الْخِطْبَةُ
من معجم المصطلحات الشرعية
طلب الرجل التزوج من المرأة . ومن أمثلته مشروعية التعريض بخطبة المعتدة من وفاة، ومن شواهده قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم :"... ولا يخطب على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب ". البخاري :5142.
من موسوعة المصطلحات الإسلامية
التعريف
طلب الرجل التزوج من المرأة.
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - الْخُطْبَةُ - بِضَمِّ الْخَاءِ لُغَةً الْكَلاَمُ الْمَنْثُورُ يُخَاطِبُ بِهِ مُتَكَلِّمٌ فَصِيحٌ جَمْعًا مِنَ النَّاسِ لإِِقْنَاعِهِمْ. (1)
وَالْخَطِيبُ: الْمُتَحَدِّثُ عَنِ الْقَوْمِ، وَمَنْ يَقُومُ بِالْخَطَابَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ.
وَالْخُطْبَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ هِيَ الْكَلاَمُ الْمُؤَلَّفُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ وَعْظًا وَإِبْلاَغًا عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْمَوْعِظَةُ:
2 - الْمَوْعِظَةُ هِيَ النُّصْحُ وَالتَّذْكِيرُ بِالْعَوَاقِبِ، وَالأَْمْرُ بِالطَّاعَةِ. قَال الْخَلِيل: هِيَ التَّذْكِيرُ بِالْخَيْرِ فِيمَا يَرِقُّ لَهُ الْقَلْبُ (3) . ب - الْوَصِيَّةُ:
3 - الْوَصِيَّةُ هِيَ لُغَةُ التَّقَدُّمِ إِلَى الْغَيْرِ بِمَا يَعْمَل بِهِ مُقْتَرِنًا بِوَعْظٍ (4) .
ج - النَّصِيحَةُ:
4 - النَّصِيحَةُ هِيَ الدَّعْوَةُ إِلَى مَا فِيهِ الصَّلاَحُ، وَالنَّهْيُ عَمَّا فِيهِ الْفَسَادُ.
وَمِنْ آدَابِهَا أَنْ تَكُونَ سِرًّا، فِي حِينِ يُشْتَرَطُ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَسْمَعَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ (5) .
د - الْكَلِمَةُ:
5 - تُسْتَعْمَل الْكَلِمَةُ بِمَعْنَى الْكَلاَمِ الْمُؤَلَّفِ الْمُطَوَّل: خُطْبَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا كَالْقَصِيدَةِ وَالْمَقَالَةِ وَالرِّسَالَةِ (6) .
أَحْكَامُ الْخُطَبِ الْمَشْرُوعَةِ:
6 - الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ هِيَ: خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالْكُسُوفَيْنِ، وَالاِسْتِسْقَاءِ، وَخُطَبِ الْحَجِّ، وَكُلُّهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ إِلاَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ، وَخُطْبَةَ الْحَجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ.
وَمِنَ الْخُطَبِ الْمَشْرُوعَةِ أَيْضًا الْخُطْبَةُ فِي خِطْبَةِ النِّكَاحِ. أ - خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ:
حُكْمُهَا:
7 - هِيَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ. (7)
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ شَرْطٌ فِي انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ، إِلاَّ الْحَنَفِيَّةَ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الشَّرْطَ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَتُسَنُّ خُطْبَتَانِ.
وَدَلِيل الْجُمْهُورِ فِعْلُهُ ﷺ مَعَ قَوْلِهِ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي (8) وَلأَِنَّ الْخُطْبَتَيْنِ أُقِيمَتَا مُقَامَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَكُل خُطْبَةٍ مَكَانَ رَكْعَةٍ، فَالإِْخْلاَل بِإِحْدَاهُمَا كَالإِْخْلاَل بِإِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ (9) .
أَرْكَانُهَا:
8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَرْكَانِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ:
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ رُكْنَ الْخُطْبَةِ تَحْمِيدَةٌ أَوْ تَهْلِيلَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ، لأَِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (10) مُطْلَقُ الذِّكْرِ الشَّامِل لِلْقَلِيل وَالْكَثِيرِ، وَالْمَأْثُورُ عَنْهُ ﷺ لاَ يَكُونُ بَيَانًا لِعَدَمِ الإِْجْمَال فِي لَفْظِ الذِّكْرِ. وَقَال الصَّاحِبَانِ: لاَ بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ يُسَمَّى خُطْبَةً. (11)
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَرَوْنَ أَنَّ رُكْنَهَا هُوَ أَقَل مَا يُسَمَّى خُطْبَةً عِنْدَ الْعَرَبِ وَلَوْ سَجْعَتَيْنِ، نَحْوُ: اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَ، وَانْتَهُوا عَمَّا عَنْهُ نَهَى وَزَجَرَ.
فَإِنْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّل أَوْ كَبَّرَ لَمْ يُجْزِهِ. (12)
وَجَزَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ أَقَلَّهَا حَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلاَةُ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ وَتَحْذِيرٌ، وَتَبْشِيرٌ، وَيَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ. (13)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ لَهَا خَمْسَةَ أَرْكَانٍ وَهِيَ: (14)
أ - حَمْدُ اللَّهِ، وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ (اللَّهِ) وَلَفْظُ (الْحَمْدِ) .
ب - الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَيَتَعَيَّنُ صِيغَةُ صَلاَةِ، وَذِكْرِ النَّبِيِّ ﷺ بِاسْمِهِ أَوْ بِصِفَتِهِ، فَلاَ يَكْفِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ.
ج - الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى، وَلاَ يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا.
د - الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ.
هـ - قِرَاءَةُ آيَةٍ مُفْهِمَةٍ - وَلَوْ فِي إِحْدَاهُمَا - فَلاَ يُكْتَفَى بِنَحْوِ " ثُمَّ نَظَرَ "، لِعَدَمِ اسْتِقْلاَلِهَا بِالإِْفْهَامِ، وَلاَ بِمَنْسُوخِ التِّلاَوَةِ، وَيُسَنُّ جَعْلُهَا فِي الْخُطْبَةِ الأُْولَى. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذِهِ الأَْرْكَانِ بِفِعْل النَّبِيِّ ﷺ.
أَمَّا أَرْكَانُهَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَأَرْبَعَةٌ، وَهِيَ: (15)
أ - حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى بِلَفْظِ الْحَمْدِ.
ب - الصَّلاَةُ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ بِصِيغَةِ الصَّلاَةِ.
ح - الْمَوْعِظَةُ، وَهِيَ الْقَصْدُ مِنَ الْخُطْبَةِ، فَلاَ يَجُوزُ الإِْخْلاَل بِهَا.
د - قِرَاءَةُ آيَةٍ كَامِلَةٍ وَزَادَ بَعْضُهُمْ رُكْنَيْنِ آخَرَيْنِ: (16)
أ - الْمُوَالاَةُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلاَةِ.
فَلاَ يُفْصَل بَيْنَ أَجْزَاءِ الْخُطْبَتَيْنِ، وَلاَ بَيْنَ إِحْدَاهُمَا وَبَيْنَ الأُْخْرَى، وَلاَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ.
ب - الْجَهْرُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ لِلْجُمُعَةِ، حَيْثُ لاَ مَانِعَ.
وَعَدَّهُمَا الآْخَرُونَ فِي الشُّرُوطِ - وَهُوَ الأَْلْيَقُ - كَمَا يُعْرَفُ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ فِي عِلْمِ أُصُول الْفِقْهِ. (17)
شُرُوطُهَا:
9 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى بَعْضِ الشُّرُوطِ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ وَهِيَ: (18) أَنْ تَقَعَ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ.
وَوَقْتُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ هُوَ وَقْتُ الظُّهْرِ، يَبْدَأُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَال إِلَى دُخُول وَقْتِ الْعَصْرِ، لِلأَْخْبَارِ فِي ذَلِكَ، وَجَرَيَانِ الْعَمَل عَلَيْهِ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَرَوْنَ أَنَّ وَقْتَهَا يَبْدَأُ مِنْ أَوَّل وَقْتِ الْعِيدِ، وَهُوَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ بِمِقْدَارِ رُمْحٍ. (18)
وَاسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيلاَنَ قَال " شَهِدْتُ الْجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ ﵁ فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلاَتُهُ قَبْل نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ شَهِدْتُهَا مَعَ عُمَرَ ﵁ فَكَانَتْ خُطْبَتُهُ وَصَلاَتُهُ إِلَى أَنْ أَقُول: قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ شَهِدْتُهَا مَعَ عُثْمَانَ ﵁ فَكَانَتْ صَلاَتُهُ وَخُطْبَتُهُ إِلَى أَنْ أَقُول: قَدْ زَال النَّهَارُ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ وَلاَ أَنْكَرَهُ ".
(20) (20) أَنْ تَكُونَ قَبْل الصَّلاَةِ (22) .
فَلَوْ خَطَبَ بَعْدَهَا أَعَادَ الصَّلاَةَ - فَقَطْ - إِنْ قَرُبَ، وَإِلاَّ اسْتَأْنَفَهَا؛ لأَِنَّ مِنْ شُرُوطِهَا وَصْل الصَّلاَةِ بِهَا. (23) (24) حُضُورُ جَمَاعَةٍ تَنْعَقِدُ بِهِمْ (25) .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَدَدِ الَّذِي تَصِحُّ بِهِمْ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَكْفِي حُضُورُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا سِوَى الإِْمَامِ - عَلَى الصَّحِيحِ (26) -
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَرَوْنَ وُجُوبَ حُضُورِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَهْلِهَا الْخُطْبَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوهُمَا مِنْ أَوَّلِهِمَا لَمْ يُكْتَفَ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّهُمَا مُنَزَّلَتَانِ مَنْزِلَةَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ. (24)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وُجُوبِ حُضُورِ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْل وُجُوبِهَا.
فَلَوْ حَضَرَ الْعَدَدُ، ثُمَّ انْفَضُّوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ، وَبَقِيَ مَا دُونَ الأَْرْبَعِينَ، فَإِنِ انْفَضُّوا قَبْل افْتِتَاحِ الْخُطْبَةِ لَمْ يُبْتَدَأْ بِهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ أَرْبَعُونَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّ الرُّكْنَ الْمَأْتِيَّ بِهِ فِي غَيْبَتِهِمْ غَيْرُ مَحْسُوبٍ، فَإِنْ عَادُوا قَبْل طُول الْفَصْل بَنَى عَلَى خُطْبَتِهِ، وَبَعْدَ طُولِهِ يَسْتَأْنِفُهَا لِفَوَاتِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْمُوَالاَةُ. (28) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْمَذَاهِبِ أَقْوَالٌ أُخْرَى يُنْظَرُ فِي الْمُطَوَّلاَتِ.
(28) رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا، بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ، إِنْ لَمْ يَعْرِضْ مَانِعٌ (30) .
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الإِْنْصَاتِ عَلَى الْمُصَلِّينَ، فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ الْكَلاَمُ إِلاَّ لِلْخَطِيبِ أَوْ لِمَنْ يُكَلِّمُهُ الْخَطِيبُ، وَكَذَا لِتَحْذِيرِ إِنْسَانٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ. (31) وَدَلِيلُهُمْ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} ، (32) وَقَوْلُهُ ﷺ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: أَنْصِتْ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ. (33)
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَدِيمِ مُتَّفِقٌ مَعَ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ، أَمَّا فِي الْجَدِيدِ فَإِنَّهُ لاَ يَجِبُ الإِْنْصَاتُ وَلاَ يَحْرُمُ الْكَلاَمُ، لِمَا صَحَّ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَال لِلنَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يَخْطُبُ: يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكَ الْمَال وَجَاعَ الْعِيَال. . . (34) وَسَأَلَهُ آخَرُ عَنْ مَوْعِدِ السَّاعَةِ، (35) وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمَا وُجُوبَ السُّكُوتِ.
وَحَمَلُوا الأَْمْرَ عَلَى النَّدْبِ، وَالنَّهْيَ عَلَى الْكَرَاهَةِ. (36)
(37) الْمُوَالاَةُ بَيْنَ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ، وَبَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلاَةِ.
وَيُغْتَفَرُ يَسِيرُ الْفَصْل، هَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ، أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيَشْتَرِطُونَ أَنْ لاَ يَفْصِل بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلاَةِ بِأَكْلٍ أَوْ عَمَلٍ قَاطِعٍ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ قَاطِعًا كَمَا إِذَا تَذَكَّرَ فَائِتَةً وَهُوَ فِي الْجُمُعَةِ فَاشْتَغَل بِقَضَائِهَا أَوْ أَفْسَدَ الْجُمُعَةَ فَاحْتَاجَ إِلَى إِعَادَتِهَا، أَوِ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَلاَ تَبْطُل الْخُطْبَةُ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِعَمَلٍ قَاطِعٍ، وَلَكِنَّ الأَْوْلَى إِعَادَتُهَا، وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ يَصِيرُ مُسِيئًا. (38)
(39) كَوْنُهَا بِالْعَرَبِيَّةِ، تَعَبُّدًا. لِلاِتِّبَاعِ، وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ أَرْكَانُهَا بِالْعَرَبِيَّةِ؛ وَلأَِنَّهَا ذِكْرٌ مَفْرُوضٌ فَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ كَتَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ، وَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ عَجَمًا لاَ يَعْرِفُونَ الْعَرَبِيَّةَ. وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: تَصِحُّ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ الْخَطِيبُ عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ، وَوَافَقَ الصَّاحِبَانِ الْجُمْهُورَ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ إِلاَّ لِلْعَاجِزِ عَنْهَا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الإِْتْيَانِ بِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لاَ تَلْزَمُهُمُ الْجُمُعَةُ. (40)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخَطِيبِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا مَعْنَى مَا يَقُول، فَلاَ يَكْفِي أَعْجَمِيٌّ لُقِّنَ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ - عَلَى الظَّاهِرِ - (41)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: عِنْدَ عَدَمِ مَنْ يَخْطُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ إِنْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُ الْعَرَبِيَّةِ خُوطِبَ بِهِ الْجَمِيعُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَإِنْ زَادُوا عَلَى الأَْرْبَعِينَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا عَصَوْا وَلاَ جُمُعَةَ لَهُمْ بَل يُصَلُّونَ الظُّهْرَ، وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ سُؤَال مَا فَائِدَةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ. وَيُوَافِقُهُ قَوْل الشَّيْخَيْنِ فِيمَا إِذَا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ وَلَمْ يَعْرِفُوا مَعْنَاهَا أَنَّهَا تَصِحُّ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَعَلُّمُهَا خَطَبَ وَاحِدٌ بِلُغَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ أَحَدٌ مِنْهُمُ التَّرْجَمَةَ فَلاَ جُمُعَةَ لَهُمْ لاِنْتِفَاءِ شَرْطِهَا. (42)
(43) النِّيَّةُ: اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ النِّيَّةَ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ. (44) فَلَوْ حَمِدَ اللَّهَ لِعُطَاسِهِ أَوْ تَعَجُّبًا، أَوْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَخَطَبَ بِلاَ نِيَّةٍ فَلاَ تَصِحُّ. (45)
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ النِّيَّةَ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ. (46)
وَهُنَاكَ أُمُورٌ شَرَطَهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى سُنِّيَّتِهَا وَتَأْتِي فِي السُّنَنِ.
سُنَنُهَا:
10 - تَنْقَسِمُ هَذِهِ السُّنَنُ إِلَى سُنَنٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا وَأُخْرَى مُخْتَلَفٍ فِيهَا
أَمَّا السُّنَنُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا فَهِيَ:
(42) أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ عَلَى مِنْبَرٍ لإِِلْقَاءِ الْخُطْبَةِ، اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ (بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلِّي) ، لِلاِتِّبَاعِ. فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرِ الْمِنْبَرُ فَعَلَى مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ؛ لأَِنَّهُ أَبْلَغُ فِي الإِْعْلاَمِ. (48)
(49) الْجُلُوسُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَبْل الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ، عَمَلاً بِالسُّنَّةِ. (49)
(51) اسْتِقْبَال الْخَطِيبِ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَوْمِ الإِْقْبَال بِوَجْهِهِمْ عَلَيْهِ، وَجَاءَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ اسْتَقْبَلَهُ أَصْحَابُهُ بِوُجُوهِهِمْ. (51)
(53) الأَْذَانُ بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ، إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَهَذَا الأَْذَانُ هُوَ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ فَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ﵁ أَنَّهُ قَال إِنَّ الأَْذَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ الإِْمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ﵄، فَلَمَّا كَانَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ ﵁ وَكَثُرُوا أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالأَْذَانِ الثَّالِثِ فَأَذَّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَثَبَتَ الأَْمْرُ عَلَى ذَلِكَ. (54)
(55) رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْخُطْبَةِ زِيَادَةً عَلَى الْجَهْرِ الْوَاجِبِ السَّابِقِ بَيَانُهُ لأَِنَّهُ أَبْلَغُ فِي الإِْعْلاَمِ، (56) لِقَوْل جَابِرٍ ﵁ كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلاَ صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُول: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ. (57)
(58) تَقْصِيرُ الْخُطْبَتَيْنِ، وَكَوْنُ الثَّانِيَةِ أَقْصَرَ مِنَ الأُْولَى (59) ، لِقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّ طُول صَلاَةِ الرَّجُل، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلاَةَ، وَاقْصِرُوا الْخُطْبَةَ. (55)
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ فَصِيحَةً بَلِيغَةً مُرَتَّبَةً مَفْهُومَةً بِلاَ تَمْطِيطٍ وَلاَ تَقْعِيرٍ، وَلاَ تَكُونُ أَلْفَاظًا مُبْتَذَلَةً مُلَفَّقَةً، حَتَّى تَقَعَ فِي النُّفُوسِ مَوْقِعَهَا. (61)
(62) أَنْ يَعْتَمِدَ الْخَطِيبُ عَلَى قَوْسٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ عَصًا، لِمَا رَوَى الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ ﵁ قَال: وَفَدْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ. . . فَأَقَمْنَا أَيَّامًا شَهِدْنَا فِيهَا الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ طَيِّبَاتٍ مُبَارَكَاتٍ. (63)
وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالُوا: يَتَّكِئُ عَلَى السَّيْفِ فِي كُل بَلْدَةٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً، لِيُرِيَهُمْ قُوَّةَ الإِْسْلاَمِ وَالْحَزْمَ، وَيَخْطُبُ بِدُونِهِ فِي كُل بَلْدَةٍ فُتِحَتْ صُلْحًا. (64)
11 - وَأَمَّا السُّنَنُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَهِيَ:
(61) الْقِيَامُ فِي الْخُطْبَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، لِلاِتِّبَاعِ.
وَهُوَ شَرْطٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ. (66) وَقَال الدَّرْدِيرُ: الأَْظْهَرُ أَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ، فَإِنْ جَلَسَ أَثِمَ وَصَحَّتْ. (67)
فَإِنْ عَجَزَ خَطَبَ قَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ خَطَبَ مُضْطَجِعًا كَالصَّلاَةِ، وَيَجُوزُ الاِقْتِدَاءُ بِهِ سَوَاءٌ أَقَال لاَ أَسْتَطِيعُ أَمْ سَكَتَ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ لِعُذْرٍ.
وَالأَْوْلَى لِلْعَاجِزِ الاِسْتِنَابَةُ. (68)
وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَوْ قَعَدَ فِيهِمَا أَوْ فِي إِحْدَاهُمَا أَجْزَأَ، وَكُرِهَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. (69)
(68) الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ مُطْمَئِنًّا فِيهِ، لِلاِتِّبَاعِ.
وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. (71) وَشَرْطٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (72)
(69) الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ.
وَهِيَ لَيْسَتْ شَرْطًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ بَل هِيَ سُنَّةٌ.
وَهِيَ شَرْطٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَبِي يُوسُفَ (74) . قَال الشَّافِعِيَّةُ: فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ اسْتَأْنَفَهَا، وَإِنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَقَصُرَ الْفَصْل؛ لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ فَلاَ تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ كَالصَّلاَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَحْدَث بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلاَةِ وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يَضُرَّ. (75)
وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْخُطْبَتَيْنِ وَلَكِنَّ تَرْكَهَا مَكْرُوهٌ. (76)
(77) سَتْرُ الْعَوْرَةِ:
سَتْرُ الْعَوْرَةِ سُنَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ شَرْطٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (78)
(79) السَّلاَمُ عَلَى النَّاسِ:
يُسَنُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنْ يُسَلِّمَ الْخَطِيبُ عَلَى النَّاسِ مَرَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا حَال خُرُوجِهِ لِلْخُطْبَةِ (أَيْ مِنْ حُجْرَتِهِ أَوْ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ إِنْ كَانَ قَادِمًا مِنْ خَارِجِهِ) وَالأُْخْرَى، إِذَا وَصَل أَعْلَى الْمِنْبَرِ وَأَقْبَل عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ. (77)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: يُنْدَبُ سَلاَمُهُ عَلَى النَّاسِ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِلْخُطْبَةِ فَقَطْ، وَلاَ يُسَلِّمُ عَلَى الْمُصَلِّينَ عِنْدَ انْتِهَاءِ صُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَيْهِ، وَلاَ يَجِبُ رَدُّهُ؛ لأَِنَّهُ يُلْجِئُهُمْ إِلَى مَا نُهُوا عَنْهُ. (81)
6 - الْبَدَاءَةُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ الشَّهَادَتَيْنِ ثُمَّ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَالْعِظَةِ وَالتَّذْكِيرِ، وَقِرَاءَةِ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَالدُّعَاءُ فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، كَمَا يُنْدَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا خَتْمُهَا بِيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ. (82)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُسْتَحَبُّ التَّرْتِيبُ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْحَمْدِ، ثُمَّ بِالثَّنَاءِ، ثُمَّ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ بِالْمَوْعِظَةِ، فَإِنْ نَكَسَ أَجْزَأَهُ لِحُصُول الْمَقْصُودِ. وَهَذَا التَّرْتِيبُ سُنَّةٌ عِنْدَهُمْ. (83)
وَالدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِلاَّ الشَّافِعِيَّةُ فَإِنَّهُ رُكْنٌ عِنْدَهُمْ. (84) وَقَدْ تَقَدَّمَ.
7 - صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِسُنِّيَّةِ حُضُورِ الْخَطِيبِ بَعْدَ دُخُول الْوَقْتِ، بِحَيْثُ يَشْرَعُ فِي الْخُطْبَةِ أَوَّل وُصُولِهِ إِلَى الْمِنْبَرِ لأَِنَّ هَذَا هُوَ الْمَنْقُول، وَلاَ يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ. (85) 8 - أَنْ يَصْعَدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ عَلَى تُؤَدَةٍ، وَأَنْ يَنْزِل مُسْرِعًا عِنْدَ قَوْل الْمُؤَذِّنِ قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ (86) .
مَكْرُوهَاتُهَا:
12 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: يُكْرَهُ التَّطْوِيل مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِزَمَنٍ، فِي الشِّتَاءِ لِقِصَرِ الزَّمَانِ، وَفِي الصَّيْفِ لِلضَّرَرِ بِالزِّحَامِ وَالْحَرِّ، وَيُكْرَهُ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْ سُنَنِ الْخُطْبَةِ، وَإِذَا خَرَجَ الإِْمَامُ فَلاَ صَلاَةَ وَلاَ كَلاَمَ، إِلاَّ إِذَا تَذَكَّرَ فَائِتَةً وَلَوْ وِتْرًا، وَهُوَ صَاحِبُ تَرْتِيبٍ فَلاَ يُكْرَهُ الشُّرُوعُ فِيهَا حِينَئِذٍ، بَل يَجِبُ لِضَرُورَةِ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ، وَيُكْرَهُ التَّسْبِيحُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ إِذَا كَانَ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ، إِلاَّ إِذَا أَمَرَ الْخَطِيبُ بِالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَإِنَّهُ يُصَلِّي سِرًّا إِحْرَازًا لِلْفَضِيلَتَيْنِ، وَيَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ إِذَا عَطَسَ - عَلَى الصَّحِيحِ - وَيُكْرَهُ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَرَدُّ السَّلاَمِ؛ لاِشْتِغَالِهِ بِسَمَاعٍ وَاجِبٍ، وَيَجُوزُ إِنْذَارُ أَعْمَى وَغَيْرِهِ إِذَا خُشِيَ تَعَرُّضُهُ لِلْوُقُوعِ فِي هَلاَكٍ؛ لأَِنَّ حَقَّ الآْدَمِيِّ مُقَدَّمٌ عَلَى الإِْنْصَاتِ - حَقِّ اللَّهِ -
وَيُكْرَهُ لِحَاضِرِ الْخُطْبَةِ الأَْكْل وَالشُّرْبُ، وَقَال الْكَمَال: يَحْرُمُ الْكَلاَمُ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْبِيحًا، وَالأَْكْل وَالشُّرْبُ وَالْكِتَابَةُ.
وَيُكْرَهُ الْعَبَثُ وَالاِلْتِفَاتُ، وَيُكْرَهُ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ إِذَا أَخَذَ الْخَطِيبُ بِالْخُطْبَةِ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ قَبْل ذَلِكَ. (87)
13 - وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ تَخَطِّي الرِّقَابِ قَبْل جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِغَيْرِ فُرْجَةٍ؛ لأَِنَّهُ يُؤْذِي الْجَالِسِينَ، وَأَنْ يَخْطُبَ الْخَطِيبُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَالتَّنَفُّل عِنْدَ الأَْذَانِ الأَْوَّل لِجَالِسٍ فِي الْمَسْجِدِ يُقْتَدَى بِهِ كَعَالِمٍ وَأَمِيرٍ، كَمَا يُكْرَهُ التَّنَفُّل بَعْدَ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ يَنْصَرِفَ النَّاسُ وَيَحْرُمُ الْكَلاَمُ مِنَ الْجَالِسِينَ حَال الْخُطْبَةِ وَبَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَلَوْ لَمْ يَسْمَعُوا الْخُطْبَةَ إِلاَّ أَنْ يَلْغُوَ الْخَطِيبُ فِي خُطْبَتِهِ، بِأَنْ يَأْتِيَ بِكَلاَمٍ سَاقِطٍ، فَيَجُوزَ الْكَلاَمُ حِينَئِذٍ، وَيَحْرُمَ السَّلاَمُ مِنَ الدَّاخِل أَوِ الْجَالِسِ عَلَى أَحَدٍ، وَكَذَا رَدُّهُ، وَلَوْ بِالإِْشَارَةِ وَيَحْرُمُ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَنَهْيٌ لاَغٍ، وَالإِْشَارَةُ لَهُ، وَالأَْكْل وَالشُّرْبُ، وَابْتِدَاءُ صَلاَةِ نَفْلٍ بَعْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ لِلْخُطْبَةِ، وَلَوْ لِدَاخِلٍ. (88)
14 - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُكْرَهُ فِي الْخُطْبَةِ أَشْيَاءُ مِنْهَا:
مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ جَهَلَةِ الْخُطَبَاءِ مِنَ الدَّقِّ عَلَى دَرَجِ الْمِنْبَرِ فِي صُعُودِهِ، وَالدُّعَاءِ إِذَا انْتَهَى صُعُودُهُ قَبْل جُلُوسِهِ، وَالاِلْتِفَاتِ فِي الْخُطْبَةِ، وَالْمُجَازَفَةِ فِي أَوْصَافِ السَّلاَطِينِ فِي الدُّعَاءِ لَهُمْ وَكَذِبِهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمُبَالَغَةِ فِي الإِْسْرَاعِ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، وَخَفْضِ الصَّوْتِ بِهَا، وَاسْتِدْبَارِ الْخَطِيبِ لِلْمُصَلِّينَ، وَهُوَ قَبِيحٌ خَارِجٌ عَنْ عُرْفِ الْخِطَابِ، وَالتَّقْعِيرِ وَالتَّمْطِيطِ فِي الْخُطْبَةِ، وَيُكْرَهُ شُرْبُ الْمَاءِ لِلْمُصَلِّينَ أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ لِلتَّلَذُّذِ، وَلاَ بَأْسَ بِشُرْبِهِ لِلْعَطَشِ، وَيُكْرَهُ لِلدَّاخِل أَنْ يُسَلِّمَ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ، وَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَيْهِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَمِعِ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ، وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا تَنَفُّلٌ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْحَاضِرِينَ بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجُلُوسُهُ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي صَلاَةٍ تَخْفِيفُهَا عِنْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ الْمِنْبَرَ وَجُلُوسِهِ، وَيُكْرَهُ الأَْذَانُ جَمَاعَةً بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ (89) .
وَتُسْتَثْنَى التَّحِيَّةُ لِدَاخِل الْمَسْجِدِ وَالْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيُسَنُّ لَهُ فِعْلُهَا، وَيُخَفِّفُهَا وُجُوبًا لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا (90) . (ر: تَحِيَّةٌ ف 5)
15 - وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ الاِلْتِفَاتُ فِي الْخُطْبَةِ، وَاسْتِدْبَارُ النَّاسِ، وَيُكْرَهُ لِلإِْمَامِ رَفْعُ يَدَيْهِ حَال الدُّعَاءِ فِي الْخُطْبَةِ، وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُشِيرَ بِأُصْبُعِهِ فِي دُعَائِهِ، وَيُكْرَهُ الدُّعَاءُ عَقِبَ صُعُودِهِ الْمِنْبَرَ، وَيُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَمَدُّ رِجْلَيْهِ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ قُدَّامَ بَعْضِ الْخُطَبَاءِ، وَابْتِدَاءُ تَطَوُّعٍ بِخُرُوجِ الْخَطِيبِ خَلاَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَلاَ يُمْنَعُ الدَّاخِل مِنْهَا، وَيُكْرَهُ الْعَبَثُ، وَشُرْبُ مَاءٍ عِنْدَ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ، مَا لَمْ يَشْتَدَّ عَطَشُهُ (91) .
ب - خُطْبَةُ الْعِيدَيْنِ:
حُكْمُهَا:
16 - خُطْبَتَا الْعِيدِ سُنَّةٌ لاَ يَجِبُ حُضُورُهُمَا وَلاَ اسْتِمَاعُهُمَا، (92) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَال: شَهِدْتُ مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ الْعِيدَ فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ قَال: إِنَّا نَخْطُبُ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ. (93)
وَقَال بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: الْخُطْبَةُ مِنْ سُنَّةِ الصَّلاَةِ، فَمَنْ شَهِدَ الصَّلاَةَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ أَوْ لاَ تَلْزَمُهُ مِنْ صَبِيٍّ أَوِ امْرَأَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ حُضُورَ سُنَّتِهَا، كَطَوَافِ النَّفْل لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ رُكُوعَهُ (أَيْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ) لأَِنَّهُ مِنْ سُنَّتِهِ. (94)
وَهِيَ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فِي صِفَتِهَا وَأَحْكَامِهَا، إِلاَّ فِيمَا يَلِي:
1 - أَنْ تُفْعَل بَعْدَ صَلاَةِ الْعِيدِ، لاَ قَبْلَهَا.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَخُطْبَتَا الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلاَةِ لاَ نَعْلَمُ فِيهِ (أَيْ فِي كَوْنِهِمَا بَعْدَ الصَّلاَةِ) خِلاَفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. (95)
فَإِذَا خَطَبَ قَبْل الصَّلاَةِ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَقَدْ أَسَاءَ الْخَطِيبُ بِذَلِكَ، أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَيَرَوْنَ أَنَّهَا لاَ تَصِحُّ، وَيُعِيدُهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ. (96)
2 - وَيُسَنُّ افْتِتَاحُهَا بِالتَّكْبِيرِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَبِّرَ فِي أَثْنَائِهَا، بِخِلاَفِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ يَفْتَتِحُهَا بِالْحَمْدُ لِلَّهِ.
وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنْ يَفْتَتِحَ الأُْولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ، وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ لاَ حَدَّ لِذَلِكَ، فَإِنْ كَبَّرَ ثَلاَثًا أَوْ سَبْعًا أَوْ غَيْرَهَا، فَكُل ذَلِكَ حَسَنٌ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَيِّنَ فِي خُطْبَةِ الْفِطْرِ أَحْكَامَ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَفِي الأَْضْحَى أَحْكَامَ الأُْضْحِيَّةِ (97) 3 - أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - الْقِيَامُ، وَالطَّهَارَةُ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ. (98)
د - خُطْبَةُ الْكُسُوفِ:
17 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ خُطْبَةَ لِصَلاَةِ الْكُسُوفِ (99) ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِالصَّلاَةِ دُونَ الْخُطْبَةِ. (100)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُنْدَبُ وَعْظٌ بَعْدَهَا، يَشْتَمِل عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ، وَالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَى نَبِيِّهِ، لِفِعْلِهِ ﵊.
وَلاَ يَكُونُ عَلَى طَرِيقَةِ الْخُطْبَةِ؛ لأَِنَّهُ لاَ خُطْبَةَ لِصَلاَةِ الْكُسُوفِ. (101)
وَيُنْدَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَخْطُبَ الإِْمَامُ بَعْدَ صَلاَةِ الْكُسُوفِ خُطْبَتَيْنِ كَخُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ فِي أَرْكَانِهِمَا وَسُنَنِهِمَا، وَلاَ تُعْتَبَرُ فِيهِمَا الشُّرُوطُ كَمَا فِي الْعِيدِ، وَاسْتَدَلُّوا بِفِعْلِهِ ﷺ. (102) وَلاَ تَصِحُّ الْخُطْبَةُ إِنْ قَدَّمَهَا عَلَى الصَّلاَةِ (103) .
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي (كُسُوفٌ) .
د - خُطْبَةُ الاِسْتِسْقَاءِ:
18 - يُنْدَبُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَخْطُبَ الإِْمَامُ بَعْدَ صَلاَةِ الاِسْتِسْقَاءِ خُطْبَةً كَخُطْبَةِ الْعِيدِ فِي الأَْرْكَانِ، وَالشُّرُوطِ، وَالسُّنَنِ، يَعِظُ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا وَيُخَوِّفُهُمْ مِنَ الْمَعَاصِي، وَيَأْمُرُهُمْ بِالتَّوْبَةِ وَالإِْنَابَةِ وَالصَّدَقَةِ. (104)
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ - إِلَى أَنَّهُ لاَ يُصَلِّي جَمَاعَةً وَلاَ يَخْطُبُ. (105)
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عَدَدِ الْخُطَبِ وَكَيْفِيَّتِهَا، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّهُمَا خُطْبَتَانِ كَخُطْبَتَيِ الْعِيدِ، لَكِنْ يَسْتَبْدِل بِالتَّكْبِيرِ الاِسْتِغْفَارَ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهَا خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ.
قَال الْحَنَابِلَةُ: يُكَبِّرُ فِي أَوَّلِهَا تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لاَ يُكَبِّرُ. (106)
وَانْظُرِ التَّفْصِيل فِي (اسْتِسْقَاءٌ) . هـ - خُطَبُ الْحَجِّ:
19 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِلإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ الْخُطْبَةُ فِي الْحَجِّ، يُبَيِّنُ فِيهَا مَنَاسِكَ الْحَجِّ لِلنَّاسِ، وَذَلِكَ اقْتِدَاءٌ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ الْخُطَبِ الَّتِي يَخْطُبُهَا، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا ثَلاَثُ خُطَبٍ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا أَرْبَعٌ. (107)
1 - الْخُطْبَةُ الأُْولَى: يُسَنُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَدَا الْحَنَابِلَةِ أَنْ يَخْطُبَ الإِْمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِمَكَّةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَيُسَمَّى بِيَوْمِ الزِّينَةِ، خُطْبَةً وَاحِدَةً لاَ يَجْلِسُ فِيهَا يُعَلِّمُ فِيهَا النَّاسَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ، اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ ﷺ. (108)
2 - الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ: تُسَنُّ هَذِهِ الْخُطْبَةُ يَوْمَ عَرَفَةَ بِنَمِرَةَ، قَبْل أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ - جَمْعَ تَقْدِيمٍ - اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ ﷺ يُعَلِّمُ فِيهَا النَّاسَ مَا أَمَامَهُمْ مِنْ مَنَاسِكَ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى الاِجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ وَالْعِبَادَةِ. وَهِيَ خُطْبَتَانِ كَخُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ هِيَ خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ. (109)
3 - الْخُطْبَةُ الثَّالِثَةُ: يُسَنُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنْ يَخْطُبَ الإِْمَامُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، خُطْبَةً وَاحِدَةً يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا مَنَاسِكَهُمْ مِنَ النَّحْرِ وَالإِْفَاضَةِ وَالرَّمْيِ (110) ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ، يَعْنِي بِمِنًى.
(111) وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ تَكُونُ يَوْمَ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، لاَ يَوْمَ النَّحْرِ؛ لأَِنَّهُ يَوْمُ اشْتِغَالٍ بِالْمَنَاسِكِ، يُعَلِّمُ فِيهَا النَّاسَ جَوَازَ الاِسْتِعْجَال لِمَنْ أَرَادَ، وَهِيَ الْخُطْبَةُ الأَْخِيرَةُ عِنْدَهُمْ. (112)
4 - الْخُطْبَةُ الرَّابِعَةُ: يُسَنُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنْ يَخْطُبَ الإِْمَامُ بِمِنًى ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خُطْبَةً وَاحِدَةً يُعَلِّمُ فِيهَا النَّاسَ جَوَازَ النَّفْرِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيُوَدِّعُهُمْ (1) .
وَ - خُطْبَةُ النِّكَاحِ:
20 - يُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْطُبَ الْعَاقِدُ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الْحَاضِرِينَ خُطْبَةً وَاحِدَةً، بَيْنَ يَدَيِ الْعَقْدِ، وَإِنْ خَطَبَ بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَهُوَ أَحْسَنُ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ خُطْبَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا قَبْل الْخِطْبَةِ، وَالأُْخْرَى قَبْل الْعَقْدِ. (2)
__________
(1) المعجم الوسيط.
(2) دستور العلماء 2 / 86 - الأعلمي، تهذيب الأسماء واللغات 3 / 92 - المنيرية، كشاف الاصطلاحات (خطب) .
(3) المفردات، المصباح، المعجم الوسيط.
(4) المفردات
(5) التعريفات للجرجاني 241، المفردات، النهاية - دار الفكر، المعجم الوسيط.
(6) شرح الكافية - للرضي دار الكتب 1 / 3، حاشية الخضري على ابن عقيل - الحلبي 1 / 15، والمعجم الوسيط.
(7) الشرح الصغير - دار المعارف 1 / 499، والقوانين الفقهية - دار الكتاب ص 80
(8) حديث: " صلوا كما رأيتموني أصلى " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 111 - ط السلفية) من حديث مالك بن الحويرث.
(9) ابن عابدين 1 / 544، المواق / 158، نهاية المحتاج 2 / 299، المغني 2 / 304، الإفصاح - السعيدية 1 / 161، البناية - دار الفكر 2 / 802
(10) سورة الجمعة / 9
(11) ابن عابدين 1 / 543، فتح القدير 1 / 415
(12) الشرح الصغير 1 / 499، القوانين الفقهية ص 80
(13) الحطاب - ليبيا 2 / 165
(14) نهاية المحتاج 2 / 300، أسنى المطالب - المكتبة الإسلامية 1 / 256
(15) الكافي - المكتب الإسلامي 1 / 220، المحرر - السنة المحمدية 1 / 146، كشاف القناع 2 / 32
(16) نيل المآرب - 1 / 57 ط بولاق.
(17) المجموع المذهب للعلائي - مكتوب على الآلة الطابعة 1 / 234، 254، التعريفات - دار الكتاب 149، 166
(18) ابن عابدين 2 / 543، البناية 2 / 810، الدسوقي على الشرح الكبير - دار الفكر 1 / 378، الشرح الصغير 1 / 499، أسنى المطالب 1 / 256، نهاية المحتاج 2 / 304، كشاف القناع 2 / 32، نيل المآرب 1 / 56، الطحطاوي على مراقي الفلاح - دار الإيمان 277.
(19) ابن عابدين 2 / 543، البناية 2 / 810، الدسوقي على الشرح الكبير - دار الفكر 1 / 378، الشرح الصغير 1 / 499، أسنى المطالب 1 / 256، نهاية المحتاج 2 / 304، كشاف القناع 2 / 32، نيل المآرب 1 / 56، الطحطاوي على مراقي الفلاح - دار الإيمان 277.
(20) أخرجه عبد الرزاق في المصنف 3 / 175 - ط المجلس العلمي بالهند.
(21) أخرجه عبد الرزاق في المصنف 3 / 175 - ط المجلس العلمي بالهند.
(22) المراجع السابقة.
(23) الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 378
(24) الدسوقي 1 / 378، الشرح الصغير 1 / 499
(25) المراجع السابقة.
(26) ابن عابدين 1 / 543، الطحطاوي على مراقي الفلاح 277
(27) الدسوقي 1 / 378، الشرح الصغير 1 / 499
(28) الروضة - المكتب الإسلامي 2 / 7، كشاف القناع 2 / 33
(29) الروضة - المكتب الإسلامي 2 / 7، كشاف القناع 2 / 33
(30) مراقي الفلاح ص 278، وابن عابدين 1 / 543، والدسوقي 1 / 378، والشرح الصغير 1 / 499 ونهاية المحتاج 2 / 304 وأسنى المطالب 1 / 257، وكشاف القناع 2 / 32، ونيل المآرب 1 / 56
(31) بدائع الصنائع 1 / 263، ابن عابدين 2 / 366، الدسوقي 1 / 387، الشرح الصغير 1 / 509، كشاف القناع 2 / 47
(32) سورة الأعراف / 204
(33) حديث: " إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 414 - ط السلفية) ومسلم (2 / 583 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(34) حديث: " أن أعرابيا قال للنبي ﷺ يا رسول الله، هلك. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 413 - ط السلفية) من حديث أنس.
(35) حديث: " سؤال الأعرابي للرسول ﷺ: عن موعد الساعة " أخرجه ابن خزيمة (3 / 149 - ط المكتب الاسلامي) ، من حديث أنس بن مالك. وإسناده صحيح.
(36) نهاية المحتاج 2 / 306، الروضة 2 / 28
(37)
(38) الطحطاوي على مراقي الفلاح 278، ابن عابدين 1 / 543، الدسوقي 1 / 378، الشرح الصغير 1 / 499، نهاية المحتاج 2 / 304، أسنى المطالب 1 / 257، كشاف القناع 2 / 32، نيل المآرب 1 / 56
(39)
(40) المراجع السابقة.
(41) الدسوقي 1 / 378
(42) نهاية المحتاج 2 / 304، الروضة 2 / 26
(43)
(44) حديث: " إنما الأعمال بالنيات. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 9 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1515 - ط الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب.
(45) ابن عابدين 2 / 543، الطحاوى 277، كشاف القناع 2 / 33، نيل المآرب 1 / 56
(46) نهاية المحتاج 2 / 312، أسنى المطالب 1 / 259، الشرح الصغير 1 / 499
(47) نهاية المحتاج 2 / 304، الروضة 2 / 26
(48) الفتاوى الهندية - تركيا 1 / 147، الطحطاوي 280، القوانين الفقهية ص 80، جواهر الإكليل 1 / 96، المجموع - السلفية 4 / 527، المغني 2 / 296
(49) المراجع السابقة.
(50) المراجع السابقة.
(51) الفتاوى الهندية 1 / 146، الطحطاوي 280، الشرح الصغير 1 3، القوانين الفقهية 80، المجموع 4 / 528، المغني 2 / 303 وحديث: " كان إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم ". أخرجه ابن ماجه (1 / 360 - ط الحلبي) ، وقال البوصيري: " رجال إسناده ثقات، إلا أنه مرسل " ولكن ذكر له البيهقي في سننه (3 / 198 - ط دائرة المعارف العثمانية) شواهد تقويه.
(52) الفتاوى الهندية 1 / 146، الطحطاوي 280، الشرح الصغير 1 3، القوانين الفقهية 80، المجموع 4 / 528، المغني 2 / 303 وحديث: " كان إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم ". أخرجه ابن ماجه (1 / 360 - ط الحلبي) ، وقال البوصيري: " رجال إسناده ثقات، إلا أنه مرسل " ولكن ذكر له البيهقي في سننه (3 / 198 - ط دائرة المعارف العثمانية) شواهد تقويه.
(53)
(54) الطحطاوي 280، العدوي على الرسالة 1 / 327، والمجموع 4 / 527، المغني 2 / 297 وحديث السائب بن يزيد: " أن الأذان يوم الجمعة. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 397 - ط السلفية) .
(55) حديث: " إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته. . . . " أخرجه مسلم (2 / 594 - ط الحلبي) من حديث عمار بن ياسر.
(56) الطحطاوي 281، الشرح الصغير 1 / 506، المجموع 4 / 528، المغني 2 / 308
(57) حديث: " كان إذا خطب احمرت عيناه. . . " أخرجه مسلم (2 / 592، ط الحلبي) .
(58)
(59) الطحطاوي 281، الشرح الصغير 1 6، المجموع 4 / 528، المغني 2 / 308
(60) حديث: " إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته. . . . " أخرجه مسلم (2 / 594 - ط الحلبي) من حديث عمار بن ياسر.
(61) المجموع 4 / 528
(62)
(63) حديث: الحكم بن حزن: " وفدت إلي رسول الله ﷺ. . . " أخرجه أبو داود (1 / 658 - 659 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وإسناده حسن.
(64) الطحطاوي ص 280، الشرح الصغير 1 7، المجموع 4 / 528، المغني 2 / 309
(65) المجموع 4 / 528
(66) نهاية المحتاج 2 / 306، أسنى المطالب 1 / 257، الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 379، الشرح الصغير 1 / 499
(67) الشرح الصغير 1 / 499
(68) نهاية المحتاج 2 / 306، أسنى المطالب 1 / 257
(69) الطحطاوي ص 280، المغني 2 / 303، كشاف القناع 2 / 36
(70) نهاية المحتاج 2 / 306، أسنى المطالب 1 / 257
(71) الطحطاوي 281، الشرح الصغير 1 / 503، كشاف القناع 2 / 36
(72) المراجع السابقة.
(73) الطحطاوي ص 280، المغني 2 / 303، كشاف القناع 2 / 36
(74) حاشية الطحطاوى ص 280، ونهاية المحتاج 1 / 311، وأسنى المطالب 1 / 257 والشرح الصغير 1 / 511، والمغني 2 / 307، نيل المآرب 1 / 57
(75) نهاية المحتاج 2 / 312
(76) الشرح الصغير 1 / 511
(77) المجموع 4 / 527، المغني 2 / 296
(78) المجموع 4 / 515، نهاية المحتاج 2 / 311، الطحطاوي ص 280، نيل المآرب 1 / 57 والقول بسنية ستر العورة إنما هو في حق صحة الخطبة أو عدمها، حيث إنهم متفقون على وجوب ستر العورة وحرمة كشفها لغير عذر.
(79)
(80) المجموع 4 / 527، المغني 2 / 296
(81) الطحطاوي ص 283، وجواهر الإكليل 1 / 96، القوانين الفقهية 80
(82) الطحطاوي 281، الشرح الصغير 1 / 506
(83) كشاف القناع 2 / 33، المجموع 4 / 522، نهاية المحتاج 2 / 311
(84) كشاف القناع 2 / 37
(85) المجموع 4 / 529
(86) كشاف القناع 2 / 38
(87) الطحطاوي 281 - 283، الفتاوى الهندية 1 / 147
(88) الشرح الصغير 1 / 511 - 513، الزرقاني - دار الفكر 2 / 64
(89) المجموع 4 / 528، 529، نهاية المحتاج 2 / 309 - 315
(90) وحديث: " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما " أخرجه مسلم (2 / 597 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(91) كشاف القناع 2 / 36 - 38، الفروع 2 / 119 - 128
(92) ابن عابدين 1 / 561، الطحطاوي 292، التاج والإكليل 2 / 196، مواهب الجليل 2 / 196، الشرح الصغير 1 / 520، المجموع 5 / 22، نهاية المحتاج 2 / 380، المغني 2 / 384، كشاف القناع 2 / 55
(93) حديث عبد الله بن السائب: شهدت العيد مع رسول الله ﷺ " أخرجه أبو داود (1 / 683 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 295 - دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(94) التاج 2 / 196، مواهب الجليل 2 / 196
(95) المغني 2 / 384
(96) المراجع السابقة.
(97) المراجع السابقة.
(98) نهاية المحتاج 2 / 380
(99) الطحطاوي ص 298، كشاف القناع 2 / 62
(100) أخرج البخاري من حديث ابن مسعود مرفوعا بلفظ " إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموهما فقوموا فصلوا " (فتح الباري 2 / 526 - ط السلفية) .
(101) الشرح الصغير 1 / 535
(102) حديث: " خطبة النبي ﷺ في الكسوف " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 533 - ط السلفية) من حديث عائشة
(103) نهاية المحتاج 2 / 397
(104) الشرح الصغير 1 / 539، نهاية المحتاج 2 / 412، كشاف القناع 2 / 69
(105) ابن عابدين 1 / 567
(106) المراجع السابقة.
(107) ابن عابدين 2 / 172، الطحطاوي على الدر 1 / 501، القوانين الفقهية 132، مواهب الجليل 3 / 117، الروضة 3 / 93، الإيضاح - دار الكتب العلمية ص 90، المغني 3 / 407، 445، 456، كشاف القناع 2 / 491، 504، 511
(108) ابن عابدين 2 / 172، الطحطاوي على الدر 1 / 501، القوانين الفقهية 132، مواهب الجليل 3 / 117، الروضة 3 / 92، الإيضاح ص 90
(109) المراجع السابقة، والمغني 3 / 407، كشاف القناع 2 / 491
(110) الروضة 3 / 93، الإيضاح ص 90، المغني 3 / 445، كشاف القناع 2 4، ووافقهم من الحنفية صاحب مراقي الفلاح وغيره، انظر الطحطاوي على المراقي ص 399
(111) حديث: ابن عباس: " أن النبي ﷺ خطب في الناس يوم النحر " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 573 - ط السلفية) .
(112) ابن عابدين 2 / 173، الطحطاوي على الدر 1 / 502، مواهب الجليل 3 / 117، والقوانين ص 132
الموسوعة الفقهية الكويتية: 176/ 19
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - الْخِطْبَةُ - بِكَسْرِ الْخَاءِ - مَصْدَرُ خَطَبَ، يُقَال: خَطَبَ الْمَرْأَةَ خِطْبَةً وَخَطْبًا، وَاخْتَطَبَهَا، إِذَا طَلَبَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَاخْتَطَبَ الْقَوْمُ فُلاَنًا إِذَا دَعَوْهُ إِلَى تَزْوِيجِ صَاحِبَتِهِمْ. (1) وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
النِّكَاحُ:
2 - النِّكَاحُ مَصْدَرُ نَكَحَ، يُقَال: نَكَحَ فُلاَنٌ امْرَأَةً يَنْكِحُهَا إِذَا تَزَوَّجَهَا، وَنَكَحَهَا يَنْكِحُهَا: وَطِئَهَا أَيْضًا. (3) وَاصْطِلاَحًا: عَقْدٌ يُفِيدُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ قَصْدًا، بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ. (4) وَالْخِطْبَةُ مُقَدِّمَةٌ لِلنِّكَاحِ، وَلاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى النِّكَاحِ.
وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 - الْخِطْبَةُ فِي الْغَالِبِ وَسِيلَةٌ لِلنِّكَاحِ، إِذْ لاَ يَخْلُو عَنْهَا فِي مُعْظَمِ الصُّوَرِ، وَلَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَلَوْ تَمَّ بِدُونِهَا كَانَ صَحِيحًا، وَحُكْمُهَا الإِْبَاحَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (5) أَنَّ الْخِطْبَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لِفِعْلِهِ ﷺ حَيْثُ خَطَبَ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَخَطَبَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ ﵃. (6)
أَوَّلاً: اخْتِلاَفُ حُكْمِ الْخِطْبَةِ بِالنَّظَرِ إِلَى حَال الْمَرْأَةِ:
أ - خِطْبَةُ الْخَلِيَّةِ:
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْخَلِيَّةَ مِنَ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ وَالْخِطْبَةِ وَمَوَانِعِ النِّكَاحِ تَجُوزُ خِطْبَتُهَا تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا.
وَأَمَّا الْمَنْكُوحَةُ، أَوِ الْمُعْتَدَّةُ، أَوِ الْمَخْطُوبَةُ، أَوِ الَّتِي قَامَ بِهَا مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ، فَلاَ تَجُوزُ خِطْبَتُهَا عَلَى التَّفْصِيل الآْتِي:
خِطْبَةُ زَوْجَةِ الْغَيْرِ:
5 - لاَ تَجُوزُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ تَصْرِيحًا أَوْ تَعْرِيضًا؛ لأَِنَّ الْخِطْبَةَ مُقَدِّمَةٌ لِلنِّكَاحِ، وَمَنْ كَانَتْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لاَ يَجُوزُ لِلْغَيْرِ أَنْ يَنْكِحَهَا فَلاَ تَصِحُّ خِطْبَتُهَا وَلاَ تَجُوزُ بَل تَحْرُمُ.
خِطْبَةُ مَنْ قَامَ بِهَا مَانِعٌ:
6 - لاَ تَجُوزُ خِطْبَةُ مَنْ قَامَ بِهَا مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ؛ لأَِنَّ الْخِطْبَةَ مُقَدِّمَةٌ إِلَى النِّكَاحِ، وَمَا دَامَ مَمْنُوعًا فَتَكُونُ الْخِطْبَةُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَحِل خِطْبَةُ نَحْوِ مَجُوسِيَّةٍ لِيَنْكِحَهَا إِذَا أَسْلَمَتْ (7) .
خِطْبَةُ الْمُعْتَدَّةِ:
7 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ خِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ بِاخْتِلاَفِ لَفْظِ الْخِطْبَةِ (تَصْرِيحًا كَانَ أَوْ تَعْرِيضًا) وَبِاخْتِلاَفِ حَالَةِ الْمُعْتَدَّةِ (رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنًا بِطَلاَقٍ، أَوْ فَسْخٍ، أَوِ انْفِسَاخٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ مُعْتَدَّةٍ مِنْ شُبْهَةٍ) . التَّصْرِيحُ بِالْخِطْبَةِ:
8 - هُوَ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ وَلاَ يَحْتَمِل غَيْرَهُ، كَقَوْل الْخَاطِبِ لِلْمُعْتَدَّةِ: أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ، أَوْ: إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ تَزَوَّجْتُكِ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّصْرِيحَ بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ حَرَامٌ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ طَلاَقٍ رَجْعِيٍّ أَمْ بَائِنٍ، أَمْ وَفَاةٍ، أَمْ فَسْخٍ، أَمْ غَيْرِ ذَلِكَ لِمَفْهُومِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (8) وَلأَِنَّ الْخَاطِبَ إِذَا صَرَّحَ بِالْخِطْبَةِ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهُ فِيهَا فَرُبَّمَا تَكْذِبُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. (9) وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ. (10)
التَّعْرِيضُ بِالْخِطْبَةِ:
9 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: التَّعْرِيضُ أَنْ يُضَمِّنَ كَلاَمَهُ مَا يَصْلُحُ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى الْمَقْصُودِ وَغَيْرِهِ إِلاَّ أَنَّ إِشْعَارَهُ بِالْمَقْصُودِ أَتَمُّ، وَيُسَمَّى تَلْوِيحًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِنَايَةِ أَنَّ التَّعْرِيضَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَالْكِنَايَةَ هِيَ التَّعْبِيرُ عَنِ الشَّيْءِ بِلاَزِمِهِ، كَقَوْلِنَا فِي كَرَمِ الشَّخْصِ: هُوَ طَوِيل النِّجَادِ كَثِيرُ الرَّمَادِ (11) .
وَعَرَّفَ الشَّافِعِيَّةُ التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ بِأَنَّهُ: مَا يَحْتَمِل الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهِ: وَرُبَّ رَاغِبٍ فِيكِ، وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَكِ؟
وَقَالُوا: وَنَحْوُ الْكِنَايَةِ وَهِيَ الدَّلاَلَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لاَزِمِهِ قَدْ يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ التَّصْرِيحُ كَأُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكِ نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَتَحِلِّينَ لِي، وَقَدْ لاَ يُفِيدُ ذَلِكَ فَيَكُونُ تَعْرِيضًا كَذِكْرِ الْعِبَارَةِ السَّابِقَةِ " أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ. . . إِلَخْ " مَا عَدَا " وَتَحِلِّينَ لِي ". (12)
وَفَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا التَّعْرِيضَ فِي قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (13) بِقَوْلِهِ: يَقُول: إِنِّي أُرِيدُ التَّزَوُّجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ يُيَسَّرُ لِي امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ. (14) وَلَيْسَ حُكْمُ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ وَاحِدًا بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الْمُعْتَدَّاتِ، بَل إِنَّهُ مُخْتَلِفٌ بِالنَّظَرِ إِلَى حَالَةِ كُل مُعْتَدَّةٍ، رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنًا بِطَلاَقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ مَوْتٍ.
التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ لأَِنَّهَا فِي مَعْنَى الزَّوْجِيَّةِ لِعَوْدِهَا إِلَى النِّكَاحِ بِالرَّجْعَةِ، فَأَشْبَهَتِ الَّتِي فِي صُلْبِ النِّكَاحِ؛ وَلأَِنَّ نِكَاحَ الأَْوَّل قَائِمٌ؛ وَلأَِنَّهَا مَجْفُوَّةٌ بِالطَّلاَقِ فَقَدْ تَكْذِبُ انْتِقَامًا. (15)
التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، لِيُفْهَمَ مُرَادُ الْمُعَرِّضِ بِالْخِطْبَةِ لاَ لِيُجَابَ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (16) وَهِيَ وَارِدَةٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَلأَِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ دَخَل عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ وَهِيَ مُتَأَيِّمٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَال: لَقَدْ عَلِمْتُ أَنِّي رَسُول اللَّهِ وَخِيرَتُهُ وَمَوْضِعِي مِنْ قَوْمِي. (17) وَلاِنْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا مَعَ ضَعْفِ التَّعْرِيضِ. (18)
التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ:
12 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ - وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (19) وَلِمَا رُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لَهَا لَمَّا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلاَثًا: إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي وَفِي لَفْظٍ لاَ تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ. وَفِي لَفْظٍ لاَ تَفُوتِينَا بِنَفْسِكِ (20) وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِخِطْبَتِهَا فِي عِدَّتِهَا، وَلاِنْقِطَاعِ سُلْطَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا. (21)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ مُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ لإِِفْضَائِهِ إِلَى عَدَاوَةِ الْمُطَلِّقِ (22) .
خِطْبَةُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ فَسْخٍ:
13 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّعْرِيضِ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَفَسْخٍ وَشَبَهِهِمَا، كَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ لِعَانٍ أَوْ رِدَّةٍ، أَوِ الْمُسْتَبْرَأَةِ مِنَ الزِّنَى، أَوِ التَّفْرِيقِ لِعَيْبٍ أَوْ عُنَّةٍ.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَجُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى جَوَازِ التَّعْرِيضِ لَهُنَّ أَخْذًا بِعُمُومِ الآْيَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثًا، وَأَنَّ سُلْطَةَ الزَّوْجِ قَدِ انْقَطَعَتْ.
هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ الَّذِي يَحِل لَهُ نِكَاحُهَا فِيهَا، أَمَّا هُوَ فَيَحِل لَهُ التَّعْرِيضُ وَالتَّصْرِيحُ، وَأَمَّا مَنْ لاَ يَحِل لَهُ نِكَاحُهُ فِيهَا كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ أَوْ رَجْعِيًّا فَوَطِئَهَا أَجْنَبِيٌّ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، فَإِنَّ عِدَّةَ الْحَمْل تُقَدَّمُ، فَلاَ يَحِل لِصَاحِبِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَخْطُبَهَا؛ لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ التَّعْرِيضَ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِحَسَبِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَى عَدَاوَةِ الْمُطَلِّقِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِلاَّ فَلاَ. (23) جَوَابُ الْخِطْبَةِ:
14 - حُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا لِلْخَاطِبِ كَحُكْمِ خِطْبَةِ هَذَا الْخَاطِبِ حِلًّا وَحُرْمَةً، فَيَحِل لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْمُعْتَدَّةُ أَنْ تُجِيبَ مَنْ عَرَّضَ بِخُطْبَتِهَا بِتَعْرِيضٍ أَيْضًا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا وَعَلَى كُل مُعْتَدَّةٍ التَّصْرِيحُ بِالْجَوَابِ - لِغَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ الَّذِي يَحِل لَهُ نِكَاحُهَا - وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي بَقِيَّةِ الْمُعْتَدَّاتِ فِي ضَوْءِ التَّفْصِيل السَّابِقِ. (24)
خِطْبَةُ الْمُحْرِمِ:
15 - يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَخْطُبَ امْرَأَةً وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُحْرِمَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ، كَمَا يُكْرَهُ أَنْ يَخْطُبَ غَيْرُ الْمُحْرِمِ الْمُحْرِمَةَ، لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا: لاَ يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلاَ يُنْكَحُ وَلاَ يَخْطُبُ، (25) وَالْخِطْبَةُ تُرَادُ لِعَقْدِ النِّكَاحِ فَإِذَا كَانَ مُمْتَنِعًا كُرِهَ الاِشْتِغَال بِأَسْبَابِهِ؛ وَلأَِنَّهُ سَبَبٌ إِلَى الْحَرَامِ.
وَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْخِطْبَةُ حَال الإِْحْرَامِ (26) .
مَنْ تُخْطَبُ إِلَيْهِ الْمَرْأَةُ:
15 م - خِطْبَةُ الْمَرْأَةِ الْمُجْبَرَةِ تَكُونُ إِلَى وَلِيِّهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَطَبَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَال لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ، فَقَال ﷺ لَهُ: أَخِي فِي دِينِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَهِيَ لِي حَلاَلٌ (27) .
وَيَجُوزُ أَنْ تَخْطُبَ الْمَرْأَةُ الرَّشِيدَةُ إِلَى نَفْسِهَا (28) ، لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ. لَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَرْسَل إِلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَخْطُبُنِي لَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ، فَقَال: أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهُبَ بِالْغَيْرَةِ.
وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى: إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى وَإِنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ فَقَال: أَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى فَسَأَدْعُو اللَّهَ لَكِ فَيُذْهِبُ غَيْرَتَكِ، وَأَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ فَسَتُكْفَيْنَ صِبْيَانَكِ. (29)
عَرْضُ الْوَلِيِّ مُوَلِّيَتَهُ عَلَى ذَوِي الصَّلاَحِ:
16 - يُسْتَحَبُّ لِلْوَلِيِّ عَرْضُ مُوَلِّيَتِهِ عَلَى ذَوِي الصَّلاَحِ وَالْفَضْل، كَمَا عَرَضَ الرَّجُل الصَّالِحُ إِحْدَى ابْنَتَيْهِ عَلَى مُوسَى ﵊ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ} ، (30) وَكَمَا فَعَل عُمَرُ ﵁ حَيْثُ عَرَضَ ابْنَتَهُ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا عَلَى عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا (31) .
إِخْفَاءُ الْخِطْبَةِ:
17 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ إِخْفَاءُ الْخِطْبَةِ خِلاَفًا لِعَقْدِ النِّكَاحِ فَيُنْدَبُ - عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ بَقِيَّةِ الْفُقَهَاءِ - إِعْلاَنُهُ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ. (32)
ثَانِيًا: الْخِطْبَةُ عَلَى الْخِطْبَةِ:
18 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْخِطْبَةَ عَلَى الْخِطْبَةِ حَرَامٌ إِذَا حَصَل الرُّكُونُ إِلَى الْخَاطِبِ الأَْوَّل، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: لاَ يَخْطُبِ الرَّجُل عَلَى خِطْبَةِ الرَّجُل حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ. (33) وَلأَِنَّ فِيهَا إِيذَاءً وَجَفَاءً وَخِيَانَةً وَإِفْسَادًا عَلَى الْخَاطِبِ الأَْوَّل، وَإِيقَاعًا لِلْعَدَاوَةِ بَيْنَ النَّاسِ.
وَحَكَى النَّوَوِيُّ الإِْجْمَاعَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ لِلتَّحْرِيمِ (34) .
مَتَى تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى الْخِطْبَةِ؟
19 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلتَّحْرِيمِ أَنْ يَكُونَ الْخَاطِبُ الأَْوَّل قَدْ أُجِيبَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَمْ يَعْرِضْ وَلَمْ يَأْذَنْ لِلْخَاطِبِ الثَّانِي، وَعَلِمَ الْخَاطِبُ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الأَْوَّل وَإِجَابَتِهِ.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ، أَنْ تَكُونَ إِجَابَةُ الْخَاطِبِ الأَْوَّل صَرَاحَةً، وَخُطْبَتُهُ جَائِزَةٌ أَيْ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ الْخَاطِبُ الثَّانِي عَالِمًا بِحُرْمَةِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ إِجَابَةَ الْخَاطِبِ الأَْوَّل تَعْرِيضًا تَكْفِي لِتَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَتِهِ وَلاَ يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِالإِْجَابَةِ. وَهَذَا ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ وَكَلاَمِ أَحْمَدَ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لِتَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ رُكُونُ الْمَرْأَةِ الْمَخْطُوبَةِ أَوْ وَلِيِّهَا، وَوُقُوعُ الرِّضَا بِخِطْبَةِ الْخَاطِبِ الأَْوَّل غَيْرِ الْفَاسِقِ وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمُقَابِلُهُ لاِبْنِ نَافِعٍ: لاَ تَحْرُمُ خِطْبَةُ الرَّاكِنَةِ قَبْل تَقْدِيرِ الصَّدَاقِ (35) .
وَسَيَأْتِي حُكْمُ خِطْبَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى خِطْبَةِ الْفَاسِقِ، أَوْ خِطْبَةِ الْكَافِرِ لِلذِّمِّيَّةِ.
مَنْ تُعْتَبَرُ إِجَابَتُهُ أَوْ رَدُّهُ:
20 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ رَدُّ الْوَلِيِّ وَإِجَابَتُهُ إِنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَإِلاَّ فَرَدُّهَا وَإِجَابَتُهَا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْمُعْتَبَرُ رُكُونُ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ إِلَى الْخَاطِبِ الأَْوَّل، وَرُكُونُ الْمُجْبَرَةِ مُعَرِّضًا مُجْبِرُهَا بِالْخَاطِبِ وَلَوْ بِسُكُوتِهِ، وَعَلَيْهِ لاَ يُعْتَبَرُ رُكُونُ الْمُجْبَرَةِ مَعَ رَدِّ مُجْبِرِهَا، وَلاَ رَدُّهَا مَعَ رُكُونِهِ، وَلاَ يُعْتَبَرُ رُكُونُ أُمِّهَا أَوْ وَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَعَ رَدِّهَا لاَ مَعَ عَدَمِهِ فَيُعْتَبَرُ. (36)
خِطْبَةُ مَنْ لاَ تُعْلَمُ خِطْبَتُهَا أَوْ جَوَابُهَا:
21 - الْمَرْأَةُ الَّتِي لاَ يُعْلَمُ أَهِيَ مَخْطُوبَةٌ أَمْ لاَ، أُجِيبَ خَاطِبُهَا أَمْ رُدَّ، يَجُوزُ لِمَنْ لاَ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَنْ يَخْطُبَهَا لأَِنَّ الأَْصْل الإِْبَاحَةُ، وَالْخَاطِبُ مَعْذُورٌ بِالْجَهْل. (37) الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ:
22 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْخِطْبَةَ عَلَى خِطْبَةِ الْكَافِرِ الْمُحْتَرَمِ (غَيْرِ الْحَرْبِيِّ أَوِ الْمُرْتَدِّ) حَرَامٌ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: أَنْ يَخْطُبَ ذِمِّيٌّ كِتَابِيَّةً وَيُجَابُ ثُمَّ يَخْطُبُهَا مُسْلِمٌ، لِمَا فِي الْخِطْبَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الإِْيذَاءِ لِلْخَاطِبِ الأَْوَّل، وَقَالُوا: إِنَّ ذِكْرَ لَفْظِ الأَْخِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ: لاَ يَخْطُبُ الرَّجُل عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ (38) . خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلاَ مَفْهُومَ لَهُ؛ وَلأَِنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالاً.
وَلَيْسَ الْحَال فِي الْفَاسِقِ كَالْكَافِرِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لأَِنَّ الْفَاسِقَ لاَ يُقَرُّ شَرْعًا عَلَى فِسْقِهِ، فَتَجُوزَ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ بِخِلاَفِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ فِي حَالَةٍ يُقَرُّ عَلَيْهَا بِالْجِزْيَةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ كَافِرٍ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ ﷺ: عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلأَِنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ، بِالْمُسْلِمِ وَإِلْحَاقُ غَيْرِهِ بِهِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ مِثْلَهُ، وَلَيْسَ الذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ، وَلاَ حُرْمَتُهُ كَحُرْمَتِهِ. (39)
الْعَقْدُ بَعْدَ الْخِطْبَةِ الْمُحَرَّمَةِ:
23 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا عَلَى الْعَاقِدِ كَالْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ، وَكَالْخِطْبَةِ الْمُحَرَّمَةِ فِي الْعِدَّةِ تَصْرِيحًا أَوْ تَعْرِيضًا. فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَى مَنْ تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا - كَعَقْدِ الْخَاطِبِ الثَّانِي عَلَى الْمَخْطُوبَةِ، وَكَعَقْدِ الْخَاطِبِ فِي الْعِدَّةِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا - يَكُونُ صَحِيحًا مَعَ الْحُرْمَةِ؛ لأَِنَّ الْخِطْبَةَ الْمُحَرَّمَةَ لاَ تُقَارِنُ الْعَقْدَ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ؛ وَلأَِنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ فَلاَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِوُقُوعِهَا غَيْرَ صَحِيحَةٍ. (40)
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ عَقْدَ الْخَاطِبِ الثَّانِي عَلَى الْمَخْطُوبَةِ يُفْسَخُ حَال خِطْبَةِ الأَْوَّل بِطَلاَقٍ، وُجُوبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْخَاطِبُ الأَْوَّل، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الأَْوَّل، مَا لَمْ يُبَيِّنِ الثَّانِي حَيْثُ اسْتَمَرَّ الرُّكُونُ أَوْ كَانَ الرُّجُوعُ لأَِجْل خِطْبَةِ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا لَمْ يُفْسَخْ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الثَّانِي حَاكِمٌ يَرَاهُ وَإِلاَّ لَمْ يُفْسَخْ. (41)
وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ مُسْتَحَبٌّ لاَ وَاجِبٌ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ لِمَنْ صَرَّحَ لاِمْرَأَةٍ فِي عِدَّتِهَا بِالْخِطْبَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا يُنْدَبُ لَهُ فِرَاقُهَا. (42)
ثَالِثًا: نَظَرُ الْخَاطِبِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ:
24 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ خِلاَفًا فِي إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا، وَقَدْ رَوَى جَابِرٌ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَل. (43)
قَال: فَخَطَبْتُ امْرَأَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا. (44)
25 - لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ نَظَرِ الْخَاطِبِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ هَذَا النَّظَرِ فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: يُنْدَبُ النَّظَرُ لِلأَْمْرِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مَعَ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ {أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَهُمَا أَيْ تَدُومُ الْمَوَدَّةُ وَالأُْلْفَةُ. فَقَدْ وَرَدَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: خَطَبْتُ امْرَأَةً فَقَال لِي رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ قُلْتُ: لاَ، قَال: فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا. (45)
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُبَاحُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إِجَابَتُهُ نَظَرَ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا. قَال فِي " الإِْنْصَافِ ": وَيَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ النَّظَرُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَذَلِكَ لِوُرُودِ الأَْمْرِ بِالنَّظَرِ بَعْدَ الْحَظْرِ، فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ (46) .
نَظَرُ الْمَخْطُوبَةِ إِلَى خَاطِبِهَا:
26 - حُكْمُ نَظَرِ الْمَرْأَةِ الْمَخْطُوبَةِ إِلَى خَاطِبِهَا كَحُكْمِ نَظَرِهِ إِلَيْهَا لأَِنَّهُ يُعْجِبُهَا مِنْهُ مَا يُعْجِبُهُ مِنْهَا، بَل هِيَ - كَمَا قَال ابْنُ عَابِدِينَ - أَوْلَى مِنْهُ فِي ذَلِكَ لأَِنَّهُ يُمْكِنُهُ مُفَارَقَةَ مَنْ لاَ يَرْضَاهَا بِخِلاَفِهَا.
وَاشْتَرَطَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) لِمَشْرُوعِيَّةِ النَّظَرِ أَنْ يَكُونَ النَّاظِرُ إِلَى الْمَرْأَةِ مُرِيدًا نِكَاحَهَا، وَأَنْ يَرْجُوَ الإِْجَابَةَ رَجَاءً ظَاهِرًا، أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُجَابُ إِلَى نِكَاحِهَا، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الإِْجَابَةُ.
وَاكْتَفَى الْحَنَفِيَّةُ بِاشْتِرَاطِ إِرَادَةِ نِكَاحِهَا فَقَطْ (47) .
الْعِلْمُ بِالنَّظَرِ وَالإِْذْنُ فِيهِ:
27 - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمَخْطُوبَةِ أَوْ إِذْنُهَا أَوْ إِذْنُ وَلِيِّهَا بِنَظَرِ الْخَاطِبِ إِلَيْهَا اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ وَلإِِطْلاَقِ الأَْخْبَارِ، بَل قَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ عَدَمَ ذَلِكَ أَوْلَى لأَِنَّهَا قَدْ تَتَزَيَّنُ لَهُ بِمَا يَغُرُّهُ، وَلِحَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ السَّابِقِ وَفِيهِ إِطْلاَقُ الإِْذْنِ، وَقَدْ تَخَبَّأَ جَابِرٌ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي خَطَبَهَا حَتَّى رَأَى مِنْهَا مَا دَعَاهُ إِلَى نِكَاحِهَا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَحَل نَدْبِ النَّظَرِ إِنْ كَانَ بِعِلْمٍ مِنْهَا إِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً، وَإِلاَّ فَمِنْ وَلِيِّهَا، وَإِلاَّ كُرِهَ لِئَلاَّ يَتَطَرَّقَ الْفُسَّاقُ لِلنَّظَرِ لِلنِّسَاءِ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ خُطَّابٌ. (48)
أَمْنُ الْفِتْنَةِ وَالشَّهْوَةِ:
28 - لَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لِمَشْرُوعِيَّةِ النَّظَرِ أَمْنَ الْفِتْنَةِ أَوِ الشَّهْوَةِ أَيْ ثَوَرَانِهَا بِالنَّظَرِ، بَل قَالُوا: يَنْظُرُ لِغَرَضِ التَّزَوُّجِ وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَهَا، أَوْ خَافَ الْفِتْنَةَ؛ لأَِنَّ الأَْحَادِيثَ بِالْمَشْرُوعِيَّةِ لَمْ تُقَيِّدَ النَّظَرَ بِذَلِكَ. (49)
وَاشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ لإِِبَاحَةِ النَّظَرِ أَمْنَ الْفِتْنَةِ، وَأَمَّا النَّظَرُ بِقَصْدِ التَّلَذُّذِ أَوِ الشَّهْوَةِ فَهُوَ عَلَى أَصْل التَّحْرِيمِ. (50) مَا يُنْظَرُ مِنَ الْمَخْطُوبَةِ:
29 - اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَا يُبَاحُ لِلْخَاطِبِ نَظَرُهُ مِنْ مَخْطُوبَتِهِ الْحُرَّةِ هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا إِلَى كُوعَيْهِمَا لِدَلاَلَةِ الْوَجْهِ عَلَى الْجَمَال، وَدَلاَلَةِ الْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ، وَهُنَاكَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْقَدَمَيْنِ لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ حَتَّى فِي غَيْرِ الْخِطْبَةِ.
وَاخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فِيمَا يَنْظُرُ الْخَاطِبُ مِنَ الْمَخْطُوبَةِ، فَفِي " مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى " " وَكَشَّافِ الْقِنَاعِ " أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا كَوَجْهٍ وَيَدٍ وَرَقَبَةٍ وَقَدَمٍ، لأَِنَّهُ ﷺ لَمَّا أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا، عُلِمَ أَنَّهُ أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَى جَمِيعِ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، إِذْ لاَ يُمْكِنُ إِفْرَادُ الْوَجْهِ بِالنَّظَرِ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ فِي الظُّهُورِ؛ وَلأَِنَّهُ يَظْهَرُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ الْوَجْهَ.
وَفِي الْمُغْنِي: لاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ فِي إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهَا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهُوَ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ وَمَوْضِعُ النَّظَرِ، وَلاَ يُبَاحُ النَّظَرُ إِلَى مَا لاَ يَظْهَرُ عَادَةً.
أَمَّا مَا يَظْهَرُ غَالِبًا سِوَى الْوَجْهِ، كَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تُظْهِرُهُ الْمَرْأَةُ فِي مَنْزِلِهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ لِلْحَنَابِلَةِ.
إِحْدَاهُمَا: لاَ يُبَاحُ النَّظَرُ إِلَيْهِ لأَِنَّهُ عَوْرَةٌ، فَلَمْ يُبَحِ النَّظَرُ إِلَيْهِ كَالَّذِي لاَ يَظْهَرُ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: الْمَرْأَةُعَوْرَةٌ، (51) وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِالنَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى التَّحْرِيمِ.
وَالثَّانِيَةُ: وَهِيَ الْمَذْهَبُ، لِلْخَاطِبِ النَّظَرُ إِلَى ذَلِكَ، قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا مِنْ يَدٍ أَوْ جِسْمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَال أَبُو بَكْرٍ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا حَاسِرَةً. وَوَجْهُ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا عُلِمَ أَنَّهُ أَذِنَ فِي النَّظَرِ إِلَى جَمِيعِ مَا يَظْهَرُ عَادَةً إِذْ لاَ يُمْكِنُ إِفْرَادُ الْوَجْهِ بِالنَّظَرِ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الظُّهُورِ، وَلأَِنَّهُ يَظْهَرُ غَالِبًا فَأُبِيحَ النَّظَرُ إِلَيْهِ كَالْوَجْهِ (52) ، وَلأَِنَّهَا امْرَأَةٌ أُبِيحَ النَّظَرُ إِلَيْهَا بِأَمْرِ الشَّارِعِ فَأُبِيحَ النَّظَرُ مِنْهَا إِلَى ذَلِكَ كَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ.
وَقَال الأَْوْزَاعِيُّ: يَنْظُرُ الْخَاطِبُ إِلَى مَوَاضِعِ اللَّحْمِ.
تَزَيُّنُ الْمَرْأَةِ الْخَلِيَّةِ وَتَعَرُّضُهَا لِلْخُطَّابِ:
30 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَحْلِيَةَ الْبَنَاتِ بِالْحُلِيِّ وَالْحُلَل لِيَرْغَبَ فِيهِنَّ الرِّجَال سُنَّةٌ. (53)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ نَقَل الْحَطَّابُ عَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ قَوْلُهُ: وَلَهَا (أَيْ لِلْمَرْأَةِ الْخَالِيَةِ مِنَ الأَْزْوَاجِ) أَنْ تَتَزَيَّنَ لِلنَّاظِرِينَ (أَيْ لِلْخُطَّابِ) ، بَل لَوْ قِيل بِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ مَا كَانَ بَعِيدًا، وَلَوْ قِيل إِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّعَرُّضُ لِمَنْ يَخْطُبُهَا إِذَا سَلِمَتْ نِيَّتُهَا فِي قَصْدِ النِّكَاحِ لَمْ يَبْعُدِ. انْتَهَى.
ثُمَّ قَال الْحَطَّابُ: هَل يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ نَظَرُ الرَّجُل؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا لِلْمَالِكِيَّةِ، وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهُ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، قَالُوا: يُسْتَحَبُّ لَهَا أَيْضًا أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَقَدْ قَال ابْنُ الْقَطَّانِ: إِذَا خَطَبَ الرَّجُل امْرَأَةً هَل يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْصِدَهَا مُتَعَرِّضًا لَهَا بِمَحَاسِنِهِ الَّتِي لاَ يَجُوزُ إِبْدَاؤُهَا إِلَيْهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مَخْطُوبَةً وَيَتَصَنَّعُ بِلُبْسِهِ، وَسِوَاكِهِ، وَمُكْحُلَتِهِ وَخِضَابِهِ، وَمَشْيِهِ، وَرِكْبَتِهِ، أَمْ لاَ يَجُوزُ لَهُ إِلاَّ مَا كَانَ جَائِزًا لِكُل امْرَأَةٍ؟ هُوَ مَوْضِعُ نَظَرٍ، وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فِي الْمَنْعِ إِجْمَاعٌ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ خَطَبَ وَلَكِنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِنَفْسِهِ ذَلِكَ التَّعَرُّضَ لِلنِّسَاءِ فَلاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ تَعَرُّضٌ لِلْفِتَنِ وَتَعْرِيضٌ لَهَا، وَلَوْلاَ الظَّاهِرُ مَا أَمْكَنَ أَنْ يُقَال ذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ تُخْطَبْ عَلَى أَنَّا لَمْ نَجْزِمْ فِيهِ بِالْجَوَازِ. (54)
وَقَال ابْنُ مُفْلِحٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: قَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي كِتَابِ الاِسْتِغْنَاءِ فِي مَعْرِفَةِ اسْتِعْمَال الْحِنَّاءِ عَنْ جَابِرٍ ﵁ مَرْفُوعًا: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ اخْتَضِبْنَ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَخْتَضِبُ لِزَوْجِهَا، وَإِنَّ الأَْيِّمَ تَخْتَضِبُ تُعَرَّضُ لِلرِّزْقِ مِنَ اللَّهِ ﷿. (55)
وَقَدْ وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سُبَيْعَةَ الأَْسْلَمِيَّةِ كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ وَهُوَ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهِيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَل عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِل بْنُ بَعْكَكٍ ﵁ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَال لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً؟ لَعَلَّكِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ. إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَال لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إِنْ بَدَا لِي.} (56)
تَكْرِيرُ النَّظَرِ:
31 - لِلْخَاطِبِ أَنْ يُكَرِّرَ النَّظَرَ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ هَيْئَتُهَا فَلاَ يَنْدَمُ عَلَى نِكَاحِهَا، وَيَتَقَيَّدُ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوِ اكْتَفَى بِنَظْرَةٍ حَرُمَ مَا زَادَ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّهُ نَظَرٌ أُبِيحَ لِحَاجَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا.
وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - أَخَافَ الْخَاطِبُ الْفِتْنَةَ أَمْ لاَ. . كَمَا قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالرُّويَانِيُّ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: يُكَرِّرُ الْخَاطِبُ النَّظَرَ وَيَتَأَمَّل الْمَحَاسِنَ وَلَوْ بِلاَ إِذْنٍ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى، إِنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ أَيْ ثَوَرَانَهَا. (57)
مَسُّ مَا يَنْظُرُ:
32 - لاَ يَجُوزُ لِلْخَاطِبِ أَنْ يَمَسَّ وَجْهَ الْمَخْطُوبَةِ وَلاَ كَفَّيْهَا وَإِنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ؛ لِمَا فِي الْمَسِّ مِنْ زِيَادَةِ الْمُبَاشَرَةِ؛ وَلِوُجُودِ الْحُرْمَةِ وَانْعِدَامِ الضَّرُورَةِ وَالْبَلْوَى. (58)
الْخَلْوَةُ بِالْمَخْطُوبَةِ:
33 - لاَ يَجُوزُ خَلْوَةُ الْخَاطِبِ بِالْمَخْطُوبَةِ لِلنَّظَرِ وَلاَ لِغَيْرِهِ لأَِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِغَيْرِ النَّظَرِ فَبَقِيَتْ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ مِنَ الْخَلْوَةِ الْوُقُوعُ فِي الْمَحْظُورِ. (59) فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: أَلاَ لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ. (60)
إِرْسَال مَنْ يَنْظُرُ الْمَخْطُوبَةَ:
34 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْخَاطِبِ أَنْ يُرْسِل امْرَأَةً لِتَنْظُرَ الْمَخْطُوبَةَ ثُمَّ تَصِفَهَا لَهُ وَلَوْ بِمَا لاَ يَحِل لَهُ نَظَرُهُ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَيَسْتَفِيدَ بِالْبَعْثِ مَا لاَ يَسْتَفِيدُ بِنَظَرِهِ، وَهَذَا لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ وَصْفِ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَرْسَل أُمَّ سُلَيْمٍ تَنْظُرُ إِلَى جَارِيَةٍ فَقَال: شُمِّي عَوَارِضَهَا وَانْظُرِي إِلَى عُرْقُوبِهَا. (61)
وَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ يُرْسَل لِلنَّظَرِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً أَوْ نَحْوَهَا مِمَّنْ يَحِل لَهُ نَظَرُهَا رَجُلاً كَانَ أَوِ امْرَأَةً كَأَخِيهَا، أَوْ مَسْمُوحٌ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ لِلْخَاطِبِ أَنْ يُرْسِل رَجُلاً. قَال الْحَطَّابُ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُ النَّظَرِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ عَلَى حَسَبِ مَا لِلْخَاطِبِ، وَيُنَزَّل مَنْزِلَتَهُ مَا لَمْ يَخَفْ مَفْسَدَةً مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهَا. (62)
مَا يَفْعَلُهُ الْخَاطِبُ إِنْ لَمْ تُعْجِبْهُ الْمَخْطُوبَةُ:
35 - إِذَا نَظَرَ الْخَاطِبُ إِلَى مَنْ يُرِيدُ نِكَاحَهَا فَلَمْ تُعْجِبْهُ فَلْيَسْكُتْ، وَلاَ يَقُل، لاَ أُرِيدُهَا؛ لأَِنَّهُ إِيذَاءٌ (63) .
رَابِعًا: ذِكْرُ عُيُوبِ الْخَاطِبِ:
36 - مَنِ اسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ أَوْ مَخْطُوبَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ مَا فِيهِ مِنْ مَسَاوِئَ شَرْعِيَّةٍ أَوْ عُرْفِيَّةٍ وَلاَ يَكُونُ غِيبَةً مُحَرَّمَةً إِذَا قَصَدَ بِهِ النَّصِيحَةَ وَالتَّحْذِيرَ لاَ الإِْيذَاءَ، لِقَوْلِهِ ﷺ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا لَمَّا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ ﵄ خَطَبَاهَا: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لاَ مَال لَهُ (64) وَلِقَوْلِهِ ﷺ: إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْهُ، (65) وَعَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَال: الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ (66) وَقَال: الدِّينُ النَّصِيحَةُ (67) ، وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ أَنَّ أَخًا لِبِلاَلٍ ﵁ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالُوا: إِنْ يَحْضُرْ بِلاَلٌ زَوَّجْنَاكَ، فَحَضَرَ، فَقَال: أَنَا بِلاَلٌ وَهَذَا أَخِي، وَهُوَ امْرُؤٌ سَيِّئُ الْخُلُقِ وَالدِّينِ. قَال الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الإِْسْنَادِ.
وَمَنِ اسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ فِي النِّكَاحِ بَيَّنَهُ، كَقَوْلِهِ: عِنْدِي شُحٌّ، وَخُلُقِي شَدِيدٌ وَنَحْوُهُمَا، لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.
وَفَصَّل بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهُ قَوْل الْبَارِزِيِّ - مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - لَوِ اسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهِ وَجَبَ ذِكْرُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُقَلِّل الرَّغْبَةَ فِيهِ وَلاَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ، كَسُوءِ الْخُلُقِ وَالشُّحِّ، اسْتُحِبَّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَعَاصِي وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ فِي الْحَال وَسَتْرُ نَفْسِهِ. (68)
خَامِسًا: الْخُطْبَةُ قَبْل الْخِطْبَةِ:
37 - يُنْدَبُ لِلْخَاطِبِ أَوْ نَائِبِهِ تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ قَبْل الْخِطْبَةِ لِخَبَرِ: كُل أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ (69) أَيْ عَنِ الْبَرَكَةِ، فَيَبْدَأُ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ بِالصَّلاَةِ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ ثُمَّ يُوصِي بِالتَّقْوَى، ثُمَّ يَقُول: جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلاً قَال: جَاءَكُمْ مُوَكِّلِي خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ أَوْ فَتَاتَكُمْ، وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ أَوْ نَائِبُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُول: لَسْتُ بِمَرْغُوبٍ عَنْكَ أَوْ نَحْوَهُ.
وَتَبَرَّكَ الأَْئِمَّةُ بِمَا جَاءَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ (70) عَلَّمَنَا خُطْبَةَ الْحَاجَةِ: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِل لَهُ وَمَنْ يُضْلِل فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (71) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} (72) إِلَى قَوْلِهِ: {رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا} (73) إِلَى قَوْلِهِ {عَظِيمًا} ، وَكَانَ الْقَفَّال يَقُول بَعْدَهَا: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الأُْمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ، يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، لاَ مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلاَ مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ، وَلاَ يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلاَ يَتَفَرَّقَانِ إِلاَّ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ، وَإِنَّ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ فُلاَنَةَ بِنْتَ فُلاَنٍ. . أَقُول قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ (74) .
سَادِسًا: الرُّجُوعُ عَنِ الْخِطْبَةِ:
38 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْخِطْبَةَ لَيْسَتْ بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ بَل هِيَ وَعْدٌ، وَإِنْ تَخَيَّل كَوْنَهَا عَقْدًا فَلَيْسَ بِلاَزِمٍ بَل جَائِزٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَلاَ يُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ الرُّجُوعُ عَنِ الإِْجَابَةِ إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ لِلْمَخْطُوبَةِ فِي ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ لَهَا وَهُوَ نَائِبٌ عَنْهَا فِي النَّظَرِ لَهَا، فَلاَ يُكْرَهُ لَهُ الرُّجُوعُ الَّذِي رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، كَمَا لَوْ سَاوَمَ فِي بَيْعِ دَارِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْمَصْلَحَةُ فِي تَرْكِهَا، وَلاَ يُكْرَهُ لَهَا أَيْضًا الرُّجُوعُ إِذَا كَرِهَتِ الْخَاطِبَ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ عُمْرِيٌّ يَدُومُ الضَّرَرُ فِيهِ، فَكَانَ لَهَا الاِحْتِيَاطُ لِنَفْسِهَا وَالنَّظَرُ فِي حَظِّهَا، وَإِنْ رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ غَرَضٍ كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ إِخْلاَفِ الْوَعْدِ وَالرُّجُوعِ عَنِ الْقَوْل، وَلَمْ يَحْرُمْ لأَِنَّ الْحَقَّ بَعْدُ لَمْ يَلْزَمْهُمَا، كَمَنْ سَامَ سِلْعَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ أَلاَّ يَبِيعَهَا. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ. يُكْرَهُ لِمَنْ رَكَنَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَانْقَطَعَ عَنْهَا الْخُطَّابُ لِرُكُونِهَا إِلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهَا (75) .
سَابِعًا: الرُّجُوعُ بِالْهَدِيَّةِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ أَوِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا:
39 - إِذَا أَهْدَى الْخَاطِبُ إِلَى مَخْطُوبَتِهِ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ الزَّوَاجُ، فَفِي الرُّجُوعِ بِالْهَدِيَّةِ وَالنَّفَقَةِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا خَطَبَ بِنْتَ رَجُلٍ وَبَعَثَ إِلَيْهَا أَشْيَاءَ وَلَمْ يُزَوِّجْهَا أَبُوهَا فَمَا بَعَثَ لِلْمَهْرِ يَسْتَرِدُّ عَيْنَهُ قَائِمًا وَإِنْ تَغَيَّرَ بِالاِسْتِعْمَال، أَوْ بَدَلَهُ هَالِكًا لأَِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَلَمْ تَتِمَّ فَجَازَ الاِسْتِرْدَادُ، وَكَذَا يَسْتَرِدُّ مَا بَعَثَ هَدِيَّةً وَهُوَ قَائِمٌ دُونَ الْهَالِكِ وَالْمُسْتَهْلَكِ؛ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ، وَالْهَلاَكُ أَوِ الاِسْتِهْلاَكُ مَانِعٌ مِنَ الرُّجُوعِ بِهَا.
وَقَالُوا: لَوْ أَنْفَقَ رَجُلٌ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ - قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مَخْطُوبَةٌ أَيْضًا - يَطْمَعُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ عِدَّتِهَا، إِنْ تَزَوَّجَتْهُ لاَ رُجُوعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَبَتْ فَلَهُ الرُّجُوعُ إِنْ كَانَ دَفَعَ لَهَا، وَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ فَلاَ رُجُوعَ مُطْلَقًا؛ لأَِنَّهُ إِبَاحَةٌ لاَ تَمْلِيكٌ، أَوْ لأَِنَّهُ مَجْهُولٌ لاَ يُعْلَمُ قَدْرُهُ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُمْ أَقْوَالٌ أُخْرَى. (76)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ الإِْهْدَاءُ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلاَقِ غَيْرِهِ الْبَائِنِ لاَ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهَا فَيَحْرُمُ، فَإِنْ أَهْدَى لَهَا أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَلاَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ. (77) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مَنْ خَطَبَ امْرَأَةً ثُمَّ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةً لِيَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْكَلاً أَمْ مَشْرَبًا أَمْ حَلْوَى أَمْ حُلِيًّا، وَسَوَاءٌ رَجَعَ هُوَ أَمْ مُجِيبُهُ، أَمْ مَاتَ أَحَدُهُمَا؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا أَنْفَقَهُ لأَِجْل تَزَوُّجِهَا فَيَرْجِعُ بِهِ إِنْ بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إِنْ تَلِفَ.
وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْهَدِيَّةِ لاَ لأَِجْل تَزَوُّجِهِ بِهَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ.
وَقَالُوا: لَوْ دَفَعَ الْخَاطِبُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ شَيْئًا مِنْ مَأْكُولٍ، أَوْ مَشْرُوبٍ، أَوْ مَلْبُوسٍ لِمَخْطُوبَتِهِ أَوْ وَلِيِّهَا، ثُمَّ حَصَل إِعْرَاضٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَوْتٌ لَهُمَا، أَوْ لأَِحَدِهِمَا رَجَعَ الدَّافِعُ أَوْ وَارِثُهُ بِجَمِيعِ مَا دَفَعَهُ إِنْ كَانَ قَبْل الْعَقْدِ مُطْلَقًا، وَكَذَا بَعْدَهُ إِنْ طَلَّقَ قَبْل الدُّخُول أَوْ مَاتَ، لاَ إِنْ مَاتَتْ هِيَ، وَلاَ رُجُوعَ بَعْدَ الدُّخُول مُطْلَقًا. (78)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: هَدِيَّةُ الزَّوْجِ لَيْسَتْ مِنَ الْمَهْرِ نَصًّا، فَمَا أَهْدَاهُ الزَّوْجُ مِنْ هَدِيَّةٍ قَبْل عَقْدٍ إِنْ وَعَدُوهُ بِأَنْ يُزَوِّجُوهُ وَلَمْ يَفُوا رَجَعَ بِهَا - قَالَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -: لأَِنَّهُ بَذَلَهَا فِي نَظِيرِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، وَإِنِ امْتَنَعَ هُوَ لاَ رُجُوعَ لَهُ.
وَمَا قَبَضَهُ بَعْضُ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ كَالَّذِي يُسَمُّونَهُ مَأْكَلَةً بِسَبَبِ نِكَاحٍ، فَحُكْمُهُ كَمَهْرٍ فِيمَا يُقَرِّرُهُ وَيُسْقِطُهُ وَيُنَصِّفُهُ، وَيَكُونُ لَهَا وَلاَ يَمْلِكُ الْوَلِيُّ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ تَهَبَهُ لَهُ بِشَرْطِهِ إِلاَّ الأَْبُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ. . وَمَحَل كَوْنِ حُكْمِ الْمَجْعُول مَأْكَلَةً كَمَهْرٍ حَيْثُ قَبَضَهُ أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ، أَمَّا قَبْل الْقَبْضِ فَلِلْخَاطِبِ الرُّجُوعُ بِمَا شَرَطَهُ لَهُمْ؛ لأَِنَّهُ تَبَرُّعٌ لَمْ يُقْبَضْ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ.
وَلَوِ اتَّفَقَ الْخَاطِبُ مَعَ الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا عَلَى النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ فَأَعْطَى الْخَاطِبُ أَبَاهَا لأَِجْل ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ صَدَاقٍ فَمَاتَتْ قَبْل عَقْدٍ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ - قَالَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - لأَِنَّ عَدَمَ التَّمَامِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِمْ، وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْخَاطِبُ لاَ رُجُوعَ لِوَرَثَتِهِ.
وَتُرَدُّ الْهَدِيَّةُ عَلَى الزَّوْجِ فِي كُل فُرْقَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ مُسْقِطَةٍ لِلْمَهْرِ كَفَسْخِ الزَّوْجَةِ الْعَقْدَ لِفَقْدِ كَفَاءَةٍ أَوْ لِعَيْبٍ فِي الزَّوْجِ، وَنَحْوِهِ قَبْل الدُّخُول لِدَلاَلَةِ الْحَال أَنَّهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْعَقْدِ، فَإِذَا زَال مَلَكَ الرُّجُوعَ، كَهِبَةِ الثَّوَابِ.
قَال صَاحِبُ مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى: وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ هَدِيَّةٍ أَهْدَاهَا الْخَاطِبُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ الَّذِي يُرَدُّ بِحُصُول الْفُرْقَةِ، أَمَّا مَا كَانَ قَدْ أُهْدِيَ قَبْل الْعَقْدِ فَلاَ يُرَدُّ؛ لأَِنَّهُ تَقَرَّرَ بِالْعَقْدِ. وَتَثْبُتُ الْهَدِيَّةُ لِلزَّوْجَةِ مَعَ فَسْخٍ لِلنِّكَاحِ مُقَرِّرٍ الصَّدَاقَ أَوْ لِنِصْفِهِ فَلاَ رُجُوعَ لَهُ؛ لأَِنَّ زَوَال الْعَقْدِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهَا. (79)
__________
(1) القاموس المحيط 1 / 65، لسان العرب 1 / 855، الصحاح في اللغة والعلوم 1 / 353
(2) رد المحتار على الدر المختار 2 / 262، جواهر الإكليل 1 / 275، مواهب الجليل 3 / 407، نهاية المحتاج 6 / 197، حاشية الجمل 4 / 128، أسنى المطالب 3 / 115، مغني المحتاج 3 / 135، حاشية الشرقاوي 2 / 243، المغني 6 / 604
(3) لسان العرب 3 / 714 - 715
(4) الدر المختار 2 / 258 - 259، حاشية البناني على شرح الزرقاني 3 / 161، حاشية القليوبي على شرح المنهاج 3 / 206، المغني 6 / 445
(5) نهاية المحتاج 6 / 198، أسنى المطالب 3 / 115، روضة الطالبين 7 / 30، حاشية الجمل 4 / 128
(6) حديث: " خطبة عائشة " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 123 - ط السلفية) ، وسيأتي نصه. " وخطبة حفصة بنت عمر ": أخرجه البخاري (الفتح 9 / 176 - ط السلفية) من حديث عمر بن الخطاب.
(7)
(8) سورة البقرة / 235
(9) الدر المختار 2 / 619، جواهر الإكليل 1 / 276، روضة الطالبين 7 / 30، نهاية المحتاج 6 / 199، أسنى المطالب 3 / 115، كشاف القناع 5 / 18
(10) مغني المحتاج 3 / 135، الإقناع 2 / 76، أسنى المطالب 3 / 115، شرح المنهج 4 / 128، وحاشية الجمل، كشاف القناع 5 / 18
(11) مواهب الجليل 3 / 417
(12) أسنى المطالب 3 / 115، ونهاية المحتاج 6 / 199
(13) سورة البقرة / 235
(14) نيل الأوطار 6 / 123، وتفسير ابن عباس التعريض في قوله تعالي: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) . أخرجه البخاري (الفتح 9 / 178 - ط السلفية) .
(15) الاختيار 3 / 177، وجواهر الإكليل 1 / 276، ونهاية المحتاج 6 / 18 والإقناع 2 / 76
(16) البقرة / 235
(17) حديث: " لقد علمت أني رسول الله وخيرته ". أخرجه الدارقطني (3 / 224 - ط دار المحاسن) . وفي إسناده إرسال. كذا قال الشوكاني في " نيل الأوطار " (6 / 109 - ط العثمانية) .
(18) رد المحتار 2 / 619، مواهب الجليل 3 / 417، نهاية المحتاج 6 / 199، الجمل على شرح المنهج 4 / 128، مطالب أولي النهى 5 / 23
(19) سورة البقرة / 235
(20) حديث فاطمة بنت قيس: " إذا حللت فآذنيني ". أخرجه مسلم (2 / 1114 - ط الحلبي) . ولفظ: " لا تفوتينا نفسك ". أخرجه مسلم (2 / 1116 - ط الحلبي) ، ولفظ: " لا تسبقيني بنفسك " أخرجه مسلم (2 / 1116 - ط الحلبي) .
(21) جواهر الإكليل 1 / 276، نهاية المحتاج 6 / 199، المغني 6 / 608
(22) رد المحتار 2 / 619، ونهاية المحتاج 6 / 199
(23) مغني المحتاج 3 / 136، ومطالب أولي النهى 5 / 23، ومواهب الجليل 3 / 417، وحاشية الدسوقي 2 / 218، 219
(24) مواهب الجليل 3 / 417، نهاية المحتاج 6 / 199، الجمل 4 / 128، كشاف القناع 5 / 18
(25) حديث: " لا ينكح المحرم ولا ينكح " أخرجه مسلم (2 / 1030 - ط الحلبي) .
(26) أسنى المطالب 1 / 513، مطالب أولي النهى 2 / 345 - 347، المغني 3 / 333، فتح القدير 2 / 374
(27) حديث عروة " أن النبي ﷺ خطب عائشة " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 123 - ط السلفية) .
(28) مطالب أولي النهى 5 / 25
(29) نيل الأوطار 6 / 121. وحديث أم سلمة: " لما مات أبو سلمة ". أخرجه مسلم (2 / 632 - ط الحلبي) والنسائي (6 / 81 - ط المكتبة التجارية) .
(30) سورة القصص / 27
(31) أسنى المطالب 3 / 118، كشاف القناع 5 / 20، رد المحتار 2 / 261، جواهر الإكليل 1 / 275، قليوبي 3 / 295، المغني 6 / 537
(32) حديث: " أعلنوا هذا النكاح ". أخرجه ابن حبان (الموارد - ص 313 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن الزبير وإسناده صحيح.
(33) حديث: " لا يخطب الرجل على خطبة الرجل ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 198 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عمر.
(34) نيل الأوطار 6 / 121 - 122، فتح القدير 5 / 239، جواهر الإكليل 1 / 275، روضة الطالبين 7 / 31، المغني 6 / 607، رد المحتار 2 / 262.
(35) نهاية المحتاج 6 / 199، المغني 6 / 604 - 606 - 607، جواهر الإكليل 1 / 275
(36) الزرقاني 3 / 164، روضة الطالبين 7 / 31، المغني 6 / 606
(37) مواهب الجليل 3 / 411، روضة الطالبين 7 / 32، كشاف القناع 5 / 19
(38) حديث: " لا يخطب الرجل " تقدم تخريجه ف / 18
(39) الزرقاني 3 / 164، أسنى المطالب 3 / 115، مطالب أولي النهى 5 / 24
(40) نيل الأوطار 6 / 122، كشاف القناع 5 / 18 - 19
(41) الزرقاني وحاشية البناني 3 / 164 - 165
(42) جواهر الإكليل 1 / 276، والزرقاني 3 / 167
(43) حديث: " إذا خطب أحدكم المرأة " أخرجه أبو داود (2 / 565 - 566 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في الفتح (9 / 181 - ط السلفية) .
(44) المغني 6 / 552 - 553
(45) جواهر الإكليل 1 / 275، روضة الطالبين 7 / 19 - 20، نهاية المحتاج 6 / 183، كشاف القناع 5 / 80، رد المحتار على الدر المختار 2 / 262، 5 / 237، وحديث المغيرة بن شعبة: خطبت امرأة. أخرجه ابن ماجه (1 / 600 - ط الحلبي) وأحمد (4 / 246 - ط الميمنية) واللفظ له، وقال البوصيري في " مصباح الزجاجة " (1 / 328 - ط دار الحنان) : " إسناده صحيح ".
(46) مطالب أولي النهى 5 / 11
(47) رد المحتار 5 / 237، مواهب الجليل 3 / 405، روضة الطالبين 7 / 20 نهاية المحتاج 6 / 183، كشاف القناع 5 / 10
(48) نهاية المحتاج 6 / 183، كشاف القناع 5 / 10، جواهر الإكليل 1 / 275، والحطاب 3 / 404
(49) رد المحتار 5 / 237، روضة الطالبين 7 / 20، جواهر الإكليل 1 / 275
(50) المغني 6 / 553
(51) حديث: " المرأة عورة " أخرجه الترمذي (3 / 467 - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن غريب "
(52) رد المحتار 5 / 237، جواهر الإكليل 1 / 275، نهاية المحتاج 6 / 183، مطالب أولي النهى 5 / 11، كشاف القناع 5 / 10، المغني 6 / 553 - 554، نيل الأوطار 6 / 126، المواق 3 / 404
(53) البحر الرائق 3 / 78، وابن عابدين 2 / 262
(54) مواهب الجليل 3 / 405
(55) الفروع 3 / 454 وحديث: " يا معشر النساء اختضبن، فإن المرأة تختضب لزوجها ". عزاه صاحب الفروع (3 / 454 - نشر عالم الكتب) إلي موسى المديني في " كتاب الاستغناء في معرفة استعمال الحناء " ولم نره في غيره.
(56) حديثه: " سبيعة الأسلمية ". أخرجه مسلم (2 / 1122 - ط الحلبي) .
(57) رد المحتار 5 / 237، نهاية المحتاج 6 / 183، كشاف القناع 5 / 10.
(58) رد المحتار 5 / 237، جواهر الإكليل 1 / 275، أسنى المطالب 3 / 109.
(59) المغني 6 / 553.
(60) حديث: " ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ". أخرجه الترمذي (4 / 466 - ط الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب، وقال: " حسن صحيح ".
(61) حديث: " بعث أم سليم إلى جارية " أخرجه أحمد (3 / 231 - ط الميمنية) من حديث أنس بن مالك، وصوب البيهقي إرساله كما في التلخيص لابن حجر (3 / 147 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(62) رد المحتار 5 / 237، مواهب الجليل 3 / 405، نهاية المحتاج 6 / 183، أسنى المطالب 3 / 109، كشاف القناع 5 / 10، حاشية الدسوقي 2 / 215.
(63) روضة الطالبين 7 / 21.
(64) حديث فاطمة بنت قيس: أخرجه مسلم (2 / 1114 - ط الحلبي) .
(65) حديث: " إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه " أخرجه أحمد (3 / 418 - 419 - ط الميمنية) من حديث أبي زيد، وأعله ابن حجر في التلخيص (3 / 254 - ط المكتب الإسلامي) إلا أنه ذكر له شواهد تقويه.
(66) حديث: " المستشار مؤتمن ". أخرجه الترمذي (4 / 585 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال: " حسن صحيح ".
(67) حديث: " الدين النصيحة ". أخرجه مسلم (1 / 74 - ط الحلبي) من حديث تميم الداري.
(68) جواهر الإكليل 1 / 276، نهاية المحتاج 6 / 200، حاشية الجمل 4 / 130، كشاف القناع 5 / 11.
(69) حديث: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع " أخرجه ابن ماجه (1 / 610 - ط الحلبي) والدارقطني، (1 / 229 - ط دار المحاسن) من حديث أبي هريرة، وصوب الدارقطني إرساله.
(70) حديث عبد الله بن مسعود في خطبة النكاح، أخرجه أحمد (1 / 392 - 393 ط الميمنية) والحاكم (2 / 182 - 183 - ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده انقطاع ولكن له طرق أخرى تقويه.
(71) سورة آل عمران / 102.
(72) سورة النساء / 1.
(73) سورة الأحزاب / 70.
(74) جواهر الإكليل 1 / 275، نهاية المحتاج 6 / 202، أسنى المطالب 3 / 117.
(75) حاشية الجمل 4 / 129، المغني 6 / 607 - 608، مواهب الجليل 3 / 411.
(76) رد المحتار 2 / 364 - 366.
(77) جواهر الإكليل 1 / 176.
(78) حاشية الجمل 4 / 129.
(79) مطالب أولي النهى 2 / 214 - 215.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 190/ 19