المحسن
كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...
سبق الذهن، والخيال إلى شيء لم يقع بعد . ومنه توهم الشخص أن فلاناً سيؤذيه لكراهته له
سبق الذهن، والخيال إلى شيء لم يقع بعد.
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّوَهُّمُ فِي اللُّغَةِ: الظَّنُّ. (1)
وَفِي الاِصْطِلاَحِ عَرَّفَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ: تَجْوِيزُ وُجُودِ الشَّيْءِ فِي الذِّهْنِ تَجْوِيزًا مَرْجُوحًا (2) وَقَال بَعْضُهُمْ: التَّوَهُّمُ يَجْرِي مَجْرَى الظُّنُونِ، يَتَنَاوَل الْمُدْرَكَ وَغَيْرَ الْمُدْرَكِ. (3)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - التَّصَوُّرُ:
2 - التَّصَوُّرُ هُوَ حُصُول صُورَةِ الشَّيْءِ فِي الْعَقْل، وَإِدْرَاكُ الْمَاهِيَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهَا بِنَفْيٍ أَوْ إِثْبَاتٍ. (4) وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّوَهُّمِ وَالتَّصَوُّرِ: أَنَّ تَصَوُّرَ الشَّيْءِ يَكُونُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ، وَتَوَهُّمَهُ لاَ يَكُونُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ؛ لأَِنَّ التَّوَهُّمَ مِنْ قَبِيل التَّجْوِيزِ، وَالتَّجْوِيزُ يُنَافِي الْعِلْمَ. (5) ب - الظَّنُّ:
3 - الظَّنُّ هُوَ الاِعْتِقَادُ الرَّاجِحُ مَعَ احْتِمَال النَّقِيضِ، وَيُسْتَعْمَل أَيْضًا فِي الْيَقِينِ وَالشَّكِّ.
وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْوَهْمَ الطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ مُطْلَقًا
وَقِيل: الظَّنُّ أَحَدُ طَرَفَيِ الشَّكِّ بِصِفَةِ الرُّجْحَانِ
وَقِيل: الظَّنُّ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ، الْوَهْمُ: الطَّرَفُ الرَّاجِحُ غَيْرُ الْمُطَابِقِ لِلْوَاقِعِ. (6)
ج - الشَّكُّ:
4 - الشَّكُّ هُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ بِلاَ تَرْجِيحٍ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ عِنْدَ الشَّاكِّ
وَقِيل: الشَّكُّ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ، وَهُوَ الْوُقُوفُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لاَ يَمِيل الْقَلْبُ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَإِذَا تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُطْرَحِ الآْخَرُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ. (7)
د - الْيَقِينُ:
5 - الْيَقِينُ فِي اللُّغَةِ: الْعِلْمُ الَّذِي لاَ شَكَّ فِيهِ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: اعْتِقَادُ الشَّيْءِ بِأَنَّهُ كَذَا، مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ إِلاَّ كَذَا، مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ غَيْرَ مُمْكِنِ الزَّوَال. (8) الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
6 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ التَّوَهُّمَ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ لاَ عِبْرَةَ لَهُ فِي الأَْحْكَامِ، فَكَمَا لاَ يَثْبُتُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ اسْتِنَادًا عَلَى وَهْمٍ، لاَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الشَّيْءِ الثَّابِتِ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ بِوَهْمٍ طَارِئٍ.
مِثَال ذَلِكَ: إِذَا تُوُفِّيَ الْمُفْلِسُ، تُبَاعُ أَمْوَالُهُ وَتُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ تُوُهِّمَ أَنَّهُ رُبَّمَا ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ جَدِيدٌ؛ لأَِنَّهُ لاَ عِبْرَةَ لِلتَّوَهُّمِ. (9)
وَكَمَا إِذَا ظَنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ مِنْ صَلاَةٍ، وَتَوَهَّمَ شَغْلَهَا بِهَا فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ. إِذْ لاَ عِبْرَةَ لِلْوَهْمِ. (10)
وَيُذْكَرُ التَّوَهُّمُ وَيُرَادُ بِهِ مَا يُقَابِل الْيَقِينَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ بِقَوْلِهِمْ: " فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ فَقْدَ الْمَاءِ تَيَمَّمَ بِلاَ طَلَبٍ وَإِنْ تَوَهَّمَهُ (أَيْ وَقَعَ فِي وَهْمِهِ: أَيْ ذِهْنِهِ، بِأَنْ جَوَّزَ وُجُودَ ذَلِكَ تَجْوِيزًا رَاجِحًا وَهُوَ الظَّنُّ، أَوْ مَرْجُوحًا وَهُوَ الْوَهْمُ، أَوْ مُسْتَوِيًا وَهُوَ الشَّكُّ) طَلَبَهُ. (11)
وَقَدْ يُعْمَل بِالْوَهْمِ فِي حَال شَغْل الذِّمَّةِ وَتَوَهُّمِ بَرَاءَتِهَا، وَهِيَ لاَ تَبْرَأُ إِلاَّ بِالْيَقِينِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ بِقَوْلِهِمْ: " إِذَا ظَنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ مِنْ صَلاَةٍ، وَتَوَهَّمَ شَغْلَهَا بِهَا، فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ، بِخِلاَفِ مَنْ ظَنَّ تَمَامَ صَلاَتِهِ، وَتَوَهَّمَ بَقَاءَ رَكْعَةٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَل بِالْوَهْمِ ". (12)
وَتَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ عَنْ قَاعِدَةِ " لاَ عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ ". (13) وَقَاعِدَةِ " لاَ عِبْرَةَ بِالتَّوَهُّمِ " (14) وَفَرَّعُوا عَلَيْهِمَا مَسَائِل كَثِيرَةً يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِاخْتِلاَفِ الْمَوَاطِنِ، وَلاَ يُمْكِنُ حَصْرُهَا فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ فَيُرْجَعُ إِلَى مَظَانِّهَا فِي كُل مَذْهَبٍ.
قَال صَاحِبُ دُرَرِ الْحُكَّامِ شَرْحِ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ عِنْدَ قَاعِدَةِ (لاَ عِبْرَةَ لِلتَّوَهُّمِ) مَا نَصُّهُ:
يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ كَمَا لاَ يَثْبُتُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ اسْتِنَادًا عَلَى وَهْمٍ لاَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الشَّيْءِ الثَّابِتِ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ بِوَهْمٍ طَارِئٍ.
مِثَال ذَلِكَ: إِذَا تُوُفِّيَ الْمُفْلِسُ تُبَاعُ أَمْوَالُهُ وَتُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ تُوُهِّمَ أَنَّهُ رُبَّمَا ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ جَدِيدٌ، وَالْوَاجِبُ مُحَافَظَةً عَلَى حُقُوقِ ذَلِكَ الدَّائِنِ الْمَجْهُول، أَلاَّ تُقْسَمَ، وَلَكِنْ لأَِنَّهُ لاَ اعْتِبَارَ لِلتَّوَهُّمِ تُقْسَمُ الأَْمْوَال عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَمَتَى ظَهَرَ غَرِيمٌ جَدِيدٌ يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُمْ حَسَبَ الأُْصُول الْمَشْرُوعَةِ.
كَذَا إِذَا بِيعَتْ دَارٌ وَكَانَ لَهَا جَارَانِ لِكُلٍّ حَقُّ الشُّفْعَةِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَادَّعَى الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ الشُّفْعَةَ فِيهَا يُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ، وَلاَ يَجُوزُ إِرْجَاءُ الْحُكْمِ بِدَاعِي أَنَّ الْغَائِبَ رُبَّمَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ. كَذَلِكَ إِذَا كَانَ لِدَارِ شَخْصٍ نَافِذَةٌ عَلَى أُخْرَى لِجَارِهِ تَزِيدُ عَلَى طُول الإِْنْسَانِ فَجَاءَ الْجَارُ طَالِبًا سَدَّ تِلْكَ النَّافِذَةِ بِدَاعِي أَنَّهُ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبُ النَّافِذَةِ بِسُلَّمِ وَيُشْرِفَ عَلَى مَقَرِّ النِّسَاءِ فَلاَ يُلْتَفَتُ لِطَلَبِهِ. وَكَذَا لاَ يُلْتَفَتُ لِطَلَبِهِ فِيمَا لَوْ وَضَعَ جَارُهُ فِي غُرْفَةٍ مُجَاوِرَةٍ لَهُ تِبْنًا وَطَلَبَ رَفْعَهُ بِدَاعِي أَنَّهُ مِنَ الْمُحْتَمَل أَنْ تَعْلَقَ بِهِ النَّارُ فَتَحْتَرِقَ دَارُهُ.
كَذَا: إِذَا جَرَحَ شَخْصٌ آخَرَ ثُمَّ شُفِيَ الْمَجْرُوحُ مِنْ جُرْحِهِ تَمَامًا وَعَاشَ مُدَّةً ثُمَّ تُوُفِّيَ فَادَّعَى وَرَثَتُهُ بِأَنَّهُ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ وَالِدُهُمْ مَاتَ بِتَأْثِيرِ الْجُرْحِ فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ. (15)
__________
(1) المصباح المنير، ومختار الصحيح مادة: " وهم ".
(2) نهاية المحتاج 1 / 265 ط مصطفى البابي الحلبي، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص104.
(3) الفروق في اللغة / 91.
(4) التعريفات للجرجاني.
(5) الفروق في اللغة / 91.
(6) التعريفات للجرجاني. والأشباه والنظائر لابن نجيم. ط دار الطباعة العامرة / 104.
(7) التعريفات للجرجاني، ونهاية المحتاج 1 / 265، والأشباه والنظائر لابن نجيم / 104.
(8) التعريفات للجرجاني.
(9) درر الحكام شرح مجلة الأحكام العدلية 1 / 65، ومجلة الأحكام العدلية م (74) .
(10) حاشية الدسوقي 1 / 264، 265.
(11) نهاية المحتاج 1 / 265، 271، 288، 304، 305، 306.
(12) حاشية الدسوقي 1 / 264، 265.
(13) مجلة الأحكام العدلية م (72) ، ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام ط مكتبة النهضة 1 / 64، والأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 193 ط دار الطباعة العامرة. وقواعد الأحكام 1 / 23، والأشباه والنظائر للسيوطي / 157 ط دار الكتب العلمية، والمنثور في القواعد للزركشي 2 / 353، والقواعد لابن رجب / 120، 121 ط دار المعرفة. ونيل المآرب 1 / 94، وكشاف القناع 1 / 167، 177، والمغني 1 / 196، 197.
(14) مجلة الأحكام العدلية م (74) ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام 1 / 64، وقواعد الأحكام 1 / 23، والشرح الصغير 1 / 81، 230، 364، 377، وكشاف القناع 1 / 167، 177.
(15) درر الحكام شرح مجلة الأحكام 1 / 65.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 203/ 14
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".