الحفي
كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...
إشهار الشيء، والْمُبَالَغَةُ فِي إظهاره، وعدم كتمانه . ومنه إعلان الأذان، ورفع الصوت به، وإعلان النكاح على الناس . ومن شواهده في الحديث الشريف : "أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ ". الترمذي :1089.وصححه الألباني .
إشهار الشيء، والْمُبَالَغَةُ فِي إظهاره، وعدم كتمانه.
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْعْلاَنُ: الْمُجَاهَرَةُ، وَيُلاَحَظُ فِيهِ قَصْدُ الشُّيُوعِ وَالاِنْتِشَارِ (1) ، وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ كَلِمَةَ " إِعْلاَنٍ " فِيمَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ أَهْل اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي الإِْظْهَارِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإِْظْهَارُ:
2 - هُوَ مُجَرَّدُ الإِْبْرَازِ بَعْدَ الْخَفَاءِ، وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الإِْظْهَارِ وَالإِْعْلاَنِ: أَنَّ الإِْعْلاَنَ هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي الإِْظْهَارِ. وَمِنْ هُنَا قَالُوا: يُسْتَحَبُّ إِعْلاَنُ النِّكَاحِ، وَلَمْ يَقُولُوا: إِظْهَارَهُ، لأَِنَّ إِظْهَارَهُ يَكُونُ بِالإِْشْهَادِ عَلَيْهِ فَحَسْبُ.
ب - الإِْفْشَاءُ:
3 - يَكُونُ الإِْفْشَاءُ بِنَشْرِ الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِ مُجَاهَرَةٍ وَلاَ إِعْلاَنٍ، وَذَلِكَ بِبَثِّهِ بَيْنَ النَّاسِ.
ج - الإِْعْلاَمُ:
4 - الإِْعْلاَمُ: إِيصَال الْخَبَرِ مَثَلاً إِلَى شَخْصٍ أَوْ طَائِفَةٍ مِنَ النَّاسِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِالإِْعْلاَنِ، أَمْ بِالتَّحْدِيثِ مِنْ غَيْرِ إِعْلاَنٍ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ يُخَالِفُ الإِْعْلاَنَ مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ، وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُ مِنَ الإِْعْلاَنِ الإِْعْلاَمُ، فَقَدْ يَتِمُّ الإِْعْلاَنُ وَلاَ يَتِمُّ الإِْعْلاَمُ لِسَفَرٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
د - الإِْشْهَادُ:
5 - هُوَ إِظْهَارُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِلشَّاهِدَيْنِ مَعَ طَلَبِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ لاَ يَظْهَرُ لِغَيْرِهِمَا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنِ الإِْشْهَادُ إِعْلاَنًا، لأَِنَّ الإِْعْلاَنَ إِظْهَارٌ لِلْمَلأَِ (2) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
يَخْتَلِفُ الإِْعْلاَنُ بِحَسَبِ الأَْمْرِ وَالشَّخْصِ، فَمِمَّا يُطْلَبُ فِيهِ الإِْعْلاَنُ:
أ - إِعْلاَنُ الإِْسْلاَمِ وَمَبَادِئِهِ:
6 - إِذَا دَخَل الإِْيمَانُ قَلْبَ إِنْسَانٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْلِنَ إِيمَانَهُ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً، وَالْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ خَاصَّةً، أَنْ يُعْلِنُوا مَبَادِئَ الإِْسْلاَمِ وَأَهْدَافَهُ وَأَحْكَامَهُ، وَيَدْعُوا النَّاسَ لِلإِْيمَانِ بِهَا عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (3) وَكَمَا فَعَل رَسُول اللَّهِ ﷺ عِنْدَمَا أَعْلَنَ رِسَالَتَهُ لِلنَّاسِ جَمِيعًا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُول اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (4) .
وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُعْلِنُوا شَعَائِرَ الإِْسْلاَمِ كَالأَْذَانِ، وَصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ، وَصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ، وَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي أَبْوَابِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ. ب - إِعْلاَنُ النِّكَاحِ:
7 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ إِعْلاَنَ النِّكَاحِ مُسْتَحَبٌّ (5) . وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ فَرْضٌ، حَتَّى أَنَّهُ إِذَا نَكَحَ نِكَاحَ سِرٍّ، وَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ، وَأَمَرَهُمَا بِالْكِتْمَانِ وَجَبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَتَعْتَدُّ الزَّوْجَةُ، وَيَكُونُ لَهَا الْمَهْرُ حَتَّى إِذَا مَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَبَدَا لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا تَزَوَّجَهَا وَأَعْلَنَ النِّكَاحَ. (6) كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
ج - إِعْلاَنُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ:
8 - إِعْلاَنُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَاجِبٌ، لأَِنَّهَا شُرِعَتْ رَادِعَةً مَانِعَةً، وَلاَ يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إِلاَّ بِإِعْلاَنِهَا، وَعَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَدِّ الزِّنَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (7) . وَبَاقِي الْحُدُودِ مِثْلُهُ كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ.
د - الإِْعْلاَنُ عَنِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ:
9 - كُل عَمَلٍ يُمْكِنُ أَنْ يَنَال الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ خَيْرٌ وَيَتَزَاحَمُوا فِي طَلَبِهِ، يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ الإِْعْلاَنُ عَنْهُ لِتُتَاحَ الْفُرْصَةُ لِلْجَمِيعِ عَلَى قَدْرٍ مُتَسَاوٍ، كَالإِْعْلاَنِ عَنِ الْوَظَائِفِ، وَالإِْعْلاَنِ عَنِ الأَْعْمَال الَّتِي يَفْرِضُ وَلِيُّ الأَْمْرِ الْجَوَائِزَ لِمَنْ يَقُومُ بِهَا، كَقَوْل الإِْمَامِ: مَنْ قَتَل قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ. هـ - الإِْعْلاَنُ عَنْ مَوْتِ فُلاَنٍ:
10 - يُسَمَّى الإِْعْلاَنُ عَنِ الْمَوْتِ نَعْيًا، وَهُوَ إِذَا كَانَ لِمُجَرَّدِ الإِْخْبَارِ جَائِزٌ، أَمَّا إِنْ كَانَ كَفِعْل الْجَاهِلِيَّةِ بِالطَّوَافِ فِي الْمَجَالِسِ قَائِلاً: أَنْعِي فُلاَنًا وَيُعَدِّدُ مَفَاخِرَهُ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ بِالاِتِّفَاقِ، لأَِنَّهُ مِنْ نَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْجَنَائِزِ (8) .
و الإِْعْلاَنُ لِلتَّحْذِيرِ:
11 - كُل أَمْرٍ جَدِيدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَنَال الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ ضَرَرٌ لِجَهْلِهِمْ بِحَالِهِ، وَجَبَ عَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ إِعْلاَنُهُ، كَإِعْلاَنِ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ، لِيَحْذَرَ الْمُسْلِمُونَ التَّعَامُل مَعَهُمَا. (9) كَمَا فَصَّل ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ، وَفِي بَابِ التَّفْلِيسِ.
12 - وَكُل مَا لاَ يَصِحُّ إِظْهَارُهُ لاَ يَصِحُّ إِعْلاَنُهُ، لأَِنَّ الإِْعْلاَنَ أَشْهَرُ مِنَ الإِْظْهَارِ (ر: إِظْهَارٌ) .
مَا يَصِحُّ إِظْهَارُهُ وَلاَ يَصِحُّ إِعْلاَنُهُ:
13 - هُنَاكَ أُمُورٌ يَجُوزُ إِظْهَارُهَا، وَلَكِنْ لاَ يَجُوزُ إِعْلاَنُهَا.
مِنْهَا: إِظْهَارُ سَبَبِ الْجَرْحِ لِلشَّاهِدِ - لأَِنَّ الْجَرْحَ لاَ يُقْبَل إِلاَّ مُفَسَّرًا (10) - فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ إِعْلاَنُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشْهِيرِ.
وَإِظْهَارُ الْحُزْنِ عَلَى الْمَيِّتِ، لأَِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ إِخْفَاءَهُ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي إِظْهَارِ هَذَا الْحُزْنِ، أَيْ لاَ يَجُوزُ لَهُ إِعْلاَنُهُ.
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير، والمفردات للراغب الأصبهاني، والنهاية في غريب الحديث (علن - جهر - نشر) والفروق في اللغة لأبي هلال العسكري / 280.
(2) مختصر خليل بشرح جواهر الإكليل 2 / 213.
(3) سورة آل عمران / 104.
(4) سورة الأعراف / 158.
(5) حاشية ابن عابدين 2 / 261 وحاشية قليوبي 3 / 295، والمغني 6 / 537.
(6) المدونة 2 / 194 ومواهب الجليل 3 / 407، والخرشي 3 / 167، والدسوقي 2 / 216.
(7) سورة النور / 2.
(8) حاشية ابن عابدين 1 / 602 وحاشية قليوبي 1 / 344، والمغني 2 / 571 ط الرياض.
(9) أسنى المطالب 2 / 184، وحاشية قليوبي 2 / 285.
(10) أسنى المطالب 4 / 315، والمستصفى 2 / 153.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 261/ 5
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".