المحيط
كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...
الْمُلاَطَفَةُ، والْمُمَازَحَة فِي الْقَوْل، والفِعْلِ الْمَحْمُوُد بما لا يغضب الآخرين . يشهد له حديث أبي هريرة قال : قالوا : يا رسول الله : إنك تداعبنا؟ قال : "إني لا أقول إلا حقاً ". الترمذي :1990، وصححه الألباني .
الْمُلاَطَفَةُ، والْمُمَازَحَة فِي الْقَوْل، والفِعْلِ الْمَحْمُوُد بما لا يغضب الآخرين.
التَّعْرِيفُ:
ا - الْمُدَاعَبَةُ لُغَةً: الْمُمَازَحَةُ، وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لِجَابِرٍ ﵁ وَقَدْ تَزَوَّجَ: أَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَمْ ثَيِّبًا؟ فَقَال: بَل ثَيِّبًا، قَال: فَهَلاَّ بِكْرًا تُدَاعِبُهَا وَتُدَاعِبُكَ (1) .
وَالْمُدَاعَبَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ الْمُلاَطَفَةُ فِي الْقَوْل بِالْمِزَاحِ وَغَيْرِهِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْمُلاَعَبَةُ:
2 - الْمُلاَعَبَةُ مَصْدَرُ لاَعَبَ، يُقَال: لاَعَبَهُ مُلاَعَبَةً وَلِعَابًا: لَعِبَ مَعَهُ، وَمِنْ مَعَانِي اللَّعِبِ: اللَّهْوُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} (3) وَيُقَال: لَعِبَ بِالشَّيْءِ: اتَّخَذَهُ لِعْبَةً، وَيُقَال: لَعِبَ فِي الدِّينِ، اتَّخَذَهُ سُخْرِيَّةً، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيزِ: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا} (4) .
وَمِنْ مَعَانِيهِ: عَمِل عَمَلاً لاَ يُجْدِي عَلَيْهِ نَفْعًا، ضِدُّ جَدَّ (5) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (6) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمُدَاعَبَةِ وَالْمُلاَعَبَةِ هِيَ أَنَّ الْمُلاَعَبَةَ أَعَمُّ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ - كَمَا قَال الزُّبَيْدِيُّ - فِي حُكْمِ الْمُدَاعَبَةِ وَالْمِزَاحِ
فَاسْتَبْعَدَ بَعْضُهُمْ وُقُوعَ الْمِزَاحِ مِنْهُ ﷺ لِجَلِيل مَكَانَتِهِ وَعَظِيمِ مَرْتَبَتِهِ، فَكَأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ حِكْمَتِهِ بِقَوْلِهِمْ: إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا يَا رَسُول اللَّهِ، قَال: إِنِّي لاَ أَقُول إِلاَّ حَقًّا (7) .
وَقَال بَعْضُهُمْ: هَل الْمُدَاعَبَةُ مِنْ خَوَاصِّهِ ﷺ فَلاَ يَتَأَسَّوْنَ بِهِ فِيهَا؟ فَبَيَّنَ ﷺ لَهُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ خَوَاصِّهِ.
وَالْمُدَاعَبَةُ لاَ تُنَافِي الْكَمَال، بَل هِيَ مِنْ تَوَابِعِهِ وَمُتَمِّمَاتِهِ إِذَا كَانَتْ جَارِيَةً عَلَى الْقَانُونِ الشَّرْعِيِّ، بِأَنْ تَكُونَ عَلَى وَفْقِ الصِّدْقِ، وَبِقَصْدِ تَآلُفِ قُلُوبِ الضُّعَفَاءِ وَجَبْرِهِمْ وَإِدْخَال السُّرُورِ عَلَيْهِمْ وَالرِّفْقِ بِهِمْ، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ ﷺ: لاَ تُمَارِ أَخَاكَ وَلاَ تُمَازِحْهُ (8) إِنَّمَا هُوَ الإِْفْرَاطُ فِيهَا وَالدَّوَامُ عَلَيْهَا، لأَِنَّهُ يُورِثُ آفَاتٍ كَثِيرَةً ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً مِنَ الْقَسْوَةِ وَالْغَفْلَةِ وَالإِْيذَاءِ وَالْحِقْدِ وَإِسْقَاطِ الْمَهَابَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَمِزَاحُهُ ﷺ سَالِمٌ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الأُْمُورِ، يَقَعُ مِنْهُ عَلَى جِهَةِ النُّدْرَةِ لِمَصْلَحَةٍ تَامَّةٍ مِنْ مُؤَانَسَةِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَهُوَ بِهَذَا الْقَصْدِ سُنَّةٌ، إِذِ الأَْصْل مِنْ أَفْعَالِهِ ﷺ وُجُوبُ التَّأَسِّي بِهِ فِيهَا أَوْ نَدْبُهُ، إِلاَّ لِدَلِيلٍ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ دَلِيل هُنَا يَمْنَعُ مِنْهُ، فَتَعَيَّنَ النَّدْبُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ (9) .
مُدَاعَبَةُ الأَْزْوَاجِ:
4 - قَال الْغَزَالِيُّ فِي الإِْحْيَاءِ: وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى احْتِمَال الأَْذَى مِنِ امْرَأَتِهِ بِالْمُدَاعَبَةِ وَالْمِزَاحِ وَالْمُلاَعَبَةِ، فَهِيَ الَّتِي تُطَيِّبُ قُلُوبَ النِّسَاءِ، وَعَلَى الرَّجُل أَنْ لاَ يُوَافِقَهَا بِاتِّبَاعِ هَوَاهَا إِلَى حَدٍّ يُفْسِدُ خُلُقَهَا وَيُسْقِطُ بِالْكُلِّيَّةِ هَيْبَتَهُ عِنْدَهَا (10) .
(ر: عِشْرَةٌ ف 8) .
وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄: أَفَلاَ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَتُدَاعِبُهَا وَتُدَاعِبُكَ وَفِي رِوَايَةٍ: وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ (11) .
مُدَاعَبَةُ الأَْطْفَال:
5 - جَاءَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ ﵁ قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَال لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قَال: أَحْسَبُهُ فَطِيمًا - وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَال: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ (12) .
قَال ابْنُ حَجَرٍ: فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْمُمَازَحَةِ وَتَكْرِيرُ الْمِزَاحِ، وَأَنَّهَا إِبَاحَةٌ سُنَّةٍ لاَ رُخْصَةٍ، وَأَنَّ مُمَازَحَةَ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ جَائِزَةٌ (13) .
__________
(1) المعجم الوسيط، ولسان العرب، والنهاية لابن الأثير 2 / 118. وحديث: " أبكراً أم ثيباً؟ . . . . ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 343) من حديث جابر بن عبد الله.
(2) عمدة القاري 10 / 411 - ط. دار الطباعة العامرة، وإتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين 7 / 499.
(3) سورة يوسف / 12.
(4) سورة الأنعام / 70.
(5) المعجم الوسيط.
(6) قواعد الفقه للبركتي.
(7) حديث: " إني لا أقول إلا حقاً ". أخرجه الترمذي (4 / 357) من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن صحيح.
(8) حديث: " لا تمار أخاك ولا تمازحه ". أخرجه الترمذي (4 / 359) من حديث عبد الله بن عباس، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(9) اتحاف السادة المتقين لشرح إحياء علوم الدين للزبيدي 7 / 499. ط دار الفكر، وفتح الباري 10 / 526 - 527، وعمدة القاري 10 / 411. ط دار الطباعة العامرة.
(10) إحياء علوم الدين 2 / 44.
(11) حديث: " أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك ". أخرج الرواية الأولى والثالثة البخاري (الفتح 9 / 513) ومسلم (2 / 1087) وأخرج الرواية الثانية.
(12) حديث: " كان النبي ﷺ أحسن الناس خلقاً. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 582) ، ومسلم (3 / 1692) من حديث أنس بن مالك.
(13) فتح الباري 10 / 584 - ط. مكتبة الرياض الحديثة.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 272/ 36
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".