الحميد
(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...
التحصين بالرُّقَى، وَالتَّمَائِمَ، وَنَحْوهَا مِمَّا هُوَ مَشْرُوعٌ، أَوْ غَيْرُ مَشْرُوعٍ . ومن أمثلته تعويذ الصغير بقول : أعيذك بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامَّة . ومن شواهده حديث عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها - قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ، وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِي ." مسلم :2192.
التَّعْوِيذُ: طَلَبُ الوِقايَةِ والحِفْظِ، يُقالُ: عَوَّذَهُ وأَعاذَهُ، أيْ: حَفِظَهُ وحَماهُ. وعاذَ فُلانٌ بِفُلانٍ، أيْ: لاذَ بِهِ ولَجَأَ إِلَيْهِ واعْتَصَمَ بِهِ، وعَوَّذَهُ، أيْ: وَقاهُ. والعَوْذُ: الوِقايَةُ والحِفْظُ. ويُطْلَقُ التَّعْوِيذُ على كُلِّ ما يُعاذُ بِهِ الإِنسانُ، ومِن ذلك: الرُّقْيَةُ يُرْقَى بِها الإِنْسانُ مِن فَزَعٍ أَوْ جُنُونٍ؛ لأنّهُ يُعاذُ بِها. والجَمْعُ: العُوَذُ، والمَعاذاتُ، والتَّعاوِيذُ.
يَرِد مُصْطلَح (تَعْوِيذ) في الفقه في كتاب الطَّهارةِ، باب: الحَيْض والنِّفاس، وفي كتاب البُيوع، باب: بَيْع التَّعاوِيذِ. ويُطْلَقُ في عِلمِ العَقِيدَةِ، باب: تَوْحِيد الأُلوهِيَّةِ، عند بَيانِ الشِّرْكِ وأسْبابِهِ.
عوذ
التحصين بالرُّقَى، وَالتَّمَائِمَ، وَنَحْوهَا مِمَّا هُوَ مَشْرُوعٌ، أَوْ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.
* معجم مقاييس اللغة : (4/183)
* المفردات في غريب القرآن : (ص 595)
* لسان العرب : (10/329)
* تاج العروس : (5/380)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 530)
* الكليات : (ص 651)
* حاشية ابن عابدين : (9/522)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 137) -
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّعْوِيذُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ عَوَّذَ، مِنْ عَاذَ يَعُوذُ عَوْذًا: بِمَعْنَى الْتَجَأَ. قَال اللَّيْثُ يُقَال: فُلاَنٌ عَوْذٌ لَكَ: أَيْ مَلْجَأٌ وَيُقَال: عُذْتُ بِفُلاَنٍ: اسْتَعَذْتُ بِهِ: أَيْ لَجَأْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ عِيَاذِي: أَيْ مَلْجَئِي. وَالْعُوذَةُ: مَا يُعَاذُ بِهِ مِنَ الشَّيْءِ، وَالْعُوذَةُ وَالتَّعْوِيذَةُ وَالْمَعَاذَةُ كُلُّهُ بِمَعْنَى: الرُّقْيَةُ الَّتِي يُرْقَى بِهَا الإِْنْسَانُ مِنْ فَزَعٍ أَوْ جُنُونٍ. وَالْجَمْعُ: عُوَذٌ وَتَعَاوِيذُ، وَمُعَاذَاتٌ (1)
وَالتَّعْوِيذُ فِي الاِصْطِلاَحِ يَشْمَل الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَنَحْوَهَا مِمَّا هُوَ مَشْرُوعٌ أَوْ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الرُّقْيَةُ:
2 - الرُّقْيَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ رَقَاهُ يَرْقِيهِ رُقْيَةً بِمَعْنَى: الْعُوذَةِ وَالتَّعْوِيذِ. قَال ابْنُ الأَْثِيرِ: الرُّقْيَةُ: الْعُوذَةُ الَّتِي يُرْقَى بِهَا صَاحِبُ الآْفَةِ، كَالْحُمَّى وَالصَّرَعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآْفَاتِ، لأَِنَّهُ يُعَاذُ بِهَا. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَقِيل مَنْ رَاقٍ} (2) أَيْ مَنْ يَرْقِيهِ؟ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لاَ رَاقِيَ يَرْقِيهِ، فَيَحْمِيهِ (3) .
وَعَرَّفَهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: بِأَنَّهَا مَا يُرْقَى بِهِ مِنَ الدُّعَاءِ لِطَلَبِ الشِّفَاءِ (4) .
فَالرُّقْيَةُ أَخَصُّ مِنَ التَّعْوِيذِ، لأَِنَّ التَّعْوِيذَ يَشْمَل الرُّقْيَةَ وَغَيْرَهَا، فَكُل رُقْيَةٍ تَعْوِيذٌ وَلاَ عَكْسَ
ب - التَّمِيمَةُ:
3 - التَّمِيمَةُ فِي اللُّغَةِ: خَيْطٌ أَوْ خَرَزَاتٌ كَانَ الْعَرَبُ يُعَلِّقُونَهَا عَلَى أَوْلاَدِهِمْ، يَمْنَعُونَ بِهَا الْعَيْنَ فِي زَعْمِهِمْ، فَأَبْطَلَهَا الإِْسْلاَمُ. قَال الْخَلِيل بْنُ أَحْمَدَ: التَّمِيمَةُ قِلاَدَةٌ فِيهَا عُوَذٌ.
وَمَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْل الْعِلْمِ: مَا عُلِّقَ فِي الأَْعْنَاقِ مِنَ الْقَلاَئِدِ خَشْيَةَ الْعَيْنِ أَوْ غَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلاَ أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ (5) أَيْ: فَلاَ أَتَمَّ اللَّهُ صِحَّتَهُ وَعَافِيَتَهُ (6) . وَهِيَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: الْعُوذَةُ الَّتِي تُعَلَّقُ عَلَى الْمَرِيضِ وَالصِّبْيَانِ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهَا الْقُرْآنُ وَذِكْرُ اللَّهِ إِذَا خُرِزَ عَلَيْهَا جِلْدٌ (7) .
فَالتَّمِيمَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا: نَوْعٌ مِنَ التَّعْوِيذِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرُّقْيَةِ: أَنَّ الأُْولَى هِيَ تَعْوِيذٌ يُعَلَّقُ عَلَى الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ، وَالثَّانِيَةُ تَعْوِيذٌ يُقْرَأُ عَلَيْهِ
ج - الْوَدَعَةُ:
4 - الْوَدَعَةُ: شَيْءٌ أَبْيَضُ يُجْلَبُ مِنَ الْبَحْرِ يُعَلَّقُ فِي أَعْنَاقِ الصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ مَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً فَلاَ وَدَعَ اللَّهُ لَهُ (8) أَيْ فَلاَ بَارَكَ اللَّهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعَافِيَةِ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لأَِنَّهُمْ كَانُوا يُعَلِّقُونَهَا مَخَافَةَ الْعَيْنِ (9) فَالْوَدَعَةُ مِثْل التَّمِيمَةِ فِي الْمَعْنَى (10) .
د - التُّوَلَةُ:
5 - التُّوَلَةُ فِي اللُّغَةِ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ: السِّحْرُ، وَخَرَزٌ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ يُحَبِّبُ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا، وَيُقَال فِيهَا أَيْضًا: التُّوَلَةُ كَعِنَبَةٍ (11) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: تَحْبِيبُ الْمَرْأَةِ إِلَى زَوْجِهَا.
كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ رَاوِي الْحَدِيثِ. " قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَذِهِ التَّمَائِمُ وَالرُّقَى قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا التُّوَلَةُ؟ قَال: شَيْءٌ يَصْنَعُهُ النِّسَاءُ يَتَحَبَّبْنَ بِهِ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ.
فَالتُّوَلَةُ أَيْضًا ضَرْبٌ مِنَ التَّعْوِيذِ (12) .
هـ - (التَّفْل، النَّفْثُ، النَّفْخُ) :
6 - التَّفْل: النَّفْخُ مَعَهُ رِيقٌ. وَالنَّفْثُ: نَفْخٌ لَيْسَ مَعَهُ رِيقٌ. فَالتَّفْل شَبِيهٌ بِالْبَزْقِ، وَهُوَ أَقَل مِنْهُ، أَوَّلُهُ الْبَزْقُ، ثُمَّ التَّفْل، ثُمَّ النَّفْثُ، ثُمَّ النَّفْخُ (13) . فَكُلٌّ مِنَ التَّفْل، وَالنَّفْثِ، وَالنَّفْخِ قَدْ يَكُونُ مِنْ مُلاَبَسَاتِ التَّعَاوِيذِ.
و النُّشْرَةُ:
7 - النُّشْرَةُ فِي اللُّغَةِ: كَالتَّعْوِيذِ وَالرُّقْيَةِ. يُعَالَجُ بِهَا الْمَجْنُونُ وَالْمَرِيضُ وَحَل السِّحْرِ عَنِ الْمَسْحُورِ (14) ، وَفِي الْحَدِيثِ فَلَعَل طِبًّا أَصَابَهُ، يَعْنِي سِحْرًا، ثُمَّ نَشَرَهُ ب قُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (15) أَيْ رَقَاهُ. وَالتَّنْشِيرُ: الرُّقْيَةُ أَوْ كِتَابَةُ النُّشْرَةُ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ أَنْ يَكْتُبَ شَيْئًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ يُمْسَحُ بِهِ الْمَرِيضُ أَوْ يُسْقَاهُ. أَوْ يُكْتَبُ قُرْآنٌ وَذِكْرٌ بِإِنَاءٍ لِحَامِلٍ لِعُسْرِ الْوِلاَدَةِ، وَلِمَرِيضٍ يُسْقَيَانِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (16) .
ز - الرَّتِيمَةُ:
8 - الرَّتِيمَةُ وَالرَّتْمَةُ: خَيْطٌ يُرْبَطُ بِأُصْبُعٍ أَوْ خَاتَمٍ لِتُسْتَذْكَرَ بِهِ الْحَاجَةُ، وَيُقَال: أَرْتَمَهُ: إِذَا شَدَّ فِي أُصْبُعِهِ الرَّتِيمَةَ وَقِيل: هِيَ خَيْطٌ كَانَ يُرْبَطُ فِي الْعُنُقِ أَوْ فِي الْيَدِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِدَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ عَلَى زَعْمِهِمْ (17) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلتَّعْوِيذِ:
9 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّعَاوِيذِ بِاخْتِلاَفِ مَا تُتَّخَذُ مِنْهُ التَّعَاوِيذُ. وَتَنْقَسِمُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الأَْوَّل:
10 - مَا لاَ يُعْقَل مَعْنَاهُ:
وَمِنْهُ مَا كَانَ يُرْقَى بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى: أَنَّهُ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ بِلاَ خِلاَفٍ. لِمَا صَحَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁: أَنَّهُ دَخَل عَلَى امْرَأَتِهِ، وَفِي عُنُقِهَا شَيْءٌ تَتَعَوَّذُ بِهِ، فَجَبَذَهُ، فَقَطَعَهُ، ثُمَّ قَال: لَقَدْ أَصْبَحَ آل عَبْدِ اللَّهِ أَغْنِيَاءَ عَنْ أَنْ يُشْرِكُوا بِاَللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ سُلْطَانًا. ثُمَّ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتُّوَلَةَ شِرْكٌ، قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذِهِ الرُّقَى وَالتَّمَائِمُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا التُّوَلَةُ، قَال: شَيْءٌ يَصْنَعُهُ النِّسَاءُ يَتَحَبَّبْنَ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ (18) .
فَيَتَعَيَّنُ حَمْل الْوَعِيدِ عَلَى مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ تَعْلِيقِ خَرَزَةٍ يُسَمُّونَهَا تَمِيمَةً أَوْ نَحْوَهَا، يَرَوْنَ أَنَّهَا تَدْفَعُ عَنْهُمُ الآْفَاتِ. وَلاَ شَكَّ أَنَّ اعْتِمَادَ هَذَا جَهْلٌ وَضَلاَلٌ، وَأَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، لأَِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ شِرْكًا فَهُوَ يُؤَدِّي إِلَيْهِ، إِذْ لاَ يَنْفَعُ وَلاَ يَضُرُّ وَلاَ يَمْنَعُ وَلاَ يَدْفَعُ إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ الرُّقَى وَالتَّعَاوِيذُ مَحْمُولَةٌ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ، أَوْ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ لِسَانِ الْعَرَبِ وَلاَ يُدْرَى مَا هِيَ، وَلَعَلَّهُ يَدْخُلُهَا سِحْرٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يُعْرَفُ مَعْنَاهُ، فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ حَرَامٌ، صَرَّحَ بِهِ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَالْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَال فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: لاَ يُرْقَى بِالأَْسْمَاءِ الَّتِي لَمْ يُعْرَفْ مَعْنَاهَا، قَال مَالِكٌ: مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهَا كُفْرٌ؟ (19) .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ النَّفْثِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الرُّقَى وَالتَّعَاوِيذِ، فَمَنَعَهُ قَوْمٌ، وَأَجَازَهُ آخَرُونَ. قَال النَّوَوِيُّ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ، وَاسْتَحَبَّهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ ﵂: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَنْفُثُ فِي الرُّقْيَةِ وَلَفْظُهُ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ؛ لأَِنَّهَا أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْ يَدِي (20) وَأَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ ﵁ أَنَّ يَدَهُ احْتَرَقَتْ، فَأَتَتْ بِهِ أُمُّهُ النَّبِيَّ ﷺ فَجَعَل يَنْفُثُ عَلَيْهَا، وَيَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْهُ (21) . وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الأَْشْعَثِ: ذُهِبَ بِي إِلَى عَائِشَةَ ﵂ وَفِي عَيْنَيَّ سُوءٌ فَرَقَتْنِي وَنَفَثَتْ (22) .
وَاسْتَدَل الآْخَرُونَ: وَهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَعِكْرِمَةُ، وَالْحَكَمُ بِمَا قَال بَعْضُهُمْ: دَخَلْتُ عَلَى الضَّحَّاكِ وَهُوَ وَجِعٌ، فَقُلْتُ: أَلاَ أَعَوِّذُكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ قَال: بَلَى، وَلَكِنْ لاَ تَنْفُثْ، فَعَوَّذْتُهُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ. وَبِمَا قَال ابْنُ جُرَيْجٍ لِعَطَاءٍ: الْقُرْآنُ يَنْفُخُ أَوْ يَنْفُثُ. قَال: لاَ شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ (23) .
وَأَمَّا حُكْمُ النُّشْرَةِ، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَدَا ابْنَ عَبْدِ السَّلاَمِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْل سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَائِشَةَ ﵂، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَالطَّبَرِيِّ وَكَانَتْ عَائِشَةُ ﵂ تَقْرَأُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي إِنَاءٍ، ثُمَّ تَأْمُرُ أَنْ يُصَبَّ عَلَى الْمَرِيضِ.
وَذَهَبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ حَرَامٌ، وَمَنَعَهَا أَيْضًا الْحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَكَذَلِكَ مُجَاهِدٌ لَمْ يَرَ أَنْ تُكْتَبَ آيَاتُ الْقُرْآنِ، ثُمَّ تُغْسَل، ثُمَّ يُسْقَاهُ صَاحِبُ الْفَزَعِ. وَقَال النَّخَعِيُّ: أَخَافُ أَنْ يُصِيبَهُ بَلاَءٌ. لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ النُّشْرَةَ مِنْ عَمَل الشَّيْطَانِ (24) .
وَقِيل: الْمَنْعُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ خَارِجَةً عَمَّا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَعَنِ الْمُدَاوَاةِ الْمَعْرُوفَةِ. وَالنُّشْرَةُ مِنْ جِنْسِ الطِّبِّ، فَهِيَ غُسَالَةُ شَيْءٍ لَهُ فَضْلٌ كَوُضُوءِ رَسُول اللَّهِ ﷺ (25) . وَأَمَّا الرَّتِيمَةُ فَيَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِاخْتِلاَفِ مَعَانِيهَا:
فَحُكْمُ الرَّتِيمَةِ - بِمَعْنَى: أَنَّهَا خَيْطٌ يُرْبَطُ بِأُصْبُعٍ أَوْ خَاتَمٍ لِتُسْتَذْكَرَ بِهِ الْحَاجَةُ - فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهَا لاَ تُكْرَهُ، لأَِنَّهَا تُفْعَل لِحَاجَةٍ فَلَيْسَ بِعَبَثٍ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ التَّذَكُّرُ عِنْدَ النِّسْيَانِ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ (26) ، وَفِي الْمِنَحِ: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لأَِنَّهُ مَحْضُ عَبَثٍ. وَعَلَى هَذَا الْخِلاَفِ: الدُّمْلُجُ، وَهُوَ مَا يَصْنَعُهُ بَعْضُ الرِّجَال فِي الْعَضُدِ وَأَمَّا حُكْمُ الرَّتِيمَةِ - بِمَعْنَى أَنَّهَا خَيْطٌ كَانَ يُرْبَطُ فِي الْعُنُقِ أَوْ فِي الْيَدِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِزَعْمِهِمْ - فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، لأَِنَّهُ مِنْ جِنْسِ التَّمَائِمِ الْمُحَرَّمَةِ، وَذُكِرَ فِي حُدُودِ الإِْيمَانِ أَنَّهُ كُفْرٌ (27)
الْقِسْمُ الثَّانِي:
11 - مَا كَانَ تَعْوِيذًا بِكَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِأَسْمَائِهِ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الاِسْتِرْقَاءَ بِذَلِكَ جَائِزٌ، وَقَال السُّيُوطِيُّ: إِنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِاجْتِمَاعِ ثَلاَثَةِ شُرُوطٍ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ وَهِيَ:
أ - أَنْ يَكُونَ بِكَلاَمِ اللَّهِ أَوْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ.
ب - أَنْ يَكُونَ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَبِمَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ.
ج - أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ التَّعْوِيذَ وَالرُّقْيَةَ لاَ تُؤَثِّرُ بِذَاتِهَا، بَل بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى (28) .
وَقِيل: إِنْ كَانَ مَأْثُورًا فَيُسْتَحَبُّ. وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَفْهُومَ الْمَعْنَى، وَكَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ. وَأَنَّ الرُّقْيَةَ الَّتِي أَمَرَ بِهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ هُوَ مَا يَكُونُ بِقَوَارِعِ الْقُرْآنِ وَبِمَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى. وَمَا نُهِيَ عَنْهُ هُوَ رُقْيَةُ الْعَزَّامِينَ، وَمَنْ يَدَّعِي تَسْخِيرَ الْجِنِّ (29) وَبِالْجَوَازِ قَال أَيْضًا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَآخَرُونَ.
12 - وَاحْتَجَّ الْمُجَوِّزُونَ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا: - مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يُعَوِّذُ نَفْسَهُ (30) . وَرَوَتْ عَائِشَةُ ﵂: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُول: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَأْسَ، وَاشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا (31) .
- وَرَوَى جَابِرٌ ﵁ قَال: نَهَى رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنِ الرُّقَى، فَجَاءَ آل عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَ الْعَقْرَبِ، وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى، قَال: فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ، فَقَال: مَا أَرَى بِهَا بَأْسًا، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَل (32) .
وَقَال الشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ: تُكْرَهُ الرُّقَى، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ اعْتِصَامًا بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَتَوَكُّلاً عَلَيْهِ، وَثِقَةً بِهِ وَانْقِطَاعًا إِلَيْهِ. وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِأَنَّهُ ذَكَرَ أَهْل الْجَنَّةِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَلَمَّا سُئِل مَا صِفَتُهُمْ قَال: هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (33) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ:
13 - مَا كَانَ بِأَسْمَاءِ غَيْرِ اللَّهِ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ أَوْ مِنْ مُعَظَّمٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ كَالْعَرْشِ. فَصَرَّحَ الشَّوْكَانِيُّ: بِأَنَّهُ يُكْرَهُ مِنَ الرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ خَاصَّةً، لِيَكُونَ بَرِيئًا مِنْ شَوْبِ الشِّرْكِ قَال: وَعَلَى كَرَاهَةِ الرُّقَى بِغَيْرِ الْقُرْآنِ عُلَمَاءُ الأُْمَّةِ. وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا لَيْسَ مِنَ الْوَاجِبِ اجْتِنَابُهُ وَلاَ مِنَ الْمَشْرُوعِ الَّذِي يَتَضَمَّنُ الاِلْتِجَاءَ إِلَى اللَّهِ وَالتَّبَرُّكَ بِأَسْمَائِهِ، فَيَكُونُ تَرْكُهُ أَوْلَى، إِلاَّ أَنْ يَتَضَمَّنَ تَعْظِيمَ الْمَرْقِيِّ بِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ كَالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ (34) .
الْغَرَضُ مِنَ اتِّخَاذِ التَّعَاوِيذِ:
أَوَّلاً: الاِسْتِشْفَاءُ:
أ - الاِسْتِشْفَاءُ بِالْقُرْآنِ:
14 - الأَْصْل فِي هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {وَنُنَزِّل مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا} (35)
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَوْنِ الْقُرْآنِ شِفَاءً عَلَى قَوْلَيْنِ (36) :
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لاَ يُشْرَعُ الاِسْتِشْفَاءُ بِهِ مِنَ الأَْمْرَاضِ الْبَدَنِيَّةِ، بَل هُوَ شِفَاءٌ لِلْقُلُوبِ، بِزَوَال الْجَهْل عَنْهَا وَإِزَالَةِ الرَّيْبِ، وَلِكَشْفِ غِطَاءِ الْقَلْبِ مِنْ مَرَضِ الْجَهْل لِفَهْمِ الْمُعْجِزَاتِ، وَالأُْمُورِ الدَّالَّةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} (37) .
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ شِفَاءٌ أَيْضًا مِنَ الأَْمْرَاضِ بِالرُّقْيَةِ وَالتَّعَوُّذِ وَنَحْوِهِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (38) ، فَجَوَّزُوا الاِسْتِشْفَاءَ بِالْقُرْآنِ: بِأَنْ يُقْرَأَ عَلَى الْمَرِيضِ، أَوِ الْمَلْدُوغِ الْفَاتِحَةُ، وَيَتَحَرَّى مَا يُنَاسِبُ، وَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ شِفَاءً عَلَى أَنَّ {مِنْ} فِي قَوْله تَعَالَى {وَنُنَزِّل مِنَ الْقُرْآنِ} (39) لِلْبَيَانِ. وَفِي الْخَبَرِ مَنْ لَمْ يَسْتَشْفِ بِالْقُرْآنِ فَلاَ شَفَاهُ اللَّهُ (40) .
وَلِمَا رَوَى الأَْئِمَّةُ، وَاللَّفْظُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ قَال: بَعَثَنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي سَرِيَّةٍ ثَلاَثِينَ رَاكِبًا، قَال فَنَزَلْنَا عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْعَرَبِ، فَسَأَلْنَاهُمْ أَنْ يُضَيِّفُونَا، فَأَبَوْا، فَلُدِغَ سَيِّدُ الْحَيِّ. فَأَتَوْا فَقَالُوا: فِيكُمْ أَحَدٌ يَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ؟ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ قَتَّةَ: إِنَّ الْمَلِكَ يَمُوتُ. قَال: قُلْتُ أَنَا: نَعَمْ، وَلَكِنْ لاَ أَفْعَل حَتَّى تُعْطُونَا. فَقَالُوا: فَإِنَّا نُعْطِيكُمْ ثَلاَثِينَ شَاةً، قَال: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} سَبْعَ مَرَّاتٍ فَبَرَأَ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَأَفَاقَ وَبَرَأَ. فَبَعَثَ إِلَيْنَا بِالنُّزُل، وَبَعَثَ إِلَيْنَا بِالشَّاءِ، فَأَكَلْنَا الطَّعَامَ أَنَا وَأَصْحَابِي، وَأَبَوْا أَنْ يَأْكُلُوا مِنَ الْغَنَمِ، حَتَّى أَتَيْنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، فَقَال: وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ. شَيْءٌ أُلْقِيَ فِي رَوْعِي، قَال: كُلُوا وَأَطْعِمُونَا مِنَ الْغَنَمِ (41) .
قَال ابْنُ حَجَرٍ (42) : فَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَكْرَهُ عَشْرَ خِصَالٍ، (43) فَذَكَرَ فِيهَا الرُّقَى إِلاَّ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ قَال الْبُخَارِيُّ: لاَ يَصِحُّ حَدِيثُهُ، وَقَال الطَّبَرِيُّ لاَ يُحْتَجُّ بِهَذَا الْخَبَرِ لِجَهَالَةِ رَاوِيهِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِالإِْذْنِ فِي الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَأَشَارَ الْمُهَلَّبُ إِلَى الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ فِي الْفَاتِحَةِ مَعْنَى الاِسْتِعَاذَةِ، وَهُوَ الاِسْتِعَانَةُ، فَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ الْجَوَازُ بِمَا يَشْتَمِل عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ﵁ كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجَانِّ وَعَيْنِ الإِْنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَاتُ، فَأَخَذَ بِهَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهَا (44) .
وَهَذَا لاَ يَدُل عَلَى الْمَنْعِ مِنَ التَّعَوُّذِ بِغَيْرِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ، بَل يَدُل عَلَى الأَْوْلَوِيَّةِ، وَلاَ سِيَّمَا مَعَ ثُبُوتِ التَّعَوُّذِ بِغَيْرِهِمَا، وَإِنَّمَا اجْتَزَأَ بِهِمَا لِمَا اشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنْ جَوَامِعِ الاِسْتِعَاذَةِ مِنْ كُل مَكْرُوهٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلاً.
ثُمَّ قَال ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَئِذٍ: لاَ يَلْزَمُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ أَنْ يُشْرَعَ بِغَيْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ، لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ فِي الْمُعَوِّذَاتِ سِرٌّ لَيْسَ فِي غَيْرِهَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ﵁ أَنَّهُ ﷺ تَرَكَ مَا عَدَا الْمُعَوِّذَاتِ، لَكِنْ ثَبَتَتِ الرُّقْيَةُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَدَل عَلَى أَنْ لاَ اخْتِصَاصَ لِلْمُعَوِّذَاتِ، وَفِي الْفَاتِحَةِ مِنْ مَعْنَى الاِسْتِعَاذَةِ بِاَللَّهِ الاِسْتِعَانَةُ بِهِ، فَمَهْمَا كَانَ فِيهِ اسْتِعَاذَةٌ أَوِ اسْتِعَانَةٌ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ - أَوْ مَا يُعْطِي مَعْنَى ذَلِكَ - فَالاِسْتِرْقَاءُ بِهِ مَشْرُوعٌ. وَيُجَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ: أَنَّهُ تَرَكَ مَا كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِ مِنَ الْكَلاَمِ غَيْرَ الْقُرْآنِ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِتَبْوِيبِ الْبُخَارِيِّ بِعِنْوَانِ (الرُّقَى بِالْقُرْآنِ) بَعْضَهُ، فَإِنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ يَصْدُقُ عَلَى بَعْضِهِ، وَالْمُرَادُ مَا كَانَ فِيهِ الْتِجَاءٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمُعَوِّذَاتُ. وَقَدْ ثَبَتَتِ الاِسْتِعَاذَةُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ كَمَا مَضَى. قَال ابْنُ بَطَّالٍ: فِي الْمُعَوِّذَاتِ جَوَامِعُ مِنَ الدُّعَاءِ تَعُمُّ أَكْثَرَ الْمَكْرُوهَاتِ مِنَ السِّحْرِ وَالْحَسَدِ وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَوَسْوَسَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَكْتَفِي بِهَا.
ب -
الاِسْتِشْفَاءُ بِالأَْدْعِيَةِ الْمُنَاسِبَةِ وَالأَْذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ:
15 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الاِسْتِشْفَاءِ بِالأَْدْعِيَةِ وَالأَْذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُعَوِّذُ أَهْل بَيْتِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، وَيَقُول: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَأْسَ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا (45) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ﵁ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ: ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُل: بِسْمِ اللَّهِ ثَلاَثًا، وَقُل سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ (46) ثَانِيًا: اسْتِمَالَةُ الزَّوْجِ:
16 - مَا يُسْتَخْدَمُ لِتَحْبِيبِ الزَّوْجَةِ أَوِ الزَّوْجِ يُسَمَّى " تُوَلَةً " كَمَا سَبَقَ (ف - 5) .
صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ: أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ لاَ يَحِل (47) ، وَعَلَّل ابْنُ وَهْبَانَ بِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ السِّحْرِ، وَالسِّحْرُ حَرَامٌ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ مُجَرَّدَ كِتَابَةِ آيَاتٍ، بَل فِيهِ شَيْءٌ زَائِدٌ، كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتُّوَلَةَ شِرْكٌ (48) . وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: امْرَأَةٌ أَرَادَتْ أَنْ تَضَعَ تَعْوِيذًا لِيُحِبَّهَا زَوْجُهَا، أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ لاَ يَحِل (49) .
وَأَمَّا مَا تَتَحَبَّبُ بِهِ الْمَرْأَةُ إِلَى زَوْجِهَا مِنْ كَلاَمٍ مُبَاحٍ أَوْ مَا تَلْبَسُهُ لِلزِّينَةِ، أَوْ تُطْعِمُهُ مِنْ عَقَارٍ مُبَاحٍ أَكْلُهُ، أَوْ أَجْزَاءِ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ مِمَّا يُعْتَقَدُ أَنَّهُ سَبَبٌ إِلَى مَحَبَّةِ زَوْجِهَا، لِمَا أَوْدَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا مِنَ الْخَوَاصِّ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ. لاَ أَنَّهُ يَفْعَل بِذَاتِهِ. فَقَال ابْنُ رَسْلاَنَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ، لاَ أَعْرِفُ الآْنَ مَا يَمْنَعُهُ فِي الشَّرْعِ (50) . ثَالِثًا: دَفْعُ ضَرَرِ الْعَيْنِ:
الْكَلاَمُ هُنَا فِي مَوَاضِعَ:
أ - الإِْصَابَةُ بِالْعَيْنِ:
17 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الإِْصَابَةَ بِالْعَيْنِ ثَابِتَةٌ مَوْجُودَةٌ، وَلَهَا تَأْثِيرٌ فِي النُّفُوسِ، وَتُصِيبُ الْمَال، وَالآْدَمِيَّ، وَالْحَيَوَانَ (51) .
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ رَفَعَهُ الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا (52) .
وَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: الْعَيْنُ حَقٌّ. وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ (53) .
وَأَنْكَرَ طَائِفَةٌ مِنَ الطَّبَائِعِيِّينَ وَطَوَائِفُ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ الْعَيْنَ لِغَيْرِ مَعْنًى، وَأَنَّهُ لاَ شَيْءَ إِلاَّ مَا تُدْرِكُهُ الْحَوَاسُّ الْخَمْسُ وَمَا عَدَاهَا فَلاَ حَقِيقَةَ لَهُ. وَالدَّلِيل عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ: أَنَّهُ أَمْرٌ مُمْكِنٌ، وَالشَّرْعُ أَخْبَرَ بِوُقُوعِهِ فَلاَ يَجُوزُ رَدُّهُ (54) . ب - الْوِقَايَةُ مِنَ الْعَيْنِ:
ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ لِلْوِقَايَةِ مِنَ الْعَيْنِ الطُّرُقَ الآْتِيَةَ:
أ - قِرَاءَةُ بَعْضِ الأَْدْعِيَةِ وَالأَْذْكَارِ مِنْ قِبَل الْعَائِنِ:
18 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ قِرَاءَةَ بَعْضِ الأَْدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ، وَالآْيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ تَدْفَعُ ضَرَرَ الْعَيْنِ، كَمَا رَوَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ ﵁: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَخِيهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ، فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ (55) ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ لاَ تَضُرُّ، وَلاَ تَعْدُو إِذَا بَرَّكَ الْعَائِنُ، فَالْمَشْرُوعُ عَلَى كُل مَنْ أَعْجَبَهُ شَيْءٌ أَنْ يُبَرِّكَ، فَإِنَّهُ إِذَا دَعَا بِالْبَرَكَةِ صَرَفَ الْمَحْذُورَ لاَ مَحَالَةَ، وَالتَّبَرُّكُ أَنْ يَقُول: تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ. وَقَال النَّوَوِيُّ يُسْتَحَبُّ لِلْعَائِنِ أَنْ يَدْعُوَ لِمُعَيَّنٍ بِالْبَرَكَةِ، فَيُقَال: اللَّهُمَّ بَارِكْ وَلاَ تَضُرَّهُ.
وَيَقُول: مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاَللَّهِ (56) .
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ ﵁ رَفَعَهُ: مَنْ رَأَى شَيْئًا فَأَعْجَبَهُ، فَقَال: مَا شَاءَ اللَّهُ، لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاَللَّهِ لَمْ يَضُرُّهُ (57) . ب - الاِسْتِرْقَاءُ مِنَ الْعَيْنِ:
19 - رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ: إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ تَسْرُعُ إِلَيْهِمُ الْعَيْنُ، أَوَنَسْتَرْقِي لَهُمْ؟ قَال: نَعَمْ (58) الْحَدِيثَ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ أَنَّهُ ﷺ قَال لأَِسْمَاءِ: مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً؟ أَتُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ؟ قَالَتْ: لاَ، وَلَكِنَّ الْعَيْنَ تَسْرُعُ إِلَيْهِمْ، قَال ارْقِيهِمْ، قَالَتْ: فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: ارْقِيهِمْ (59) .
ج - الاِسْتِشْفَاءُ مِنْ إِصَابَةِ الْعَيْنِ:
20 - صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِوُجُوبِ الاِغْتِسَال لِلاِسْتِشْفَاءِ مِنْ إِصَابَةِ الْعَيْنِ، فَيُؤْمَرُ الْعَائِنُ بِالاِغْتِسَال، وَيُجْبَرُ إِنْ أَبَى، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَغْتَسِل مِنْهُ الْمُعْيَنُ (60) . وَالأَْمْرُ حَقِيقَةٌ لِلْوُجُوبِ، وَلاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ أَخَاهُ مِمَّا يَنْتَقِعُ بِهِ، وَلاَ يَضُرُّهُ هُوَ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ هُوَ الْجَانِي عَلَيْهِ (61) .
د - الْمَعْرُوفُ بِالإِْصَابَةِ بِالْعَيْنِ وَمَا عَلَيْهِ:
21 - نَقَل ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، أَنَّهُ يَنْبَغِي إِذَا عُرِفَ وَاحِدٌ بِالإِْصَابَةِ بِالْعَيْنِ أَنْ يُجْتَنَبَ وَيُحْتَرَزَ مِنْهُ، وَيَنْبَغِي لِلإِْمَامِ مَنْعُهُ مِنْ مُدَاخَلَةِ النَّاسِ، وَيُلْزِمَهُ بَيْتَهُ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا رَزَقَهُ مَا يَكْفِيهِ، فَضَرَرُهُ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ آكِل الثُّومِ وَالْبَصَل الَّذِي مَنَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ دُخُول الْمَسْجِدِ لِئَلاَّ يُؤْذِيَ النَّاسَ، وَمِنْ ضَرَرِ الْمَجْذُومِ الَّذِي مَنَعَهُ عُمَرُ ﵁. وَقَال النَّوَوِيُّ: هَذَا الْقَوْل صَحِيحٌ مُتَعَيَّنٌ، لاَ يُعْرَفُ عَنْ غَيْرِهِ تَصْرِيحٌ بِخِلاَفِهِ (62)
رَابِعًا: دَفْعُ الْبَلاَءِ:
22 - كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ يُعَلِّقُونَ التَّمَائِمَ وَالْقَلاَئِدَ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهَا تَقِيهِمْ وَتَصْرِفُ عَنْهُمُ الْبَلاَءَ، فَأَبْطَلَهَا الإِْسْلاَمُ (63) ، وَنَهَاهُمْ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَمَّا كَانُوا يَصْنَعُونَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ بِقَوْلِهِ: مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلاَ أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً فَلاَ وَدَعَ اللَّهُ لَهُ (64) وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لاَ يَصْرِفُهُ إِلاَّ اللَّهُ ﷿، وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُعَافِي وَالْمُبْتَلِي.
أ - تَعْلِيقُ التَّعْوِيذَاتِ عَلَى الإِْنْسَانِ:
23 - إِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ خَرَزًا أَوْ خُيُوطًا أَوْ عِظَامًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَذَلِكَ حَرَامٌ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِّل إِلَيْهِ (65) . وَلِحَدِيثِ: أَنَّهُ ﷺ أَبْصَرَ عَلَى عَضُدِ رَجُلٍ حَلْقَةً - أَرَاهُ قَال مِنْ صُفْرٍ - فَقَال: وَيْحَكَ مَا هَذِهِ؟ قَال: مِنَ الْوَاهِنَةِ. قَال أَمَّا إِنَّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاَّ وَهْنًا، انْبِذْهَا عَنْكَ فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا (66) .
وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ شَيْئًا مِمَّا كُتِبَ فِيهِ الرُّقَى الْمَجْهُولَةُ وَالتَّعَوُّذَاتُ الْمَمْنُوعَةُ فَذَلِكَ حَرَامٌ أَيْضًا. لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلاَ أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلاَ وَدَعَ اللَّهُ لَهُ (67) .
وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ شَيْئًا كُتِبَ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا يَجُوزُ الاِسْتِرْقَاءُ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ أَوِ الأَْدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ:
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجُوزُ ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﵁، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ وَبِهِ قَال أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ. وَحَمَلُوا حَدِيثَ النَّهْيِ عَنِ التَّمَائِمِ عَلَى مَا فِيهِ شِرْكٌ وَنَحْوُهُ مِنَ الرُّقَى الْمَمْنُوعَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَبِهِ قَال ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْل حُذَيْفَةَ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَابْنِ حَكِيمٍ ﵃، وَبِهِ قَال جَمْعٌ مِنَ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ أَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَال إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: كَانُوا - يَعْنِي أَصْحَابَ ابْنِ مَسْعُودٍ - يَكْرَهُونَ التَّمَائِمَ كُلَّهَا، مِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ. وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنِ التَّمَائِمِ، وَلِسَدِّ الذَّرِيعَةِ؛ لأَِنَّ تَعْلِيقَهُ يُفْضِي إِلَى تَعْلِيقِ غَيْرِهِ، وَلأَِنَّهُ إِذَا عُلِّقَ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَمْتَهِنَهُ الْمُعَلِّقُ، بِحَمْلِهِ مَعَهُ فِي حَال قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالاِسْتِنْجَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (68) . وَاَلَّذِينَ ذَهَبُوا مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى جَوَازِ تَعْلِيقِ التَّعْوِيذِ اشْتَرَطُوا مَا يَلِي:
(69) أَنْ يَكُونَ فِي قَصَبَةٍ أَوْ رُقْعَةٍ يُخْرَزُ فِيهَا.
(70) أَنْ يَكُونَ الْمَكْتُوبُ قُرْآنًا، أَوْ أَدْعِيَةً مَأْثُورَةً.
(71) أَنْ يَتْرُكَ حَمْلَهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ أَوِ الْغَائِطِ.
(72) أَلاَّ يَكُونَ لِدَفْعِ الْبَلاَءِ قَبْل وُقُوعِهِ، وَلاَ لِدَفْعِ الْعَيْنِ قَبْل أَنْ يُصَابَ، قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: مَا تَعَلَّقَ بَعْدَ نُزُول الْبَلاَءِ فَلَيْسَ مِنَ التَّمَائِمِ (69) .
ب - تَعْلِيقُ التَّعْوِيذَاتِ عَلَى الْحَيَوَانِ:
24 - وَأَمَّا تَعْلِيقُ التَّعْوِيذِ عَلَى الْحَيَوَانِ فَلاَ يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ طَاهِرًا، فَيُكْرَهُ لأَِنَّهُ فِعْلٌ غَيْرُ مَأْثُورٍ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ الاِمْتِهَانِ وَمُلاَبَسَةِ الأَْنْجَاسِ وَالأَْقْذَارِ، وَهَذَا بِخِلاَفِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِهِمْ فَلَهُمْ مَنْ يَصُونُهُمْ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَ الْحَيَوَانُ نَجِسًا كَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ فَلاَ إِشْكَال فِي التَّحْرِيمِ (70)
تَعْلِيقُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ التَّعَاوِيذَ:
25 - ذَهَبَ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ تَعْلِيقِ التَّعَاوِيذِ إِلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِتَعْلِيقِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ التَّعَاوِيذَ أَوْ بِشَدِّهَا عَلَى الْعَضُدِ إِذَا كَانَتْ مَلْفُوفَةً، أَوْ خُرِزَ عَلَيْهَا أَدِيمٌ (75) .
رُقْيَةُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ وَعَكْسُهُ:
أ - رُقْيَةُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ.
26 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ رُقْيَةِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ إِلَى: جَوَازِ رُقْيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ لِلْمُسْلِمِ إِذَا رَقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِذِكْرِ اللَّهِ. لِمَا رُوِيَ فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ دَخَل عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَهِيَ تَشْتَكِي، وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ. (76) قَال الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَل - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ " بِكِتَابِ اللَّهِ " أَيْ " بِذِكْرِ اللَّهِ ﷿ " أَوْ رُقْيَةً مُوَافِقَةً لِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَيُعْلَمُ صِحَّةُ ذَلِكَ بِأَنْ تُظْهِرَ رُقْيَتَهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُوَافِقَةً لِكِتَابِ اللَّهِ أَمَرَ بِهَا (77) .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: أَكْرَهُ رُقَى أَهْل الْكِتَابِ، وَلاَ أُحِبُّهُ، لأَِنَّنَا لاَ نَعْلَمُ هَل يَرْقُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ، أَوْ بِالْمَكْرُوهِ الَّذِي يُضَاهِي السِّحْرَ (78) .
ب - رُقْيَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ:
27 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ رُقْيَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ (ف - 14) وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل أَنَّ الْحَيَّ - الَّذِي نَزَلُوا عَلَيْهِمْ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ - كَانُوا كُفَّارًا، وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ عَلَيْهِ (79) .
أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَى التَّعَاوِيذِ وَالرُّقَى:
28 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ أَخْذِ الأُْجْرَةِ عَلَى التَّعَاوِيذِ وَالرُّقَى، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ، وَأَبُو قِلاَبَةَ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ (ف - 14) وَاسْتَدَل الطَّحَاوِيُّ لِلْجَوَازِ وَقَال: يَجُوزُ أَخْذُ الأَْجْرِ عَلَى الرُّقَى، لأَِنَّهُ لَيْسَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَرْقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ تَبْلِيغًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى. وَكَرِهَ الزُّهْرِيُّ أَخْذَ الأُْجْرَةِ عَلَى الْقُرْآنِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ لِلرُّقْيَةِ (80) .
__________
(1) مختار الصحاح، وتاج العروس، ومتن اللغة، المفردات للراغب الأصفهاني.
(2) سورة القيامة / 27.
(3) مختار الصحاح، وتاج العروس، والمفردات للراغب الأصفهاني: مادة: " رقي " وعمدة القاري 10 / 165، 185.
(4) حاشية العدوي على شرح الرسالة 1 / 452 ط دار المعرفة.
(5) حديث: " من تعلق تميمة فلا أتم الله له. . . " أخرجه أحمد (4 / 154 ط الميمنية) وفي إسناده جهالة. (تعجيل المنفعة ص 114 نشر دار الكتاب العربي) .
(6) شرح منتهى الإرادات 1 / 320، وكشاف القناع 2 / 77، والقرطبي 10 / 320، ونيل الأوطار 8 / 312، والمغرب للمطرزي مادة: " تمم ".
(7) القوانين الفقهية لابن جزي ص 452، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 1 / 95، الشرح الصغير 4 / 749 ونهاية المحتاج 1 / 125، وأسنى المطالب 1 / 61.
(8) حديث: " من علق ودعة فلا ودع الله له. . . " أخرجه (أحمد 4 / 154 ط الميمنية) وفي إسناده جهالة. " تعجيل المنفعة ص 114 نشر دار الكتاب العربي) .
(9) مختار الصحاح مادة: " ودع "، والقرطبي 10 / 320، والآداب الشرعية 3 / 76.
(10) تفسير القرطبي 10 / 320.
(11) القاموس، والمغرب للمطرزي، وابن عابدين 5 / 275، 276، والآداب الشرعية 3 / 75.
(12) ابن عابدين 5 / 275، 276، ونيل الأوطار 8 / 312، والدين الخالص 3 / 238، والآداب الشرعية 3 / 75.
(13) نيل الأوطار 8 / 212، وعمدة القاري 10 / 184.
(14) القاموس المحيط، ولسان العرب مادة: " نشر " والنهاية لابن الأثير 3 / 636
(15) حديث: " فلعل طبا أصابه، ويعني سحرا. . . " أورده ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة: " طبب " وهو في لسان العرب أيضا، ولم نعثر عليه في كتب السنة.
(16) ابن عابدين 5 / 232، وشرح منتهى الإرادات 1 / 320 ـ 321، المفردات للراغب الأصفهاني مادة: " نشر " والآداب الشرعية 3 / 73، وتفسير القرطبي 10 / 318.
(17) مختار الصحاح مادة: " رتم "، وابن عابدين 5 / 232.
(18) حديث: " إن الرقي والتمائم والتولة شرك. . . " أخرجه الحاكم (4 / 217 ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(19) ابن عابدين 5 / 232، والشرح الصغير 4 / 769، والفتاوى الحديثية ص 120، والإنصاف 10 / 352، وكشاف القناع 6 / 186، وعمدة القاري 5 / 653، والقرطبي 20 / 258، والزواجر 1 / 155، ونيل الأوطار 8 / 214، والدين الخالص 2 / 232، 234.
(20) حديث: " كان إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 206ط السلفية، ومسلم (4 / 1722ط الحلبي) .
(21) حديث محمد بن حاطب أن يده احترقت، " فأتت به أمه النبي ﷺ فجعل. . . " أخرجه (أحمد 4 / 259 ط الميمنية) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5 / 112 ط القدسي) : رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح.
(22) نيل الأوطار 8 / 212، وتفسير القرطبي 10 / 318، و20 / 258، والأذكار ص 120.
(23) القرطبي 20 / 258.
(24) حديث: " النشرة من عمل الشيطان. . . " أخرجه أبو داود لفظ: " سئل رسول الله ﷺ عن النشرة فقال: هو من عمل الشيطان " (سنن أبي داود 4 / 201 تحقيق عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في الفتح (10 / 233 ط السلفية) .
(25) ابن عابدين 5 / 232، 233، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 1 / 95، وشرح منتهى الإرادات 1 / 320، 321، وتفسير القرطبي 10 / 318 ـ 319.
(26) حديث: " أمر بعض أصحابه بربط الخيط للتذكر عند النسيان " قال الزيلعي: غريب، وفيه أحاديث عن النبي ﷺ نفسه " أنه كان يربط في أصبعه خيطا ليذكر به الحاجة " ثم ذكرها وبين عللها وليس فيها شيء يحتج به. " (نصب الراية 4 / 238 ط المجلس العلمي) وكذا ذكرها السيوطي في اللآلئ (2 / 282 ـ 283 نشر المعرفة) .
(27) ابن عابدين 5 / 232، وفتح القدير 8 / 459.
(28) ابن عابدين 5 / 232، وعمدة القارئ 5 / 654، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 453، الشرح الصغير 4 / 768، والفتاوى الحديثية ص 121، وروضة الطالبين 2 / 263، والمغني 2 / 449، ونيل الأوطار 8 / 215، والدين الخالص 2 / 235.
(29) نيل الأوطار 8 / 212 ـ 214. والدين الخالص 2 / 235، وعمدة القارئ 10 / 187 ـ 191، والزواجر 1 / 155، والأذكار ص 123 ط الحلبي.
(30) حديث: " كان يعوذ نفسه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 125 ط السلفية) .
(31) حديث: " روت عائشة أن النبي ﷺ كان يعوذ بعض أهله " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 206 ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1722 ط الحلبي) .
(32) حديث: " ما أرى بها بأسا، فمن استطاع منكم. . " رواه مسلم (4 / 1726 ـ 1727 ط الحلبي) .
(33) حديث: " ذكر رسول الله ﷺ أهل الجنة الذين. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 211 ـ السلفية) من حديث ابن عباس ﵄، وأخرجه مسلم (1 / 198 ط عيسى الحلبي) من حديث عمران بن حصين ﵁.
(34) عمدة القاري 5 / 653، 654، ونيل الأوطار 8 / 215، والشرح الصغير 4 / 768.
(35) سورة الإسراء / 82.
(36) القرطبي 10 / 316.
(37) سورة يونس / 57.
(38) ابن عابدين 5 / 232، والشرح الصغير 4 / 768، وكشاف القناع 2 / 81، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 1 / 95 ط دار المعرفة، ونيل الأوطار 8 / 212، 215، وتفسير القرطبي 10 / 316.
(39) سورة الإسراء / 82.
(40) حديث: " من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله " عزاه صاحب كنز العمال إلى الدارقطني في الأفراد من حديث أبي هريرة (كنز العمال 10 / 9 ط الرسالة) .
(41) تفسير القرطبي 10 / 315، 316، والشرح الصغير 4 / 768، ونيل الأوطار 8 / 215، والأذكار / 119 ط الحلبي. وحديث " أبي سعيد الخدري ﵁ قال: بعثنا رسول الله ﷺ. . " أخرجه الدارقطني (3 / 94 ط دار المحاسن) وأصله في صحيح البخاري (الفتح 10 / 453 ط السلفية) .
(42) فتح الباري 10 / 195 - 197.
(43) حديث ابن مسعود ﵁: " كان يكره عشر خصال. . . " أخرجه أحمد (1 / 380 ط الميمنية) وأبو داود (4 / 427 ـ 428 تحقيق عزت عبيد دعاس) وضعفه ابن حجر كما في الفتح (10 / 195 ط السلفية) واستنكره الذهبي كما في الميزان (2 / 556 ط الحلبي) .
(44) حديث أبي سعيد ﵁: كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان. . " أخرجه الترمذي (4 / 395 ط الحلبي) وحسنه.
(45) حديث عائشة ﵄: " كان يتعوذ بعض أهل بيته ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 206 ط السلفية) .
(46) حديث عثمان بن أبي العاص ﵁: " ضع يدك على الذي تألم. . " أخرجه مسلم (4 / 1728 ط الحلبي) .
(47) ابن عابدين 1 / 31و 5 / 232.
(48) الحديث تقدم تخريجه ف / 10.
(49) ابن عابدين 1 / 31، 5 / 232.
(50) نيل الأوطار 8 / 212، والآداب الشرعية 3 / 75، والدين الخالص 3 / 238.
(51) ابن عابدين 5 / 232، 233، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 452، وروضة الطالبين 9 / 348، وعمدة القاري 10 / 188، 189، ونيل الأوطار 8 / 219.
(52) حديث: " العين حق، ولو كان شيء سابق القدر. . " أخرجه مسلم (4 / 1719 ط الحلبي) .
(53) حديث: " العين حق ونهى عن الوشم ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 203 ط السلفية) من حديث أبي هريرة ﵁.
(54) عمدة القاري 10 / 189، ونيل الأوطار 8 / 216.
(55) حديث: " إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه شيئا يعجبه. . " أخرجه الحاكم (4 / 214 ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(56) عمدة القاري 10 / 189، وابن عابدين 5 / 232، وروضة الطالبين 9 / 348، ونيل الأوطار 8 / 216، 217، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 452.
(57) حديث: " من رأى شيئا فأعجبه فقال: " ما شاء الله. . . " أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 58 ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده راو ضعيف كما في ميزان الاعتدال للذهبي (4 / 496 ط الحلبي) .
(58) حديث أسماء بنت عميس ﵁. أخرجه الترمذي (4 / 395 ط الحلبي) وصححه. وانظر عمدة القاري 10 / 189، وحاشية العدوي 2 / 451، ونيل الأوطار 8 / 214.
(59) حديث جابر بن عبد الله ﵄. أخرجه مسلم (4 / 1726 ط الحلبي) . وانظر فتح الباري 10 / 201، وزاد المعاد 4 / 162.
(60) حديث: عن عائشة ﵂: " كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين " أخرجه أبو داود (4 / 210 تحقيق عزت عبيد دعاس) قال الشوكاني: ورجال إسناده ثقات. (نيل الأوطار 8 / 216 ط المطبعة العثمانية المصرية) .
(61) ابن عابدين 5 / 233، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 452، وروضة الطالبين 9 / 248، ونيل الأوطار 8 / 216.
(62) ابن عابدين 5 / 233، وعمدة القاري 10 / 189، ونيل الأوطار 8 / 217.
(63) روضة الطالبين 9 / 348، وعمدة القاري 10 / 189، ونيل الأوطار 8 / 217.
(64) حديث: " من تعلق تميمة. . " أخرجه أحمد (4 / 154 ط الميمنية في إسناده جهالة (تعجيل المنفعة ص 114 نشر دار الكتاب العربي) .
(65) حديث: " من تعلق شيئا وكل إليه " أخرجه أحمد (4 / 310 ط الميمنية) من حديث عبد الله بن حكيم ﵁ مرسلا. وأخرجه النسائي (7 / 112 ط المكتبة التجارية) من حديث أبي هريرة ﵁، وإسناداهما يقوي أحدهما الآخر. وحسنه ابن مفلح في الآداب الشرعية (3 / 78 ط المنار) .
(66) حديث: " أنه ﷺ أبصر على عضد رجل حلقة. . . " أخرجه أحمد (4 / 445 ط الميمنية) وأعل ابن حجر إسناده في التهذيب (10 / 29 ط دائرة المعارف العثمانية) .
(67) حديث: " من تعلق تميمة. . . " سبق تخريجه ف / 22.
(68) الدين الخاص لصديق حسن خان 2 / 236 مطبعة المدني بالقاهرة، ونصاب الاحتساب ص 252 الباب 31.
(69) تفسير القرطبي 10 / 319، 320، 20 / 258.
(70) الآداب الشرعية 3 / 71.
(71)
(72)
(73) تفسير القرطبي 10 / 319، 320، 20 / 258.
(74) الآداب الشرعية 3 / 71.
(75) ابن عابدين 5 / 232، والشرح الصغير 4 / 769، وحاشية العدوي 2 / 451، وأسنى المطالب 1 / 61، ونهاية المحتاج 1 / 127، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 1 / 95، وكشاف القناع 1 / 135.
(76) الأثر: " دخل أبو بكر على عائشة وهي تشتكي. . . " أخرجه مالك في الموطأ (2 / 943 ط الحلبي) وإسناده صحيح.
(77) المنتقي 7 / 261.
(78) عمدة القاري 10 / 185.
(79) الشرح الصغير 4 / 769، وتفسير القرطبي 10 / 317، وعمدة القاري 5 / 649.
(80) عمدة القاري 5 / 647، 649، والشرح الصغير 4 / 769.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 21/ 13
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".