهُ لِلْوَالِدِ، لأَِنَّ عَمَل وَلَدِهِ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ لِتَسَبُّبِهِ فِي وُجُودِهِ لِحَدِيثِ: إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ، (31) حَيْثُ جَعَل دُعَاءَ الْوَلَدِ مِنْ عَمَل الْوَالِدِ. قَال الشَّرْوَانِيُّ: أَوْ لأَِنَّ ثَوَابَ الدُّعَاءِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ شَرْعًا لِلْوَلَدِ، وَالْوَالِدُ يَحْصُل لَهُ ثَوَابٌ فِي الْجُمْلَةِ لأَِنَّهُ سَبَبٌ لِصُدُورِ هَذَا الْعَمَل فِي الْجُمْلَةِ. (32)
كَرَاهَةُ أَنْ يَدْعُوَ الْوَلَدُ أَبَاهُ بِاسْمِهِ:
30 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُل أَبَاهُ بِاسْمِهِ، بَل لاَ بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يُفِيدُ التَّعْظِيمَ كَيَا سَيِّدِي وَنَحْوِهِ لِمَزِيدِ حَقِّهِ عَلَى الْوَلَدِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ التَّزْكِيَةِ، لأَِنَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى الْمَدْعُوِّ بِأَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ بِمَا يُفِيدُهَا، لاَ إِلَى الدَّاعِي الْمَطْلُوبُ مِنْهُ التَّأَدُّبَ مَعَ مَنْ فَوْقَهُ. (33)
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِوَلَدِ الشَّخْصِ وَتِلْمِيذِهِ وَغُلاَمِهِ أَنْ لاَ يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ وَلَوْ فِي الْمَكْتُوبِ. (34)
نَهْيُ الْمُكَلَّفِ عَنْ دُعَائِهِ عَلَى وَلَدِهِ:
31 - نَهَى رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ يَدْعُوَ الإِْنْسَانُ عَلَى وَلَدِهِ، فَقَدْ قَال ﷺ: لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَل فِيهَا عَطَاءً فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. (35)
وَقَال الشَّرْوَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّهُ إِنْ قَصَدَ الْوَالِدُ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْوَلَدِ تَأْدِيبَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إِفَادَتُهُ جَازَ كَضَرْبِهِ، بَل أَوْلَى. (36)
تَفْضِيل بَعْضِ الأَْوْلاَدِ عَلَى بَعْضٍ فِي الْعَطِيَّةِ:
32 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَفْضِيل بَعْضِ الأَْوْلاَدِ عَلَى بَعْضٍ فِي الْعَطِيَّةِ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْوَالِدِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ أَوْلاَدِهِ فِي الْعَطِيَّةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمُبَارَكِ وَطَاوُوسٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ إِلَى أَنَّهُ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الأَْوْلاَدِ فِي الْعَطِيَّةِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَسْوِيَة ف 11)
تَفْضِيل بَعْضِ الأَْوْلاَدِ فِي الْمَحَبَّةِ:
33 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِتَفْضِيل بَعْضِ الأَْوْلاَدِ عَلَى بَعْضٍ فِي الْمَحَبَّةِ، لأَِنَّهَا عَمَل الْقَلْبِ. (37)
وَيُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (مُحِبَّة ف 8)
هِبَةُ الأَْبِ لِوَلَدِهِ شَيْئًا مَشْغُولاً:
34 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ هِبَةَ الْمَشْغُول لاَ تَجُوزُ، كَأَنْ وَهَبَ الأَْبُ لِطِفْلِهِ دَارًا وَالأَْبُ يَسْكُنُهَا أَوْ لَهُ فِيهَا مَتَاعٌ، لأَِنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمَتَاعِ الْقَابِضِ.
وَفِي الْخَانِيَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُجَرَّدِ تَجُوزُ، وَيَصِيرُ قَابِضًا لاِبْنِهِ.
وَتَصِحُّ كَذَلِكَ هِبَةُ الدَّارِ الْمُعَارَةِ، فَلَوْ وَهَبَ طِفْلَهُ دَارًا يَسْكُنُ فِيهَا قَوْمٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ جَازَ، وَيَصِيرُ قَابِضًا لاِبْنِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ بِأَجْرٍ فَلاَ يَجُوزُ. (38)
الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ:
35 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ رُجُوعِ الأَْبِ عَنْ هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلأَْبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ. (39)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (هِبَة ف 39 وَمَا بَعْدَهَا) .
الْوَقْفُ عَلَى الأَْوْلاَدِ:
36 - إِذَا قَال الْوَاقِفُ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلاَدِي فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى دُخُول أَوْلاَدِهِ الصُّلْبِيِّينَ الذُّكُورِ وَالإِْنَاثِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي دُخُول أَوْلاَدِ الأَْوْلاَدِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (وَقْف) دُخُول الْوَلَدِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلأَْقَارِبِ:
37 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ أَوْصَى رَجُلٌ لأَِقَارِبِهِ، أَوْ لأَِقَارِبَ فَلاَنٍ، دَخَل أَقَارِبُهُ الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ مِنْ كُل ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ وَارِثٍ، وَلاَ يَدْخُل الْوَالِدَانِ وَالْوَلَدُ، وَأَمَّا الْجَدُّ وَوَلَدُ الْوَلَدِ فَيَدْخُل فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِذَا كَانَ لَهُ أَقَارِبُ لأَِبِيهِ لاَ يَرِثُونَ اخْتُصُّوا بِالْوَصِيَّةِ، أَمَّا الَّذِينَ يَرِثُونَ فَلاَ يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ لأَِبٍ غَيْرُ وَارِثِينَ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَخْتَصُّ بِأَقَارِبِهِ لأُِمِّهِ، وَعَلَى ذَلِكَ لاَ يَدْخُل الأَْوْلاَدُ لأَِنَّهُمْ يَرِثُونَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ إِلَى عَدَمِ دُخُول الْوَالِدَانِ وَالْوَلَدِ، أَمَّا الْجَدُّ وَالأَْحْفَادُ فَيَدْخُلُونَ لِشُمُول الاِسْمِ لَهُمْ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، يَدْخُل الْوَالِدَانِ وَالْوَلَدُ؛ لأَِنَّهُمَا يَدْخُلاَنِ فِي الْوَصِيَّةِ لأَِقْرَبِ الأَْقَارِبِ فَكَيْفَ لاَ يَدْخُلاَنِ فِي الأَْقَارِبِ؟ قَال السُّبْكِيُّ: وَهَذَا أَظْهَرُ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ يَدْخُل أَحَدٌ مِنَ الأُْصُول وَالْفُرُوعِ.وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَوْ وَصَّى لأََقْرَبِ أَقَارِبِهِ دَخَل الأَْصْل وَالْفَرْعُ أَيِ الأَْبَوَانِ وَالأَْوْلاَدُ. (40)
عَطِيَّةُ الْوَلَدِ لِوَالِدَيْهِ:
38 - يُسَنُّ لِلْوَلَدِ أَنْ يَعْدِل فِي الْعَطِيَّةِ الشَّامِلَةِ لِلصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ وَالْهَدِيَّةِ وَالْكَلاَمِ وَالتَّوَدُّدِ لِوَالِدَيْهِ، قَال الدَّارِمِيُّ: فَإِنْ فَضَّل، فَلْيُفَضِّل الأُْمَّ. (41)
(ر: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ف 4 5)
اسْتِئْذَانُ الْوَالِدَيْنِ لِلسَّفَرِ:
39 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ كُل سَفَرٍ لاَ يُؤْمَنُ فِيهِ الْهَلاَكُ، وَيَشْتَدُّ فِيهِ الْخَطَرُ، فَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ إِذَنْ وَالِدَيْهِ؛ لأَِنَّهُمَا يُشْفِقَانِ عَلَى وَلَدِهِمَا، فَيَتَضَرَّرَانِ بِذَلِكَ، وَكُل سَفَرٍ لاَ يَشْتَدُّ فِيهِ الْخَطَرُ يَحِل لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا، إِذَا لَمْ يُضَيِّعْهُمَا، لاِنْعِدَامِ الضَّرَرِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ف 9، وَاسْتِئْذَان ف 29)
إِذْنُ الْوَالِدَيْنِ لِلْوَلَدِ فِي الْجِهَادِ:
40 - لاَ يَجُوزُ الْجِهَادُ إِلاَّ بِإِذْنِ الأَْبَوَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ أَوْ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا إِنْ كَانَ الآْخَرُ كَافِرًا، إِلاَّ إِذَا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ، كَأَنْ يَنْزِل الْعَدُوُّ بِقَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ف 11، جِهَاد ف 11 - 12)
أَخْذُ الأَْبَوَيْنِ مِنْ مَال وَلَدِهِمَا:
41 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْوَالِدَ لاَ يَأْخُذُ مِنْ مَال وَلَدِهِ شَيْئًا إِلاَّ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ. (42)
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا احْتَاجَ الأَْبُ إِلَى مَال وَلَدِهِ، فَإِنْ كَانَا فِي الْمِصْرِ وَاحْتَاجَ الْوَالِدُ لِفَقْرِهِ أَكَل بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَا فِي الْمَفَازَةِ وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ لاِنْعِدَامِ الطَّعَامِ مَعَهُ فَلَهُ الأَْكْل بِالْقِيمَةِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَابِدِينَ. (43)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلأَْبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ مَا شَاءَ وَيَتَمَلَّكُهُ مَعَ حَاجَةِ الأَْبِ إِلَى مَا يَأْخُذُهُ وَمَعَ عَدَمِهَا، صَغِيرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ كَبِيرًا بِشَرْطَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ لاَ يُجْحِفَ بِالاِبْنِ وَلاَ يَضُرَّ بِهِ، وَلاَ يَأْخُذَ شَيْئًا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ.
الثَّانِي: أَنْ لاَ يَأْخُذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ فَيُعْطِيهِ وَلَدَهُ الآْخَرَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيل بْنِ سَعِيدٍ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ بِالْعَطِيَّةِ مِنْ مَال نَفْسِهِ فَلأََنْ يُمْنَعَ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِمَا أَخَذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ الآْخَرِ أَوْلَى.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مَسْرُوقًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِصَدَاقٍ عَشَرَةِ آلاَفٍ فَأَخَذَهَا وَأَنْفَقَهَا فِي سَبِيل اللَّهِ، وَقَال لِلزَّوْجِ: جَهِّزِ امْرَأَتَكَ.
وَلِمَا رَوَتْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ. قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ. (44)
وَرَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَال: إِنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: إِنَّ لِي مَالاً وَعِيَالاً، وَإِنَّ لأَِبِي مَالاً وَعِيَالاً، وَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: " أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ " (45) ، وَلأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَل الْوَلَدَ مَوْهُوبًا لأَِبِيهِ فَقَال: ( {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} ) (46) ، وَقَال: ( {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} ) (47) ، وَقَال زَكَرِيَّا: ( {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} ) (48) ، وَقَال إِبْرَاهِيمُ: ( {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاقَ} ) (49) ، وَمَا كَانَ مَوْهُوبًا لَهُ كَانَ لَهُ أَخْذُ مَالِهِ كَعَبْدِهِ. (50)
وَفِي مَسَائِل الإِْمَامِ أَحْمَدَ لاِبْنِ هَانِئٍ قَال: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُول: كُل شَيْءٍ يَأْخُذُ مِنْ مَال وَلَدِهِ فَيَقْبِضُهُ، فَلَهُ أَنْ يَأْكُل وَيَعْتِقَ، وَسُئِل أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَسْرِقُ الْوَالِدُ مِنْ مَال وَلَدِهِ عَلَيْهِ الْقَطْعُ؟ قَال: لاَ يُقَال سَرَقَ، لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَلاَ يُقْطَعُ.
وَقَال أَيْضًا: يَأْخُذُ مِنْ مَال وَلَدِهِ مَا شَاءَ لِحَدِيثِ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ. (51)
وَقَال أَيْضًا: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ مَا شَاءَ، وَلَيْسَ لِوَلَدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ. إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِسَرَفٍ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْقُوتَ.
وَسُئِل عَنِ الْمَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ مَال ابْنِهَا؟ قَال: لاَ تَتَصَدَّقُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ. (52)
الْخُلْعُ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَإِرْضَاعِهِ:
42 - الْوَلَدُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَضِيعًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَطِيمًا. فَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ فَطِيمًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى نَفَقَةِ هَذَا الْوَلَدِ إِذَا وَقَّتَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً، لأَِنَّ نَفَقَتَهُ طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، وَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَخْصُوصٌ، لأَِنَّهُ يَأْكُل مُدَّةَ عُمُرِهِ، فَلاَ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ بِدُونِ تَوْقِيتٍ لِلْجَهَالَةِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى نَفَقَتِهِ وَكَذَا عَلَى إِرْضَاعِهِ، وَنَفَقَتِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِرْضَاعُهُ أَيْضًا، سَوَاءٌ وَقَّتَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ لَمْ يُوَقِّتَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَفِي حَالَةِ عَدَمِ الاِتِّفَاقِ عَلَى وَقْتٍ مُحَدَّدٍ، تُرْضِعُهُ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ، إِنْ كَانَ الْخُلْعُ عِنْدَ وِلاَدَتِهِ أَوْ إِلَى تَتِمَّةِ الْحَوْلَيْنِ إِنْ مَضَى مِنْهُمَا شَيْءٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} ) (53) وَحَدِيثِ: لاَ رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ (54) أَيِ الْعَامَيْنِ، فَحُمِل الْمُطْلَقُ مِنْ كَلاَمِ الآْدَمِيِّ عَلَى ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ الْمَعْهُودُ شَرْعًا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يَصِحُّ الْخُلْعُ إِذَا لَمْ يُوَقِّتْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهَا لَهُ مَهْرُ الْمِثْل لِفَسَادِ الْعِوَضِ.
وَلَوْ عَادَ الزَّوْجُ وَتَزَوَّجَهَا، أَوْ هَرَبَتِ الزَّوْجَةُ، أَوْ مَاتَتْ، أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ خِلاَل الْمُدَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا أَوْ خِلاَل مُدَّةِ الرَّضَاعِ رَجَعَ الزَّوْجُ بِبَقِيَّةِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ خِلاَل الْمُدَّةِ الْمُتَبَقِّيَةِ. لأَِنَّهُ عِوَضٌ مُعَيَّنٌ تَلِفَ قَبْل قَبْضِهِ فَوَجَبَ بَدَلُهُ، كَمَا لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى قَفِيزٍ فَتَلِفَ قَبْل قَبْضِهِ.
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ رُجُوعَهُ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُرْفٌ أَوْ شَرْطٌ يَقْضِي بِعَدَمِ رُجُوعِهِ فَيَعْمَل بِهِمَا، وَيُقَدِّمُ الشَّرْطَ عَلَى الْعُرْفِ إِذَا تَعَارَضَا. (55)
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (خُلْع ف 25)
الْخُلْعُ عَلَى حَضَانَةِ الْوَلَدِ:
43 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوِ اخْتَلَعَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنْ تَتْرُكَ وَلَدَهَا عِنْدَ الزَّوْجِ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَقَّ الْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أُمِّهِ مَا كَانَ إِلَيْهَا مُحْتَاجًا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُبْطِلَهُ بِالشَّرْطِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفُقَهَاءُ الثَّلاَثَةُ أَبُو اللَّيْثِ وَالْهِنْدُوَانِيُّ وَخَوَاهَرْ زَادَهْ قَال فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: فَإِنْ لَمْ يُوجِدْ غَيْرَهَا أَوْ لَمْ يَأْخُذِ الْوَلَدُ ثَدْيَ غَيْرِهَا أُجْبِرَتْ بِلاَ خِلاَفٍ. (56)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى إِسْقَاطِ حَضَانَةِ الأُْمِّ لِوَلَدِهَا لأَِبِيهِ، وَيَنْتَقِل الْحَقُّ فِي الْحَضَانَةِ لِلأَْبِ، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ قَبْلَهُ. وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ لاَ يَخْشَى عَلَى الْمَحْضُونِ ضَرَرًا مَا بِعُلُوقِ قَلْبِهِ بِأُمِّهِ، أَوْ لِكَوْنِ مَكَانِ الأَْبِ غَيْرَ حَصِينٍ، وَإِلاَّ فَلاَ تَسْقُطُ الْحَضَانَةُ حِينَئِذٍ وَيَقَعُ الطَّلاَقُ. (57)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ تَسْقُطُ حَضَانَةُ الأُْمِّ بِنِكَاحِ غَيْرِ أَبِي الطِّفْل لَوِ اخْتَلَعَتْ بِالْحَضَانَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَنُكِحَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ؛ لأَِنَّهَا إِجَارَةٌ لاَزِمَةٌ. (58)
مِيرَاثُ الْوَلَدِ:
44 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَوْرِيثِ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدَيْهِ، وَالْوَالِدَيْنِ مِنْ وَلَدِهِمَا بِشُرُوطٍ خَاصَّةٍ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِرْث ف 26،39، 45)
مِيرَاثُ وَلَدِ الزِّنَى:
45 - وَلَدُ الزِّنَى هُوَ: الْوَلَدُ الَّذِي تَأْتِي بِهِ أُمُّهُ مِنْ سِفَاحٍ لاَ مِنْ نِكَاحٍ، وَهَذَا الْوَلَدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ وَيَرِثُ بِجِهَتِهَا فَقَطْ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِرْث ف125) مِيرَاثُ وَلَدِ اللِّعَانِ:
46 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ وَلَدَ اللِّعَانِ لاَ تَوَارُثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُلاَعِنِ، لاِنْتِفَاءِ نَسَبِهِ مِنْهُ وَلُحُوقِهِ بِأُمِّهِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِرْث ف 126)
النَّذْرُ بِذَبْحِ الْوَلَدِ:
47 - مَنْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَنْحَرَ وَلَدِي فَفِي الْقِيَاسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ، وَفِي الاِسْتِحْسَانِ عِنْدَهُمْ يَلْزَمُهُ شَاةٌ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَوْلاَدٌ لَزِمَهُ مَكَانَ كُل وَلَدٍ شَاةٌ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (59) وَالْحَنَابِلَةِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. (60)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ شَيْءَ عَلَى مَنْ نَذَرَ ذَبْحَ الْوَلَدِ. (61)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُ وَلَدِي لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ، لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ. (62)
وَقَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي امْرَأَةٍ نَذَرَتْ نَحْرَ وَلَدِهَا وَلَهَا ثَلاَثَةُ أَوْلاَدٍ: تَذْبَحُ عَنْ كُل وَاحِدٍ كَبْشًا وَتُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهَا. وَهَذَا عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ كَفَّارَةَ نَذْرِ ذَبْحِ الْوَلَدِ كَبْشٌ، فَجُعِل عَنْ كُل وَاحِدٍ، لأَِنَّ لَفْظَ الْوَاحِدِ إِذَا أُضِيفَ اقْتَضَى التَّعْمِيمَ فَكَانَ عَنْ كُل وَاحِدٍ كَبْشٌ، فَإِنْ عَيَّنَتْ بِنَذْرِهَا وَاحِدًا فَإِنَّمَا عَلَيْهَا كَبْشٌ وَاحِدٌ، بِدَلِيل أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا أُمِرَ بِذَبْحِ ابْنِهِ الْوَاحِدِ فَدَى بِكَبْشٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَفْدِ غَيْرَ مَنْ أُمِرَ بِذَبْحِهِ مِنْ أَوْلاَدِهِ، كَذَا هَهُنَا، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ لَمَّا نَذَرَ ذَبْحَ ابْنٍ مِنْ بَنِيهِ إِنْ يَبْلُغُوا عَشَرَةً لَمْ يَفْدِ مِنْهُمْ إِلاَّ وَاحِدًا.
وَسَوَاءٌ نَذَرْتَ مُعَيَّنًا أَوْ عَيَّنْتَ وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ. (63)
شَقُّ بَطْنِ الْمَيْتَةِ لإِِخْرَاجِ وَلَدِهَا:
48 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي شَقِّ بَطْنِ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ لإِِخْرَاجِ وَلَدِهَا قَبْل مَوْتِهِ.
فَذَهَبَ الْبَعْضُ إِلَى شَقِّ بَطْنِهَا وَإِخْرَاجِ الْوَلَدِ.
وَذَهَبَ الْبَعْضُ الآْخَرُ إِلَى حُرْمَةِ ذَلِكَ.
وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (جَنَائِز ف 9) .
مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَنْ وُلِدَ مَيِّتًا مِنْ أَحْكَامٍ:
49 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اسْتَهَل الْمَوْلُودُ أَوْ صَدَرَ مِنْهُ مَا يُعْرَفُ بِهِ حَيَاتُهُ أَخَذَ حُكْمَ الأَْحْيَاءِ فِي الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَأَمَّا إِذَا وُلِدَ مَيِّتًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ وَلَدًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، فَتَنْتَهِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَالدَّمُ بَعْدَهُ نِفَاسٌ، وَيَقَعُ بِهِ الْمُعَلَّقُ عَلَى وِلاَدَتِهِ مِنْ طَلاَقٍ وَغَيْرِهِ. (64)
وَأَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ تَغْسِيلِهِ وَالصَّلاَةُ عَلَيْهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ الإِْرْثَ وَالْوَصِيَّةُ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحَاتِ: (إِرْث ف 112 113، وَتَغْسِيل الْمَيِّتِ ف 25، وَجَنِين ف 10، 22، وَسَقْط ف 2، وَعِدَّة ف22 وَمَا بَعْدَهَا، وَنِفَاس ف 7)
بَيْعُ الأَْبِ مَال وَلَدِهِ الْقَاصِرِ:
50 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلأَْبِ أَنْ يَبِيعَ مَال وَلَدِهِ الْقَاصِرِ لاِنْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِي حَقِّهِ، وَلأَِنَّهُ أَشْفَقُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ هَذَا لِلْجَدِّ (أَبُ الأَْبِ وَإِنْ عَلاَ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، لأَِنَّ لَهُ الْوِلاَيَةَ عَلَى الْمَال عِنْدَهُمْ كَالأَْبِ. وَلاَ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهُ لاَ وِلاَيَةَ لَهُ عَلَى مَال الْوَلَدِ، لأَِنَّهُ لاَ يُدْلِي بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُدْلِي بِالأَْبِ، فَهُوَ كَالأَْخِ وَالأُْمِّ وَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ لاَ وِلاَيَةَ لَهُمْ، لأَِنَّ الْمَال مَحَل الْخِيَانَةِ. (2) َالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (وِلاَيَة) بَيْعُ الْوَكِيل مَال مُوَكِّلِهِ لِوَلَدِهِ أَوْ شِرَاؤُهُ لَهُ:
51 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ بِيعِ الْوَكِيل مَا وُكِّل عَلَى بَيْعِهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ شِرَائِهِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ مَال مُوَكِّلِهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، لأَِنَّ الْبَيْعَ لَهُ كَالْبَيْعِ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَهَذَا لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي الْمَيْل إِلَيْهِ كَمَا يُتَّهَمُ فِي الْمَيْل إِلَى نَفْسِهِ، وَلأَِنَّ الْوَاحِدَ فِي بَابِ الْبَيْعِ إِذَا بَاشَرَ الْعَقْدَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ يُؤَدِّي إِلَى تَضَادِّ الأَْحْكَامِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَرِدًا مُسْتَقْضِيًا، قَابِضًا مُسَلِّمًا، مُخَاصِمًا فِي الْعَيْبِ وَمُخَاصَمًا، بَل قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّل فِي ذَلِكَ.
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي جَوَازِ بَيْعِ الْوَكِيل مَال مُوَكِّلِهِ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ شِرَائِهِ، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ، لأَِنَّ الْبَيْعَ لَهُ بَيْعٌ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لاِتِّصَال مَنْفَعَةِ مِلْكِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ، ثُمَّ لاَ يَمْلِكُ الْبَيْعَ مِنْ نَفْسِهِ، فَلاَ يَمْلِكُهُ لَهُ. وَلأَِنَّ الْوَكِيل مُتَّهَمٌ فِي الْمَيْل إِلَيْهِ كَمَا يُتَّهَمُ فِي الْمَيْل إِلَى نَفْسِهِ، وَلِهَذَا لاَ تُقْبَل شَهَادَتَهُ لَهُ كَمَا لاَ تُقْبَل شَهَادَتَهُ لِنَفْسِهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ بِمِثْل الْقِيمَةِ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ لَهُوَمِنَ الأَْجْنَبِيِّ سَوَاءٌ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ صَاحِبِهِ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيل فِيمَا يَشْتَرِي وَلَدُهُ مِلْكٌ وَلاَ حَقُّ مِلْكٍ، فَجَازَ بَيْعُهُ لَهُ بِمِثْل الْقِيمَةِ. وَكَذَلِكَ قَال الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الأَْصَحِّ يَجُوزُ الْبَيْعُ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ، لأَِنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَبِيعَ لَهُ مَالَهُ هُوَ، فَجَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ لَهُ مَال مُوَكِّلِهِ كَالأَْجْنَبِيِّ، وَوَافَقَهُمُ الْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالُوا بِالْجَوَازِ وَلَكِنْ بِشَرْطَيْنِ:
الشَّرْطُ الأَْوَّل: أَنْ يَزِيدَ الْوَكِيل عَلَى مِقْدَارِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فِي النِّدَاءِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَتَوَلَّى النِّدَاءَ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرُ الْوَكِيل، وَقِيل: أَنْ يُوَلِّيَ مَنْ يَبِيعُ وَيَكُونُ هُوَ أَحَدُ الْمُشْتَرِينَ.
وَأَجَازُوا ذَلِكَ أَيْضًا إِذَا أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّل فِي ذَلِكَ.
وَاتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ إِذَا قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِعُمُومِ الْمَشِيئَةِ بِأَنْ قَال لِلْوَكِيل: اصْنَعْ مَا شِئْتَ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ، لأَِنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ الأَْمْرَ إِلَيْهِ عَلَى الْعُمُومِ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ التَّنْصِيصِ عَلَى الْبَيْعِ لَهُ، فَإِنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ يَكُونُ نَصًّا فِي كُل مَا يَتَنَاوَلُهُ.
وَكَذَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ، لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلبِالْبَيْعِ لَهُ أَوْ أَجَازَ لَهُ مَا صَنَعَ جَازَ. (65)
شِرَاءُ الرَّجُل لِنَفْسِهِ مِنْ مَال وَلَدِهِ الطِّفْل، وَشِرَاؤُهُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ:
52 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلأَْبِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَال ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ، وَأَنْ يَبِيعَ لَهُ مِنْ مَال نَفْسِهِ. (66)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (وِلاَيَة)
قَبْضُ الأَْبِ الْمَال الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ وَالْعَكْسُ:
53 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: الأَْبُ إِذَا بَاعَ مَالَهُ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لاَ يَصِيرُ قَابِضًا بِنَفْسِ الْبَيْعِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَال قَبْل أَنْ يَصِيرَ بِحَالٍ يَتَمَكَّنُّ مِنَ الْقَبْضِ حَقِيقَةً هَلَكَ عَلَى الْوَالِدِ، وَالثَّمَنُ الَّذِي لَزِمَ بِشِرَاءِ مَال وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ لاَ يَبْرَأُ مِنْهُ حَتَّى يُنَصِّبَ الْقَاضِي وَكِيلاً عَنِ الصَّغِيرِ فَيَقْبِضُهُ مِنْ أَبِيهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ وَدِيعَةً مِنَ ابْنِهِ فِي يَدِهِ. وَفِيمَا لَوْ بَاعَ دَارَهُ مِنَ ابْنِهِ وَهُوَ فِيهَا سَاكِنٌ لاَ يَصِيرُ الاِبْنُ قَابِضًا حَتَّى يُفَرِّغَهَا الأَْبُ، وَيُشْتَرَطُ تَسْلِيمُهَا إِلَى أَمِينِ الْقَاضِي. (67)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اتَّحَدَتْ يَدُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ وَقَعَ الْقَبْضُ بِالنِّيَّةِ كَقَبْضِ الأَْبِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ مَال وَلَدِهِ إِذَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ. (68)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا بَاعَ مَال وَلَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ فِي عِقْدِ الصَّرْفِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ، وَفَارَقَ مَجْلِسَهُ ذَاكَ وَلَمْ يَحْصُل الْقَبْضُ، بَطَل الْعَقْدُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ إِذَا فَارَقَ الْمَجْلِسَ يَلْزَمُ الْعَقْدُ. وَقِيل: لاَ يَلْزَمُ إِلاَّ بِاخْتِيَارِ اللُّزُومِ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ قَوْل جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا.
فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ أَنْ يَقْبِضَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَبْطُل الْخِيَارُ بِاخْتِيَارِ اللُّزُومِ، قَالَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ، وَفِي وَجْهٍ فِي أَصْل الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لاَ يَثْبُتُ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ مَجْلِسٍ أَصْلاً، وَعَلَى هَذَا أَيْضًا يَكُونُ الْمُعْتَبَرُ مَجْلِسُ الْعَقْدِ، فَإِذَا فَارَقَهُ بَطَل، قَالَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ. (69) َقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجُوزُ لِلأَْبِ أَنْ يُوجِبَ وَيَقْبَل وَيَقْبِضَ مَا يَبِيعُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ مَال وَلَدِهِ لأَِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ. (70)
وِلاَيَةُ الْوَلَدِ لاِسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ:
54 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَوْنِ حَقِّ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ يَثْبُتُ لِكُل وَرَثَةِ الْمَقْتُول صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ.
وَالتَّفْصِيل فِي (قِصَاص ف 26، 29)
قَتْل الْوَلَدِ:
55 - يَحْرُمُ قَتْل الْوَالِدِ وَلَدَهُ. قَال اللَّهُ ﷿ لِنَبِيِّهِ ﷺ: ( {قُل تَعَالَوْا أَتْل مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} ) (71) ، وَقَال تَعَالَى: ( {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} ) (72) ، وَقَال: ( {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْل أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ} ) (73) .
قَال الشَّافِعِيُّ (74) : كَانَ بَعْضُ الْعَرَبُ تَقْتُل الإِْنَاثَ مِنْ وَلَدِهَا صِغَارًا خَوْفَ الْعَيْلَةَ عَلَيْهِمْ وَالْعَارَ بِهِمْ، فَلَمَّا نَهَى اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ، دَل عَلَى تَثْبِيتِ النَّهْيِ عَنْ قَتْل أَطْفَال الْمُشْرِكِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَكَذَلِكَ دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ مَعَ مَا دَل عَلَيْهِ الْكِتَابُ مِنْ تَحْرِيمِ الْقَتْل بِغَيْرِ حَقٍّ قَال تَعَالَى: ( {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} ) (75) .
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ؟ فَقَال: " أَنْ تَجْعَل لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ " قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لِعَظِيمٌ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيْ؟ قَال: " ثُمَّ أَنْ تَقْتُل وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يُطْعَمَ مَعَكَ " (76) .
56 - فَإِذَا قَتَل الْوَالِدُ وَلَدَهُ فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُقْتَصُّ مِنْهُ، فَالْوَالِدُ لاَ يُقَادُ بِوَلَدِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَالْجَدُّ لاَ يُقَادُ بِوَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْبَنِينَ وَوَلَدُ الْبَنَاتِ. (77)
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: لاَ يُقَادُ الأَْبُ بِالاِبْنِ إِلاَّ أَنْ يُضْجِعَهُ فَيَذْبَحَهُ أَوْ يَبْقُرَ بَطْنَهُ، فَأَمَّا إِذَا حَذَفَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالْعَصَا فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَل بِهِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ مَعَ حَفِيدِهِ. (78) وَانْظُرِ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (قِصَاص ف 17، 22) .
قَتْل الْوَلَدِ بِوَالِدَيْهِ:
57 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ) إِلَى أَنَّهُ يُقْتَل الْوَلَدُ بِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْوَالِدَيْنِ لِعُمُومِ الآْيَاتِ وَالأَْحَادِيثِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، ثُمَّ خُصَّ مِنْهَا الْوَالِدُ بِالنَّصِّ الْخَاصِّ فَبَقِيَ الْوَلَدُ دَاخِلاً تَحْتَ الْعُمُومِ، وَلأَِنَّ الْقِصَاصَ شُرِعَ لِتَحْقِيقِ حِكْمَةِ الْحَيَاةِ بِالزَّجْرِ وَالرَّدْعِ، وَالْحَاجَةِ إِلَى الزَّجْرِ فِي جَانِبِ الْوَلَدِ لاَ فِي جَانِبِ الْوَالِدِ، لأَِنَّ الْوَالِدَ يُحِبُّ وَلَدَهُ لِوَلَدِهِ لاَ لِنَفْسِهِ بِوُصُول النَّفْعِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ، أَوْ يُحِبُّهُ لِحَيَاةِ الذَّكَرِ لِمَا يَحْيَى بِهِ ذِكْرُهُ، وَفِيهِ أَيْضًا زِيَادَةُ شَفَقَةٍ تَمْنَعُ الْوَالِدَ عَنْ قَتْلِهِ، فَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّمَا يُحِبُّ وَالِدَهُ لاَ لِوَالِدِهِ بَل لِنَفَسِهِ، وَهُوَ وُصُول النَّفْعِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ، فَلَمْ تَكُنْ مَحَبَّتُهُ وَشَفَقَتُهُ مَانِعَةً مِنَ الْقَتْل، فَلَزِمَ الْمَنْعُ بِشَرْعِ الْقِصَاصِ كَمَا فِي الأَْجَانِبِ، وَأَنَّ مَحَبَّةَ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ لَمَّا كَانَتْ مِنْ أَجْل مَنَافِعَ تَصِل إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ لاَ لِعَيْنِهِ، فَرُبَّمَا يَقْتُل الْوَالِدَ لِيَتَعَجَّل الْوُصُول إِلَى أَمْلاَكِهِ، لاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ لاَ يَصِل النَّفْعُ إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ لِعَوَارِضَ، وَلَكِنْ مِثْل هَذَا يَنْدُرُ فِي جَانِبِ الأَْبِ، وَأَنَّ الأَْبَ أَعْظَمُ حُرْمَةً وَحَقًّا مِنَ الأَْجْنَبِيِّ، فَإِذَا قُتِلبِالأَْجْنَبِيِّ فَبِالأَْبِ أَوْلَى، وَأَنَّهُ يُحَدُّ بِقَذْفِهِ فَيُقْتَل بِهِ كَالأَْجْنَبِيِّ، كَمَا أَنَّهُ قَطَعَ الرَّحِمَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِصِلَتِهَا وَوَضَعَ الإِْسَاءَةَ مَوْضِعَ الإِْحْسَانِ فَهُوَ أَوْلَى بِإِيجَابِ الْعُقُوبَةِ وَالزَّجْرِ عَنْهُ.
وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّ الاِبْنَ لاَ يُقْتَل بِأَبِيهِ؛ لأَِنَّ الأَْبَ لاَ تُقْبَل شَهَادَتُهُ لَهُ بِحَقِّ النَّسَبِ، فَلاَ يُقْتَل بِهِ كَالأَْبِ مَعَ ابْنِهِ. (79)
قَتْل الْوَالِدِ الْوَلَدَ الْبَاغِيَ وَالْعَكْسُ:
58 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْعَدْل تَعَمُّدُ قَتْل أَبَوَيْهِ أَوْ وَلَدِهِ مِنْ أَهْل الْبَغْيِ، فَإِذَا قُتِل أَحَدُهُمْ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَال لِضَرُورَةِ الْقِتَال فَلاَ يُضْمَنُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَل الْبَاغِي أَحَدَ أَبَوَيْهِ أَوْ وَلَدَهُ فَلاَ يَضْمَنُ.
أَمَّا لَوْ قَتَل الْعَادِل أَوِ الْبَاغِي أَحَدَ وَالِدَيْهِ أَوْ وَلَدَهُ فِي غَيْرِ الْقِتَال أَوْ فِي الْقِتَال وَلَكِنْ لِغَيْرِ ضَرُورَةِ الْقِتَال فَإِنَّهُ يَضْمَنُ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ الْبَاغِيَ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ عَلَى الْعَادِل؛ لأَِنَّهُمَا فِرْقَتَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُحِقَّةٌ وَمُبْطِلَةٌ، فَلاَ يَسْتَوِيَانِ فِي سُقُوطِ الْغُرْمِ. (80) وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلاَتٌ أُخْرَى تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (بُغَاة ف 26)
شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَالْعَكْسُ:
59 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَلاَ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَة ف 26)
دُخُول الْوَلَدِ فِي الْعَاقِلَةِ الَّتِي تَتَحَمَّل الدِّيَةَ:
60 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي دُخُول الْوَلَدِ فِي الْعَاقِلَةِ الَّتِي تَتَحَمَّل الدِّيَةَ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ فِي قَوْلٍ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، إِلَى أَنَّهُ يَدْخُل الأَْبْنَاءُ وَالآْبَاءُ فِي الْعَاقِلَةِ فِي تَحَمُّل الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِمْ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ فِي الْقَوْل الآْخَرِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى أَنَّ الأَْبْنَاءَ وَالآْبَاءَ لاَ يَدْخُلُونَ فِي الْعَاقِلَةِ فِي تَحَمُّل الدِّيَةِ عَنِ الْجَانِي. (81) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَاقِلَة ف 3)
سَرِقَةُ الْوَالِدِ مِنَ الْوَلَدِ وَالْعَكْسُ:
61 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ لاَ قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الْوَالِدِ مِنْ مَال وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَل، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ (82) ، وَقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ (83) وَفِي لَفْظٍ فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلاَدِكُمْ (84) وَلاَ يَجُوزُ قَطْعُ الإِْنْسَانِ بِأَخْذِ مَا أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِأَخْذِهِ، وَلاَ أَخْذِ مَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ مَالاً لَهُ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَلأَِنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَأَعْظَمُ الشُّبَهَاتِ أَخَذُ الرَّجُل مِنْ مَالٍ جَعَلَهُ الشَّرْعُ لَهُ، وَأَمَرَهُ بِأَخْذِهِ وَأَكْلِهِ.
وَقَال أَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ: يُقْطَعُ الأَْبُ بِسَرِقَةِ مَال ابْنِهِ (85) لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ( {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ) (86) .
62 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَطْعِ يَدِ الْوَلَدِ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَال وَالِدِهِ.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لاَ قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الْوَلَدِ مِنْ مَال وَالِدِهِ وَإِنْ عَلاَ، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَإِسْحَاقُ وَالثَّوْرِيُّ، لأَِنَّ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ تَمْنَعُ قَبُول شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ، فَلَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَةِ مَالِهِ كَالأَْبِ، وَلأَِنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ فِي مَال الأَْبِ لاِبْنِهِ حِفْظًا لَهُ، فَلاَ يَجُوزُ إِتْلاَفُهُ حِفْظًا لِلْمَال، وَلأَِنَّهُ يَرِثُ مَالَهُ، وَلَهُ حَقُّ دُخُول بَيْتِهِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا شُبُهَاتٌ تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ لِظَاهِرِ الآْيَةِ، وَلأَِنَّهُ يُحَدُّ بِالزِّنَى مِنْ جَارِيَتِهِ، وَيُقَادُ بِقَتْلِهِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ، وَلأَِنَّهُ لاَ تُوجَدُ شُبْهَةٌ فِي عَلاَقَةِ الاِبْنِ بِأَبِيهِ تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ. (87)
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (سَرِقَة ف 15) . قَذْفُ الْوَالِدِ وَلَدَهُ:
63 - إِذَا قَذَفَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ وَإِنْ سَفَل، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ حَدِّ الْقَذْفِ عَلَيْهِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ، إِلَى أَنَّهُ لاَ يُحَدُّ الْوَالِدُ بِقَذْفِهِ لِوَلَدِهِ وَإِنْ نَزَل، وَذَلِكَ بِالْقِيَاسِ عَلَى عَدَمِ قَتْلِهِ بِهِ، فَإِهْدَارُ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِ الْوَلَدِ يُوجِبُ إِهْدَارَهَا فِي عِرْضِهِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى. (88)
غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: إِنَّ الاِقْتِصَارَ عَلَى نَفْيِ الْحَدِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُعَزَّرُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلإِْيذَاءِ، (89) وَكَذَلِكَ يُعَزَّرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بَل بِشَتْمِ وَلَدِهِ يُعَزَّرُ عِنْدَهُمْ. (90)
64 - وَكَمَا لاَ يُحَدُّ بِقَذْفِ وَلَدِهِ لاَ يُحَدُّ بِقَذْفِ مَنْ وَرِثَهُ الْوَلَدُ وَلَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ غَيْرَهُ، كَمَا لَوْ قَذَفَ امْرَأَةً لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَتْ، لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ ابْتِدَاءً لَمْ يَثْبُتْ لَهُ انْتِهَاءً كَالْقِصَاصِ، فَإِنْ شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ كَأَنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ آخَرُ مِنْ غَيْرِهِ كَانَ لَهُ الاِسْتِيفَاءُ لأَِنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ يَسْتَوْفِيهِ، لِلُحُوقِ الْعَارِ بِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْوَرَثَةِ عَلَى انْفِرَادِهِ. (91)
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: لِلاِبْنِ أَنْ يُطَالِبَ بِحَدِّ الْقَذْفِ عَلَى أَبَوَيْهِ، وَهُوَ قَوْل عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ( {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} ) (92) ، وَلأَِنَّهُ حَدٌّ فَلاَ يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِهِ قَرَابَةُ الْوِلاَدَةِ كَالزِّنَا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا حُدَّ الْوَالِدَانِ فَإِنَّ الاِبْنَ يُعْتَبَرُ فَاسِقًا وَلاَ تُقْبَل لَهُ شَهَادَةٌ.
(ر: قَذْف ف 48)
إِسْقَاطُ حَدِّ الْحِرَابَةِ عَنِ الْوَلَدِ:
الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَلَدٌ لِلْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ، أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ سَقَطَ عَنْهُ حَدُّ الْحِرَابَةِ. لأَِنَّ بَيْنَ الْقَاطِعِ وَالْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ تَبَسُّطًا فِي الْمَال وَالْحِرْزِ، لِوُجُودِ الإِْذْنِ بِالتَّنَاوُل عَادَةً، فَإِذَا أَخَذَ الْقَاطِعُ الْمَال فَإِنَّهُ يَكُونُ آخِذًا لِمَالٍ لَمْ يَحْرِزْهُ عَنْهُ الْحِرْزُ الْمَبْنِيُّ فِي الْحَضَرِ، وَلاَ السُّلْطَانُ الْجَارِي فِي السَّفَرِ، فَأَوْرَثَ ذَلِكَ شُبْهَةً، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، لِقَوْل الرَّسُول ﷺ: ادْرَأُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّ الإِْمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ (93) .
وَبِمِثْل ذَلِكَ قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَخْذِ الْوَلَدِ مَال أَبِيهِ حِرَابَةً، فَإِنَّهُ لاَ يُحَدُّ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُمْ يُوجِبُونَ الْقِصَاصَ عَلَى الْوَلَدِ إِذَا قَتَل وَالِدَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا كَمَا تَقَدَّمَ (ف 62) فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إِذَا قَتَلَهُ حِرَابَةً فَإِنَّهُ لاَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ. (94)
وَانْظُرْ (حِرَابَة ف 10)
ثَانِيًا: الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِوَلَدِ الْحَيَوَانِ:
وَلَدُ الأُْضْحِيَةِ:
66 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ ذَبْحِ وَلَدِ الأُْضْحِيَةِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ ذَبْحُهُ مَعَهَا، وَقَال آخَرُونَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أُضْحِيَة ف 47) وَلَدُ الشَّاةِ إِذَا كَانَ عَلَى صُورَةِ كَلْبٍ:
67 - شَاةٌ وَلَدَتْ وَلَدًا بِصُورَةِ الْكَلْبِ، فَأُشْكِل أَمْرُهُ، فَإِنْ صَاحَ مِثْل الْكَلْبِ لاَ يُؤْكَل، وَإِنْ صَاحَ مِثْل الشَّاةِ يُؤْكَل، وَإِنْ صَاحَ مِثْلَهُمَا يُوضَعُ الْمَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ، إِنْ شَرِبَ بِاللِّسَانِ لاَ يُؤْكَل لأَِنَّهُ كَلْبٌ، وَإِنْ شَرِبَ بِالْفَمِ يُؤْكَل، لأَِنَّهُ شَاةٌ، وَإِنْ شَرِبَ بِهِمَا جَمِيعًا يُوضَعُ التِّبْنُ وَاللَّحْمُ قِبَلَهُ، إِنْ أَكَل التِّبْنَ يُؤْكَل، لأَِنَّهُ شَاةٌ، وَإِنْ أَكَل اللَّحْمَ لاَ يُؤْكَل، وَإِنْ أَكْلَهُمَا جَمِيعًا يُذْبَحُ فَإِنْ خَرَجَ الأَْمْعَاءُ (أَيْ تَبَيَّنَ أَنَّ لَهُ أَمْعَاءً لاَ يُؤْكَل، وَإِنْ خَرَجَ الْكِرْشُ (أَيْ تَبَيَّنَ أَنَّ لَهُ كِرْشًا يُؤْكَل. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَلَدَتْ شَاةٌ كَلْبَةً وَلَمْ يَتَحَقَّقْ نَزْوُ كَلْبٍ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تَحِل كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ لأَِنَّهُ قَدْ يَحْصُل الْخَلْقُ عَلَى خِلاَفِ صُورَةِ الأَْصْل، لَكِنَّ الْوَرَعَ تَرْكُهَا. وَقَال آخَرُونَ: إِنْ كَانَ أَشْبَهَ بِالْحَلاَل خِلْقَةً حَل وَإِلاَّ فَلاَ. (1)
خُرُوجُ الْوَلَدِ فِي حَال الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ:
68 - الْوَلَدُ الْخَارِجُ فِي حَال الْحَيَاةِ فِيهِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ وَالطَّهَارَةُ، ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ.
أَمَّا إِذَا انْفَصَل الْوَلَدُ حَيًّا بَعْدَ مَوْتِهَا فَعَيْنُهُ طَاهِرَةٌ بِلاَ خِلاَفٍ عِنْدَهُمْ، وَلاَ يَجِبُ غَسْل ظَاهِرِهِ. (95)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نَجَاسَة)
لُحُوقُ الْوَلَدِ بِأُمِّهِ بَعْدَ ظُهُورِ الْعَيْبِ:
69 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَمْل يَتْبَعُ الأُْمَّ فِي الْبَيْعِ (96) فَوَلَدُ الإِْبِل أَوِ الْغَنَمِ إِذَا اشْتُرِيَتْ حَامِلاً، أَوْ حَمَلَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ بَعْدَ وِلاَدَتِهَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا يُرَدُّ وَلَدُهَا مَعَهَا وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي وِلاَدَتِهَا، إِلاَّ أَنْ تَنْقُصَهَا، فَيُرَدُّ مَعَهَا مَا نَقَصَهَا إِلاَّ أَنْ يُجْبَرَ بِالْوَلَدِ. (97)
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (تَبَعِيَّة ف 2)
زَكَاةُ الْوَلَدِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْوَحْشِيِّ وَالأَْهْلِيِّ:
70 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْوَلَدِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْوَحْشِيِّ وَالأَْهْلِيِّ. فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَحْشِيُّ هُوَ الْفَحْل أَمِ الأُْمَّ، لأَِنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ الْوَحْشِيِّ وَالأَْهْلِيِّ مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَبَيْنَ مَا لاَ تَجِبُ فِيهِ، فَيُرَجَّحُ جَانِبُ الْوُجُوبِ، قِيَاسًا عَلَى الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ، فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْوَحْشِيِّ وَالأَْهْلِيِّ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْل تُضَمُّ إِلَى جِنْسِهَا مِنَ الأَْهْلِيِّ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَيُكَمَّل بِهَا نِصَابُهَا وَتَكُونُ كَأَحَدِ أَنْوَاعِهِ. (98)
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الأُْمَّهَاتُ أَهْلِيَّةٌ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِلاَّ فَلاَ، لأَِنَّ جَانِبَ الأُْمِّ فِي الْحَيَوَانِ هُوَ الرَّاجِحُ، لأَِنَّ وَلَدَ الْبَهِيمَةِ يَتْبَعُ أُمَّهُ. (99)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ فِيهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْوَحْشِيَّةُ مِنْ قِبَل الْفَحْل أَمْ مِنْ قِبَل الأُْمِّ لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ الْوُجُوبِ. (100)
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (زَكَاة ف 42)
__________
(1) المصباح المنير، والمعجم الوجيز، وتاج العروس والمعجم الوسيط.
(2) المفردات في غريب القرآن.
(3) المصباح المنير، وقواعد الفقه للبركتي، والكليات للكفوي.
(4) سورة النساء 23.
(5) لسان العرب، ومختار الصحاح.
(6) مطالب أولي النهى 4 362.
(7) المعجم الوسيط، والقاموس، والفروق في اللغة لأبي هلال ص 277.
(8) القليوبي 3 242.
(9) الإنصاف 7 83، ومطالب أولي النهى 4 362.
(10) الكليات 2 361، ومعجم متن اللغة.
(11) سورة الصافات 77.
(12) تفسير القرطبي 15 34.
(13) تفسير القرطبي 15 34.
(14) حاشية ابن عابدين 3 433، ومغني المحتاج 2 388، والإنصاف 7 79، والمغني 5 615، وحاشية الدسوقي 4 92.
(15) المعجم الوجيز، والكليات للكفوي، ومختار الصحاح، وطلبة الطلبة للنسفي ص 231 " ط دار النفائس ".
(16) الهداية وفتح القدير 2 506، وابن عابدين 2 394، 395، والخرشي 8 66، ومسائل الإمام أحمد لابن هانئ 1 218، 219، 2 99،100، ومواهب الجليل 6 284،285، وحاشية الشرقاوي على التحرير 2 540،541.
(17) الهداية وفتح القدير 2 506.
(18) ابن عابدين 2 394، 395.
(19) المبسوط 10 122، والاختيار 4 148، وابن عابدين 4 257، والمغني 8 551، والإنصاف 10 329، وجواهر الإكليل 1 21،116، ومغني المحتاج 4 137.
(20) الاختيار 4 148، 149، وبدائع الصنائع 7 135.
(21) المبسوط10 122، والبدائع 7 135، والمغني 8 551، والإنصاف 10 320، والهداية 2 126، والأم 6 649، ومواهب الجليل 6 284.
(22) حديث: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. . . " أخرجه مسلم (1 465 ـ ط الحلبي) من حديث أبي مسعود الأنصاري.
(23) سورة الأنعام 164.
(24) مطالب أولي النهى 1 680.
(25) حديث ابن عباس " أن امرأة من خثعم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 66 ـ ط السلفية) ، ومسلم (2 973 ـ ط الحلبي) ، والسياق لمسلم.
(26) سورة النجم 39.
(27) سورة البقرة 286.
(28) الاختيار 5 16.
(29) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 118، والزرقاني 2 35، والتاج والإكليل 3 238، 239.
(30) نهاية المحتاج 8 136، ومغني المحتاج 4 292.
(31) حديث: " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله. . . " أخرجه مسلم (3 1255 ـ ط الحلبي، من حديث أبي هريرة.
(32) تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 7 73، والقليوبي 3 175.
(33) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 5 269.
(34) مغني المحتاج 4 295، وتحف وتحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 9 374، وفتاوى الرملي بهامش الفتاوى الفقهية الكبرى 4 322،323.
(35) حديث: " لا تدعوا على أنفسكم. . . " أخرجه مسلم (4 2304 ـ ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(36) حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 2 88.
(37) الدر المختار 4 513.
(38) رد المحتار على الدر المختار 4 510، والفتاوى الخانية بهامش الفتاوى الهندية 3 270، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 262.
(39) بدائع الصنائع 6 132 ـ133، ومواهب الجليل 6 64، وشرح المحلي 3 113، والمغني 5 682 ـ683.
(40) ابن عابدين 5 439، والمحلي 3 170، ومغني المحتاج 3 63، والدسوقي 4 432، والإنصاف 7 244، وكشاف القناع 4 364.
(41) المحلي على المنهاج 3 113.
(42) حاشية ابن عابدين 4 513، والدسوقي 2 522، ومغني المحتاج 3 446، وأحكام القرآن لابن العربي 3 1391.
(43) حاشية ابن عابدين 4 513.
(44) حديث: " إن أطيب ما أكلتم من كسبكم. . . " أخرجه الترمذي (3 630 ـ ط الحلبي) وقال: حديث حسن صحيح.
(45) حديث جابر بن عبد الله: " أنت ومالك لأبيك. . . " أخرجه ابن ماجه (2 769 ـ ط الحلبي) والطحاوي في مشكل الآثار (2 230 ـ ط دائرة المعارف العثمانية) ، والسياق للطحاوي، وصحح البوصيري إسناده في مصباح الزجاجة (2 25 ـ ط دار الجنان) .
(46) سورة الأنعام 34.
(47) سورة الأنبياء 90.
(48) سورة مريم 5.
(49) سورة إبراهيم 39.
(50) المغني 5 678 - 679، 236.
(51) حديث: " أنت ومالك لأبيك " تقدم تخريجه ف41.
(52) مسائل الإمام أحمد لابن هانئ 2 11،12.
(53) سورة البقرة 233.
(54) حديث: " لا رضاع بعد فصال. . . " أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (2 159 ـ ط المكتب الاسلامي) من حديث علي بن أبي طالب.
(55) رد المحتار على الدر المختار 2 567، وشرح منتهى الارادات 3 111، والشرح الصغير 2 521، والخرشي 4 23، والدسوقي 2 357، وروضة الطالبين 7 399، والكافي 3 156، والمغني 7 64،65، وأسنى المطالب 3 252.
(56) البحر الرائق 4 180، ورد المحتار على الدر المختار 2 636، وتبيين الحقائق مع حاشية الشلبي 3 47، وفتح القدير 4 368.
(57) الدسوقي والشرح الكبير 2 349، والشرح الصغير 2 522.
(58) مغني المحتاج 3 455، ونهاية المحتاج 7 218.
(59) فتح القدير 2 335.
(60) الشرح الكبير مع المغني 11 338.
(61) حاشية الدسوقي 2 171.
(62) مغني المحتاج 4 371.
(63) الشرح الكبير مع المغني 11 338.
(64) رد المحتار مع الدر المختار 3 110.
(65) البدائع 7 3465، 3466، المبسوط 19 32، والكنز 4 270، والفتاوى الهندية 3 589، وتكملة فتح القدير 8 73،74، وشرح الخرشي 6 77، والشرح الكبير 3 387، والمهذب 1 359، ومغني المحتاج 2 225، والمغني 5 117، وكشاف القناع 2 448.
(66) المغني لابن قدامة 7 233، 234 ط هجر، والمجموع 10 1، 13 565، ومغني المحتاج 2 175، والبدائع 5 154، وحاشية ابن عابدين 4 18، والقوانين الفقهية ص 326.
(67) الفتاوى الهندية 3 174.
(68) تنقيح الفصول وشرحه للقرافى ص 456.
(69) المجموع 10 16 ـ 17.
(70) المغني 8 255 ط هجر.
(71) سورة الأنعام 151.
(72) سورة التكوير 8 ـ 9.
(73) سورة الأنعام 137.
(74) الأم 6 3.
(75) سورة الأنعام 140.
(76) حديث: " أي الذنب أعظم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 13 491 ـ ط السلفية) ومسلم (1 90 ـ ط الحلبي) .
(77) البدائع 7 235، والمبسوط 26 91، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6 105، وحاشية الدسوقي 4 242، ونهاية المحتاج 7 258، ومغني المحتاج 4 15، وحاشية البحيرمي 4 138، والمغني 7 666، ومنتهى الإرادات 2 403، وكشاف القناع 5 527، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2 250.
(78) حاشية الدسوقي 4 238.
(79) تبين الحقائق 6 105، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2 252، ومغني المحتاج 4 18، والإنصاف 9 474، والمغني 7 670 ـ 671.
(80) البدائع 7 141، وابن عابدين 3 311، وفتح القدير 4 414، وتبيين الحقائق 3 276، وحاشية الدسوقي 4 300، التاج والإكليل 6 279، الشرح الصغير 4 429، والمهذب 2 220، ونهاية المحتاج 7 387، وكشاف القناع 6 163، والمغني 8 118، ومغني المحتاج 4 125.
(81) المبسوط 27 127، وتكملة فتح القدير 10 399، منح الجليل 4 424، بداية المجتهد 2 449، والمغني 9 516، ومنتهى الارادات 3 327، ومغني المحتاج 4 95، 96، والأم 6 101، والمغني مع الشرح الكبير 9 514،515، والإنصاف 10 119.
(82) حديث: " أنت ومالك لأبيك. . . " تقدم تخريجه ف 41.
(83) حديث: " إن أطيب ما أكلتم من كسبكم. . . " تقديم تخريجه ف41.
(84) حديث: " فكلوا من كسب أولادكم. . . " أخرجه أبو داود (3 802 ـ ط حمص) من حديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما.
(85) البدائع 7 70، وفتح القدير 5 381، والقليوبي وعميرة 4 188، وحاشية الدسوقي 4 337، وبداية المجتهد 2 490، ومغني المحتاج 4 162، وكشاف القناع 6 141، والمغني 12 459.
(86) سورة المائدة 38.
(87) فتح القدير 5 380، الفتاوى الهندية 2 181، والخرشي 8 96، والدسوقي 4 337، والزرقاني 8 98، والمدونة 6 276، ومغني المحتاج 4 162، المهذب 2 282، والمغني 12 460 (ط هجر) ، وكشاف القناع 6 141، وشرح منتهى الإرادات 3 371، والإنصاف 10 278.
(88) فتح القدير 4 196،197، والدر المختار مع رد المحتار 3 172، وحاشية الدسوقي 4 331، ومغني المحتاج 4 156، وشرح منتهى الإرادات 3 350، 351.
(89) مغني المحتاج 4 156.
(90) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 172.
(91) مغني المحتاج 4 156، وشرح منتهى الإرادات 3 350، 351، والدر المختار، وابن عابدين 3 172، والمغني 8 219.
(92) سورة النور 4.
(93) حديث: " ادرأوا الحدود عن المسلمين. . . " أخرجه الترمذي (4 33 ـ ط الحلبي) من حديث عائشة ﵂، وذكر أن في إسناده راوياً ضعيفاً.
(94) البدائع 7 91، 92، حاشية ابن عابدين 3 214، والمغني 10 318، وشرح منتهى الإرادات 2 491، ومغني المحتاج 4 183، وكشاف القناع 6 150، والإنصاف 10 294، والدسوقي 4 350، وحاشية الباجوري 2 299، 363.
(95) المجموع 1 244.
(96) الحموي على ابن نجيم 1 154، والخرشي 5 71، والدسوقي 3 57، الأشباه والنظائر للسيوطي ص117، والمنثور 1 234، وكشاف القناع 3 166، والمحلي 2 295.
(97) شرح الزرقاني 5 152، والمحلي 2 295.
(98) المغني 2 595، والدسوقي 1 432.
(99) البدائع 2 30، والدسوقي 1 432.
(100) مغني المحتاج 1 693، والجمل 2 219، والدسوقي 1 432.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 191/ 45
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".