المولى
كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...
التَّعْرِيفُ:
1 - النَّحْرُ فِي اللُّغَةِ مِنْ نَحَرَ يَنْحَرُ نَحْرًا: أَصَابَ نَحْرَهُ، وَنَحَرَ الْبَعِيرَ يَنْحَرُهُ نَحْرًا: طَعَنَهُ فِي مَنْحَرِهِ حَيْثُ يَبْدُو الْحُلْقُومُ مِنْ أَعْلَى الصَّدْرِ (1) ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَصَل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، قَال الْبَرْكَتِيُّ: هُوَ قَطْعُ عُرُوقِ الإِْبِل الْكَائِنَةِ فِي أَسْفَل عُنُقِهَا عِنْدَ صُدُورِهَا (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْعَقْرُ:
2 - الْعَقْرُ فِي اللُّغَةِ: ضَرْبُ قَوَائِمِ الْبَعِيرِ أَوِ الشَّاةِ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ الْعَرَبُ فِي الْقَتْل وَالإِْهْلاَكِ وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي النَّحْرِ خَاصَّةً. وَاسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ بِمَعْنَى الإِْصَابَةِ الْقَاتِلَةِ لِلْحَيَوَانِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ بَدَنِهِ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (4) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النَّحْرِ وَالْعَقْرِ، أَنَّ الْعَقْرَ أَعَمُّ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنَّحْرِ:
أ - صِفَةُ الذَّكَاةِ بِالنَّحْرِ:
3 - مِنْ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ النَّحْرُ، وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُنْحَرَ الْبَعِيرُ وَيُذْبَحَ مَا سِوَاهُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: فَصَل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، وَقَال اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً (5) قَال مُجَاهِدٌ: أُمِرْنَا بِالنَّحْرِ وَأُمِرَ بَنُو إِسْرَائِيل بِالذَّبْحِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ بُعِثَ فِي قَوْمٍ مَاشِيَتُهُمُ الإِْبِل فَسَنَّ النَّحْرَ، وَكَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيل مَاشِيَتُهُمْ الْبَقَرُ فَأُمِرُوا بِالذَّبْحِ (6) ، وَثَبَتَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَحَرَ بَدَنَةً وَضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ (7) .
وَأَوْجَبَ الْمَالِكِيَّةُ نَحْرَ الإِْبِل (ر: ذَبَائِح ف 11) . ب - ذَبْحُ مَا يُنْحَرُ أَوْ نَحْرُ مَا يُذْبَحُ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ ذُبِحَ مَا يُنْحَرُ أَوْ نُحِرَ مَا يُذْبَحُ حَل الْمَذْبُوحُ لِقَوْل عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَحَرَ عَنْ آل مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً وَاحِدَةً (8) ، وَلأَِنَّهُ ذَكَاةٌ فِي مَحَل الذَّكَاةِ فَجَازَ أَكْلُهُ كَالْحَيَوَانِ الآْخَرِ (9) ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: أَمْرِرِ الدَّمَ بِمَا شِئْتَ (10) ، وَقَالَتْ أَسْمَاءُ: نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ (11) . وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ ذُبِحَ مَا يُنْحَرُ أَوْ نُحِرَ مَا يُذْبَحُ لِلضَّرُورَةِ، لأَِنَّهُ وَقَعَ فِي مِهْوَاةٍ، أَوْ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ جَازَ ذَلِكَ وَحَل أَكْلُهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ لَمْ تُؤْكَل (12) .
ج - أَيَّامُ النَّحْرِ:
5 - أَيَّامُ النَّحْرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَلَيْسَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَيَّامِ الذَّبْحِ، وَإِنْ كَانَ النَّاسُ بِمِنًى فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَيَّامِ الذَّبْحِ فَإِنْ نَحَرَ الْهَدَايَا لَيْلاً يُعِيدُهَا لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ لَيْلَةَ النَّحْرِ (13) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَيَّامُ النَّحْرِ أَرْبَعَةٌ هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ الثَّلاَثَةُ، لِحَدِيثِ: كُل أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ (14) .
(ر: أَيَّام التَّشْرِيقِ ف: 4) . د - شَرَائِطُ النَّحْرِ:
6 - يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ النَّحْرِ شُرُوطٌ ذُكِرَتْ فِي مُصْطَلَحِ (ذَبَائِح ف 11، 16، 21 وَمَا بَعْدَهَا) .
هـ - مُسْتَحَبَّاتُ النَّحْرِ:
7 - يُسْتَحَبُّ فِي النَّحْرِ أَنْ تَكُونَ الإِْبِل قَائِمَةً عَلَى ثَلاَثٍ مَعْقُولَةَ الْيَدِ الْيُسْرَى فَإِنْ أَضْجَعَهَا جَازَ، وَالأَْوَّل أَفْضَل.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُوَجِّهُ النَّاحِرُ مَا يُرِيدُ نَحْرَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَيَقِفُ بِجَانِبِ الرِّجْل الْيُمْنَى غَيْرِ الْمَعْقُولَةِ مُمْسِكًا مِشْفَرَهُ الأَْعْلَى بِيَدِهِ الْيُسْرَى وَيَطْعَنُهُ فِي لَبَّتِهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى مُسَمِّيًا (15)
وَمِمَّا يَدُل عَلَى اسْتِحْبَابِ إِقَامَةِ الإِْبِل عَلَى ثَلاَثٍ عِنْدَ النَّحْرِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ (16) ، قَال ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: " مَعْقُولَةً عَلَى ثَلاَثَةٍ " (17) ، وَأَحَادِيثُ مِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَدَنَةَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ قَوَائِمِهَا (1) .
__________
(1) لِسَان الْعَرَبِ، وَمُخْتَار الصِّحَاح.
(2) سُورَة الْكَوْثَرِ / 2
(3) قَوَاعِد الْفِقْهِ لِلْبَركَتِي.
(4) لِسَان الْعَرَبِ، وَبَدَائِع الصَّنَائِع 5 / 43، وَالشَّرْح الصَّغِير 1 / 315.
(5) سُورَة الْبَقَرَة / 67
(6) الْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَة 5 / 575 ط الرِّيَاض، وَشَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 3 / 419، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 5 / 285، وَعَقْد الْجَوَاهِر الثَّمِينَة 1 / 588، ط دَار الْعَرَبِ الإِْسْلاَمِيّ.
(7) حَدِيث: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَحْر بَدَنَة وَضُحًى بِكَبْشَيْنِ شَطْر مِنْ حَدِيثٍ فِي الْحَجّ أَنَّهُ لَمَّا دَخَل مَكَّة أَمْرهمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَنَحْر النَّبِيّ ﷺ بِيَدِهِ سَبْع بَ (فَتْح الْبَارِي 3 / 554 ط السَّلَفِيَّة) . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلْبُخَارِيِّ (الْفَتْح 10 / 9) أَنَّهُ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ.
(8) حَدِيث عَائِشَة: " أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَحْر عَنْ آل مُحَمَّد فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَة. . . ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (2 / 361 ط حِمْص) وَابْن مَاجَّة (2 / 1047 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) وَذَكَره ابْن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ (3 551 - ط السَّلَفِيَّة) ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقُوَاهُ بِهِ.
(9) بَدَائِع الصَّنَائِع 5 / 41، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 5 / 288، وَأَسْنَى الْمَطَالِب 1 / 541، وَالْمُغْنِي وَالشَّرْح الْكَبِير 11 / 47 - 48.
(10) حَدِيث: " أُمَرِّرُ الدَّمَ بِمَا شِئْت ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (3 / 250 ط حِمْص) وَالنَّسَائِيّ (7 / 225 ط التِّجَارِيَّة الْكُبْرَى) وَالْحَاكِم (4 / 240 ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ) مِنْ حَدِيثِ عُدَيّ بْن حَاتِم وَقَال الْحَاكِم: صَحِيحٌ عَلَى شَرْط مُسْلِم.
(11) قَوْل أَسْمَاء: نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي 9 / 640 ط السَّلَفِيَّة) وَمُسْلِم (3 / 1541 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) .
(12) الْمُنْتَقَى شَرْح الْمُوَطَّأ 3 / 107، وَعَقْد الْجَوَاهِر الثَّمِينَة 1 / 589، وَالْمُدَوَّنَة 2 / 65، وَالْمُقَدَّمَات لاِبْن رُشْد 1 / 324.
(13) الْمُدَوَّنَة 2 / 73، وَالْمُقْنِع 3 / 535، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 8 / 106.
(14) حَدِيث: " كُلّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْح ". أَخْرَجَهُ أَحْمَد (4 / 82 ط الميمنية) وَقَال الهيثمي فِي مَجْمَع الزَّوَائِد (4 / 25 ط الْقُدْسِيّ) : رَوَاهُ أَحْمَد والطبراني فِي الأَْوْسَطِ، وَرِجَال أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ ثِقَات.
(15) بَدَائِع الصَّنَائِع 5 / 41، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 8 / 111، وَالْمُقْنِعِ 1 / 470 ط السَّلَفِيَّة، وَالْمُغْنِي 8 / 586، وَأَسْنَى الْمَطَالِب 1 / 540، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 5 / 7، وَالشَّرْح الصَّغِير 1 / 319. .
(16) سُورَة الْحَجّ / 36
(17) أَثَر ابْن عَبَّاسٍ، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي السِّنِّ الْكُبْرَى (5 / 237 ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 120/ 40
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".