الشاكر
كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...
-بِالكَسْرِ والفَتْحِ، والكَسْرُ أَفْصَحُ-: الدُّهْنُ، وهو الذي تُطْلَى بِهِ الإِبِل لِلْجَرَبِ وغَيْرِهِ، وقِيلَ: عامَّةُ القَطِرانِ، وقيل: حُلابَةُ جَبَلٍ في قَعْرِ بِئْرٍ تُوقَدُ بِه النّارُ، والنَّفَّاطَةُ: المَوْضِعُ الذي يُسْتَخْرج منه النِّفْط، أي: مُنْبِتُ النِّفْطِ ومَعْدَنُه، والنَّفَّاطُ: مُسْتَخرِجُ النِّفْطِ مِن مَعْدَنِهِ، وبائِعُ النِّفْطِ، والنَّفْطُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ: الجُدَرِيُّ يكون بالصِّبْيانِ والغَنَمِ، والنَّفْطَةُ: قَرْحٌ أو بَثْرَةٌ تَخْرُجُ في اليَدِ مِن العَمَلِ مَلأَى ماءً، يُقال: نَفِطَتْ يَدُهُ، نَفْطاً، ونَفَطاً، ونَفِيطاً: قَرِحَتْ عَمَلاً.
يَرِد مُصطَلح (نِفْط) في الفقه في عِدَّة مواضِع، منها: كتاب البُيوع، باب: إحياء المَواتِ عند الكلام على حُكْمِ ما يَخْرُج مِنها مِن مَعادِن كالنِّفْطِ مثلاً، وفي باب: أحكام الشَّرِكَة في المُباحاتِ كاستِخراجِ النِّفْطِ مِن الأرضِ، وفي كتاب الصُّلْحِ، باب: أحكام الجِوارِ. ويَرِد في السِّياسَةِ الشَّرعِيَّة عند الكَلامِ على ما يُجبى إلى بَيْتِ المالِ مِن الفَيْءِ، كالذي يَخرُج مِن آبارِ أرضِ الخَراجِ مِن نِفْطٍ وغيرِهِ. ويُطلَق في كتاب الطَّهارَة، باب: أحكام النَّجاسات، ويُراد به: قُروحٌ أو بَثَرٌ يَخْرُجُ بِاليَدِ مِن العَمَلِ مَلْآنُ ماءً.
نفط
* العين : (7/437)
* تهذيب اللغة : (13/245)
* مقاييس اللغة : (5/463)
* مختار الصحاح : (ص 316)
* لسان العرب : (7/416)
* تاج العروس : (20/147)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/618)
* حاشية ابن عابدين : (2/44)
* تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ : (1/296)
* حاشية الجمل على شرح المنهج : (3/572)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 473)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 169)
* النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب : (2/66)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 485)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 473) -
التَّعْرِيفُ:
ا - النِّفْطُ لُغَةً - بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ -: الدُّهْنُ، وَقَال ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ الَّذِي تُطْلَى بِهِ الإِْبِل لِلْجَرَبِ وَالدَّبَرِ وَالْقِرْدَانِ، وَهُوَ دُونَ الْكُحَيْل (1) .
وَالنِّفْطُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: هُوَ أَحَدُ الأَْجْزَاءِ الْمُسْتَقِرَّةِ الَّتِي رَكَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الأَْرْضِ يَوْمَ خَلَقَهَا، وَهُوَ دُهْنٌ يَعْلُو الْمَاءَ سَوَاءٌ كَانَ فِي الأَْرْضِ أَوْ فِي خَارِجِهَا (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنِّفْطِ:
أ - زَكَاةُ النِّفْطِ:
2 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ فِي مَعْدِنِ النِّفْطِ.
فَقَدْ جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَأَمَّا (الْمَعْدِنُ) الْمَائِعُ كَالْقِيرِ وَالنِّفْطِ وَالْمِلْحِ. . . . فَلاَ شَيْءَ فِيهَا (3) .
وَقَال الدَّرْدِيرُ: إِنَّمَا يُزَكَّى مَعْدِنُ عَيْنٍ (ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ) لاَ غَيْرُهُمَا مِنَ الْمَعَادِنِ كَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ (4) ، وَقَال الدُّسُوقِيُّ مُعَلِّقًا عَلَى عِبَارَةِ الدَّرْدِيرِ: أَدْخَل بِالْكَافِ الرَّصَاصَ وَالْقَزْدِيرَ وَالْكُحْل وَالْعَقِيقَ وَالْيَاقُوتَ وَالزُّمُرُّدَ وَالزِّئْبَقَ وَالزِّرْنِيخَ وَالْمَغْرَةَ وَالْكِبْرِيتَ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَعَادِنَ كُلَّهَا لاَ زَكَاةَ فِيهَا (5) .
وَقَال النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَخْرَجَ مِنَ الْمَعْدِنِ إِذَا كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنَ الْجَوَاهِرِ كَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْفَيْرُوزِ وَالْبَلُّورِ وَالْمَرْجَانِ وَالْعَقِيقِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْكُحْل وَغَيْرِهَا فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا، هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي كُتُبِهِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاهِيرُ الأَْصْحَابِ فِي الطُّرُقِ كُلِّهَا (6) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ شَاذٍّ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ - وَهُوَ مُفَادُ قَوْلَيْنِ نَقَلَهُمَا الْقَيْصَرِيُّ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمِ - إِلَى أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ يَتَعَلَّقُ بِالنِّفْطِ وَبِكُل مَا خَرَجَ مِنَ الأَْرْضِ مِمَّا يُخْلَقُ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ قِيمَةٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَْرْضِ (7) } وَلأَِنَّهُ مَعْدِنٌ فَتَعَلَّقَتِ الزَّكَاةُ بِالْخَارِجِ مِنْهُ كَالأَْثْمَانِ، وَلأَِنَّهُ مَالٌ لَوْ غَنِمَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ خُمْسُهُ، فَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ مَعْدِنٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالذَّهَبِ.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ قَدْرَ الْوَاجِبِ فِيهِ رُبْعُ الْعُشْرِ، وَصِفَتُهُ أَنَّهُ زَكَاةٌ (8) .
وَقَال بَعْضُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ: يَجِبُ الْخَرَاجُ فِي نَفْسِ عَيْنِ الْقِيرِ وَالنِّفْطِ إِذَا كَانَتْ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ (9) .
(ر: مَعْدِنٌ ف 6) .
ب - تَمَلُّكُ مَعْدِنِ النِّفْطِ بِالإِْحْيَاءِ وَالإِْقْطَاعِ:
3 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَعَادِنَ النِّفْطِ وَالْقِيرِ وَالْمِلْحِ وَالْمَاءِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ لاَ تُمْلَكُ بِالإِْحْيَاءِ، وَلاَ يَجُوزُ إِقْطَاعُهَا لأَِحَدٍ مِنَ النَّاسِ (10) ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ أَبْيَضَ بْنَ حَمَّالٍ وَفَدَ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ فَقَطَعَ لَهُ، فَلَمَّا أَنْ وَلَّى قَال رَجُلٌ مِنَ الْمَجْلِسِ: أَتَدْرِي مَا قَطَعْتَ لَهُ؟ إِنَّمَا قَطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ الْعَذْبَ، قَال: فَانْتَزَعَهُ مِنْهُ (11) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ حُكْمَ الْمَعْدِنِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعْدِنَ عَيْنٍ (الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) أَوْ غَيْرَهُمَا كَالْقَصْدِيرِ وَالْعَقِيقِ وَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْمَغْرَةِ وَالْكِبْرِيتِ لِلإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ يَقْطَعُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَال لِمَنَافِعِهِمْ لاَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ وُجِدَ بِأَرْضِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَلاَ يَخْتَصُّ بِهِ رَبُّ الأَْرْضِ، إِلاَّ أَرْضَ الصُّلْحِ إِذَا وُجِدَ بِهَا مَعْدِنٌ فَلَهُمْ وَلاَ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ، فَإِنْ أَسْلَمُوا رَجَعَ الأَْمْرُ لِلإِْمَامِ وَهُوَ الرَّاجِحُ.
وَإِذَا أَقْطَعَ الإِْمَامُ الْمَعْدِنَ لِشَخْصٍ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ لِبَيْتِ الْمَال، فَلاَ يَأْخُذُ الإِْمَامُ عَنْهُ إِلاَّ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ. قَال الْبَاجِيُّ: وَإِذَا أَقْطَعَهُ فَإِنَّمَا يَقْطَعُهُ انْتِفَاعًا لاَ تَمْلِيكًا، وَلاَ يَجُوزُ لِمَنْ أَقْطَعَهُ لَهُ الإِْمَامُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَلاَ يُورَثُ عَمَّنْ أَقْطَعَهُ لَهُ؛ لأَِنَّ مَا لاَ يُمْلَكُ لاَ يُورَثُ (12) .
__________
(1) لِسَانُ الْعَرَبِ.
(2) حَاشِيَةُ ابْنِ عَابِدِينَ 2 / 44، 53، وَتَبْيِينُ الْحَقَائِقِ 1 / 296، وَالْعِنَايَةُ بِهَامِشِ فَتْحِ الْقَدِيرِ 2 / 13، وَحَاشِيَةُ الْجَمَل 3 / 572.
(3) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ 1 / 185، وَانْظُرْ حَاشِيَةَ ابْنِ عَابِدِينَ 2 / 53.
(4) الشَّرْحُ الْكَبِيرُ 1 / 486.
(5) حَاشِيَةُ الدُّسُوقِيِّ 1 / 486، وَانْظُرْ شَرْحَ الزُّرْقَانِيِّ 2 / 169.
(6) الْمَجْمُوعُ 6 / 77.
(7) سُورَةُ الْبَقَرَةِ / 267
(8) الْمُغْنِي 3 / 24، وَحَاشِيَةُ ابْنِ عَابِدِينَ 2 / 53، وَالْمَجْمُوعُ 6 / 77.
(9) حَاشِيَةُ ابْنِ عَابِدِينَ 2 / 53، وَانْظُرْ تَبْيِينَ الْحَقَائِقِ 1 / 296.
(10) حَاشِيَةُ الطَّحْطَاوِيِّ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ 4 / 214، 215، وحَاشِيَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ 3 / 278 - 279، وَشَرْحُ الْمَحَلِّيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ 3 / 94 - 95، وَالْمُغْنِي 5 / 571 - 572.
(11) حَدِيثُ: أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (3 / 446 ط حِمْصَ) وَالتِّرْمِذِيُّ (3 / 655 ط الْحَلَبِيِّ) وَقَال: حَدِيثُ أَبْيَضَ غَرِيبٌ.
(12) الشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَحَاشِيَةُ الصَّاوِي عَلَيْهِ 1 / 650 - 651، وَحَاشِيَةُ الدُّسُوقِيِّ 1 / 486 - 487، وَانْظُرْ عَقْدَ الْجَوَاهِرِ الثَّمِينَةِ 3 / 24.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 32/ 41
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".