الصمد
كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...
الاِجْتِمَاعُ الواقع للعقد . ومن شواهده قولهم : " قَوْلُهُ : وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةٍ، أَيْ جَازَ الْبَيْعُ بَتًّا، وَعَلَى الْخِيَارِ بِسَبَبِ رُؤْيَةٍ . قَوْلُهُ : لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا . أَيْ إذَا ظَنَّ، أَوْ جَزَمَ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا . قَوْلُهُ : وَلَوْ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ . إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْغِيبَةُ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ إلَّا فِيمَا بِيعَ عَلَى الْوَصْفِ ."
يَرِد مُصطلَح (مَجْلِس العَقْدِ) في كتاب البُيُوعِ، باب: الصَّرْف، وباب: الرِّبا، وباب: السَّلَم، وفي كِتابِ النِّكاح، باب: شروط النِّكاح.
الاِجْتِمَاعُ الواقع للعقد.
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (5/137)
* شرح الزُّرقاني على مختصر خليل : (3/169)
* فتح القدير لابن الهمام : (5/81)
* مطالب أولي النهى : (3/6)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (30/215) -
التَّعْرِيفُ:
1 - مَجْلِسُ الْعَقْدِ مُرَكَّبٌ إِضَافِيٌّ مِنْ لَفْظَيْنِ هُمَا: مَجْلِسٌ وَالْعَقْدُ.
وَالْمَجْلِسُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ مَوْضِعُ الْجُلُوسِ، أَمَّا الْعَقْدُ فِي اللُّغَةِ فَهُوَ: نَقِيضُ الْحَل (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْعَقْدُ هُوَ رَبْطُ أَجْزَاءِ التَّصَرُّفِ بِالإِْيجَابِ وَالْقَبُول (2) .
وَمَجْلِسُ الْعَقْدِ فِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ الاِجْتِمَاعُ لِلْعَقْدِ، جَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ: جِنْسُ الْبَيْعِ هُوَ الاِجْتِمَاعُ الْوَاقِعُ لِعَقْدِ الْبَيْعِ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
مَجْلِسُ الْحُكْمِ:
2 - مَجْلِسُ الْحُكْمِ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقْعُدُ فِيهِ الْقَاضِي (الْحَاكِمُ) لِفَصْل الْقَضَاءِ وَإِصْدَارِ الْحُكْمِ (4) . الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ:
يَتَعَلَّقُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أ - اتِّحَادُ مَجْلِسِ الْعَقْدِ
3 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ، بِأَنْ يَقَعَ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَلَوِ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ بِأَنْ أَوْجَبَ أَحَدَهُمَا فَقَامَ الآْخَرُ مِنَ الْمَجْلِسِ قَبْل الْقَبُول أَوِ اشْتَغَل بِعَمَلٍ يُوجِبُ اخْتِلاَفَ الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَبِل لَمْ يَنْعَقِدْ وَبَطَل الإِْيجَابُ (5) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (عَقْدٌ ف 22 وَمَا بَعْدَهَا) .
ب - تَقَابُضُ الْعِوَضَيْنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فِي الصَّرْفِ
4 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الصَّرْفِ تَقَابُضُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْضًا حَقِيقِيًّا لِحَدِيثِ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْل سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (6) . وَالتَّفْصِيل فِي (رِبًا ف 26 وَتَقَابُضٌ ف 4 - 5 وَصَرْفٌ ف 7 وَقَبْضٌ ف 39) .
ج - اشْتِرَاطُ تَسْلِيمِ رَأْسِ مَال السَّلَمِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ
5 - قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: إِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّلَمِ: تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَال فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَل الْعَقْدُ (7) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (سَلَمٌ ف 16 وَقَبْضٌ ف 41) .
د - ثُبُوتُ خِيَارِ فَسْخِ الْعَقْدِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ
6 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلْعَاقِدَيْنِ خِيَارَ فَسْخِ الْعَقْدِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَتَفَرَّقَا بِبَدَنَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (8) .
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ ﷺ: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُول أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ (9) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (خِيَارُ الْمَجْلِسِ ف2 وَمَا بَعْدَهَا) .
__________
(1) لسان العرب.
(2) التعريفات.
(3) المادة (181) .
(4) أدب القضاء لابن أبي الدم ص109 - 110.
(5) بدائع الصنائع 2 / 232، 5 / 131 والفتاوى الهندية 1 / 269، والبحر الرائق 3 / 289، وابن عابدين 2 / 169، ومطالب أولي النهى 3 / 6، حاشية القليوبي 2 / 154، والشرح الصغير 2 / 350، شرح الزرقاني 3 / 169.
(6) حديث: " الذهب بالذهب. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1211) من حديث عبادة بن الصامت.
(7) بدائع الصنائع 5 / 202، والمغني 4 / 328، والمحلي مع القليوبي 2 / 245.
(8) المحلي شرح المنهاج 2 / 190 - 191، والمغني 3 / 563.
(9) حديث: " البيعان بالخيار. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 328) من حديث ابن عمر.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 144/ 36
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".