الرزاق
كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...
التَّعْرِيفُ:
1 - اللَّقْطُ بِفَتْحِ اللاَّمِ وَسُكُونِ الْقَافِ كَالنَّصْرِ - مَصْدَرُ لَقَطَ يَلْقُطُ - وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ أَخْذُ الشَّيْءِ مِنَ الأَْرْضِ وَجَمْعُهُ، يُقَال: لَقَطَهُ يَلْقُطُهُ لَقْطًا: أَخَذَهُ مِنَ الأَْرْضِ، وَمِنْهُ اللُّقَطَةُ وَهِيَ اسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي تَجِدُهُ مُلْقًى فَتَأْخُذُهُ، وَاللَّقِيطُ وَهُوَ الْمَوْلُودُ الْمَنْبُوذُ (1) .
وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَخْذُ أَيَّامِ النَّقَاءِ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهَا بِالطُّهْرِ، وَالْتِقَاطُ أَزْمِنَةِ الدَّمِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهَا بِالْحَيْضِ (2) .
وَيُسَمَّى الْقَوْل بِاللَّقْطِ كَذَلِكَ الْقَوْل بِالتَّلْفِيقِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
السَّحْبُ:
2 - السَّحْبُ لُغَةً: جَرُّ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الأَْرْضِ كَالثَّوْبِ وَغَيْرِهِ (3) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِإِعْطَاءِ النَّقَاءِ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ أَيَّامِ الْحَيْضِ حُكْمَ الْحَيْضِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِسَحْبِ حُكْمِ الْحَيْضِ عَلَى النَّقَاءِ وَجَعْل الْكُل حَيْضًا (4) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - اللَّقْطُ لَفْظٌ يَسْتَعْمِلُهُ الشَّافِعِيَّةُ غَالِبًا فِيمَا إِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْمَرْأَةِ وَكَانَتْ تَرَى يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا نَقَاءً أَوْ يَوْمَيْنِ وَيَوْمَيْنِ، وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي انْقِطَاعِ دَمِ الْمَرْأَةِ حَسَبَ اخْتِلاَفِ أَحْوَال الاِنْقِطَاعِ، فَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ الدَّمَيْنِ إِذَا كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا فَإِنَّهُ طُهْرٌ فَاصِلٌ بَيْنَ الدَّمَيْنِ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الطُّهْرِ بَيْنَ الدَّمَيْنِ أَقَل مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ، هَل يُعْتَبَرُ فَاصِلاً أَوْ لاَ؟ .
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الطُّهْرَ الْفَاصِل بَيْنَ الدَّمَيْنِ إِذَا كَانَ أَقَل مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لاَ يُعْتَبَرُ فَاصِلاً.
وَفِيمَا زَادَ عَنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ الدَّمَيْنِ إِذَا كَانَ أَقَل مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَكُونُ طُهْرًا فَاسِدًا وَلاَ يَكُونُ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمَيْنِ بَل يَكُونُ كُلُّهُ كَدَمٍ مُتَوَالٍ ثُمَّ يُقَدَّرُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَل حَيْضًا يُجْعَل حَيْضًا وَالْبَاقِي يَكُونُ اسْتِحَاضَةً، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الدَّمَ إِذَا كَانَ فِي طَرَفَيِ الْعَشَرَةِ فَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّل بَيْنَهُمَا لاَ يَكُونُ فَاصِلاً وَيُجْعَل كُلُّهُ كَدَمٍ مُتَوَالٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الدَّمُ فِي طَرَفَيِ الْعَشَرَةِ كَانَ الطُّهْرُ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمَيْنِ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل أَحَدُ الدَّمَيْنِ حَيْضًا يُجْعَل ذَلِكَ حَيْضًا، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيْضًا يُجْعَل أَسْرَعُهُمَا حَيْضًا، وَهُوَ أَوَّلُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ جَعْل أَحَدِهِمَا حَيْضًا لاَ يُجْعَل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا، وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الدَّمَ إِذَا كَانَ فِي طَرَفَيِ الْعَشَرَةِ وَكَانَ بِحَالٍ لَوْ جُمِعَتِ الدِّمَاءُ الْمُتَفَرِّقَةُ تَبْلُغُ حَيْضًا لاَ يَصِيرُ الطُّهْرُ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمَيْنِ، وَيَكُونُ كُلُّهُ حَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ جُمِعَ لاَ يَبْلُغُ حَيْضًا يَصِيرُ فَاصِلاَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ ثُمَّ يُنْظَرُ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل أَحَدُ الدَّمَيْنِ حَيْضًا يُجْعَل ذَلِكَ حَيْضًا وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيْضًا يُجْعَل أَسْرَعُهُمَا حَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَل أَحَدُهُمَا حَيْضًا لاَ يُجْعَل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ الدَّمَيْنِ إِذَا كَانَ أَقَل مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لاَ يَكُونُ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَكُلُّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَوَالِي، وَإِذَا كَانَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ كَانَ فَاصِلاً بَيْنَهُمَا، ثُمَّ يُنْظَرُ إِنْأَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل أَحَدُ الدَّمَيْنِ حَيْضًا جُعِل، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيْضًا يُجْعَل أَسْرَعُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا لاَ يُجْعَل حَيْضًا، وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ مَذْهَبًا فَقَال: الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ الدَّمَيْنِ إِذَا كَانَ أَقَل مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لاَ يُعْتَبَرُ فَاصِلاً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الدَّمَيْنِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ الْمُتَوَالِي، وَإِذَا كَانَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا فَهُوَ طُهْرٌ كَثِيرٌ فَيُعْتَبَرُ، لَكِنْ يُنْظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ كَانَ الطُّهْرُ مِثْل الدَّمَيْنِ أَوْ أَقَل مِنَ الدَّمَيْنِ فِي الْعَشَرَةِ لاَ يَكُونُ فَاصِلاً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الدَّمَيْنِ يَكُونُ فَاصِلاً ثُمَّ يُنْظَرُ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل أَحَدُهُمَا حَيْضًا جُعِل وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَيْضًا يُجْعَل أَسْرَعُهُمَا حَيْضًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَل أَحَدُهُمَا حَيْضًا لاَ يُجْعَل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا.
قَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَفْتَوْا بِرِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ لأَِنَّهَا أَسْهَل عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَالأَْخْذُ بِهَا أَيْسَرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ رَأْيُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ وَبِهِ يُفْتِي (5) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي مَسْأَلَةِ التَّقَطُّعِ هَذِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُلَفِّقُ، أَيْ تَجْمَعُ أَيَّامَ الدَّمِ فَقَطْ لاَ أَيَّامَ الطُّهْرِ، وَتَغْتَسِل وُجُوبًا كُلَّمَا انْقَطَعَ الدَّمُ فِيهَا فِي أَيَّامِ التَّلْفِيقِ، وَتَصُومُ إِنْ كَانَتْ قَبْل الْفَجْرِ طَاهِرًا، وَتُصَلِّي بَعْدَ طُهْرِهَا، مَعَ تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ مُبْتَدَأَةٌ وَمُعْتَادَةٌ وَحَامِلٌ (6) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا كَانَ الاِنْقِطَاعُ قَبْل مُجَاوَزَةِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلاَنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: قَوْل السَّحْبِ، وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْحَيْضِ يَنْسَحِبُ عَلَى أَيَّامِ النَّقَاءِ، فَتَحِيضُ فِيهَا جَمِيعًا، لأَِنَّ زَمَانَ النِّقَاءِ نَاقِصٌ عَنْ أَقَل الطُّهْرِ فَيَكُونُ حَيْضًا، كَسَاعَاتِ الْفَتْرَةِ بَيْنَ دُفَعَاتِ الدَّمِ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: قَوْل اللَّقْطِ وَالتَّلْفِيقِ، وَهُوَ أَنْ تَلْتَقِطَ أَيَّامَ النَّقَاءِ وَتُلَفِّقَ، وَيُحْكَمُ بِالطُّهْرِ فِيهَا، وَحَيْضُهَا أَزْمِنَةَ الدَّمِ لاَ غَيْرُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (7) أَيْ يَنْقَطِعَ دَمُهُنَّ، وَقَدِ انْقَطَعَ فَيَجُوزُ الْقُرْبَانُ، وَلأَِنَّهُ لاَ يُحْكَمُ فِي أَيَّامِ الدَّمِ حَقِيقَةً بِالطُّهْرِ فَكَذَلِكَ لاَ يُحْكَمُ فِي أَيَّامِ النَّقَاءِ حَقِيقَةً بِالْحَيْضِ تَوْفِيرًا لِحُكْمِ كُل وَاحِدَةٍ مِنَ الْحَالَتَيْنِ عَلَيْهَا.
وَنَقَل النَّوَوِيُّ اخْتِلاَفَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَال: وَالْحَاصِل أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَنَا قَوْل السَّحْبِ (8) .
وَقَال الرَّمْلِيُّ: وَمَحَل الْقَوْلَيْنِ فِي الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا، فَلاَ يُجْعَل النَّقَاءُ طُهْرًا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إِجْمَاعًا، ثُمَّ قَال: وَشَرْطُ جَعْل النَّقَاءِ بَيْنَ الدَّمِ حَيْضًا أَنْ لاَ يُجَاوِزَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلاَ يَنْقُصَ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ عَنْ أَقَل الْحَيْضِ، وَأَنْ يَكُونَ النَّقَاءُ زَائِدًا عَلَى الْفَتَرَاتِ الْمُعْتَادَةِ بَيْنَ دُفَعَاتِ الْحَيْضِ، فَإِنَّ تِلْكَ حَيْضٌ قَطْعًا (9) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي مَسْأَلَةِ تَقَطُّعِ الدَّمِ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَغْتَسِل وَتُصَلِّي فِي زَمَنِ الطُّهْرِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ سَاعَةً، لِقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: لاَ يَحِل لَهَا إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ سَاعَةً إِلاَّ أَنْ تَغْتَسِل.
وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: إِنَّ الطُّهْرَ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ صَحِيحٌ تَغْتَسِل فِيهِ وَتُصَلِّي وَنَحْوَهُ أَيْ تَصُومُ وَتَطُوفُ وَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَلاَ يُكْرَهُ فِيهِ الْوَطْءُ، لأَِنَّهُ طُهْرٌ حَقِيقَةً (10) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (تَلْفِيقٌ ف 4، 5) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، وحاشية البجيرمي على الخطيب 1 / 308.
(2) الوجيز وشرحه فتح العزيز بهامش المجموع 2 / 536، 537.
(3) لسان العرب.
(4) حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 1 / 385.
(5) بدائع الصنائع 1 / 43، 44، والفتاوى الهندية 1 / 37، وفتح القدير 1 / 120، 121.
(6) الدسوقي 1 / 170 وما بعدها، وجواهر الإكليل 1 / 31، ومواهب الجليل 1 / 369، والزرقاني 1 / 135.
(7) سورة البقرة / 222.
(8) فتح العزيز شرح الوجيز بهامش المجموع 2 / 536 وما بعدها، والمجموع شرح المهذب 2 / 502 وما بعدها.
(9) نهاية المحتاج 1 / 338.
(10) كشاف القناع 1 / 214 - 218، ومطالب أولي النهى 1 / 261.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 292/ 35
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".