الشاكر
كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...
مالٌ من الغنيمة أقلُّ من سَهْم الرَّجُل الغانِم، يُعطيه الإمام، أو نائبُه لمن لا يُسهَم له، ممن شارك في القتال، أو أعان عليه، كالمرأة، والصبي المميز، والكافر . ومن شواهده عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ : " كَتَبَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ النِّسَاءِ، هَلْ كُنَّ يَشْهَدْنَ الْحَرْبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ قَالَ : فَأَنَا كَتَبْتُ كِتَابَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى نَجْدَةَ : " قَدْ كُنَّ يَحْضُرْنَ الْحَرْبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَأَمَّا أَنْ يُضْرَبَ لَهُنَّ بِسَهْمٍ، فَلَا، وَقَدْ كَانَ يُرْضَخُ لَهُنَّ . " أحمد : 2728. وصححه الأرناؤوط .
مالٌ من الغنيمة أقلُّ من سَهْم الرَّجُل الغانِم، يُعطيه الإمام، أو نائبُه لمن لا يُسهَم له، ممن شارك في القتال، أو أعان عليه، كالمرأة، والصبي المميز، والكافر.
التَّعْرِيفُ:
1 - الرَّضْخُ فِي اللُّغَةِ الْعَطَاءُ الْقَلِيل، يُقَال: رَضَخْتُ لَهُ رَضْخًا وَرَضِيخًا؛ أَيْ أَعْطَيْتُهُ شَيْئًا لَيْسَ بِالْكَثِيرِ. وَالأَْصْل فِيهِ الرَّضْخُ بِمَعْنَى الْكَسْرِ.
وَالْمَال الْمُعْطَى يُسَمَّى: رَضْخًا، تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ، وَهُوَ فَعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الرَّضْخُ عَطِيَّةٌ مِنَ الْغَنِيمَةِ يَجْتَهِدُ الإِْمَامُ فِي قَدْرِهِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - السَّهْمُ:
2 - السَّهْمُ هُوَ النَّصِيبُ الْمُحْكَمُ، وَالْجَمْعُ أَسْهُمٌ، وَسِهَامٌ بِالْكَسْرِ، وَسُهَامٌ بِالضَّمِّ، يُقَال: أَسْهَمْتُ لَهُ: أَعْطَيْتُهُ سَهْمًا (3) . وَاصْطِلاَحًا: نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ لِلْمُحَارِبِينَ فِي الْغَنِيمَةِ، وَالصِّلَةُ بَيْنَ السَّهْمِ وَالرَّضْخِ هِيَ أَنَّ السَّهْمَ مُقَدَّرٌ وَالرَّضْخَ دُونَ السَّهْمِ بِاجْتِهَادِ الإِْمَامِ.
ب - التَّنْفِيل:
3 - التَّنْفِيل فِي اللُّغَةِ مِنَ النَّفَل وَهُوَ الْغَنِيمَةُ، وَفِي الاِصْطِلاَحِ: زِيَادَةُ مَالٍ عَلَى أَسْهُمِ الْغَنِيمَةِ يَشْتَرِطُهُ الإِْمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لِمَنْ يَقُومُ بِمَا فِيهِ نِكَايَةً فِي الْعَدُوِّ (4) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الرَّضْخِ وَالتَّنْفِيل، أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جُزْءٌ غَيْرُ مُقَدَّرٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ.
ج - السَّلَبُ:
4 - وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: كُل شَيْءٍ عَلَى الإِْنْسَانِ مِنَ اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ: وَيُقَال: سَلَبْتُهُ أَسْلُبُهُ سَلَبًا: إِذَا أَخَذْتَ سَلَبَهُ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ مَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْقَرَنَيْنِ فِي الْحَرْبِ مِنْ قَرَنِهِ، مِمَّا يَكُونُ عَلَيْهِ وَمَعَهُ، مِنْ ثِيَابٍ وَسِلاَحٍ وَدَابَّةٍ (5) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ السَّلَبِ وَالرَّضْخِ، هِيَ أَنَّ السَّلَبِ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى السَّهْمِ، وَالرَّضْخَ عَطِيَّةٌ دُونَ السَّهْمِ. الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الرَّضْخَ حَقٌّ وَاجِبٌ يَسْتَحِقُّهُ الْمَرْضُوخُ لَهُ لِعَمَلٍ قَامَ بِهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْقِتَال.
وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَلَيْسَ بِحَقٍّ ثَابِتٍ. وَالرَّضْخُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، فَيَجْتَهِدُ الإِْمَامُ فِي مِقْدَارِهِ، وَلَهُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ مَنْ يَرْضَخُ لَهُمْ، وَأَنْ يُفَاضِل بَيْنَهُمْ حَسَبَ نَفْعِهِمْ فِي الْقِتَال، فَيُرَجِّحُ الْمُقَاتِل عَلَى غَيْرِهِ، وَمَنْ قِتَالُهُ أَكْثَرُ، وَالْفَارِسُ عَلَى الرَّاجِل، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَسْقِي الْعِطَاشَ عَلَى الَّتِي تَحْفَظُ الرِّحَال (6) .
أَصْحَابُ الرَّضْخِ:
6 - أَصْحَابُ الرَّضْخِ كُل مَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِتَال إِلاَّ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ، وَقَامَ بِعَمَلٍ مُفِيدٍ فِي الْقِتَال، كَالنِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ الْمُمَيِّزِينَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْجِهَادِ (7) ، وَوَجَبَ إِعْطَاؤُهُمْ لِلآْثَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ.
كَخَبَرِ عُمَيْرٍ مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ: قَال: شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَكَلَّمُوهُ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ. (8)
وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ فَيُدَاوِينَ الْمَرْضَى، وَيَحْذِينَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ بِسَهْمٍ (9) وَكَانَ الصِّبْيَانُ يَحْذُونَ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَلاَ يُسْهَمُ لَهُمْ إِذَا حَضَرُوا الْحَرْبَ؛ لأَِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الْجِهَادِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يُرْضَخُ لأَِحَدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ، وَلاَ يُسْهَمُ لَهُمْ وَإِنْ قَاتَلُوا، إِلاَّ الصِّبْيَانُ فَإِنَّهُمْ يُسْهَمُ لَهُمْ إِذَا قَاتَلُوا (10) .
وَالذِّمِّيُّ إِنْ حَضَرَ الْقِتَال بِإِذْنِ الإِْمَامِ فَإِنَّهُ يُرْضَخُ لَهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَلاَ يُسْهَمُ لَهُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْجِهَادِ
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَحْمَدَ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ كَالْمُسْلِمِ، وَبِهَذَا قَال الأَْوْزَاعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَقَالُوا: إِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ اسْتَعَانَ بِأُنَاسٍ مِنَ الْيَهُودِ فِي حَرْبِهِ فَأَسْهَمَ لَهُمْ. (11) الرَّضْخُ لِلدَّوَابِّ:
7 - لاَ يُسْهَمُ لِغَيْرِ الْفَرَسِ مِنَ الدَّوَابِّ، كَالْبَعِيرِ، وَالْحِمَارِ، وَالْفِيل وَالْبَغْل؛ لأَِنَّ هَذِهِ الدَّوَابَّ لاَ تَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ صَلاَحِيَةَ الْخَيْل لَهُمَا، وَلَكِنْ يُرْضَخُ لَهَا فَيُرْضَخُ لِرَاكِبِهَا، بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ سَهْمَ الرَّاجِل (12) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (غَنِيمَة) .
مَحَل الرَّضْخِ:
8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَحَل الرَّضْخِ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يُرْضَخُ مِنْ أَصْل الْغَنِيمَةِ قَبْل إِخْرَاجِ الْخُمُسِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهُ اسْتُحِقَّ بِالْمُعَاوَنَةِ فِي تَحْصِيل الْغَنِيمَةِ فَأَشْبَهَ أُجْرَةَ النَّقَّالِينَ وَالْحَافِظِينَ لَهَا.
وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، أَنَّهُ مِنْ أَرْبَعَةِ الأَْخْمَاسِ. وَفِي قَوْلٍ لَهُمْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ. وَهُوَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مِنَ الْخُمُسِ (13) .
وَانْظُرْ: (غَنِيمَة) . مِقْدَارُ الرَّضْخِ:
9 - هُوَ مَا دُونَ قِيمَةِ السَّهْمِ مِنَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ،
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَوْكُولٌ تَقْدِيرُ قِيمَتِهِ لِلإِْمَامِ (1) .
زَمَنُ الرَّضْخِ:
10 - هُوَ تَبَعٌ لِزَمَنِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ إِنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَ الرُّجُوعِ؛ لِلْخِلاَفِ الْوَارِدِ فِي قِسْمَتِهَا (ر: غَنِيمَة) .
__________
(1) المصباح المنير.
(2) نهاية المحتاج 6 / 150، القليوبي 3 / 195، والزرقاني 3 / 130.
(3) المصباح المنير.
(4) لسان العرب، حاشية ابن عابدين 3 / 238، وروضة الطالبين 6 / 368، والمغني 8 / 378.
(5) لسان العرب، نهاية المحتاج 6 / 144 - 148
(6) روضة الطالبين 6 / 370، وأسنى المطالب 3 / 93، وكشاف القناع 3 / 86، والمغني 8 / 415، والاختيار للموصلي 4 / 130، وابن عابدين 3 / 235.
(7) المراجع السابقة.
(8) حديث عمير مولى آبي اللحم قال: " شهدت خيبر. . . . " أخرجه الترمذي (4 / 126 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ". والخرثي أردأ الأمتعة (لسان العرب) .
(9) خبر ابن عباس: " كان النبي ﷺ يغزو بالنساء " أخرجه الترمذي (4 / 126 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".
(10) حاشية الدسوقي 2 / 192، والزرقاني 3 / 130.
(11) المغني 8 / 414، والمصادر السابقة. ومرسل الزهري أخرجه الترمذي (4 / 128 ط الحلبي) بلفظ: " أن النبي أسهم لقوم من اليهود قاتلوا معه " وإسناده ضعيف لإرساله.
(12) روضة الطالبين 6 / 383، ونهاية المحتاج 6 / 149، والمغني 8 / 408، وابن عابدين 3 / 135.
(13) ابن عابدين 3 / 235، وروضة الطالبين 6 / 371، والمغني 8 / 415، والدسوقي 2 / 192، والزرقاني 3 / 130.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 257/ 22
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".