السبوح
كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...
الحكم على الشيء بالبُطْلان، سواء ابتُدِئ به صحيحاً شرعاً، مثل انتقاضُ الوضوءُ أثناء الصلاة، أو وُجِد وجوداً حِسَّياً غيرَ شرعي، ومن أمثلته العقدُ على امرأة مُحرَّمة عليه مؤبداً .
الحكم على الشيء بالبُطْلان.
1 - الإِْبْطَال لُغَةً: إِفْسَادُ الشَّيْءِ وَإِزَالَتُهُ، حَقًّا كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ أَوْ بَاطِلاً. (1) قَال اللَّهُ تَعَالَى {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِل الْبَاطِل} (2) وَشَرْعًا: الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ بِالْبُطْلاَنِ، سَوَاءٌ وُجِدَ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ سَبَبُ الْبُطْلاَنِ، أَوْ وُجِدَ وُجُودًا حِسِّيًّا لاَ شَرْعِيًّا. فَالأَْوَّل كَمَا لَوِ انْعَقَدَتِ الصَّلاَةُ صَحِيحَةً ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا، وَالثَّانِي كَمَا لَوْ عَقَدَ عَلَى إِحْدَى الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ.
وَيَأْتِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى الْفَسْخِ، (3) وَالإِْفْسَادِ، (4) وَالإِْزَالَةِ، (5) وَالنَّقْضِ، (6) وَالإِْسْقَاطِ، (7) لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ عَنْ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ عِنْدَ مُقَارَنَتِهِ بِهَا. وَالأَْصْل فِي الإِْبْطَال أَنْ يَكُونَ مِنَ الشَّارِعِ، كَمَا يَحْدُثُ الإِْبْطَال مِمَّنْ قَامَ بِالْفِعْل أَوِ التَّصَرُّفِ، وَقَدْ يَقَعُ مِنَ الْحَاكِمِ فِي الأُْمُورِ الَّتِي سَلَّطَهُ عَلَيْهَا الشَّارِعُ (8) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإِْبْطَال وَالْفَسْخُ:
2 - يُعَبِّرُ الْفُقَهَاءُ أَحْيَانًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ تَارَةً بِالإِْبْطَال، وَتَارَةً بِالْفَسْخِ، غَيْرَ أَنَّ الإِْبْطَال يَحْدُثُ أَثْنَاءَ قِيَامِ التَّصَرُّفِ وَبَعْدَهُ، وَكَمَا يَحْصُل فِي الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ يَحْدُثُ فِي الْعِبَادَةِ.
أَمَّا الْفَسْخُ فَإِنَّهُ يَكُونُ غَالِبًا فِي الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ، وَيَقِل فِي الْعِبَادَاتِ، وَمِنْهُ فَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَفَسْخُ نِيَّةِ الْفَرْضِ إِلَى النَّفْل، وَيَكُونُ فِي الْعُقُودِ قَبْل تَمَامِهَا، لأَِنَّهُ فَكُّ ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ (9) أَوِ التَّصَرُّفِ.
ب - الإِْبْطَال وَالإِْفْسَادُ:
3 - يَأْتِي التَّفْرِيقُ بَيْنَ الإِْبْطَال وَالإِْفْسَادِ تَفْرِيعًا عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَاطِل وَالْفَاسِدِ.
وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْبَاطِل وَالْفَاسِدَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الْعِبَادَاتِ، إِنِ اسْتَثْنَيْنَا الْحَجَّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (10) وَغَيْرُ الْعِبَادَةِ كَذَلِكَ غَالِبًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (11)
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ فِي أَغْلَبِ الْعُقُودِ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِل، فَالْبَاطِل مَا لاَ يَكُونُ مَشْرُوعًا لاَ بِأَصْلِهِ وَلاَ بِوَصْفِهِ، وَالْفَاسِدُ مَا يَكُونُ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ. (12) وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ (ر: بُطْلاَن، فَسَاد.)
ج - الإِْبْطَال وَالإِْسْقَاطُ:
4 - الإِْسْقَاطُ فِيهِ رَفْعٌ لِحَقٍّ ثَابِتٍ. (13) وَفِي الإِْبْطَال مَنْعٌ لِقِيَامِ الْحَقِّ أَوِ الاِلْتِزَامِ.
وَقَدْ يَأْتِي كُلٌّ مِنَ الإِْبْطَال وَالإِْسْقَاطِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَحْيَانًا فِي كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ، كَقَوْلِهِمْ: الْوَقْفُ لاَ يَبْطُل بِالإِْبْطَال، وَقَوْلُهُمْ: أَسْقَطْتُ الْخِيَارَ أَوْ أَبْطَلْتُهُ. (14)
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
5 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ إِبْطَال الْعِبَادَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا (15) . وَفِي رَأْيٍ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّ نِيَّةَ إِبْطَال الْعِبَادَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا صَحِيحَةً تُبْطِلُهَا.
وَيَحْرُمُ إِبْطَال الْفَرْضِ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِهِ دُونَ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ، وَكَذَلِكَ النَّفَل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. وَيَجِبُ إِعَادَتُهُ، لِقَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ {وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} . (16)
وَيُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِبْطَال النَّافِلَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا، عَدَا الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. أَمَّا فِيهِمَا فَيَحْرُمُ الإِْبْطَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُمَا كَسَائِرِ التَّطَوُّعَاتِ. (17) وَمِثْل الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْجِهَادُ فِي سَبِيل اللَّهِ. (18)
أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ اللاَّزِمَةُ فَلاَ يَرِدُ عَلَيْهَا الإِْبْطَال بَعْدَ نَفَاذِهَا إِلاَّ بِرِضَا الْعَاقِدَيْنِ، كَمَا فِي الإِْقَالَةِ.
وَفِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ لِكُلٍّ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ إِبْطَالُهَا مَتَى شَاءَ. وَفِي الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ مِنْ جَانِبٍ دُونَ آخَرَ، يَصِحُّ الإِْبْطَال مِمَّنِ الْعَقْدُ غَيْرُ لاَزِمٍ فِي حَقِّهِ. وَالْمُرَادُ هُنَا الإِْبْطَال بِمَعْنَى الْفَسْخِ.
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
6 - أَحْكَامُ الإِْبْطَال قَبْل الاِنْعِقَادِ تُذْكَرُ فِي " بُطْلاَن " وَبَعْدَهُ تُذْكَرُ فِي " فَسْخ ".
وَلَمَّا كَانَ الإِْبْطَال يَعْتَرِي الْعِبَادَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ فَإِنَّهُ يَصْعُبُ سَرْدُ مَوَاطِنِهِ تَفْصِيلاً، لِذَلِكَ يُرْجَعُ فِي كُل عِبَادَةٍ إِلَى سَبَبِ إِبْطَالِهَا، وَفِي الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ إِلَى مَوْضِعِهِ مِنْ كُل عَقْدٍ أَوْ تَصَرُّفٍ، كَمَا يُفَصِّل الأُْصُولِيُّونَ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ.
__________
(1) تاج العروس، مفردات الراغب الأصفهاني (بطل)
(2) سورة الأنفال / 8
(3) القليوبي 3 / 176 ط الحلبي.
(4) القليوبي وعميرة 2 / 191، 3 / 176
(5) القليوبي وعميرة 3 / 33، 176، ومطالب أولي النهى 3 / 231 ط المكتب الإسلامي
(6) المحلي على المنهاج 4 / 44
(7) الاختيار 2 / 15 ط الحلبي
(8) القليوبي 2 / 198
(9) الأشباه والنظائر لابن نجيم 135 ط الحلبي، والحموي عليها 2 / 196 ط دار الطباعة العامرة والأشباه والنظائر للسيوطي ص 287، 291، وقواعد ابن رجب 261 ط الخانجي، والفروق 3 / 269 ط دار إحياء الكتب العربية، والقليوبي 2 / 275، والمهذب 1 / 300، 309، ط مصطفى الحلبي، والفواكه العديدة في المسائل المفيدة 1 / 272 ط المكتب الإسلامي
(10) إتحاف الأبصار والبصائر 259 ط الوطنية بالإسكندرية، وتيسير التحرير 2 / 236 ط مصطفى الحلبي، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 135، والحموي عليها 2 / 194، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 286، والقواعد والفوائد الأصولية للبعلي ص 110، 111 ط السنة المحمدية
(11) ابن عابدين 4 / 99، 100 ط الأولى
(12)
(13) ابن عابدين 3 / 2
(14) الاختيار 2 / 15، إتحاف الأبصار والبصائر ص 320
(15) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 20، والحموي عليها ص 78، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 38، والفروق 2 / 27، 28، والصلاة لابن القيم ص 58، وابن عابدين 3 / 299، والإنصاف للمرداوي 10 / 338 ط أنصار السنة
(16) ابن عابدين 1 / 462، والحطاب 2 / 90 ط النجاح، والمجموع 6 / 393 ط المنيرية، والمغني مع الشرح 3 / 551 ط الأولى ط المنار، وكشاف القناع 1 / 309 ط أنصار السنة. والآية من سورة محمد / 33
(17) المجموع 6 / 393، والمغني مع الشرح 3 / 551
(18) شرح الروض 4 / 178 ط الميمنية.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 179/ 1
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".