البصير
(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...
عن سعيد بن جبير، قال: مَرَّ ابنُ عمرَ بِفِتيانٍ مِن قريش قد نَصَبُوا طَيْرًا، وهم يَرْمُونَه، وقد جعلوا لصاحِب الطيْرِ كلَّ خاطِئة مِن نَبْلِهم، فلمّا رأَوْا ابنَ عمر تَفَرَّقُوا، فقال ابن عمر: «مَن فعل هذا لَعَنَ الله، مَن فعل هذا؟ إنَّ رسول الله ﷺ لَعَنَ مَن اتخذَ شيئا فيه الرُّوحُ غَرَضًا»
[صحيح.] - [رواه مسلم.]
يخبر سعيد بن جُبير أن ابن عمر رضي الله عنهما مر بفتيان بقريش وقد وضعوا طائرًا يرمون عليه سهامهم، أيهم أشد إصابة، فلما رأوا عبد الله بن عمر رضي الله عنه تفرقوا هربًا منه، ثم قال: ما هذا؟ فأخبروه، فقال: لعن الله من فعل هذا, وذكر أن النبي ﷺ لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا. وهذا لأنه يتألم إذ أن هذا يضربه على جناحه، وهذا يضربه على صدره، وهذا يضربه على ظهره، وهذا على رأسه فيتأذى إذا لم يمت، وهو مقدور على تذكيته، فلهذا لعن النبي ﷺ من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا.
نَصَبُوا طَيْرًا | جعلوه هدفًا لنبلهم. |
كل خاطئة من نبلهم | كل نبلة لم تصب الهدف. |
لعن | اللعن: هو الطرد والإبعاد عن الخير، وعن رحمة الله -تعالى-. |
غرضا | الغرض: بفتح الغين المعجمة، والراء وهو الهدف، والشيء الذي يرمى إليه.والمراد: لا تتخذوا الحيوان الحي غرضًا ترمون إليه، والنهي يقتضي التحريم؛ فإنه تعذيبٌ للحيوان. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".