السلام
كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...
أن يروي الحديث جمع من الرواة -يستحيل في العادة اتفاقهم على الكذب، أو وقوعه منهم اتفاقاً دون قصد - عن مثلهم، من أول السند إلى منتهاه، ويكون منتهى خبرهم الحِس "مشاهدة، أو سماع ". ومثاله رواية جمع من الصحابة رضي الله عنهم حديث: " مَنْ كَذَبَ عَلِيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ." قال الإمام ابن الصلاح : رواه اثنان وستون من الصحابة، وقال غيره : رواه أكثر من مائة
أن يروي الحديث جمع من الرواة -يستحيل في العادة اتفاقهم على الكذب، أو وقوعه منهم اتفاقاً دون قصد- عن مثلهم، من أول السند إلى منتهاه، ويكون منتهى خبرهم الحِس "مشاهدة، أو سماع".
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّوَاتُرُ فِي اللُّغَةِ: التَّتَابُعُ، وَقِيل: هُوَ تَتَابُعُ الأَْشْيَاءِ، وَبَيْنَهَا فَجَوَاتٌ وَفَتَرَاتٌ. وَالْمُتَوَاتِرُ: الشَّيْءُ يَكُونُ هُنَيْهَةً ثُمَّ يَجِيءُ الآْخَرُ، فَإِذَا تَتَابَعَتْ فَلَيْسَتْ مُتَوَاتِرَةً إِنَّمَا هِيَ مُتَدَارِكَةٌ وَمُتَتَابِعَةٌ. وَالْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ لُغَةً: أَنْ يُحَدِّثَهُ وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ (1) .
وَلِلْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ فِي اصْطِلاَحِ الأُْصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ عِدَّةُ تَعَارِيفَ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الأَْلْفَاظِ إِلاَّ أَنَّهَا مُتَّفِقَةً فِي الْمَعْنَى.
فَعَرَّفَهُ صَاحِبُ الْمَحْصُول بِأَنَّهُ: خَبَرُ أَقْوَامٍ بَلَغُوا فِي الْكَثْرَةِ إِلَى حَيْثُ حَصَل الْعِلْمُ بِقَوْلِهِمْ. وَقَال صَاحِبُ كَشْفِ الأَْسْرَارِ: هُوَ خَبَرُ جَمَاعَةٍ مُفِيدٌ بِنَفْسِهِ الْعِلْمَ بِصِدْقِهِ. وَعَرَّفَهُ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ بِأَنَّهُ: خَبَرُ جَمَاعَةٍ يُفِيدُ الْعِلْمَ، لاَ بِالْقَرَائِنِ الْمُنْفَصِلَةِ.
وَقَال صَاحِبُ دُسْتُورِ الْعُلَمَاءِ: التَّوَاتُرُ هُوَ إِخْبَارُ قَوْمٍ دَفْعَةً أَوْ مُتَفَرِّقًا بِأَمْرٍ لاَ يُتَصَوَّرُ عَادَةً تَوَاطُؤُهُمْ وَتَوَافُقُهُمْ عَلَيْهِ بِالْكَذِبِ.
وَالْفُقَهَاءُ لاَ يَقْصُرُونَ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيِّ بَل قَدْ يَعُدُّونَهُ إِلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ كَمَا سَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الآْحَادُ:
2 - الآْحَادُ فِي اللُّغَةِ: جَمْعُ أَحَدٍ. وَالأَْحَدُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى: وَهُوَ الْفَرْدُ الَّذِي لَمْ يَزَل وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ آخَرُ. وَالأَْحَدُ: بِمَعْنَى الْوَاحِدِ، وَهُوَ أَوَّل الْعَدَدِ. وَخَبَرُ الآْحَادِ فِي الاِصْطِلاَحِ: خَبَرٌ لاَ يُفِيدُ بِنَفْسِهِ الْعِلْمَ ". وَقِيل " مَا يُفِيدُ الظَّنَّ (3) ". فَالنِّسْبَةُ بَيْنَ التَّوَاتُرِ وَالآْحَادِ التَّضَادُّ وَخَبَرُ الآْحَادِ يَشْمَل الْمَشْهُورَ، وَالْعَزِيزَ وَالْغَرِيبَ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي عِلْمِ مُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - اتَّفَقَ الأُْصُولِيُّونَ عَلَى أَنَّ التَّوَاتُرَ يُفِيدُ الْعِلْمَ، وَالْجُمْهُورُ مِنْهُمْ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْعِلْمَ ضَرُورِيٌّ، وَذَهَبَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ وَالْكَعْبِيُّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالدَّقَّاقُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّهُ نَظَرِيٌّ، وَتَوَقَّفَ الآْمِدِيُّ وَفَصَّل الْغَزَالِيُّ فَقَال: هُوَ ضَرُورِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لاَ يُحْتَاجُ فِي حُصُولِهِ إِلَى الشُّعُورِ بِتَوَسُّطِ وَاسِطَةٍ مُفْضِيَةٍ إِلَيْهِ، مَعَ أَنَّ الْوَاسِطَةَ حَاضِرَةٌ فِي الذِّهْنِ، وَلَيْسَ ضَرُورِيًّا بِمَعْنَى أَنَّهُ حَاصِلٌ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ.
وَحَتَّى يُفِيدَ التَّوَاتُرُ الْعِلْمَ لاَ بُدَّ أَنْ تَتَوَفَّرَ فِيهِ شُرُوطٌ مُعَيَّنَةٌ، بَعْضُهَا يَرْجِعُ إِلَى الْمُخْبِرِينَ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُسْتَمِعِينَ، وَبَعْضُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَفِيمَا يَلِي الشُّرُوطُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، أَمَّا الشُّرُوطُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا وَمُنَاقَشَتُهَا فَتَفْصِيلُهَا فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ وَعِلْمِ مُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ.
4 - فَالشُّرُوطُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى الْمُخْبِرِينَ وَهِيَ مَحَل اتِّفَاقِ الأُْصُولِيِّينَ أَرْبَعَةٌ:
أَوَّلُهَا: أَنْ يُخْبِرُوا عَنْ عِلْمٍ لاَ عَنْ ظَنٍّ.
ثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ عِلْمُهُمْ ضَرُورِيًّا مُسْتَنِدًا إِلَى مَحْسُوسٍ.
ثَالِثُهَا: أَنْ يَسْتَوِيَ طَرَفَاهُ وَوَسَطُهُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ، وَفِي كَمَال الْعَدَدِ.
رَابِعُهَا: الْعَدَدُ الْكَامِل الَّذِي يُفِيدُ الْعِلْمَ، وَالْمَقْصُودُ بِالْكَامِل هُوَ أَقَل عَدَدٍ يُورِثُ الْعِلْمَ أَوْ هُوَ تَعَدُّدُ النَّقَلَةِ بِحَيْثُ يَمْنَعُ التَّوَاطُؤَ عَادَةً عَلَىالْكَذِبِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَدَدِ فَقِيل: أَقَلُّهُ خَمْسَةٌ، وَقِيل: اثْنَا عَشَرَ، وَقِيل: عِشْرُونَ. وَقِيل: أَرْبَعُونَ، وَقِيل: سَبْعُونَ، وَقِيل: ثَلاَثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ عَدَدُ أَهْل بَدْرٍ، وَقِيل: عَدَدُ أَهْل بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ (أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ) .
وَقِيل: لَيْسَ مَعْلُومًا لَنَا لَكِنَّا بِحُصُول الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ نَتَبَيَّنُ كَمَال الْعَدَدِ، لاَ أَنَّا بِكَمَال الْعَدَدِ نَسْتَدِل عَلَى حُصُول الْعِلْمِ.
وَضَابِطُهُ: مَا حَصَل الْعِلْمُ عِنْدَهُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ كَثِيرٍ مِنَ الأُْصُولِيِّينَ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ، وَالرَّازِيُّ، وَابْنُ الْهُمَامِ وَوَأَمِيرُ بَادْشَاهْ شَارِحُ التَّحْرِيرِ، وَسَعْدُ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْبُخَارِيُّ صَاحِبُ (كَشْفِ الأَْسْرَارِ) .
وَأَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي تَرْجِعُ إلَى الْمُسْتَمِعِينَ فَشَرْطَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لاَ يَكُونَ السَّامِعُ عَالِمًا بِمَا أُخْبِرَ بِهِ.
ثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ أَهْلاً لِقَبُول الْعِلْمِ بِمَا أُخْبِرَ بِهِ.
أَقْسَامُ التَّوَاتُرِ:
5 - التَّوَاتُرُ يَنْقَسِمُ إِلَى لَفْظِيٍّ وَمَعْنَوِيٍّ، فَاللَّفْظِيُّ: هُوَ مَا تَوَاتَرَ لَفْظُهُ كَحَدِيثِ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا (4) ". وَالْمَعْنَوِيُّ: هُوَ نَقْل رُوَاةِ الْخَبَرِ قَضَايَا مُتَعَدِّدَةً بَيْنَهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى جِهَةِ التَّضَمُّنِ أَوِ الاِلْتِزَامِ.
أَوْ هُوَ نَقْل جَمَاعَةٍ يَسْتَحِيل تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَقَائِعَ مُخْتَلِفَةً تَشْتَرِكُ فِي أَمْرٍ يَتَوَاتَرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ، كَمَا نُقِل عَنْ شَجَاعَةِ عَلِيٍّ ﵁، وَكَرَمِ حَاتِمٍ، وَكَأَحَادِيثِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ.
ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ يُفِيدُ الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ فَلاَ يَنْسَخُهُ إِلاَّ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ مِثْلَهُ. وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ نَسْخِ الْمُتَوَاتِرِ بِالآْحَادِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى مَنْعِهِ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُتَوَاتِرَ قَطْعِيٌّ وَخَبَرُ الآْحَادِ ظَنِّيٌّ فَلاَ يُبْطِلُهُ؛ لأَِنَّ الشَّيْءَ لاَ يُبْطِل أَقْوَى مِنْهُ، وَنَقَل صَاحِبُ الْبُرْهَانِ الإِْجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَنَقَل صَاحِبُ تَيْسِيرِ التَّحْرِيرِ جَوَازَهُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَال الرَّازِيُّ فِي الْمَحْصُول: هُوَ جَائِزٌ فِي الْعَقْل غَيْرُ وَاقِعٍ فِي السَّمْعِ عِنْدَ الأَْكْثَرِينَ.
وَذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ عَقْلاً لَوْ تَعَبَّدَ بِهِ، وَوُقُوعُهُ سَمْعًا فِي زَمَانِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَلَكِنْ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ بَعْدَ وَفَاتِهِ.
وَذَهَبَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ إِلَى جَوَازِ نَسْخِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْمَشْهُورِ مِنَ الآْحَادِ فَقَطْ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مِنْحَيْثُ إِنَّهُ بَيَانٌ يَجُوزُ بِالآْحَادِ، وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَبْدِيلٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّوَاتُرُ فَيَجُوزُ بِمَا هُوَ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
6 - ثُمَّ إِنَّهُ لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ كُل مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا فِي أَصْلِهِ وَأَجْزَائِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ التَّوَاتُرِ فِي مَحَلِّهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ.
فَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّ التَّوَاتُرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي مَحَلِّهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ، بَل يَكْثُرُ فِيهَا نَقْل الآْحَادِ. قَال السُّيُوطِيّ: الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْل السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ التَّوَاتُرِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا (5) .
(وَلِلتَّفْصِيل رَاجِعِ الْمُلْحَقَ الأُْصُولِيَّ) .
__________
(1) لسان العرب مادة: " وتر ".
(2) المحصول الجزء الثاني - القسم الأول / 323، وكشف الأسرار 2 / 360، وتيسير التحرير 3 / 30، والأحكام للآمدي 2 / 14، والكليات 2 / 97 فصل التاء، والتعريفات 70، ودستور العلماء 1 / 364 باب التاء مع الواو.
(3) لسان العرب مادة: " أحد "، وتيسير التحرير 3 / 37.
(4) حديث: " من كذب علي متعمدا فليتوبأ مقعده من النار. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 160 ط السلفية) ، ومسلم، (1 / 10 ط الحلبي) .
(5) المستصفى 1 / 136 وما بعدها، والبرهان 1 / 567 وما بعدها، 579، 2 / 1311، والمحصول القسم الأول من الجزء الثاني / 323 وما بعدها، 377، والمحصول 2 / القسم الأول 368، 383، والمحصول 1 / القسم الثالث 498، وتيسير التحرير 3 / 30 وما بعدها 34، 36، وكشف الأسرار 2 / 360 وما بعدها، والتلويح على التوضيح 2 / 2، 3، 36، والأحكام للآمدي 2 / 18، 19، 23، 25، 27، وتدريب الراوي 374، ومسلم الثبوت 2 / 9، 13، والإتقان 1 / 77 وما بعدها ط مصطفى الحلبي.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 109/ 14
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".