الباطن
هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...
كَلَام إنشائي دَال على الطّلب مَعَ خضوع، وَيُسمى سؤالاً . وهو أحد المعاني التي تأتي لها صيغة (افعل ) مجازاً، وهو مناداة العبد لله
الدُّعاءُ: النِّداءُ، تقولُ: دَعَوْتُ فُلاناً، دُعاءً ودَعْوَةً، أيْ: نادَيْتُهُ. والدَّعْوَةُ: المَرَّةُ الواحِدَةُ مِن الدُّعاءِ. ويأْتي الدُّعاءُ بِمعنى الطَّلَبِ والسُّؤالِ، يُقال: دَعَوْتُ اللهَ، أَدْعُوهُ، أيْ: سَأَلْتُهُ. وأَصْلُه: إِمالَةُ الشَّيْءِ إِلَيْكَ بِصَوْتٍ وكَلامٍ يكون مِنْكَ، ومنه سُمِّيَت الرَّغْبَةُ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ دُعاءً. ويطلَق على الحَثِّ إلى الشَّيْءِ والتَّرْغِيبِ فِيهِ، فيُقال: دَعا قَوْمَهُ إلى اتِّباعِهِ، أيْ: حَثَّهُمْ ورَغَّبَهُم. ومِن مَعانِيه أيضاً: التَّضَرُّعُ والتَّسْمِيَةُ والقَوْلُ والشَّرَفُ. وجمْعُ الدُّعاءِ: أدْعِيَةٌ ودَعَواتٌ.
يَرِد مُصْطلَح (دُعاء) في مَواطِنَ كَثِيرَةٍ مِن الأَخْلاقِ والآدابِ، منها: باب: آداب السَّفَرِ، وباب: آداب اللِّباسِ، وغَيْر ذلك مِن الأبواب.
دعو
مناداة العبد لله -تعالى- لما يريد من جلب منفعة، أو دفع مضرة، مع إظهار الافتقار إليه سبحانه، والتبرؤ من الحول، والقوة، واستشعار الذلة البشرية. وهو على قسمين؛ دعاء عبادة، ودعاء مسألة.
* العين : (2/221)
* مقاييس اللغة : (2/279)
* المحكم والمحيط الأعظم : (2/325)
* لسان العرب : (14/275)
* مجموع فتاوى ابن تيمية : (22/271)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 166)
* فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب : (11/95)
* مجموع فتاوى ابن تيمية : (10/239)
* تفسير القرطبي : (7/144)
* إحياء علوم الدين : (1/306)
* تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين : (ص 28)
* مدارج السالكين : (3/108)
* المفردات في غريب القرآن : ص170 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الدُّعَاءُ لُغَةً مَصْدَرُ دَعَوْتُ اللَّهَ أَدْعُوهُ دُعَاءً وَدَعْوَى، أَيِ ابْتَهَلْتُ إِلَيْهِ بِالسُّؤَال وَرَغِبْتُ فِيمَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ. وَهُوَ بِمَعْنَى النِّدَاءِ يُقَال: دَعَا الرَّجُل دَعْوًا وَدُعَاءً أَيْ: نَادَاهُ، وَدَعَوْتُ فُلاَنًا صِحْتُ بِهِ وَاسْتَدْعَيْتُهُ، وَدَعَوْتُ زَيْدًا نَادَيْتُهُ وَطَلَبْتُ إِقْبَالَهُ. وَدَعَا الْمُؤَذِّنُ النَّاسَ إِلَى الصَّلاَةِ فَهُوَ دَاعِي اللَّهِ، وَالْجَمْعُ: دُعَاةٌ وَدَاعُونَ. وَدَعَاهُ يَدْعُوهُ دُعَاءً وَدَعْوَى: أَيْ: رَغِبَ إِلَيْهِ، وَدَعَا زَيْدًا: اسْتَعَانَهُ، وَدَعَا إِلَى الأَْمْرِ: سَاقَهُ إِلَيْهِ. (1)
وَالدُّعَاءُ فِي الاِصْطِلاَحِ: الْكَلاَمُ الإِْنْشَائِيُّ الدَّال عَلَى الطَّلَبِ مَعَ الْخُضُوعِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا سُؤَالاً. (2)
وَقَدْ قَال الْخَطَّابِيُّ: حَقِيقَةُ الدُّعَاءِ اسْتِدْعَاءُ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ الْعِنَايَةَ وَاسْتِمْدَادُهُ إِيَّاهُ الْمَعُونَةَ، وَحَقِيقَتُهُ إِظْهَارُ الاِفْتِقَارِ إِلَيْهِ، وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الْحَوْل وَالْقُوَّةِ الَّتِي لَهُ، وَهُوَ سِمَةُ الْعُبُودِيَّةِ وَإِظْهَارُ الذِّلَّةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَفِيهِ مَعْنَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ، وَإِضَافَةُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ إِلَيْهِ. (3)
2 - وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِمَعَانٍ مِنْهَا:
أ - الاِسْتِغَاثَةُ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قُل أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَل إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} . (4)
ب - الْعِبَادَةُ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} . (5) وقَوْله تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} . (6) وقَوْله تَعَالَى {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} . (7)
ج - النِّدَاءُ: وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} . (8) وَقَوْلُهُ: {قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} . (9)
د - الطَّلَبُ وَالسُّؤَال مِنَ اللَّهِ: وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} . (10) وقَوْله تَعَالَى
: {وَقَال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} . (11)
وَيُوَافِقُ هَذَا الْمَعْنَى مَا يُقَال: دَعَوْتُ اللَّهَ أَدْعُوهُ دُعَاءً، أَيِ ابْتَهَلْتُ إِلَيْهِ بِالسُّؤَال، وَرَغِبْتُ فِيمَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَالدَّاعِي اسْمُ الْفَاعِل مِنَ الدُّعَاءِ، وَالْجَمْعُ دُعَاةٌ، وَدَاعُونَ، مِثْل قَاضٍ وَقُضَاةٌ وَقَاضُونَ. (12)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِسْتِغْفَارُ:
3 - الاِسْتِغْفَارُ فِي اللُّغَةِ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ بِالْقَوْل وَالْفِعْل، وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا يُسْتَعْمَل فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى.
وَالْمَغْفِرَةُ فِي الأَْصْل السَّتْرُ، وَالْمُرَادُ بِالاِسْتِغْفَارِ طَلَبُ التَّجَاوُزِ عَنِ الذَّنْبِ، فَالْمُسْتَغْفِرُ يَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَغْفِرَةَ، أَيْ عَدَمَ الْمُؤَاخَذَةِ بِالذَّنْبِ وَالتَّجَاوُزَ عَنْهُ. (13) قَال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} . (14)
وَالنِّسْبَةُ بَيْنَ الاِسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ، فَكُل اسْتِغْفَارٍ دُعَاءٌ، وَلَيْسَ كُل دُعَاءٍ اسْتِغْفَارًا. (15)
ب - الذِّكْرُ:
4 - الذِّكْرُ هُوَ التَّلَفُّظُ بِالشَّيْءِ وَإِحْضَارُهُ فِي الذِّهْنِ بِحَيْثُ لاَ يَغِيبُ عَنْهُ. (16)
وَذِكْرُ اللَّهِ بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ شَامِلٌ لِلدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ. وَبِالْمَعْنَى الأَْخَصِّ الَّذِي هُوَ تَمْجِيدُ اللَّهِ وَتَقْدِيسُهُ وَذِكْرُ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا مُبَايِنٌ لِلدُّعَاءِ، وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: (ذِكْرٌ) .
حُكْمُ الدُّعَاءِ:
5 - قَال النَّوَوِيُّ: إِنَّ الْمَذْهَبَ الْمُخْتَارَ الَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَالْمُحَدِّثُونَ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَحَبٌّ. (17)
وَقَدْ يَكُونُ الدُّعَاءُ وَاجِبًا كَالدُّعَاءِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ سُورَةُ الْفَاتِحَةِ أَثْنَاءَ الصَّلاَةِ. وَكَالدُّعَاءِ الْوَارِدِ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ، وَكَالدُّعَاءِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. ر: (صَلاَةٌ، صَلاَةُ الْجِنَازَةِ، خُطْبَةٌ) . ثُمَّ هَل الأَْفْضَل الدُّعَاءُ أَمِ السُّكُوتُ وَالرِّضَا بِمَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ؟
نَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ الْقُشَيْرِيِّ قَوْلَهُ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَنَّ الأَْفْضَل الدُّعَاءُ أَمِ السُّكُوتُ وَالرِّضَا؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَال: الدُّعَاءُ عِبَادَةٌ لِقَوْلِهِ ﷺ: الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ. (18) وَلأَِنَّ الدُّعَاءَ إِظْهَارُ الاِفْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: السُّكُوتُ تَحْتَ جَرَيَانِ الْحُكْمِ أَتَمُّ، وَالرِّضَا بِمَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ أَوْلَى.
وَقَال قَوْمٌ: يَكُونُ صَاحِبَ دُعَاءٍ بِلِسَانِهِ وَرِضًا بِقَلْبِهِ لِيَأْتِيَ بِالأَْمْرَيْنِ جَمِيعًا. (19)
فَضْل الدُّعَاءِ:
6 - وَرَدَ فِي فَضْل الدُّعَاءِ نُصُوصٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نُورِدُ بَعْضَهَا فِيمَا يَلِي:
قَال تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} . (20)
وَمَعْنَى الْقُرْبِ هُنَا كَمَا نُقِل عَنِ الزَّرْكَشِيِّ، أَنَّهُ إِذَا أَخْلَصَ فِي الدُّعَاءِ، وَاسْتَغْرَقَ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ، امْتَنَعَ أَنْ يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِّ وَاسِطَةٌ، وَذَلِكَ هُوَ الْقُرْبُ. (21)
وَقَال تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} . (22)
وَقَال تَعَالَى: {قُل ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَْسْمَاءُ الْحُسْنَى} . (23)
وَقَال تَعَالَى: {وَقَال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} . (24)
وَرَوَى النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ. (25) ثُمَّ قَرَأَ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} الآْيَةَ.
وَقَال ﷺ: الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ (26)
وَقَال ﷺ: إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُل إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ. (27)
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ ﷺ قَال: لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَم عَلَى اللَّهِ ﷿ مِنَ الدُّعَاءِ. (28)
وَقَال ﷺ: مَا عَلَى الأَْرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ. (29)
وَقَال ﷺ: سَلُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يُسْأَل، وَأَفْضَل الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ. (30)
أَثَرُ الدُّعَاءِ:
7 - الدُّعَاءُ عِبَادَةٌ، وَلَهُ أَثَرٌ بَالِغٌ وَفَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْنَا الْحَقُّ ﷿ بِالدُّعَاءِ وَلَمْ يَرْغَبِ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ، فَكَمْ رُفِعَتْ مِحْنَةٌ بِالدُّعَاءِ، وَكَمْ مِنْ مُصِيبَةٍ أَوْ كَارِثَةٍ كَشَفَهَا اللَّهُ بِالدُّعَاءِ، وَقَدْ أَوْرَدَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ جُمْلَةً مِنَ الأَْدْعِيَةِ اسْتَجَابَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَسْبَابِ النَّصْرِ فِي بَدْرٍ دُعَاءُ النَّبِيِّ ﷺ وَالدُّعَاءُ سَبَبٌ أَكِيدٌ لِغُفْرَانِ الْمَعَاصِي، وَلِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ، وَلِجَلْبِ الْخَيْرِ وَدَفْعِ الشَّرِّ.
وَمَنْ تَرَكَ الدُّعَاءَ فَقَدْ سَدَّ عَلَى نَفْسِهِ أَبْوَابًا كَثِيرَةً مِنَ الْخَيْرِ.
وَقَال الْغَزَالِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا فَائِدَةُ الدُّعَاءِ وَالْقَضَاءُ لاَ مَرَدَّ لَهُ؟ فَاعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْقَضَاءِ رَدُّ الْبَلاَءِ بِالدُّعَاءِ، فَالدُّعَاءُ سَبَبٌ لِرَدِّ الْبَلاَءِ وَاسْتِجْلاَبِ الرَّحْمَةِ، كَمَا أَنَّ التُّرْسَ سَبَبٌ لِرَدِّ السِّهَامِ، وَالْمَاءُ سَبَبٌ لِخُرُوجِ النَّبَاتِ مِنَ الأَْرْضِ، فَكَمَا أَنَّ التُّرْسَ يَدْفَعُ السَّهْمَ فَيَتَدَافَعَانِ، فَكَذَلِكَ الدُّعَاءُ وَالْبَلاَءُ يَتَعَالَجَانِ.
وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الاِعْتِرَافِ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لاَ يُحْمَل السِّلاَحُ، وَقَدْ قَال تَعَالَى: {وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (31) ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لاَ يَسْقِيَ الأَْرْضَ بَعْدَ بَثِّ الْبَذْرِ، فَيُقَال: إِنْ سَبَقَ الْقَضَاءُ بِالنَّبَاتِ نَبَتَ الْبَذْرُ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَمْ يَنْبُتْ، بَل رَبْطُ الأَْسْبَابِ بِالْمُسَبَّبَاتِ هُوَ الْقَضَاءُ الأَْوَّل الَّذِي هُوَ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ، وَتَرْتِيبُ تَفْصِيل الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى تَفَاصِيل الأَْسْبَابِ عَلَى التَّدْرِيجِ وَالتَّقْدِيرُ هُوَ الْقَدَرُ، وَالَّذِي قَدَّرَ الْخَيْرَ قَدَّرَهُ بِسَبَبٍ، وَالَّذِي قَدَّرَ الشَّرَّ قَدَّرَ لِرَفْعِهِ سَبَبًا، فَلاَ تَنَاقُضَ بَيْنَ هَذِهِ الأُْمُورِ عِنْدَ مَنِ انْفَتَحَتْ بَصِيرَتُهُ. ثُمَّ فِي الدُّعَاءِ مِنَ الْفَائِدَةِ أَنَّهُ يَسْتَدْعِي حُضُورَ الْقَلْبِ مَعَ اللَّهِ وَهُوَ مُنْتَهَى الْعِبَادَاتِ، وَلِذَلِكَ قَال ﷺ: الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ. (32)
وَالْغَالِبُ عَلَى الْخَلْقِ أَنْ لاَ تَنْصَرِفَ قُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﷿ إِلاَّ عِنْدَ إِلْمَامِ حَاجَةٍ وَإِرْهَاقِ مُلِمَّةٍ، فَإِنَّ الإِْنْسَانَ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ.
فَالْحَاجَةُ تُحْوِجُ إِلَى الدُّعَاءِ، وَالدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَلْبَ إِلَى اللَّهِ ﷿ بِالتَّضَرُّعِ وَالاِسْتِكَانَةِ، فَيَحْصُل بِهِ الذِّكْرُ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْعِبَادَاتِ.
وَلِذَلِكَ صَارَ الْبَلاَءُ مُوَكَّلاً بِالأَْنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ، ثُمَّ الأَْوْلِيَاءِ، ثُمَّ الأَْمْثَل فَالأَْمْثَل، لأَِنَّهُ يَرُدُّ الْقَلْبَ بِالاِفْتِقَارِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ ﷿، وَيَمْنَعُ مِنْ نِسْيَانِهِ، وَأَمَّا الْغِنَى فَسَبَبٌ لِلْبَطَرِ فِي غَالِبِ الأُْمُورِ، فَإِنَّ الإِْنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى. (33)
وَقَال الْخَطَّابِيُّ: فَإِنْ قِيل فَمَا تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (34) وَهُوَ وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلاَ يَجُوزُ وُقُوعُ الْخُلْفِ فِيهِ؟ قِيل هَذَا مُضْمَرٌ فِيهِ الْمَشِيئَةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَل إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} (35) وَقَدْ يَرِدُ الْكَلاَمُ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ، وَإِنَّمَا يُسْتَجَابُ مِنَ الدُّعَاءِ مَا وَافَقَ الْقَضَاءَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لاَ تَظْهَرُ لِكُل دَاعٍ اسْتِجَابَةُ دُعَائِهِ، فَعَلِمْتَ أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْهُ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ. وَقَدْ قِيل: مَعْنَى الاِسْتِجَابَةِ: أَنَّ الدَّاعِيَ يُعَوَّضُ مِنْ دُعَائِهِ عِوَضًا مَا، فَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ إِسْعَافًا بِطَلَبَتِهِ الَّتِي دَعَا لَهَا، وَذَلِكَ إِذَا وَافَقَ الْقَضَاءَ، فَإِنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ الْقَضَاءُ، فَإِنَّهُ يُعْطَى سَكِينَةً فِي نَفْسِهِ، وَانْشِرَاحًا فِي صَدْرِهِ، وَصَبْرًا يَسْهُل مَعَهُ احْتِمَال ثِقَل الْوَارِدَاتِ عَلَيْهِ، وَعَلَى كُل حَالٍ فَلاَ يَعْدَمُ فَائِدَةَ دُعَائِهِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الاِسْتِجَابَةِ. (36)
آدَابُ الدُّعَاءِ:
8 - أ - أَنْ يَكُونَ مَطْعَمُ الدَّاعِي وَمَسْكَنُهُ وَمَلْبَسُهُ وَكُل مَا مَعَهُ حَلاَلاً. (37) بِدَلِيل مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ:
أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَل إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُل كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} (38) وَقَال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (39) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُل يُطِيل السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ. (40)
ب - أَنْ يَتَرَصَّدَ لِدُعَائِهِ الأَْوْقَاتَ الشَّرِيفَةَ كَيَوْمِ عَرَفَةَ مِنَ السَّنَةِ، وَرَمَضَانَ مِنَ الأَْشْهُرِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنَ الأُْسْبُوعِ، وَوَقْتَ السَّحَرِ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْل. قَال تَعَالَى: {وَبِالأَْسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (41) وَقَال ﷺ: يَنْزِل اللَّهُ تَعَالَى كُل لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْل الآْخِرُ يَقُول: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ. (42)
ج - أَنْ يَغْتَنِمَ الأَْحْوَال الشَّرِيفَةَ. قَال أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁: إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ عِنْدَ زَحْفِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى، وَعِنْدَ نُزُول الْغَيْثِ، وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، فَاغْتَنِمُوا الدُّعَاءَ فِيهَا. وَقَال مُجَاهِدٌ: إِنَّ الصَّلاَةَ جُعِلَتْ فِي خَيْرِ السَّاعَاتِ فَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ. وَقَال ﷺ: لاَ يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ. (43) وَقَال ﷺ أَيْضًا: الصَّائِمُ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُ (44)
وَبِالْحَقِيقَةِ يَرْجِعُ شَرَفُ الأَْوْقَاتِ إِلَى شَرَفِ الْحَالاَتِ أَيْضًا، إِذْ وَقْتُ السَّحَرِ وَقْتُ صَفَاءِ الْقَلْبِ وَإِخْلاَصِهِ وَفَرَاغِهِ مِنَ الْمُشَوِّشَاتِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقْتُ اجْتِمَاعِ الْهِمَمِ وَتَعَاوُنِ الْقُلُوبِ عَلَى اسْتِدْرَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ ﷿، فَهَذَا أَحَدُ أَسْبَابِ شَرَفِ الأَْوْقَاتِ سِوَى مَا فِيهَا مِنْ أَسْرَارٍ لاَ يَطَّلِعُ الْبَشَرُ عَلَيْهَا. وَحَالَةُ السُّجُودِ أَيْضًا أَجْدَرُ بِالإِْجَابَةِ، قَال أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁: قَال النَّبِيُّ ﷺ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ ﷿ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ (45)
وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ تَعَالَى، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ. (46)
د - أَنْ يَدْعُوَ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةِ وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ إِبِطَيْهِ. رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَتَى الْمَوْقِفَ بِعَرَفَةَ وَاسْتَقْبَل الْقِبْلَةَ وَلَمْ يَزَل يَدْعُو حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ. (47) وَقَال سَلْمَانُ: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا (48) وَرَوَى أَنَسٌ أَنَّهُ رَأَى رَسُول اللَّهِ ﷺ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطَيْهِ. (49)
هـ - أَنْ يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ فِي آخِرِ الدُّعَاءِ. قَال عُمَرُ ﵁: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَرُدَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ. (50) وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ ﷺ إِذَا دَعَا ضَمَّ كَفَّيْهِ وَجَعَل بُطُونَهُمَا مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ. (51)
فَهَذِهِ هَيْئَاتُ الْيَدِ، وَلاَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ. قَال ﷺ: لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ فِي الصَّلاَةِ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ. (52)
و خَفْضُ الصَّوْتِ بَيْنَ الْمُخَافَتَةِ وَالْجَهْرِ لِقَوْلِهِ ﷿: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} ، (53)
وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَْشْعَرِيَّ قَال: قَدِمْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ كَبَّرَ، وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لَيْسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَالَّذِي تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَةِ أَحَدِكُمْ (54) وَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ فِي قَوْلِهِ ﷿: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} (55) أَيْ بِدُعَائِك، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ ﷿ عَلَى نَبِيِّهِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ قَال: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} (56)
ز - أَنْ لاَ يَتَكَلَّفَ السَّجْعَ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ حَال الدَّاعِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَال مُتَضَرِّعٍ، وَالتَّكَلُّفُ لاَ يُنَاسِبُهُ. قَال ﷺ: سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ، (57) وَقَدْ قَال ﷿: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} ، وَقِيل مَعْنَاهُ التَّكَلُّفُ لِلأَْسْجَاعِ، وَالأَْوْلَى أَنْ لاَ يُجَاوِزَ الدَّعَوَاتِ الْمَأْثُورَةَ، فَإِنَّهُ قَدْ يَعْتَدِي فِي دُعَائِهِ فَيَسْأَل مَا لاَ تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَتُهُ، فَمَا كُل أَحَدٍ يُحْسِنُ الدُّعَاءَ، وَلِلْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ، فَإِنِّي عَهِدْتُ أَصْحَابَ رَسُول اللَّهِ ﷺ لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ. (58)
ح - التَّضَرُّعُ وَالْخُشُوعُ وَالرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} (59) وَقَال ﷿: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} .
ط - أَنْ يَجْزِمَ الدُّعَاءَ وَيُوقِنَ بِالإِْجَابَةِ. قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهُ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ. (60) وَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ. (61) وَقَال ﷺ: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِْجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ ﷿ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ. (62) وَقَال سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ أَجَابَ دُعَاءَ شَرِّ الْخَلْقِ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ إِذْ {قَال رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَال فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} . (63) ي - أَنْ يُلِحَّ فِي الدُّعَاءِ وَيُكَرِّرَهُ ثَلاَثًا. قَال ابْنُ مَسْعُودٍ: كَانَ ﵊ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاَثًا، وَإِذَا سَأَل سَأَل ثَلاَثًا. (64)
ك - أَنْ لاَ يَسْتَبْطِئَ الإِْجَابَةَ لِقَوْلِهِ ﷺ: يُسْتَجَابُ لأَِحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَل، يَقُول قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي. فَإِذَا دَعَوْتَ فَاسْأَل اللَّهَ كَثِيرًا فَإِنَّكَ تَدْعُو كَرِيمًا. (65)
ل - أَنْ يَفْتَتِحَ الدُّعَاءَ بِذِكْرِ اللَّهِ ﷿ وَبِالصَّلاَةِ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ بَعْدَ الْحَمْدِ لِلَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَيَخْتِمَهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ أَيْضًا، لِمَا وَرَدَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَال: سَمِعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلاَتِهِ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ وَلَمْ يُصَل عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال ﷺ: عَجِل هَذَا ثُمَّ دَعَاهُ، فَقَال لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ. (66) وَدَلِيل خَتْمِهِ بِذَلِكَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (67)
وَأَمَّا الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ فَلِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ يَجْعَل مَاءَهُ فِي قَدَحِهِ، فَإِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ شَرِبَهُ، وَإِلاَّ صَبَّهُ، اجْعَلُونِي فِي أَوَّل كَلاَمِكُمْ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ. (68)
م - وَهُوَ الأَْدَبُ الْبَاطِنُ، وَهُوَ الأَْصْل فِي الإِْجَابَةِ:
التَّوْبَةُ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ وَالإِْقْبَال عَلَى اللَّهِ ﷿ بِكُنْهِ الْهِمَّةِ، فَذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ الْقَرِيبُ فِي الإِْجَابَةِ.
الدُّعَاءُ مَعَ التَّوَسُّل بِصَالِحِ الْعَمَل:
9 - يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وَقَعَ فِي شِدَّةٍ أَنْ يَدْعُوَ بِصَالِحِ عَمَلِهِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - ﵄ - قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ الْمَبِيتُ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَل فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ. قَال رَجُلٌ مِنْهُمْ. . . الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَهُوَ مَذْكُورٌ ضِمْنَ بَحْثِ (تَوَسُّلٌ - ف 7) (69) تَعْمِيمُ الدُّعَاءِ:
10 - يُسْتَحَبُّ تَعْمِيمُ الدُّعَاءِ لِقَوْلِهِ ﷺ لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: (70) يَا عَلِيُّ عَمِّمْ (71) وَلِحَدِيثِ: مَنْ صَلَّى صَلاَةً لَمْ يَدْعُ فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فَهِيَ خِدَاجٌ (72) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّهُ ﷺ سَمِعَ رَجُلاً يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، فَقَال: وَيْحَكَ لَوْ عَمَّمْتَ لاَسْتُجِيبَ لَكَ (73)
الاِعْتِدَاءُ فِي الدُّعَاءِ:
11 - نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الاِعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ بِقَوْلِهِ: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (74) وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ.
(75) قَال الْقُرْطُبِيُّ: الْمُعْتَدِي هُوَ الْمُجَاوِزُ لِلْحَدِّ وَمُرْتَكِبُ الْحَظْرِ، وَقَدْ يَتَفَاضَل بِحَسَبِ مَا يُعْتَدَى فِيهِ، ثُمَّ قَال: وَالاِعْتِدَاءُ فِي الدُّعَاءِ عَلَى وُجُوهٍ: مِنْهَا الْجَهْرُ الْكَثِيرُ وَالصِّيَاحُ، وَمِنْهَا أَنْ يَدْعُوَ أَنْ تَكُونَ لَهُ مَنْزِلَةُ نَبِيٍّ، أَوْ يَدْعُوَ بِمُحَالٍ وَنَحْوُ هَذَا مِنَ الشَّطَطِ. وَمِنْهَا أَنْ يَدْعُوَ طَالِبًا مَعْصِيَةً، وَنَحْوَ ذَلِكَ. (76)
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَيَحْرُمُ سُؤَال الْعَافِيَةِ مَدَى الدَّهْرِ، وَالْمُسْتَحِيلاَتِ الْعَادِيَّةِ كَنُزُول الْمَائِدَةِ، وَالاِسْتِغْنَاءِ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْهَوَاءِ، أَوْ ثِمَارًا مِنْ غَيْرِ أَشْجَارٍ، كَمَا يَحْرُمُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْكُفَّارِ. (77)
الدُّعَاءُ بِالْمَأْثُورِ وَغَيْرِ الْمَأْثُورِ:
12 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ كُل دُعَاءٍ دُنْيَوِيٍّ وَأُخْرَوِيٍّ، وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ بِالْمَأْثُورِ أَفْضَل مِنْ غَيْرِهِ. (78)
الدُّعَاءُ فِي الصَّلاَةِ:
13 - قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ الدُّعَاءُ فِي التَّشَهُّدِ الأَْخِيرِ بَعْدَ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِمَا يُشْبِهُ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ، أَوْ بِمَا يُشْبِهُ أَلْفَاظَ السُّنَّةِ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ الدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلاَمَ النَّاسِ كَأَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ زَوِّجْنِي فُلاَنَةَ، أَوِ اعْطِنِي كَذَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَنَاصِبِ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ: يُسَنُّ الدُّعَاءُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْل السَّلاَمِ بِخَيْرَيِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَدْعُوَ بِشَيْءٍ مُحَرَّمٍ أَوْ مُسْتَحِيلٍ أَوْ مُعَلَّقٍ، فَإِنْ دَعَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَالأَْفْضَل أَنْ يَدْعُوَ بِالْمَأْثُورِ. (79)
طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنْ أَهْل الْفَضْل:
14 - يُسْتَحَبُّ طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنْ أَهْل الْفَضْل وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ أَفْضَل مِنَ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ، (80) فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - ﵁ - قَال: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْعُمْرَةِ، فَأَذِنَ، وَقَال: لاَ تَنْسَنَا يَا أَخِي مِنْ دُعَائِكَ (81) فَقَال كَلِمَةً مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا.
فَضْل الدُّعَاءِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ:
15 - قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِْيمَانِ} . (82) وَقَال تَعَالَى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} . (83) وَقَال تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ ﷺ: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} (84) وَقَال تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ نُوحٍ ﷺ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَل بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} . (85)
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - ﵁ - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَِخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلاَّ قَال الْمَلَكُ، وَلَكَ بِمِثْلٍ (86) وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُول: دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَِخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَِخِيهِ بِخَيْرٍ، قَال الْمَلَكُ الْمُوَكَّل بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ.
(87) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - ﵄ - أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: إِنَّ أَسْرَعَ الدُّعَاءِ إِجَابَةً دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ. (88) اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ لِمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ:
16 - قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَال لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ. (89)
وَقَال ﵊: مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ. (90)
الدُّعَاءُ لِلذِّمِّيِّ إِذَا فَعَل مَعْرُوفًا:
17 - قَال النَّوَوِيُّ: اعْلَمْ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى لَهُ (أَيِ الذِّمِّيِّ) بِالْمَغْفِرَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا لاَ يُقَال لِلْكُفَّارِ، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِالْهِدَايَةِ وَصِحَّةِ الْبَدَنِ وَالْعَافِيَةِ وَشِبْهِ ذَلِكَ. (91)
لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ - ﵁ - قَال: اسْتَسْقَى النَّبِيُّ ﷺ فَسَقَاهُ يَهُودِيٌّ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: جَمَّلَكَ اللَّهُ فَمَا رَأَى الشَّيْبَ حَتَّى مَاتَ. (92) دُعَاءُ الإِْنْسَانِ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ أَوْ ظَلَمَ الْمُسْلِمِينَ:
18 - قَال اللَّهُ تَعَالَى: {لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْل إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ} (93) قَال الْقُرْطُبِيُّ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الآْيَةِ أَنَّ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَنْتَصِرَ مِنْ ظَالِمِهِ، وَلَكِنْ مَعَ اقْتِصَادٍ، إِنْ كَانَ الظَّالِمُ مُؤْمِنًا، كَمَا قَال الْحَسَنُ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَأَرْسِل لِسَانَكَ وَادْعُ بِمَا شِئْتَ مِنَ الْهَلَكَةِ وَبِكُل دُعَاءٍ، كَمَا فَعَل النَّبِيُّ ﷺ حَيْثُ قَال: اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ. (94) وَقَال: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِفُلاَنٍ وَفُلاَنٍ سَمَّاهُمْ (95) وَإِنْ كَانَ مُجَاهِرًا بِالظُّلْمِ دَعَا عَلَيْهِ جَهْرًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِرْضٌ مُحْتَرَمٌ، وَلاَ بَدَنٌ مُحْتَرَمٌ، وَلاَ مَالٌ مُحْتَرَمٌ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ قَال: سُرِقَ لَهَا شَيْءٌ فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَيْهِ، فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: لاَ تُسَبِّخِي عَنْهُ أَيْ لاَ تُخَفِّفِي عَنْهُ الْعُقُوبَةَ بِدُعَائِكِ عَلَيْهِ. (96) قَال النَّوَوِيُّ: اعْلَمْ أَنْ هَذَا الْبَابَ وَاسِعٌ جِدًّا، وَقَدْ تَظَاهَرَ عَلَى جَوَازِهِ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَفْعَال سَلَفِ الأُْمَّةِ وَخَلَفِهَا، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ عَنِ الأَْنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِمْ بِدُعَائِهِمْ عَلَى الْكُفَّارِ. (97)
وَعَنْ عَلِيٍّ - ﵁ - أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال يَوْمَ الأَْحْزَابِ: مَلأََ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا كَمَا حَبَسُونَا وَشَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى. (98)
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَْكْوَعِ ﵁: أَنَّ رَجُلاً أَكَل بِشِمَالِهِ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقَال: كُل بِيَمِينِكَ قَال: لاَ أَسْتَطِيعُ، قَال: لاَ اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ قَال: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.
قَال النَّوَوِيُّ: هَذَا الرَّجُل هُوَ بُسْرٌ - بِضَمِّ الْبَاءِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ - ابْنُ رَاعِي الْعِيرِ الأَْشْجَعِيُّ، صَحَابِيٌّ، فَفِيهِ جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى مَنْ خَالَفَ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ.
(99) وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَال: شَكَا أَهْل الْكُوفَةِ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ﵁ إِلَى عُمَرَ ﵁، فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَل عَلَيْهِمْ. . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَال: أَرْسَل مَعَهُ عُمَرُ رِجَالاً أَوْ رَجُلاً إِلَى الْكُوفَةِ يَسْأَل عَنْهُ، فَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلاَّ سَأَل عَنْهُ وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا، حَتَّى دَخَل مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ، فَقَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَال لَهُ: أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ، يُكَنَّى أَبَا سَعْدَةَ فَقَال: أَمَّا إِذَا نَشَدْتَنَا فَإِنَّ سَعْدًا لاَ يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ، وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلاَ يَعْدِل فِي الْقَضِيَّةِ. قَال سَعْدٌ: أَمَا وَاللَّهِ لأََدْعُوَنَّ بِثَلاَثٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَأَطِل عُمُرَهُ، وَأَطِل فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ. فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُول: شَيْخٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ. قَال عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ الرَّاوِي عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَرِ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ فَيَغْمِزُهُنَّ.
وَعَنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ ﵄، خَاصَمَتْهُ أَرْوَى بِنْتُ أَوْسٍ - وَقِيل: أُوَيْسٍ - إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَادَّعَتْ أَنَّهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِهَا، فَقَال سَعِيدٌ ﵁: أَنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أَرْضِهَا شَيْئًا بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ؟ قَال: مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ؟ قَال سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَْرْضِ ظُلْمًا طُوِّقَهَإِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ. (100) قَال مَرْوَانُ: لاَ أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا، فَقَال سَعِيدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَعْمِ بَصَرَهَا وَاقْتُلْهَا فِي أَرْضِهَا، قَال: فَمَا مَاتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، وَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشِي فِي أَرْضِهَا إِذْ وَقَعَتْ فِي حُفْرَةٍ فَمَاتَتْ.
نَهْيُ الْمُكَلَّفِ عَنْ دُعَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ:
19 - قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَل فِيهَا عَطَاءً فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. (101)
الأَْدْعِيَةُ فِي الْمُنَاسَبَاتِ:
20 - هُنَاكَ أَدْعِيَةٌ تُقَال أَثْنَاءَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَبَعْدَهَا، وَعِنْدَ صَلاَةِ الْكُسُوفِ، وَالْخُسُوفِ، وَالاِسْتِسْقَاءِ، وَالْحَاجَةِ، وَالاِسْتِخَارَةِ، تُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهَا، وَأَدْعِيَةٌ تَتَعَلَّقُ بِرُؤْيَةِ الْهِلاَل، وَأَثْنَاءَ الصِّيَامِ، وَعِنْدَ الإِْفْطَارِ، وَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (صَوْمٌ) .
وَأَدْعِيَةٌ تُقَال فِي أَعْمَال الْحَجِّ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَجٌّ) . وَأَدْعِيَةٌ تُقَال بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَعِنْدَ الزِّفَافِ تُذْكَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (نِكَاحٌ) .
وَهُنَاكَ أَدْعِيَةٌ فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَعِنْدَ الْمُهِمَّاتِ، أُلِّفَتْ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ، كَكِتَابِ الأَْذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ، وَعَمَل الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ لِلنَّسَائِيِّ، وَلاِبْنِ السُّنِّيِّ وَغَيْرِهَا.
__________
(1) لسان العرب المحيط، وتاج العروس، والمصباح المنير.
(2) قواعد الفقه للبركتي.
(3) إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين 5 / 27 - 28 دار الفكر.
(4) سورة الأنعام 40 - 41
(5) سورة الأعراف / 194
(6) سورة الكهف / 28
(7) سورة الكهف / 14
(8) سورة الإسراء / 52
(9) سورة القصص / 25
(10) سورة البقرة / 186
(11) سورة غافر / 60
(12) لسان العرب المحيط، والمصباح المنير
(13) البحر المحيط 5 / 301 طبع مطبعة السعادة.
(14) سور ة آل عمران / 135
(15) مدارج السالكين 1 / 308 طبع السنة المحمدية، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 3 / 460، وشرح ثلاثيات مسند أحمد 3 / 902
(16) قواعد الفقه للبركتي
(17) الأذكار ص 608 تحقيق محيي الدين.
(18) حديث: " الدعاء هو العبادة " أخرجه أبو داود (2 / 161 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والترمذي (5 / 456 - ط الحلبي) من حديث النعمان بن بشير، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".
(19) الأذكار ص 609
(20) سورة البقرة / 186
(21) إتحاف السادة المتقين 5 / 28
(22) سورة الأعراف / 55
(23) سورة الإسراء / 110
(24) سورة غافر / 60
(25) حديث: " إن الدعاء هو العبادة ". سبق تخريجه ف / 5
(26) حديث " الدعاء مخ العبادة ". أخرجه الترمذي (5 / 456 ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك، وقال: " هذا حديث غريب ".
(27) حديث: " إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه. . . " أخرجه الترمذي (5 / 557 - ط الحلبي) من حديث سلمان، وقال: " حديث حسن غريب ".
(28) حديث: " ليس شيء أكرم على الله من الدعاء ". أخرجه الترمذي (5 / 455 - ط الحلبي) وقال ابن القطان: " رواته كلهم ثقات، وما موضع في إسناده ينظر فيه إلا عمران، وفيه خلاف " كذا في فيض القدير (5 / 366 ط المكتبة التجارية) .
(29) حديث: " ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة " أخرجه الترمذي (5 / 566 - ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت، وقال: " حسن صحيح ".
(30) حديث: " سلوا الله تعالى من فضله " أخرجه الترمذي (5 / 565 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود، وقال الترمذي: " هكذا روى حماد بن واقد هذا الحديث، وليس بالحافظ " وانظر إتحاف السادة المتقين مع الإحياء 5 / 30
(31) سورة النساء / 102
(32) حديث: " الدعاء مخ العبادة ". سبق تخريجه ف / 6
(33) إحياء علوم الدين 1 / 336 - 337، 339 ط الاستقامة بالقاهرة.
(34) سورة غافر / 60
(35) سورة الأنعام / 41
(36) شأن الدعاء للخطابي ص 12 - 13 دمشق دار المأمون للتراث.
(37) إحياء علوم الدين للغزالي 1 / 312 وما بعدها والبركة في فضل السعي والحركة 3 / 4 وما بعدها، تحفة الذاكرين ص 34 وما بعدها
(38) سورة المؤمنون / 51
(39) سورة البقرة / 172
(40) حديث: " أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا ". أخرجه مسلم (2 / 703 - ط الحلبي) .
(41) سورة الذاريات / 18
(42) حديث: " ينزل الله كل ليلة إلى السماء الدنيا. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 29 - ط السلفية) ومسلم (1 / 521 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(43) حديث: " لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة " أخرجه أبو داود (1 / 358 - 359 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أنس بن مالك، وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية (2 / 135 - ط المنيرية) .
(44) حديث: " الصائم لا ترد دعوته " أخرجه الترمذي (5 / 578 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال: " حديث حسن ".
(45) حديث: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ". أخرجه مسلم (1 / 350 - ط الحلبي) .
(46) حديث: " إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا " أخرجه مسلم (1 / 348 - ط الحلبي) .
(47) حديث جابر: " أن رسول الله ﷺ أتى الموقف بعرفة ". أخرجه مسلم (2 / 890 - ط الحلبي) دون قوله: " يدعو " فقد أخرجه من حديث أسامة بن زيد؛ النسائيُّ (5 / 254 - ط المكتبة التجارية) ، وقال العراقي: " رجاله ثقات ". كذا في تخريجه لأحاديث إحياء علوم الدين (1 / 313 - ط الحلبي) .
(48) حديث: " إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه. . . . " سبق تخريجه ف / 6
(49) حديث أنس: " أنه رأى رسول الله ﷺ يرفع يديه في الدعاء ". أخرجه مسلم (2 / 612 - ط الحلبي) .
(50) حديث: " كان رسول الله ﷺ إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما ". أخرجه الترمذي (5 / 464 - ط الحلبي) ، وضعفه العراقي في تخريج إحياء علوم الدين (1 / 313) .
(51) حديث: " كان ﷺ إذا دعا ضم كفيه وجعل بطونهما. . . . " أخرجه الطبراني (11 / 435 - ط وزارة الأوقاف العراقية) وضعف إسناده العراقي في تخريجه لإحياء علوم الدين (1 / 313 - ط الحلبي) ولكن له شواهد تقويه.
(52) حديث: " لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم " أخرجه مسلم (1 / 321 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(53) سورة الأعراف / 55
(54) حديث: " يا أيها الناس، اربعوا على أنفسكم؛ إنكم ليس تدعون أصم ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، والذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 135 - ط السلفية) ومسلم (4 / 2076 - 2077 - ط الحلبي) واللفظ لمسلم.
(55) سورة الإسراء / 110
(56) سورة مريم / 3
(57) حديث: " سيكون قوم يعتدون في الدعاء ". أخرجه ابن ماجه (2 / 1271 - ط الحلبي) والحاكم (1 / 540 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن مغفل، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(58) حديث ابن عباس: " انظر السجع في الدعاء فاجتنبه ". أخرجه البخاري (الفتح 11 / 138 - ط السلفية) .
(59) سورة الأنبياء / 90
(60) حديث: " لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت. . . " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 139 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 2063 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(61) حديث: " إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء " أخرجه ابن حبان (الإحسان 2 / 127 - ط دار الكتب العلمية) من حديث أبي هريرة، وأصله في صحيح مسلم (4 / 2063 - ط الحلبي) .
(62) حديث: " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " أخرجه الترمذي (5 / 517 - ط الحلبي) والحاكم (1 / 493 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي هريرة، وضعف الذهبي إسناده لضعف أحد رواته.
(63) سورة الحجر / 36
(64) حديث: " كان عليه السلام إذا دعا دعا ثلاثًا ". أخرجه مسلم (3 / 1418 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود.
(65) حديث: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ". أخرجه البخاري (الفتح 11 / 140 - ط السلفية) ومسلم (4 / 2095 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(66) حديث: " إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله. . . . " أخرجه أبو داود (2 / 162 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية (3 / 62 - ط المنيرية) .
(67) سورة يونس / 10
(68) حديث: " لا تجعلوني كقدح الراكب. . . . " أخرجه ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد كما في كنز العمال (1 / 509 - ط الرسالة) من حديث جابر بن عبد الله.
(69) حديث: " انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 449 - ط السلفية) ومسلم (4 / 2099 - ط الحلبي) . وانظر الأذكار ص 612 دار ابن كثير بدمشق.
(70) كشاف القناع 1 / 367
(71) حديث: " يا علي عمم. . . " أورده صاحب كشاف القناع (1 / 365 - ط عالم الكتب) ولم يعزه للمصدر الذي أخرجه، ولم نهتد إليه في المصادر الموجودة بين أيدينا.
(72) حديث: " من صلى صلاة لم يدع فيها للمؤمنين. . . " لم نهتد إليه في المصادر الحديثية الموجودة بين أيدينا.
(73) حاشية ابن عابدين 1 / 350 ط بولاق. وحديث: " لو عممت لاستجيب لك ". لم نهتد إليه في المصادر الحديثية الموجودة بين أيدينا.
(74) سورة الأعراف / 55
(75) حديث: " سيكون قوم يعتدون في الدعاء ". سبق تخريجه ف / 8
(76) تفسير القرطبي 7 / 226
(77) حاشية ابن عابدين (1 / 350 ط بولاق) .
(78) روضة الطالبين للنووي 1 / 265، وأسنى المطالب 1 / 16
(79) ابن عابدين 1 / 351، ونهاية المحتاج للرملي 1 / 511، ومواهب الجليل وكشاف القناع 1 / 360 - 361، وروضة الطالبين للنووي 1 / 365، وأسنى المطالب 1 / 166، وحاشية الشرقاوي 1 / 311، والفتاوى الهندية 1 / 72، والمغني لابن قدامة 1 / 585، والدسوقي 1 / 52، 232، البدائع 1 / 213، قليوبي 1 / 168
(80) الأذكار ص 615
(81) حديث: " لا تنسنا يا أخيّ من دعائك ". أخرجه أبو داود (2 / 169 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وفي إسناده راو ضعيف مترجم في ميزان الاعتدال للذهبي (2 / 353 - 354 - ط الحلبي) .
(82) سورة الحشر / 10
(83) سورة محمد / 19
(84) سورة إبراهيم / 41
(85) سورة نوح / 28
(86) حديث: " ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب. . . " أخرجه مسلم (4 / 2094 - ط الحلبي) .
(87) حديث: " دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ". أخرجه مسلم (4 / 2094 - ط الحلبي) .
(88) حديث: " إن أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب. . . " أخرجه أبو داود (2 / 186 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (4 / 352 - ط الحلبي) ، وضعف الترمذي إسناده.
(89) حديث: " من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرًا. . . " أخرجه الترمذي (4 / 380 - ط الحلبي) من حديث أسامة بن زيد، وقال: " حديث حسن جيد ".
(90) حديث: " من صنع إليكم معروفًا فكافئوه ". أخرجه أبو داود (2 / 310 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 412 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي
(91) الأذكار ص 496
(92) حديث: " استسقى النبي ﷺ فسقاه يهودي ". أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 143 - ط دار البيان) وفيه راو ضعيف ترجم له الذهبي في " الميزان " (1 / 327 - ط الحلبي) .
(93) سورة النساء / 148
(94) حديث: " اللهم اشدد وطأتك على مضر ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 492 - ط السلفية) من حديث أبي هريرة.
(95) حديث: " اللهم عليك بفلان وفلان ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 106 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن مسعود.
(96) القرطبي 6 / 2 وحديث: " لا تسبخي عنه ". أخرجه أبو داود (2 / 168 - تحقيق عزت عبيد دعاس) . وفي إسناده انقطاع.
(97) الأذكار ص 479
(98) حديث: " ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 105 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 436 - ط الحلبي) واللفظ لمسلم.
(99) حديث: " كل بيمينك ". أخرجه مسلم (3 / 1599 ط الحلبي) .
(100) حديث: " من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا طوقه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 293 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1231 - ط الحلبي) .
(101) حديث: " لا تدعوا على أنفسكم ". أخرجه مسلم (4 / 2304 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 256/ 20
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".