الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «طَافَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ على بَعِير، يَستَلِم الرُّكنَ بِمِحجَن».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
طاف النبي ﷺ في حجة الوداع، وقد تكاثر عليه الناس: منهم من يريد النظر إلى صفة طوافه، ومنهم من يريد النظر إلى شخصه الكريم؛ فازدحموا عليه، ومن كمال رأفته بأمته ومساواته بينهم: أن ركب على بعير، فأخذ يطوف عليه؛ ليتساوى الناس في رؤيته، وكان معه عصا محنية الرأس، فكان يستلم بها الركن، ويقبل العصا كما جاء في رواية مسلم لهذا الحديث.
طَافَ | دار على الكعبة سبعًا، وكان ذلك طواف الإفاضة بعد العيد. |
حَجَّة الوَدَاع | حجته -صلى الله عليه وسلم- سنة عشر، ولم يحج بعد هجرته سواها، وسُميت بذلك؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ودَّع الناس فيها؛ حيث قال: "لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا"، والحج في اللغة: القصد، وفي الشرع: القصد إلى البيت الحرام؛ لأعمال مخصوصة في أزمنة مخصوصة. |
بَعِير | هو الواحد من الإبل سواء كان جملا أم ناقة. |
يَسْتَلِمُ الرُّكنَ | يتناول الحجر الأسود. |
بِمِحْجَن | عصا محنية الرأس. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".