البحث

عبارات مقترحة:

الأحد

كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...


تُرْكِسْتَانُ

هو اسم جامع لجميع بلاد الترك وفي الحديث: أن النبي، ، قال: الترك أول من يسلب أمتي ما خوّلوا وعن ابن عباس أنه قال: ليكوننّ الملك، أو قال الخلافة، في ولدي حتى يغلب على عزهم الحمر الوجوه الذين كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه قال: لا تقوم الساعة حتى يجيء قوم عراض الوجوه صغار الأعين فطس الأنوف حتى يربطوا خيولهم بشاطئ دجلة وعن معاوية: لا تبعثوا الرّابضين اتركوهم ما تركوكم الترك والحبشة وخبر آخر عن النبي، ، أنه قال: اتركوا الترك ما تركوكم. وقيل: إن الشاة لا تضع في بلاد الترك أقلّ من أربعة وربما وضعت خمسة أو ستة كما تضع الكلاب، وأما اثنين أو ثلاثة فإنما يكون نادرا، وهي كبار جدّا، ولها ألايا كبار تجرها على الأرض. وأوسع بلاد الترك بلاد التغزغز، وحدّهم الصين والتّبّت والخرلخ والكيماك والغزّ والجفر والبجناك والبذكش واذكس وخفشاق وخرخيز، وأول حدّهم من جهة المسلمين فاراب، قالوا: ومدائنهم المشهورة ست عشرة مدينة، والتغزغز في الترك كالبادية، أصحاب عمد يرحلون ويحلّون، والبذكشية أهل بلاد وقرّى. وكان هشام بن عبد الملك بعث إلى ملك الترك يدعوه إلى الإسلام، قال الرسول: فدخلت عليه وهو يتخذ سرجا بيده فقال للترجمان: من هذا؟ فقال: رسول ملك العرب، قال: غلامي! قال: نعم، قال: فأسر بي إلى بيت كثير اللحم قليل الخبز، ثم استدعاني وقال لي: ما بغيتك؟ فتلطّفت له وقلت: إن صاحبي يريد نصيحتك ويراك على ضلال ويحبّ لك الدخول في الإسلام، قال: وما الإسلام؟ فأخبرته بشرائطه وحظره وإباحته وفروضه وعبادته، فتركني أياما ثم ركب ذات يوم في عشرة أنفس مع كل واحد منهم لواء وأسر بحملي معه، فمضينا حتى صعد تلّا وحول التلّ غيضة، فلما طلعت الشمس أمر واحدا من أولئك أن ينشر لواءه ويليح به، ففعل، فوافى عشرة آلاف فارس مسلّح كلّهم يقول: جاه جاه، حتى وقفوا تحت التلّ وصعد مقدّمهم فكفّر للملك، فما زال يأمر واحدا واحدا أن ينشر لواءه ويليح به، فإذا فعل ذلك وافى عشرة آلاف فارس مسلّح فيقف تحت التلّ حتى نشر الألوية العشرة وصار تحت التلّ مائة ألف فارس مدجّج، ثم قال للترجمان: قل لهذا الرسول يعرّف صاحبه أن ليس في هؤلاء حجّام ولا إسكاف ولا خياط فإذا أسلموا والتزموا شروط الإسلام من أين يأكلون؟ ومن ملوك الترك كيماك دون ألفين، وهم بادية يبيعون الكلأ، فإذا ولد للرجل ولد ربّاه وعاله وقام بأمره حتى يحتلم ثم يدفع إليه قوسا وسهاما ويخرجه من منزله ويقول له: احتل لنفسك، ويصيّره بمنزلة الغريب الأجنبي ومنهم من يبيع ذكور ولده وإناثهم بما ينفقونه ومن سنتهم أن البنات البكور مكشفات الرؤوس، فإذا أراد الرجل أن يتزوّج ألقى على رأس إحداهن ثوبا فإذا فعل ذلك صارت زوجته لا يمنعها منه مانع وذكر تميم بن بحر المطّوّعي أن بلدهم شديد البرد، وإنما يسلك فيه ستة أشهر في السنة، وأنه سلك في بلاد خاقان التغزغزي على بريد أنفذه خاقان إليه وأنه كان يسير في اليوم والليلة ثلاث سكك بأشد سير وأحثه، فسار عشرين يوما في بواد فيها عيون وكلأ وليس فيها قرية ولا مدينة إلا أصحاب السكك، وهم نزول في خيام، وكان حمل معه زادا لعشرين يوما، ثم سافر بعد ذلك عشرين يوما في قرى متصلة وعمارات كثيرة، وأكثر أهلها عبدة نيران على مذهب المجوس، ومنهم زنادقة على مذهب ماني، وأنه بعد هذه الأيام وصل إلى مدينة الملك وذكر أنها مدينة حصينة عظيمة حولها رساتيق عامرة وقرى متصلة ولها اثنا عشر بابا من حديد مفرطة العظم، قال: وهي كثيرة الأهل والزحام والأسواق والتجارات، والغالب على أهلها مذهب الزنادقة، وذكر أنه حزر ما بعدها إلى بلاد الصين مسيرة ثلاثمائة فرسخ، قال: وأظنه أكثر من ذلك، قال: وعن يمين بلدة التغزغز بلاد الترك لا يخالطها غيرهم، وعن يسار التغزغز كيماك وأمامها بلاد الصين، وذكر أنه نظر قبل وصوله إلى المدينة خيمة الملك من ذهب وعلى رأس قصره تسعمائة رجل، وقد استفاض بين أهل المشرق أن مع الترك حصى يستمطرون به، ويجيئهم الثلج حين أرادوا. وذكر أحمد بن محمد الهمذاني عن أبي العباس عيسى ابن محمد المروزي قال: لم نزل نسمع في البلاد التي من وراء النهر وغيرها من الكور الموازية لبلاد الترك الكفرة الغزّيّة والتغزغزية والخزلجية، وفيهم المملكة، ولهم في أنفسهم شأن عظيم ونكاية في الأعداء شديدة، إن من الترك من يستمطر في السفارة وغيرها فيمطر ويحدث ما شاء من برد وثلج ونحو ذلك، فكنا بين منكر ومصدق، حتى رأيت داود بن منصور بن أبي علي الباذغيسي، وكان رجلا صالحا قد تولى خراسان، فحمد أمره بها، وقد خلا بابن ملك الترك الغزية، وكان يقال له بالقيق بن حيّويه، فقال له: بلغنا عن الترك أنهم يجلبون المطر والثلج متى شاءوا فما عندك في ذلك؟ فقال: الترك أحقر وأذلّ عند الله من أن يستطيعوا هذا الأمر، والذي بلغك حق ولكن له خبر أحدثك به: كان بعض أجدادي راغم أباه، وكان الملك في ذلك العصر قد شذّ عنه واتخذ لنفسه أصحابا من مواليه وغلمانه وغيرهم ممن يجب الصعلكة، وتوجه نحو شرق البلاد يغير على الناس ويصيد ما يظهر له ولأصحابه، فانتهى به المسير إلى بلد ذكر أهله أن لا منفذ لأحد وراءه، وهناك جبل، قالوا: إنّ الشمس تطلع من وراء هذا الجبل، وهي قريبة من الأرض جدّا، فلا تقع على شيء إلا أحرقته، قال: أو ليس هناك ساكن ولا وحش؟ قالوا: بلى، قال: فكيف يتهيأ لهم المقام على ما ذكرتم؟ قالوا: أما الناس فلهم أسراب تحت الأرض وغيران في الجبال، فإذا طلعت الشمس بادروا إليها واستكنوا فيها حتى ترتفع الشمس عنهم فيخرجون، وأما الوحوش فإنها تلتقط حصّى هناك قد ألهمت معرفته، فكلّ وحشيّة تأخذ حصاة بفيها وترفع رأسها إلى السماء فتظلّلها وتبرز عند ذلك غمامة تحجب بينها وبين الشمس، قال: فقصد جدي تلك الناحية فوجد الأمر على ما بلغه، فحمل هو وأصحابه على الوحوش حتى عرف الحصى والتقطه، فحملوا منه ما قدروا عليه إلى بلادهم، فهو معهم إلى الآن، فإذا أرادوا المطر حرّكوا منه شيئا يسيرا فينشأ الغيم فيوافي المطر، وإن أرادوا الثلج والبرد زادوا في تحريكه فيوافيهم الثلج والبرد، فهذه قصتهم، وليس ذلك من حيلة عندهم، ولكنه من قدرة الله تعالى. قال أبو العباس: وسمعت إسماعيل بن أحمد الساماني أمير خراسان يقول: غزوت الترك في بعض السنين في نحو عشرين ألف رجل من المسلمين، فخرج إليّ منهم ستون ألفا في السلاح الشاك، فواقعتهم أياما، فإني ليوما في قتالهم إذ اجتمع إليّ خلق من غلمان الأتراك وغيرهم من الأتراك المستأمنة فقالوا لي: إن لنا في عسكر الكفرة قرابات وإخوانا، وقد أنذرونا بموافاة فلان، قال: وكان هذا الذي ذكروه كالكاهن عندهم، وكانوا يزعمون أنه ينشئ سحاب البرد والثلج وغير ذلك، فيقصد بها من يريد هلاكه، وقالوا: قد عزم أن يمطر على عسكرنا بردا عظاما لا يصيب البرد إنسانا إلا قتله، قال: فانتهرتهم وقلت لهم: ما خرج الكفر من قلوبكم بعد، وهل يستطيع هذا أحد من البشر؟ قالوا: قد أنذرناك وأنت أعلم غدا عند ارتفاع النهار فلما كان من الغد وارتفاع النهار نشأت سحابة عظيمة هائلة من رأس جبل كنت مستندا بعسكري إليه ثم لم تزل تنتشر وتزيد حتى أظلّت عسكري كله، فهالني سوادها وما رأيت منها وما سمعت فيها من الأصوات الهائلة وعلمت أنها فتنة، فنزلت عن دابّتي وصلّيت ركعتين وأهل العسكر يموج بعضهم في بعض وهم لا يشكّون في البلاء، فدعوت الله وعفرت وجهي في التراب وقلت: اللهم أغثنا فإن عبادك يضعفون عن محنتك وأنا أعلم أن القدرة لك وأنه لا يملك الضرّ والنّفع الا أنت، اللهم إن هذه السحابة إن أمطرت علينا كانت فتنة للمسلمين وسطوة للمشركين، فاصرف عنا شرهابحولك وقوتك يا ذا الجلال والحول والقوة قال: وأكثرت الدعاء ووجهي على التراب رغبة ورهبة إلى الله تعالى وعلما أنه لا يأتي الخير إلا من عنده ولا يصرف السوء غيره، فبينما أنا كذلك إذ تبادر إليّ الغلمان وغيرهم من الجند يبشرونني بالسلامة وأخذوا بعضدي ينهضونني من سجدتي ويقولون: انظر أيها الأمير، فرفعت رأسي فإذا السحابة قد زالت عن عسكري وقصدت عسكر الترك تمطر عليهم بردا عظاما وإذا هم يموجون، وقد نفرت دوابهم وتقلّعت خيامهم، وما تقع بردة على واحد منهم إلا أوهنته أو قتلته، فقال أصحابي: نحمل عليهم؟ فقلت: لا، لأن عذاب الله أدهى وأمرّ، ولم يفلت منهم إلا القليل، وتركوا عسكرهم بجميع ما فيه وهربوا، فلما كان من الغد جئنا إلى معسكرهم فوجدنا فيه من الغنائم ما لا يوصف، فحملنا ذلك وحمدنا الله على السلامة وعلمنا أنه هو الذي سهل لنا ذلك وملكناه قلت: هذه أخبار سطرتها كما وجدتها، والله أعلم بصحتها.

[معجم البلدان]

تركستان

اسم جامع لجميع بلاد الترك، وحدها من الإقليم الأول ضارباً في المشرق عرضاً إلى الإقليم السابع، وأكثرهم أهل الخيام، ومنهم أهل القرى، وسنذكر بلادهم وقبائلهم في الإقليم السادس إن شاء الله تعالى، وإنهم سكان شرقي الأقاليم كلها من الجنوب إلى الشمال، ممتازة عن جميع الأمم بكثرة العدد، وزيادة الشجاعة والجلادة وصورة السباع، عراض الوجوه فطس الأنوف عبل السواعد ضيقو الأخلاق، والغالب عليهم الغضب والظلم والقهر وأكل لحوم الحيوانات، لا يريدون لها بدلاً، ولا يراعون فيها نضجاً، ولا يرون إلا ما كان اغتصاباً كما هي عادة السباع. وليس عيشهم إلا شن غارة أو طلب ظبي نافر أو طير طائر، حتى إذا ظن بهم الكلال رأيتهم على نشاطهم الأول في ركض الخيل، وتسلم الجبال. وحسبك ما ترى من كبر همتهم أن أحدهم إذا سبى لا يرضى أن يكون زعيماً أو متقدماً لعسكر سيده، بل يريد انتزاع الملك من سيده والقيام مقامه. حكى بعض التجار قال: خرج من خوارزم قفل عظيم، فلما ذهبوا أياماً وبعدوا عن خوارزم ساروا ذات يوم، فلما نزل القوم رأوا مماليكهم الترك خرجوا عن وسط القوم، وكان عددهم أكثر من عدد التجار يرمون القوم بالنشاب. قالوا: ما شأنكم؟ قالوا: نريد نقتلكم ونأخذ هذه الأموال، نشتري منها الخيل والسلاح، ونمشي إلى خدمة السلطان! فقال القوم لهم: أنتم لا تحسنون بيع هذا القماش فاتركوه معنا حتى نحسن نشتري لكم منها الخيل والسلاح، ونجعل أحدكم أميراً، وتمشون إلى خدمة السلطان! فخدعوهم وبعثوا إلى خوارزم من يخبر شحنة خوارزم بالحال، فما كان إلا أيام قلائل حتى وصل الشحنة. قبض على المماليك، ورد القفل إلى خوارزم، وصلب المماليك، ونادى في خوارزم أن لا يشتري من التجار أحد مملوكاً رجلاً!وحسبك من غلبتهم في الأمور وصعوبة جانبهم قوله، : اتركوا الترك ما تركوكم! والترك ليسوا من الديانات في شيء، فمنهم عبدة الكواكب، ومنهم عبدة النيران، ومنهم من على مذهب النصارى، ومنهم مانوية، ومنهم ثنوية، ومنهم سحرة، وصنعتهم الحرب والطعن والضرب الذي هو صنعة المريخ فإنه صاحبهم. وحكي أن هشام بن عبد الملك بعث رسولاً إلى ملك الترك يدعوه إلى الإسلام؛ قال الرسول: دخلت عليه وهو يتخذ بيده سرجاً. قال للترجمان: من هذا؟ فقال: إنه رسول ملك العرب. فأمرني إلى بيت كثير اللحم قليل الخبز ثم بعد أيام استدعاني وقال: ما بغيتك؟ فتلطفت له وقلت: إن صاحبي يريد نصيحتك، ويرى أنك في ضلال يريد أن تدخل في دين الإسلام! فقال: ما الإسلام؟ فأخبرته بأركانه وشرائطه وحلاله وحرامه، فتركني أياماً ثم ركب ذات يوم مع عشرة أنفس، ومع كل واحد لواء وحملني معه، فمضينا حتى صعدنا تلاً وحول التل غيضة. فلما طلعت الشمس أمر واحداً من أولئك أن ينشر لواءه ففعل، فوافى عشرة آلاف فارس متسلحين ثم أمر غيره، فما زال واحد بعد واحد ينشر لواءه ويأتي عشرة آلاف حتى صار تحت التل مائة ألف مدجج. ثم قال للترجمان: قل لهذا الرسول ارجع إلى صاحبك وأخبره أن هؤلاء ليس فيهم إسكاف ولا حجام ولا خياط، فإذا أسلموا والتزموا الشرائط للإسلام فمن أين مأكلهم؟ وحكى داود بن منصور الباذغيسي، وكان رجلاً صالحاً، قال: اجتمعت بابن ملك الغز فوجدته رجلاً ذا فهم وعقل وذكاء، واسمه لقيق بن جثومة، وقلت له: بلغنا أن الترك يجلبون المطر والثلج متى شاءوا، كيف سبيلهم إلى ذلك؟ فقال: الترك أحقر وأذل عند الله تعالى من أن يستطيعوا هذا الأمر، والذي بلغك حق، وأنا أحدثك به: بلغني أن بعض أجدادي راغم أباه وكان أبوه ملكاً، فاتخذ لنفسه أصحاباً وموالي وغلماناً، وسار نحو المشرق يغيرعلى الناس ويصيد ما ظهر له، فانتهى به المسير إلى موضع ذكر أهله أن لا مسير له بعده، وكان عندهم جبل تطلع الشمس من ورائه، وتحرق كل شيء وقعت عليه، وكان سكانها في الأسراب تحت الأرض والغيران في الجبال بالنهار. وأما الوحش فتلتقط حصى هناك قد ألهمها الله تعالى معرفتها، فتأخذ كل وحشية حصاة في فيها وترفع رأسها إلى السماء، فتظلها غمامة عند ذلك تحجب بينها وبين الشمس، قال: فقصد أصحاب جدي حتى عرفوا ذلك الحجر، فحملوا من معهم ما قدروا إلى بلادنا، فهو معهم إلى الآن. فإذا أرادوا المطر حركوا منه شيئاً فينشأ الغيم ويوافي المطر، وإن أرادوا الثلج زادوا في تحريكها فيوافيهم الثلج والبرد؛ فهذه قصة المطر والحجر، وليس ذلك من حيلة الترك بل من قدرة الله تعالى! وحكى إسماعيل بن أحمد الساماني، وكان ملكاً عادلاً غازياً، قال: غزوت الترك ذات مرة في عشرين ألف فارس من المسلمين، فخرج علي منهم ستون ألفاً في السلاح الشاك، فواقعتهم أياماً، وإني ليوماً في قتالهم إذ جاءني قوم من مماليكي الأتراك وقالوا: إن لنا في معسكر الكفار قرابات، وقد أنذرونا بموافاة فلان وأنه ينشيء السحاب والمطر والثلج والبرد، وقد عزم أن يمطر علينا غداً برداً عظيماً لا يصيب الإنسان ألا يقتله، فانتهرتهم وقلت: هل يستطيع هذا أحد من البشر؟ فلما كان الغد وارتفع النهار نشأت سحابة عظيمة من جبل كنت مستنداً إليه بعسكري، ولم تزل تتنشر حتى أظلت عسكري، فهالني سوادها وما رأيت فيها من الهول، وما سمعت من الأصوات المزعجة، فعلمت أنها فتنة، فنزلت عن دابتي وصليت ركعتين والعسكر يموج بعضهم في بعض، ثم دعوت الله تعالى معفراً وجهي بالتراب وقلت: اللهم أغثنا فإن عبادك يضعفون عن محنتك! وإني أعلم أن القدرة لك، وان النفع والضر لا يملكهما إلا أنت! اللهم إن هذه السحابة إن أمطرت علينا كانت فتنة للمؤمنين وسطوة للمشركين. فاصرف عناشرها بحولك وقوتك، يا ذا الحول والقوة! قال: وأكثرت من الدعاء رغبة ورهبة إلى الله تعالى ووجهي على التراب. فبينا أنا كلك إذ بادر إلي الغلمان يبشروني بالسلامة، وأخذوا بعضدي ينهضوني. وكنت ثقيلاً من عدة الحديد، فرفعت رأسي فإذا السحابة قد زالت عن عسكري. وقصدت عسكر الترك وأمطرت برداً عظيماً، فإذا هم يموجون وتنفر دوابهم، وما وقعت بردة على أحد إلا أوهنته أو قتلته. فقال أصحابي: نحمل عليهم؟ فقلت: لا فإن عذاب الله أدهى وأمر! فمات منهم خلق كثير ولم يفلت إلا القليل. فلما كان من الغد دخلنا معسكرهم فوجدنا من الغنائم ما شاء الله، فحملناها وحمدنا الله تعالى على السلامة. بها جبل زانك؛ قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض تركستان جبل به جمع من أهل بيت يقال لهم زانك، وهم أناس ليس لهم زرع ولا ضرع، وفي جبالهم معدن الذهب والفضة، فربما توجد قطعة كرأس شاة، فمن أخذ القطاع الصغار تمتع بها، ومن أخذ من الكبار يفشو الموت في كل بيت فيه تلك القطعة. فإن ردها إلى مكانها ينقطع عنهم الموت، ولو أخذها الغريب لا يضره شيء. وبها جبل النار؛ هذا الجبل بأرض تركستان فيه غار شبه بيت كبير، كل دابة تدخله تموت في الحال لشدة وهج النار في ذلك البيت. وبها جبل كيلسيان؛ ذكر صاحب تحفة الغرائب أن بهذا الجبل موضعاً، كل طير طار مسامتاً له يقع في الحال ميتاً، فيرى حوله من الحيوانات الميتة ما شاء الله. وبها جبل ذكره أبو الريحان الخوارزمي في كتابه المسمى بالآثار الباقية: إن بأرض الترك جبلاً إذا اجتاز عليه الغنم شدت أرجلها بالصوف لئلا تصطك حجارة فيعقبها المطر. وبها معدن البلحش ومعدن اللازورد والبيجاذق، من خصائصها المسك الذكي الرائحة، والسنجاب والسمور والقاقم والفنك والثعالب السود والأرانبالبيض، والبزاة الشهب والحجر اليشب والخيل الهماليج والرقيق الروقة. وحكى بعض التجار أن بأرض الترك موضعاً يزرع فيه نوع من الحب، فيأتي بثمرة كالبطيخ، فإذا ظهرت ثمرته يزرع حولها شيء من الحشيش اللين حتى يكون عند إدراك الثمرة الحشيش موجوداً، فعند ذلك تنشق الثمرة ويخرج منها رأس حمل، ويجعل يرعى من ذلك الحشيش الذي بقربه أياماً حتى يقوى ويخرج من ذلك القشر، وقد حدث من رأى من هذا الغنم وقال: انه لا يخالف الغنم إلا بطول القوائم وفقد الألية، فإن عند أليتها شبه ذنب، وتحدث به كثير من التجار الذين أسفارهم إلى أرض الترك. والله الموفق.

[آثار البلاد وأخبار العباد]

تركستان

قد ذكرنا أن كل إقليم من الأقاليم السبعة شرقية مساكن الترك، وبلادهم ممتدة من الإقليم الأول إلى السابع عرضاً في شرقي الأقاليم، وقد بينا أنهم أمة عظيمة ممتازة عن سائر الأمم بالجلادة والشجاعة، وقساوة القلب ومشابهة السباع، والغالب على طباعهم الظلم والعسف والقهر، ولا يرون إلا ما كان غصباً لطبع السباع، وهمهم شن غارة أو طلب ظبي أو صيد طير. وعندهم من كبر انه لو سبي أحدهم وتربى في العبودية، فإذا بلغ أشده يريد أن يكون زعيم عسكر سيده، بل يريد أن يخالفه ويقوم مقامه وينسى حق التربية والانعام السابق.ونفوس الترك نفوس مائلة إلى الشر والفساد الذي هو طاعة الشيطان، فترى أكثرهم عبدة الأصنام أو الكواكب أو النيران أو نصارى، وما فيهم عجيب يذكر إلا سحرهم واستمطارهم المطر بالحجر الذي يرمونه في الماء، وذكر انه من خاصية الحجر وقد مر ذكره مبسوطاً. حكى صاحب تحفة الغرائب أن بأرض الترك جبلاً لقوم يقال لهم زانك، وهم ناس ليس لهم زرع ولا ضرع، وفي جبالهم ذهب وفضة كثيرة، وربما توجد قطعة كرأس شاة، فمن أخذ القطاع الصغار ينتفع بها، ومن أخذ القطاع الكبار يموت الآخذ وأهل كل بيت تلك القطعة فيه، فإن ردها إلى مكانها انقطع الموت عنهم، ولو أخذه الغريب لا يضره شيء. وحكي أن بتركستان جبلاً يقال له جبل النار، فيه غار مثل بيت كبير، كل دابة تدخله تموت في الحال.

[آثار البلاد وأخبار العباد]

تركستان

بلاد تقع إلى الشمال والشرق من بلاد ما بين النهرين وتقع على الأراضي التي بين الجبال المتوسطة (آسيا الوسطى) وبين حوض نهر الخزر والهضبة الإيرانية. عاصمتها مدينة (طاشقند).

[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]

تركستان

هو اسم جامع لجميع بلاد الترك، وأول حدّهم من جهة المسلمين فاراب، ومدائنهم المشهورة ست عشرة مدينة.

[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]