البحث

عبارات مقترحة:

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

المصور

كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...

يقين وثقة نوح عليه السلام بربه

العربية

المؤلف صالح بن مقبل العصيمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التاريخ وتقويم البلدان - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. حسن الثقة والتوكل على الله تعالى .
  2. دروس في التوكل واليقين من حياة نبي الله نوح عليه السلام .
  3. الاقتداء بالأنبياء في الثقة واليقين برب العالمين. .

اقتباس

إِنَّ حُسْنَ الثِّقَةِ بِاللهِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، مَنْهَجُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالصُّلَحَاءِ، وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ، وَالْمُتَتَبِّعُ لِكِتَابِ اللهِ يَجِدُ أَظْهَرَ الْأَدِّلَّةِ، وَأَسْطَعَ الْبَرَاهِينَ عَلى ذَلِكَ، قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ.....

الْخُطْبَةُ الْأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ: عِبَادَ اللهِ: إِنَّ حُسْنَ الثِّقَةِ بِاللهِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، مَنْهَجُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالصُّلَحَاءِ، وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ، وَالْمُتَتَبِّعُ لِكِتَابِ اللهِ يَجِدُ أَظْهَرَ الْأَدِّلَّةِ، وَأَسْطَعَ الْبَرَاهِينَ عَلى ذَلِكَ، قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ)[يونس:71].

فَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ بِكُلِّ ثِقَةٍ: إِنْ كَانَ عَظُمَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، وَشَقَّ عَلَيْكُمْ، وَوَعْظِي إِيَّاكُمْ بِحُجَجِ اللَّهِ، وَتَنْبِيهِي إِيَّاكُمْ عَلَى ذَلِكَ. (فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ)؛ فَلَوْ عَزَمْتُمْ عَلَى قَتْلِي، أَوْ طَرْدِي مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَعَلَى اللَّهِ اتِّكَالِي، وَبِهِ ثِقَتِي وَهُوَ سَنَدِي وَظَهِيرِي، (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ)؛ فَأَعِدُّوا أَمْرَكُمْ وَاعْزِمُوا عَلَى مَا تُقْدِمُونَ عَلَيْهِ فِي أَمْرِي؛ لِأَنِّي بِعَوْنِ اللهِ مُنْتَصِرٌ عَلَيْكُمْ، وَاثِقٌ بِنَصْرِ اللهِ لَهُ، وَيَأْمَنُ ثِقَةً بِاللهِ مِنْ مَكْرِهِمْ، غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ كَيْدِهِمْ وَبَطْشِهِمْ.

فَيَقُولُ لَهُمْ بِكُلِّ ثِقَةٍ: اِسْتَعِينُوا بِآلِهَتِكُمِ الَّتِي تَدْعُونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ، وَلَا تَتَأَخَّرُوا بِذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَأَنَا وَاثِقٌ أَنَّكُمْ لَنْ تَضُرُّونِي إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي، فَلَيْسَ لَكُمْ وَلَا لِآلِهَتِكُمْ قُدْرَةٌ عَلَى إِحْدَاثِ ضُرٍّ بِي، لَمْ يُرِدِ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يُصِيبَنِي بِهِ.

لَقَدْ امْتَلأَ قَلْبُ نُوحٍ ثِقَةً بِاللهِ وَبِوَعْدِهِ، وَيَصْنَعُ فِي أرْضٍ صَخْرِيَّةٍ فُلَكًا لَا تَسِيرُ إِلَا عَلَى الْبِحَارِ؛ تَنْفِيذًا لِأَمْرِ اللهِ، مِنْ أَجْلِ نَجَاتِهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْغَرَقِ، بِسَبَبِ وَعْدِ اللهِ لَهُ بِنُزُولِ الْمِيَاهِ الْمُغْرِقَةِ بِكَمِّيَّاتٍ هَائِلَةٍ مِنَ السَّمَاءِ نَازِلَةً، وَمِنَ الْأرْضِ خَارِجَةً، لِإِغْرَاقِ الْمُكَذِّبِينَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ؛ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ الْمَوْعُودَ آتٍ لَا مَحَالَةَ، وَأَصَابَهُ بِسَبَبِ صُنْعِهِ لِلْفُلْكِ سُخْرِيَّةُ قَوْمِهِ؛ وَقَالُوا: وَمَاذَا تَصْنَعُ يَا نُوحٍ بِهَذِهِ السَّفِينَةِ؟!

وَهُوَ يُبَيِّنُ لَهُمْ أَنَّهُ يُنَفِّذُّ أَمْرَ اللهِ، وَاثِقًا بِاللهِ، وَبِأَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَمَنْ مَعَهُ فِي نِهَايَةِ الْأَمْرِ سَيَسْخَرُونَ مِنَ السَّاخِرِينَ بِهِمْ؛ قَالَ اللهُ: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ)[هود:38]؛ فَقَدِ امْتَلَأَ ثِقَةً بِاللهِ، وَبِأَنَّ أَمْرَهُ نَافِذٌ، وَبِأَنَّ هَذَا الْفُلْكَ شَأْنُهُ عَظِيمٌ.

وَلِذَا قَالَ لَهُمْ: (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ)[هود:38]؛ فَلَقَدْ وَثِقَ بِنَصْرِ اللهِ، وَبِاسْتِجَابَةِ اللهِ لِدُعَائِه، قَالَ اللهُ -تَعَالَى- (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)[القمر:10-15].

وَقالَ -تَعَالَى-: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ * وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[هود:42-44].

هَكَذَا كَانَتِ النِّهَايَةُ؛ نَجَاةُ نُوحٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ، وَهَلَاكُ قَوْمِهِ الْمُكَذِّبِينَ لَهُ وَالْعَاصِينَ.

عِبَادَ اللَّهِ؛ إِنَّ ثِقَةَ نُوحٍ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَنَمُوذَجٌ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَذِيَ بِهِ الْمُؤْمِنُ فِي كَرْبِهِ وَضِيقِهِ، قَالَ تَعَالَى: (فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)[الأنعام:90].

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُك الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.