السبوح
كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «دخل رسول الله ﷺ البيت, وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، فأغلقوا عليهم الباب فلما فتحوا كنت أولَ من وَلَجَ. فلقيتُ بلالًا, فسألته: هل صلى فيه رسول الله ﷺ؟ قال: نعم , بين العَمُودَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
لما فتح الله تبارك وتعالى مكة في السنة الثامنة من الهجرة، وطهر بيته من الأصنام والتماثيل والصور، دخل ﷺ الكعبة المشرفة، ومعه خادماه، بلال، وأسامة، وحاجب البيت عثمان بن طلحة رضي الله عنهم، فأغلقوا عليهم الباب لئلا يتزاحم الناس عند دخول النبي ﷺ فيها ليروا كيف يتعبد، فيشغلوه عن مقصده في هذا الموطن، وهو مناجاة ربه وشكره على نعمه؛ فلما مكثوا فيها طويلا فتحوا الباب. وكان عبد الله بن عمر حريصا على تتبع آثار النبي ﷺ وسنته، ولذا فإنه كان أول داخل لما فتح الباب، فسأل بلالا: هل صلى فيها رسول الله ﷺ؟ قال بلال: نعم، بين العمودين اليمانيين. وكانت الكعبة المشرفة على ستة أعمدة، فجعل ثلاثة خلف ظهره، واثنين عن يمينه، وواحدا عن يساره، وجعل بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع، فصلى ركعتين، ودعا في نواحيها الأربع.
البَيت | الكعبة. |
أَغلَقُوا | قفلوا الباب، وهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه، والذي باشر الإغلاق: عثمان بن طلحة. |
البَاب | باب الكعبة. |
وَلَجَ | دخل. |
بَيْنَ العَمُودَين | أي صلى بين العمودين. |
اليَمَانِيَين | اللذين من جهة اليمن، وكان في البيت يومئذٍ أعمدة، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عمودين عن يمينه، وعمودًا عن يساره، وثلاثة خلفه، أما اليوم ففيه ثلاثة أعمدة فقط. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".