الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
اللُّغَةُ: الكَلامُ، يُقال: لَغا بِكذا: إذا تَكَلَّمَ بِهِ. وأَصْلُها مِن اللَّغا، وهو: اللَّهَجُ وتَكْرارُ الشَّيْءِ، يُقال: لَغَى بِالأَمْرِ، ولَغِيَ بِهِ يَلْغَى لَغًا، أي: لَهَجَ بِهِ ورَدَّدَهُ، ومِنْهُ اللَّغْوُ، وهو: ما لا فائِدَةَ منه مِن الكَلامِ، وقِيل: إنَّ أصلَها بِمعنى المُلازَمَةِ، مِن قَوْلِهِم: لَغا بِالشَّيْءِ، أي: لَزِمَهُ ولم يُفارِقْهُ. وتأْتي اللُّغَةُ بِمعنى لِسانِ كُلِّ قَوْمٍ في التَّخاطُبِ، وقِيل: الكَلامُ المُتَعارَفُ عليه بين كُلِّ قَوْمٍ، يُقال: لِكُلِّ قَوْمٍ لُغَةٌ، أيْ: لِسانٌ وكَلامٌ يَتَخاطَبُونَ بِهِ، والنِّسْبَةُ إليها لُغَوِيٌّ. والجَمْعُ: لُغاتٌ ولُغًى.
يَرِد مُصْطلَح (لُغَة) في الفقه في كتاب الصَّلاة، باب: خُطْبَة الجُمُعَةِ، وكتاب النِّكاحِ، باب: أَلْفاظ الطَّلاقِ، وكتاب القَضاءِ، باب: آداب القاضِي. ويُطلَق في كُتُبِ الفِقْهِ والعَقِيدَةِ ويُراد بِه: اللُّغَةُ التي نَطَقَت بِها العَرَبُ في كَلامِها، كَقَوْلِهِم: التَّعْرِيفُ لُغَةً، وهو قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ، ونحوِ ذلك. وقد يُطلَق ويُراد بِه: وَسِيلَةُ كُلِّ فِئَةٍ مُعَيَّنَةٍ في التَّعْبِيرِ والتَّخاطُبِ، سَواءً كانت كَلِماتٍ أو إِشاراتٍ أو رُموزًا، كَقَوْلِهِم: لُغَةُ الصُّمِّ البُكْمِ، ولُغَةُ البَرْمَجِةِ، ونَحْو ذلك.
لَغَو
أَلْفاظٌ وأَصْواتٌ مُتَعارَفَةٌ يُعَبِّرُ بِها كُلُّ قَوْمٍ عن أَغْراضِهِم، وتَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ البِيئاتِ.
اللُّغَةُ: هي وَسِيلَةُ الاتِّصالِ والتَّفاهُمِ بين الأَشْخَاصِ، حيث تَتَرَكَّبُ مِن أَصْواتٍ وكَلِماتٍ مُعَيَّنَةٍ تَدُلُّ على مَعانِي مَعْلُومَةٍ مُتَعارَفٍ عليها بين مَجْموعَةٍ مِن النَّاسِ أو القَبِيلَةِ أو الدَّوْلَةِ، وتَنْقَسِمُ لُغاتُ العالَمِ إلى عائِلاتٍ لُغَوِيَّةٍ، كاللُّغاتِ الأَفْرِيقِيَّةِ والآسْيَوِيَّةِ والأُورُوبِيَّةِ وغَيْرِها، حيث تَحْوِي كُلٌّ منها عَدَدًا مِن اللُّغاتِ ذَوات الأُصُولِ والخَصائِصِ المُتَشابِهَةِ، وتُضافُ كُلُّ لُغَةٍ إلى أَهْلِها فَيُقالُ: لُغَةُ العَرَبِ، ولُغَةُ العَجَمِ. وتَظْهَرُ أَهَمِيَّةُ اللُّغَةِ في أُمورٍ منها: 1- أنَّها وَسِيلَةٌ للتَّعْبِيرِ وأَداةٌ لِلتَّفاهُمِ بين الفَرْدِ والجَماعاتِ، وبِها أَنْزَلَ اللهُ تعالى كُتُبَهُ وأَرْسَلَ رُسُلَهُ لِدَعْوَةِ أَقْوامِهِم إلى عِبادَته. 2- أنَّها مِن أَظْهَرِ الفَوارِقِ بين الإِنْسانِ وغَيْرِهِ مِن الأَحْياءِ. 3- أنَّها تُهَيِّئُ لِلْفَرْدِ فُرَصًا كَثِيرَةً لِلْانْتِفاعِ بِأَوْقاتِ حَياتِهِ عن طَرِيقِ الاسْتِماعِ أو الكَلامِ أو القِراءَةِ أو الكِتابَةِ. 4- أنَّها أَداةُ الفَرْدِ حين يُحاوِلُ إِقْناعَ غَيْرِهِ في مَجالاتِ المُناقَشَةِ والمُناظَرَةِ وتَبادُلِ الرَّأْيِ. 5- أنَّ الأَلْفاظَ أَيْسَرُ على النَّاسِ مِن الكِتابَةِ والإِشارَةِ.
اللُّغَةُ: الكَلامُ، يُقال: لَغا بِكذا: إذا تَكَلَّمَ بِهِ. وأَصْلُها مِن اللَّغا، وهو: اللَّهَجُ وتَكْرارُ الشَّيْءِ. وتأتي بِمعنى الكَلامِ المُتَعارَفِ عليه بين كُلِّ قَوْمٍ، يُقال: لِكُلِّ قَوْمٍ لُغَةٌ، أيْ: لِسانٌ وكَلامٌ يَتَخاطَبُونَ بِهِ.
* التعريفات للجرجاني : (ص 192)
* الكليات : (ص 796)
* مجموع فتاوى ابن تيمية : (21/539)
* مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة : (2/69)
* البحر المحيط في أصول الفقه : (2/18)
* العين : (4/449)
* مقاييس اللغة : (5/256)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/62)
* مختار الصحاح : (ص 283)
* لسان العرب : (15/250)
* تاج العروس : (39/462)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 290)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/255) -
التَّعْرِيفُ:
1 - اللُّغَةُ عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ: اللِّسْنُ، وَحَدُّهَا أَنَّهَا أَصْوَاتٌ يُعَبِّرُ بِهَا كُل قَوْمٍ عَنْ أَغْرَاضِهِمْ، وَهِيَ فِعْلَةٌ مِنْ لَغَوْتُ أَيْ تَكَلَّمْتَ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْكَلاَمُ:
2 - الْكَلاَمُ فِي أَصْل اللُّغَةِ: عِبَارَةً عَنْ أَصْوَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ لِمَعْنًى مَفْهُومٍ. وَقَال الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ: الْكَلاَمُ يَقَعُ عَلَى الأَْلْفَاظِ الْمَنْظُومَةِ وَعَلَى الْمَعَانِي الَّتِي تَحْتَهَا مَجْمُوعَةٌ (3) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. وَاللُّغَةُ تُرَادِفُ الْكَلاَمَ فِي بَعْضِ إِطْلاَقَاتِهِ.
ب - الْبَيَانُ:
3 - الْبَيَانُ لُغَةً: الإِْظْهَارُ وَالتَّوْضِيحُ وَالْكَشْفُ عَنِ الْخَفِيِّ أَوِ الْمُبْهَمِ (4) .
قَال اللَّهُ تَعَالَى: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (5) أَيِ الْكَلاَمَ الَّذِي يُبَيِّنُ بِهِ مَا فِي قَلْبِهِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالْبَيَانُ أَخَصُّ مِنَ اللُّغَةِ.
وَاضِعُ اللُّغَةِ
4 - اخْتُلِفَ فِي وَاضِعِ اللُّغَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: أَنَّ الْوَاضِعَ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَهِيَ تَوْقِيفِيَّةٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الأَْشْعَرِيُّ وَأَتْبَاعُهُ.
الثَّانِي: أَنَّ الْوَاضِعَ هُوَ الْبَشَرُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو هَاشِمٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ فَهِيَ اصْطِلاَحِيَّةٌ.
الثَّالِثُ: ابْتِدَاءُ اللُّغَةِ تَوْقِيفِيٌّ وَقَعَ بِالتَّعْلِيمِ مِنَ اللَّهِ، وَالْبَاقِي بِالاِصْطِلاَحِ.
الرَّابِعُ: ابْتِدَاؤُهَا وَقَعَ بِالاِصْطِلاَحِ، وَالْبَاقِي تَوْقِيفِيٌّ.
الْخَامِسُ: أَنَّ نَفْسَ الأَْلْفَاظِ دَلَّتْ عَلَى مَعَانِيهَا بِذَاتِهَا، وَبِهِ قَال عُبَادَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ. السَّادِسُ: أَنَّهُ يَجُوزُ كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الأَْقْوَال مِنْ غَيْرِ جَزْمٍ بِأَحَدِهَا، قَال الشَّوْكَانِيُّ: وَبِهِ قَال الْجُمْهُورُ (6) .
وَقَال الْغَزَالِيُّ: أَمَّا الْوَاقِعُ فِي هَذِهِ الأَْقْسَامِ فَلاَ مَطْمَعَ فِي مَعْرِفَتِهِ يَقِينًا، إِلاَّ بِبُرْهَانٍ عَقْلِيٍّ، أَوْ بِتَوَاتُرِ خَبَرٍ، أَوْ سَمْعٍ قَاطِعٍ، وَلاَ مَجَال لِبُرْهَانِ الْعَقْل فِي هَذَا، وَلَمْ يُنْقَل تَوَاتُرٌ، وَلاَ فِيهِ سَمْعٌ قَاطِعٌ، فَلاَ يَبْقَى إِلاَّ رَجْمُ الظَّنِّ فِي أَمْرٍ لاَ يَرْتَبِطُ بِهِ تَعَبُّدٌ عَمَلِيٌّ، وَلاَ تُرْهِقُ إِلَى اعْتِقَادِهِ حَاجَةٌ، فَالْخَوْضُ فِيهِ إِذًا فُضُولٌ لاَ أَصْل لَهُ (7) .
وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللُّغَةِ:
تَتَعَلَّقُ بِاللُّغَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أَوَّلاً: تَعَلُّمُ اللُّغَةِ:
5 - تَعَلُّمُ اللُّغَةِ مَشْرُوعٌ بَل وَمَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنَّ حُكْمَ تَعَلُّمِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ يَخْتَلِفُ عَنْ حُكْمِ تَعَلُّمِ غَيْرِهَا مِنَ اللُّغَاتِ.
أ - تَعَلُّمُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ:
6 - قَال التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْحَصْكَفِيُّ: لِلْعَرَبِيَّةِ فَضْلٌ عَلَى سَائِرِ الأَْلْسُنِ، وَهُوَ لِسَانُ أَهْل الْجَنَّةِ، مَنْ تَعَلَّمَهَا أَوْ عَلَّمَهَا غَيْرَهُ فَهُوَ مَأْجُورٌ (8) ، وَفِي الْحَدِيثِ: أَحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلاَثٍ: لأَِنِّي عَرَبِيٌّ، وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ، وَكَلاَمُ أَهْل الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ (9) .
قَال الشَّافِعِيُّ: لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الأَْلْسِنَةِ مَذْهَبًا وَأَكْثَرُهَا أَلْفَاظًا، وَأَوْلَى النَّاسِ بِالْفَضْل فِي اللِّسَانِ مَنْ لِسَانُهُ لِسَانُ النَّبِيِّ ﷺ، وَلاَ يَجُوزُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ أَهْل لِسَانِهِ أَتْبَاعًا لأَِهْل لِسَانٍ غَيْرِ لِسَانِهِ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ، بَل كُل لِسَانٍ تَبَعٌ لِلِسَانِهِ، وَكُل أَهْل دِينٍ قَبْلَهُ فَعَلَيْهِمُ اتِّبَاعُ دِينِهِ (10) .
وَلَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ وَارِدَيْنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، وَكَانَ الْعِلْمُ بِهِمَا مُتَوَقِّفًا عَلَى الْعِلْمِ بِهَا، وَلاَ سَبِيل إِلَى طَلَبِ فَهْمِهِمَا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ كَانَ الْعِلْمُ بِهَا مِنْ أَهَمِّ الْوَاجِبَاتِ (11) فَعَلَى كُل مُسْلِمٍ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ مَا بَلَغَ جَهْدُهُ حَتَّى يَشْهَدَ بِهِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَيَتْلُو بِهِ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَنْطِقُ بِالذِّكْرِ فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ مِنَ التَّكْبِيرِ، وَأُمِرَ بِهِ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّشَهُّدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (12) ، وَأَمَّا التَّبَحُّرُ بِعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ مِمَّا لاَ بُدَّ مِنْهُ فِي فَهْمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَأَسْرَارِ الشَّرِيعَةِ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَإِذَا أَهْمَلُوا جَمِيعًا أَثِمُوا (13) .
ب - تَعَلُّمُ غَيْرِ الْعَرَبِيِّ مِنَ اللُّغَاتِ
7 - يُبَاحُ تَعَلُّمُ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِلأَْفْرَادِ، وَقَدْ تُسْتَحَبُّ لَهُمْ، وَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا وُجُوبَ كِفَايَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، كَاتِّقَاءِ شَرِّ الأَْعْدَاءِ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﵁ أَنَّهُ قَال: أَمَرَنِي رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ أَتَعَلَّمَ لَهُ كِتَابَ يَهُودَ، قَال: إِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابٍ قَال فَمَا مَرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُهُ لَهُ، قَال: فَلَمَّا تَعَلَّمْتُهُ كَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَى يَهُودَ كَتَبْتُ إِلَيْهِمْ، وَإِذَا كَتَبُوا لَهُ قَرَأْتُ لَهُ كِتَابَهُمْ (14) وَفِي رِوَايَةٍ: " أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ السُّرْيَانِيَّةَ "، (15) وَالإِْسْلاَمُ رِسَالَةٌ عَالَمِيَّةٌ، قَال تَعَالَى: {قُل يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُول اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (16) ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ إِلَى النَّاسِ جَمِيعًا بِلُغَةٍ يَفْهَمُونَهَا وُجُوبَ كِفَايَةٍ (17) . ثَانِيًا: تَرْجَمَةُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ اللُّغَاتِ
8 - لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَلْفَاظٌ دَالَّةٌ عَلَى مَعَانٍ نَظَرَانِ:
أَحَدُهُمَا: مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا أَلْفَاظًا وَعِبَارَاتٍ مُطْلَقَةً دَالَّةً عَلَى مَعَانٍ مُطْلَقَةٍ وَهِيَ الدَّلاَلَةُ الأَْصْلِيَّةُ.
وَالثَّانِي: مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا أَلْفَاظًا وَعِبَارَاتٍ مُقَيَّدَةً دَالَّةً عَلَى مَعَانٍ خَادِمَةٍ وَهِيَ الدَّلاَلَةُ الثَّابِتَةُ. وَقَدْ بَيَّنَ الشَّاطِبِيُّ حُكْمَ تَرْجَمَةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ اللُّغَاتِ بِحَسَبِ كُل وَاحِدٍ مِنَ النَّظَرَيْنِ.
وَالتَّفْصِيل فِي (تَرْجَمَةٌ ف 3) .
ثَالِثًا: اتِّخَاذُ الْقَاضِي مُتَرْجِمًا
9 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مِنْ آدَابِ الْقَضَاءِ أَنْ يَتَّخِذَ الْقَاضِي مُتَرْجِمًا فَقَدْ يَتَحَاكَمُ إِلَيْهِ أَعْجَمِيَّانِ لاَ يَعْرِفُ لِسَانَهُمَا أَوْ عَرَبِيٌّ وَأَعْجَمِيٌّ فَيُفَسِّرُ الْمُتَرْجِمُ لَهُ لُغَةَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ اتِّخَاذِ الْقَاضِي لِلْمُتَرْجِمِ وَفِي عَدَدِ مَنْ يَتَّخِذُهُ لِلتَّرْجَمَةِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُدَّعِي أَوِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَعْجَمِيًّا أَوْ لاَ يَعْرِفُ الْقَاضِي لُغَتَهُ وَهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، أَوْ لاَ يَعْرِفُ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ عَدْلَيْنِ يُتَرْجِمَانِ لِلْمُدَّعِي وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَهُوَيَفْهَمُ هُوَ أَيْضًا ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَزُفَرَ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: يُقْبَل قَوْل الْوَاحِدِ الْعَدْل فِي التَّرْجَمَةِ (18) .
وَقَال الْخَرَشِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: سَمِعَ الْقَرِينَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ إِنِ احْتَكَمَ لِلْقَاضِي خُصُومٌ يَتَكَلَّمُونَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَلاَ يَفْقُهُ كَلاَمَهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يُتَرْجِمَ عَنْهُمْ رَجُلٌ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ مُسْلِمٌ، وَاثْنَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ، وَلاَ تُقْبَل تَرْجَمَةُ الْكَافِرِ أَوِ الْعَبْدِ أَوِ الْمَسْخُوطِ، وَلاَ بَأْسَ بِتَرْجَمَةِ الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْل الْعَفَافِ (19) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَتَّخِذُ الْقَاضِي نَدْبًا مُتَرْجِمًا، لأَِنَّهُ قَدْ يَجْهَل لِسَانَ الْخُصُومِ أَوِ الشُّهُودِ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ لُغَةَ الْخُصُومِ لَمْ يَتَّخِذْهُ، وَشَرْطُهُ أَيِ الْمُتَرْجِمُ عَدَالَةٌ وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَدٌ، أَيِ اثْنَانِ وَلَوْ فِي زِنًا وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ كُلُّهُمْ أَعَجَمِيِّينَ لأَِنَّهُ يَنْقُل إِلَى الْقَاضِي قَوْلاً لاَ يَعْرِفُهُ فَأَشْبَهَ الْمُزَكِّيَ وَالشَّاهِدَ، نَعَمْ يَكْفِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِمَا، وَقِيسَ بِهِمَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِنَّ، وَيَكْفِي اثْنَانِ عَنِ الْخَصْمَيْنِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ (20) . وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا تَحَاكَمَ إِلَى الْقَاضِي الْعَرَبِيِّ أَعْجَمِيَّانِ لاَ يَعْرِفُ لِسَانَهُمَا، أَوْ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ فَلاَ بُدَّ مِنْ مُتَرْجِمٍ عَنْهُمَا وَلاَ تُقْبَل التَّرْجَمَةُ إِلاَّ مِنَ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ. وَالتَّرْجَمَةُ عِنْدَهُمْ شَهَادَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مِنَ الشُّرُوطِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الإِْقْرَارِ بِذَلِكَ الْحَقِّ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ اعْتُبِرَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَلَمْ يَكْفِ إِلاَّ شَاهِدَانِ ذَكَرَانِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لاَ يَتَعَلَّقُ بِهَا كَفَى فِيهِ تَرْجَمَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَمْ تُعْتَبَرِ الْحُرِّيَّةُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فِي حَدِّ زِنًا خَرَجَ فِي التَّرْجَمَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لاَ يَكْفِي فِيهِ أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ، وَالثَّانِي: يَكْفِي فِيهِ اثْنَانِ (21) .
رَابِعًا: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ
10 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا بِلُغَةِ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ الْمُصَلِّي الْعَرَبِيَّةَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (22) وَتَرْجَمَةُ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ قُرْآنًا. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، جَوَازُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْفَارِسِيَّةِ فِيمَا يُمْكِنُ تَرْجَمَتُهُ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَرْجَمَةٌ ف 6) .
أَمَّا الإِْحْرَامُ فِي الصَّلاَةِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَالأَْذَانُ بِهَا، وَإِلْقَاءُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بِهَا، وَالتَّشَهُّدُ، وَأَذْكَارُ الصَّلاَةِ، فَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ (تَكْبِيرَةُ الإِْحْرَامِ ف 7، وَتَرْجَمَةٌ ف 9) .
__________
(1) لسان العرب مادة (لغا) .
(2) التعريفات للجرجاني، وقواعد الفقه للبركتي.
(3) المفردات والمصباح المنير.
(4) المفردات للراغب.
(5) سورة الرحمن / 4.
(6) إرشاد الفحول ص / 14.
(7) المستصفى 1 / 318.
(8) الدر المختار 5 / 269.
(9) حديث: " أحبو العرب. . . ". أورده الهيثمي في المجمع (10 / 52) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط إلا أنه قال: " لسان أهل الجنة عربي " وفيه العلاء ابن عمرو الحنفي وهو مجمع على ضعفه.
(10) الرسالة للشافعي ص42، 46.
(11) الموافقات 2 / 64 بتصرف بسيط.
(12) الرسالة للشافعي ص48.
(13) حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 9 / 214.
(14) حديث زيد بن ثابت: " أمرني رسول الله ﷺ أن أتعلم له كتاب. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 67 - 68) وقال: حديث حسن صحيح.
(15) حديث: " أنه أمر زيد بن ثابت أن يتعلم. . . ". أخرجه أحمد (5 / 182) والحاكم (3 / 422) .
(16) سورة الأعراف / 158.
(17) المغني 9 / 100، وفتح الباري 13 / 185 - 186.
(18) روضة القضاة وطريق النجاة 1 / 189.
(19) الخرشي 7 / 149.
(20) نهاية المحتاج 8 / 240.
(21) المغني 9 / 100 - 101.
(22) سورة المزمل / 20.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 276/ 35
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".