المقتدر
كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...
الشعر النابت فوق ذكر الرجل، وقُبُل المرأة، وحواليهما . ومن أمثلته استحباب حلق العانة في أقل من أربعين لَيْلَةً . ومن شواهده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : "وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَنَتْفِ الْإِبْطِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ."ابن ماجه :295.
الشعر النابت فوق ذكر الرجل، وقُبُل المرأة، وحواليهما.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعَانَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الشَّعْرُ النَّابِتُ فَوْقَ الْفَرْجِ، وَتَصْغِيرُهَا عُوَيْنَةٌ وَقِيل: هِيَ الْمَنْبَتُ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، قَال الْعَدَوِيُّ وَالنَّفْرَاوِيُّ: الْعَانَةُ: هِيَ مَا فَوْقَ الْعَسِيبِ وَالْفَرْجِ وَمَا بَيْنَ الدُّبُرِ وَالأُْنْثَيَيْنِ (2) .
وَقَال النَّوَوِيُّ: الْمُرَادُ بِالْعَانَةِ الشَّعْرُ الَّذِي فَوْقَ ذَكَرِ الرَّجُل وَحَوَالَيْهِ وَكَذَلِكَ الشَّعْرُ الَّذِي حَوَالَيْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ (3) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَانَةِ:
حَلْقُ الْعَانَةِ:
2 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ حَلْقَ الْعَانَةِ سُنَّةٌ، وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وُجُوبَ حَلْقِ الْعَانَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ إِذَا أَمَرَهَا زَوْجُهَا بِذَلِكَ (4) .
الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ حَلْقِ الْعَانَةِ وَغَيْرِهِ مِنْ طُرُقِ الإِْزَالَةِ:
3 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ إِزَالَةِ شَعْرِ الْعَانَةِ بِأَيِّ مُزِيلٍ مِنْ حَلْقٍ وَقَصٍّ وَنَتْفٍ وَنَوْرَةٍ (5) ، لأَِنَّ أَصْل السُّنَّةِ يَتَأَدَّى بِالإِْزَالَةِ بِأَيِّ مُزِيلٍ (6) ، كَمَا أَنَّهُ لاَ خِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَل لإِِزَالَةِ شَعْرِ الْعَانَةِ فِي حَقِّ الرَّجُل (7) .
أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الأَْوْلَى فِي حَقِّهَا النَّتْفُ (8) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةِ وَالنَّوَوِيُّ فِي قَوْلٍ إِلَى تَرْجِيحِ الْحَلْقِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ (9) ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي النَّهْيِ عَنْ طُرُوقِ النِّسَاءِ لَيْلاً حَتَّى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغَيَّبَةُ (10) . قَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ بَأْسَ بِالإِْزَالَةِ بِأَيِّ شَيْءٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَفْضَلِيَّةَ الْحَلْقِ (11) .
تَوْقِيتُ حَلْقِ الْعَانَةِ:
4 - يُسْتَحَبُّ حَلْقُ الْعَانَةِ فِي كُل أُسْبُوعٍ مَرَّةً، وَجَازَ فِي كُل خَمْسَةَ عَشْرَ، وَكُرِهَ تَرْكُهُ وَرَاءَ الأَْرْبَعِينَ (12) ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ ﵁ وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الأَْظْفَارِ وَنَتْفِ الإِْبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لاَ نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً (13) .
قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ: ذِكْرُ الأَْرْبَعِينَ تَحْدِيدٌ لأَِكْثَرِ الْمُدَّةِ، وَلاَ يَمْنَعُ تَفَقُّدَ ذَلِكَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ: الاِحْتِيَاجُ.
وَقَال النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ الأَْحْوَال وَالأَْشْخَاصِ، وَالضَّابِطُ: الْحَاجَةُ فِي هَذَا وَفِي جَمِيعِ الْخِصَال الْمَذْكُورَةِ (14) ، (أَيْ خِصَال الْفِطْرَةِ) .
دَفْنُ شَعْرِ الْعَانَةِ:
5 - يُسْتَحَبُّ دَفْنُ مَا أُخِذَ مِنْ شَعْرِ الْعَانَةِ وَمُوَارَاتُهُ فِي الأَْرْضِ (15) .
قَال مُهَنَّا: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الرَّجُل يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَيَدْفِنُهُ أَمْ يُلْقِيهِ؟ قَال يَدْفِنُهُ، قُلْتُ: بَلَغَكَ فِيهِ شَيْءٌ؟ قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدْفِنُهُ.
وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ أَمَرَ بِدَفْنِ. الشَّعْرِ وَالأَْظْفَارِ (16) قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدِ اسْتَحَبَّ أَصْحَابُنَا دَفْنَهَا لِكَوْنِهَا أَجْزَاءً مِنَ الآْدَمِيِّ (17) .
حَلْقُ عَانَةِ الْمَيِّتِ:
6 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِ الْمَيِّتِ (18) ، وَهَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ (19) ، فَقَدْ أَوْرَدَ الزَّرْقَانِيُّ أَثَرًا بِلَفْظِ يُصْنَعُ بِالْمَيِّتِ مَا يُصْنَعُ بِالْعَرُوسِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُحْلَقُ وَلاَ يُنَوَّرُ (20) . وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى تَحْرِيمِ حَلْقِ شَعْرِ عَانَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ لَمْسِ عَوْرَتِهِ وَرُبَّمَا احْتَاجَ إِلَى نَظَرِهَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ فَلاَ يُرْتَكَبُ مِنْ أَجْل مَنْدُوبٍ (21) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْجَدِيدِ اسْتِحْبَابَ أَخْذِ شَعْرِ عَانَةِ الْمَيِّتِ، وَعَلَى الْقَوْل الثَّانِي يَقُولُونَ بِكَرَاهَتِهِ (22) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: شَعْر) .
النَّظَرُ إِلَى الْعَانَةِ لِلضَّرُورَةِ:
7 - يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الْعَانَةِ وَإِلَى الْعَوْرَةِ عَامَّةً لِحَاجَةٍ مُلْجِئَةٍ (23) ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يُبَاحُ لِلطَّبِيبِ النَّظَرُ إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنْ بَدَنِهَا (بَدَنِ الْمَرْأَةِ) مِنَ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ (وَمِثْل ذَلِكَ النَّظَرُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُل) لِحَدِيثِ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَال: كُنْتُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانُوا يَنْظُرُونَ، فَمَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِل، وَمَنْ لَمْ يَنْبُتْ لَمْ يُقْتَل فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يَنْبُتْ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: فَكَشَفُوا عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ تَنْبُتْ، فَجَعَلُونِي مِنَ السَّبْيِ (24) .
وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ أُتِيَ بِغُلاَمٍ قَدْ سَرَقَ فَقَال: انْطُرُوا إِلَى مُؤْتَزَرِهِ فَلَمْ يَجِدُوهُ أَنْبَتَ الشَّعْرَ فَلَمْ يَقْطَعْهُ (25) .
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَأَمَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ فَالنَّظَرُ وَاللَّمْسُ مُبَاحَانِ لِفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَعِلاَجٍ وَلَوْ فِي فَرْجٍ لِلْحَاجَةِ الْمُلْجِئَةِ إِلَى ذَلِكَ، لأَِنَّ فِي التَّحْرِيمِ حِينَئِذٍ حَرَجًا، فَلِلرَّجُل مُدَاوَاةُ الْمَرْأَةِ وَعَكْسُهُ، وَلْيَكُنْ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ (26) .
وَلِلتَّفْصِيل فِي شُرُوطِ جَوَازِ مُعَالَجَةِ الطَّبِيبِ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً يُنْظَرُ: (عَوْرَة)
هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ حَلْقَ الْعَانَةِ لِمَنْ لاَ يُحْسِنُهُ ضِمْنَ الضَّرُورَاتِ الَّتِي تُجِيزُ النَّظَرَ إِلَى الْعَوْرَةِ (27) .
دَلاَلَةُ ظُهُورِ شَعْرِ الْعَانَةِ عَلَى الْبُلُوغِ:
8 - يَرَى الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ وَاللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ أَنَّ الإِْنْبَاتَ - وَهُوَ ظُهُورُ الشَّعْرِ الْخَشِنِ لِلْعَانَةِ - عَلاَمَةُ الْبُلُوغِ مُطْلَقًا (28) .
وَلَمْ يَعْتَبِرْ أَبُو حَنِيفَةَ الإِْنْبَاتَ عَلاَمَةَ الْبُلُوغِ مُطْلَقًا (29) . وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَدِ اعْتَبَرَ الإِْنْبَاتَ أَمَارَةً عَلَى الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الْكَافِرِ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْمُسْلِمِ (30) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: بُلُوغ فِقْرَةُ 10) .
الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَانَةِ:
9 - تَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْل فِي قَطْعِ عَانَةِ الْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ عَانَةُ الرَّجُل، لأَِنَّهُ جِنَايَةٌ لَيْسَ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَلاَ يُمْكِنُ إِهْدَارُهَا فَتَجِبُ فِيهَا حُكُومَةُ الْعَدْل (31) .
وَلِلتَّفْصِيل فِي شُرُوطِ وُجُوبِ حُكُومَةِ الْعَدْل وَكَيْفِيَّةِ تَقْدِيرِهَا يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (حُكُومَةُ عَدْلٍ ف 5 وَمَا بَعْدَهَا) .
__________
(1) المغرب والمصباح المنير.
(2) حاشية العدوي على شرح الرسالة 2 / 353 ط والحلبي، والفواكه الدواني 2 / 401.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 3 / 148، والمجموع 1 / 289.
(4) المجموع 1 / 289، وكفاية الطالب الرباني 2 / 353 ط. الحلبي، وابن عابدين 5 / 261، والفروع 1 / 130.
(5) صحيح مسلم بشرح النووي 3 / 148، وكشاف القناع 1 / 76، والمغني 1 / 86.
(6) فتح الباري 10 / 344.
(7) فتح الباري 10 / 344، وصحيح مسلم بشرح النووي 3 / 148، والمغني 1 / 86، وكفاية الطالب الرباني 2 / 353 ط. الحلبي، وابن عابدين 5 / 261، والاختيار 4 / 167.
(8) ابن عابدين 5 / 261، وحاشية الجمل 2 / 48، وفتح الباري 10 / 344.
(9) كفاية الطالب الرباني 2 / 353 - 354، وفتح الباري 10 / 344.
(10) حديث جابر: في النهي عن طروق النساء ليلا. أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 341) .
(11) الإنصاف 1 / 122، والفروع 1 / 130، والمغني 1 / 86.
(12) الدر المختار 5 / 261، وكشاف القناع 1 / 76.
(13) حديث أنس: وقت لنا في قص الشارب. أخرجه مسلم (1 / 222)
(14) فتح الباري 10 / 346.
(15) المجموع 1 / 289 - 290.
(16) المغني 1 / 88، وكشاف القناع 1 / 76. وحديث: " أمر بدفن الشعر والأظفار ". أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (5 / 232 - ط. دار الكتب العلمية) من حديث وائل بن حجر، وقال البيهقي: (هذا إسناد ضعيف) .
(17) فتح الباري 10 / 346.
(18) الاختيار 1 / 92.
(19) الزرقاني 2 / 88، والتاج والإكليل 2 / 212.
(20) حديث: " يصنع بالميت ما يصنع بالعروس ". أورده ابن حجر في التلخيص (2 / 106) بلفظ: " افعلوا بميتكم ما تفعلون بعروسكم " وقال: قال ابن الصلاح: بحثت عنه فلم أجده ثابتًا، وقال أبو شامة في كتاب السواك: هذا الحديث غير معروف.
(21) كشاف القناع 2 / 97.
(22) المجموع 5 / 178 وما بعدها.
(23) مغني المحتاج 3 / 133، وبدائع الصنائع 5 / 124. والمغني 6 / 558، وكشاف القناع 1 / 265.
(24) حديث عطية القرظي: كنت من سبي قريظة. أخرجه أبو داود (4 / 561) والترمذي (4 / 145) وقال: (حديث حسن صحيح) .
(25) المغني 6 / 558.
(26) مغني المحتاج 3 / 133.
(27) كشاف القناع 1 / 265.
(28) حاشية الدسوقي 3 / 293. والمغني 4 / 509، وفتح الباري 5 / 277.
(29) عمدة القاري 13 / 239.
(30) حاشية الجمل 3 / 338، وفتح الباري 5 / 277.
(31) المغني 8 / 42، وأسنى المطالب 4 / 58، وانظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 6 / 133، والشرح الصغير مع حاشية الصاوي عليه 4 / 381.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 233/ 29
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".