ورد اسم الله تعالى (المؤمن) في القرآن الكريم في موضع واحد وهو قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الحشر: 23] وسرد الألوسي رحمه الله في تفسيره الأقوال في معناه فقال: « قيل: المصدِّق لنفسه ولرسله عليهم السلام فيما بلغوه عنه سبحانه إما بالقول أو بخلق المعجزة، أو واهب عباده الأمن من الفزع الأكبر أو مؤمنهم منه إما بخلق الطمأنينة في قلوبهم أو بإخبارهم أن لا خوف عليهم، وقيل :مؤمن الخلق من ظلمه، وقال ثعلب :المصدق المؤمنين في أنهم آمنوا، وقال النحاس :في شهادتهم على الناس يوم القيامة ؛ وقيل :ذو الأمن من الزوال لاستحالته عليه سبحانه، وقيل :غير ذلك، وقرأ الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم وقيل أبو جعفر المدني ﴿المؤمن ﴾ بفتح الميم على الحذف والإيصال كما في قوله تعالى : ﴿ واختار موسى قَوْمَهُ ﴾ [ الأعراف :١٥٥] أي المؤمَن به . » "روح المعاني" (14/ 256).
شهد الله على أنه هو الإلـٰه المعبود بحق دون سواه، وذلك بما أقام من الآيات الشرعية والكونية الدالة على ألوهيته، وشهد على ذلك الملائكة، وشهد أهل العلم على ذلك ببيانهم للتوحيد ودعوتهم إليه، فشهدوا على أعظم مشهود به وهو توحيد الله وقيامه تعالى بالعدل في خلقه وشرعه، لا إلـٰه إلا هو العزيز الذي لا يغالبه أحد، الحكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه.
إن الذين قالوا: ربنا الله، لا رب لنا غيره، واستقاموا على امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، تتنزل عليهم الملائكة عند احتضارهم قائلين لهم: لا تخافوا من الموت ولا مما بعده، ولا تحزنوا على ما خلّفتم في الدنيا، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون بها في الدنيا على إيمانكم بالله وعملكم الصالح.
نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا، فقد كنا نسددكم ونحفظكم، ونحن أولياؤكم في الآخرة، فولايتنا لكم مستمرة، ولكم في الجنة ما تشتهيه أنفسكم من الملذات والشهوات، ولكم فيها كل ما تطلبونه مما تشتهونه.
﴿نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)
﴾
رزقًا مُهيَّأً لضيافتكم من ربٍّ غفور لذنوب من تاب إليه من عباده، رحيم بهم.
لا يخيفهم الهول العظيم حين تطبق النار على أهلها، وتستقبلهم الملائكة بالتهنئة قائلين: هذا يومكم الذي كنتم توعدون به في الدنيا، وتبشّرون بما تلاقون فيه من النعيم.
تفسير وترجمة الآية
مقترحات لموسوعة الجمهرة
إعدادات العرض
معاينة
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ
الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ
مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ
دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ
حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ
زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ
طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ
وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ
المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ
يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".