الواحد
كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...
القَصَّةُ -بِفَتْحِ القَافِ وَقَدْ تُكْسَرُ-: الجَصَّةُ أَوْ القِطْعَةُ مِنْ الجَصِّ وَهُوَ الجِيْرُ أَوْ التُّرَابُ الأَبْيَضُ، وَالـمُرَادُ بِهِ هُنَا: مَاءٌ أَبْيَضُ مِنْ عُصَارَةِ آخِرِ الْحَيْضِ، يُشَبَّهُ فِي بَيَاضِهِ بِالجَصِّ يَخْرُجُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ. وَمِنْ ذَلِكَ "القَصَّةُ البَيْضَاءُ"، وَهِيَ: شَيْءٌ كَالْخَيْطِ الْأَبْيَضِ يَخْرُجُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ -كَمَا سَبَقَ-، وَقِيْلَ: خُرُوْجُ القُطْنَةِ أَوْ الخِرْقَةِ التي تَحْتَشِي بِهَا الـمَرْأَةُ كَأَنَّهَا قَصَّةٌ لا يُخَالِطُهَا صُفْرَةٌ، وَقِيْلَ: الـمُرَادُ النَّقَاءُ مِنْ أَثَرِ الدَّمِ وَانْتِفَاءُ لَوْنِهِ، وأَن لَا يَبْقَى مِنْهُ أَثَرٌ البَتَّةَ، فضَرَبَتْ رُؤْيَةُ القَصَّة لِذَلِكَ مَثَلاً، لِأَنَّ رائِي القَصَّةِ البَيْضَاءِ غَيْرُ رَاءٍ شَيْئاً مِنْ سَائِرِ الأَلْوَانِ، وجَمْعُ القَصَّةِ: قِصَاصٌ.
قصص
* غريب الحديث لأبي عبيد : (1/ 278)
* تهذيب اللغة للأزهري : (8/ 212)
* غريب الحديث للخطابي : (1/ 372)
* الصحاح للجوهري : (3/ 1052)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/ 103)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/ 506)
* تاج العروس : (18/ 99)
* البناية شرح الهداية : (1/ 635)
* التاج والإكليل لمختصر خليل : (1/ 545)
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : (1/ 340)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (1/ 213) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْقَصَّةُ - بِالْفَتْحِ - فِي اللُّغَةِ: الْجِصُّ بِلُغَةِ الْحِجَازِ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّشْبِيهِ: لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، (1) قَال أَبُو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَنْ تَخْرُجَ الْقُطْنَةُ وَالْخِرْقَةُ الَّتِي تَحْتَشِي بِهَا الْمَرْأَةُ كَأَنَّهَا قَصَّةٌ لاَ يُخَالِطُهَا صُفْرَةٌ، وَقِيل: الْمُرَادُ النَّقَاءُ مِنْ أَثَرِ الدَّمِ، وَرُؤْيَةُ الْقَصَّةِ مَثَلٌ لِذَلِكَ. (2)
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: قَال الزَّيْلَعِيُّ: الْقَصَّةُ شَيْءٌ يُشْبِهُ الْخَيْطَ الأَْبْيَضَ يَخْرُجُ مِنْ قُبُل النِّسَاءِ فِي آخِرِ أَيَّامِهِنَّ يَكُونُ عَلاَمَةً عَلَى طُهْرِهِنَّ.
وَقِيل: هُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الْحَيْضِ (3) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْجُفُوفُ:
2 - الْجُفُوفُ: هُوَ أَنْ تُدْخِل الْمَرْأَةُ الْخِرْقَةَ فَتُخْرِجَهَا جَافَّةً لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الدَّمِ وَلاَ مِنَ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ (4) .
وَكُلٌّ مِنَ الْقَصَّةِ وَالْجُفُوفِ عَلاَمَةٌ عَلَى الطُّهْرِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ وَالْجُفُوفِ عَلاَمَةٌ لِلطُّهْرِ، فَإِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَيًّا مِنْهُمَا عَقِبَ الْحَيْضِ طَهُرَتْ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ عَادَتُهَا أَنْ تَطْهُرَ بِالْقَصَّةِ أَوْ بِالْجُفُوفِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لَوْ وَضَعَتِ الْكُرْسُفَ فِي اللَّيْل وَهِيَ حَائِضَةٌ أَوْ نُفَسَاءُ فَنَظَرَتْ فِي الصَّبَاحِ فَرَأَتْ عَلَيْهِ الْبَيَاضَ الْخَالِصَ حُكِمَ بِطَهَارَتِهَا مِنْ حِينِ وَضَعَتْ لِلتَّيَقُّنِ بِطَهَارَتِهَا وَقْتَهُ. (5)
وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْحَنَفِيَّةِ فِي اعْتِبَارِ الْجُفُوفِ عَلاَمَةً لِلطُّهْرِ، وَقَدْ عَبَّرَ ابْنُ نُجَيْمٍ عَنْ هَذَا الاِخْتِلاَفِ بِقَوْلِهِ: وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَمُقْتَضَى الْمَرْوِيِّ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيِّ أَنَّ مُجَرَّدَ الاِنْقِطَاعِ دُونَ رُؤْيَةِ الْقَصَّةِ لاَ يَجِبُ مَعَهُ أَحْكَامُ الطَّاهِرَاتِ، وَكَلاَمُ الأَْصْحَابِ فِيمَا يَأْتِي كُلُّهُ بِلَفْظِ الاِنْقِطَاعِ، حَيْثُ يَقُولُونَ: وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا فَكَذَا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الاِنْقِطَاعُ بِجَفَافٍ مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ ثُمَّ تَرَى الْقَصَّةَ، فَإِنْ كَانَتِ الْغَايَةُ الْقَصَّةَ لَمْ تَجِبْ تِلْكَ الصَّلاَةُ، وَإِنْ كَانَ الاِنْقِطَاعُ عَلَى سَائِرِ الأَْلْوَانِ وَجَبَتْ، وَأَنَا مُتَرَدِّدٌ فِيمَا هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَهُمْ بِالنَّظَرِ إِلَى دَلِيلِهِمْ وَعِبَارَاتِهِمْ فِي إِعْطَاءِ الأَْحْكَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَرَأَيْتُ فِي مَرْوِيِّ: عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَيْطَةَ مَوْلاَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَمْرَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُول لِلنِّسَاءِ: إِذَا أَدْخَلَتْ إِحْدَاكُنَّ الْكُرْسُفَ فَخَرَجَتْ مُتَغَيِّرَةً فَلاَ تُصَلِّي حَتَّى لاَ تَرَى شَيْئًا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْغَايَةَ الاِنْقِطَاعُ.
وَقَدْ يُقَال هَذَا التَّرَدُّدُ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ إِذَا فُسِّرَتِ الْقَصَّةُ بِأَنَّهَا بَيَاضٌ مُمْتَدٌّ كَالْخَيْطِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلاَمِهِمْ ضَعْفُ هَذَا التَّفْسِيرِ، فَقَدْ قَال فِي الْمُغْرِبِ: قَال أَبُو عُبَيْدَةَ: مَعْنَاهُ: أَنْ تَخْرُجَ الْقُطْنَةُ أَوِ الْخِرْقَةُ الَّتِي تَحْتَشِي بِهَا الْمَرْأَةُ كَأَنَّهَا قَصَّةٌ لاَ تُخَالِطُهَا صُفْرَةٌ وَلاَ تُرَبِيَّةٌ، وَيُقَال إِنَّ الْقَصَّةَ شَيْءٌ كَالْخَيْطِ الأَْبْيَضِ يَخْرُجُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ كُلِّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا انْتِفَاءُ اللَّوْنِ وَأَنْ لاَ يَبْقَى مِنْهُ أَثَرٌ أَلْبَتَّةَ، فَضَرَبَ رُؤْيَةَ الْقَصَّةِ مَثَلاً لِذَلِكَ؛ لأَِنَّ رَائِيَ الْقَصَّةِ غَيْرُرَائِي شَيْءٍ مِنْ سَائِرِ أَلْوَانِ مَا تَرَاهُ الْحَائِضُ.
فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْقَصَّةَ مَجَازٌ عَنِ الاِنْقِطَاعِ، وَأَنَّ تَفْسِيرَهَا بِأَنَّهَا شَيْءٌ كَالْخَيْطِ ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ " يُقَال " الدَّالَّةِ عَلَى التَّمْرِيضِ، وَيَدُل عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الاِنْقِطَاعُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ - آخِرُ الْحَدِيثِ: (حَدِيثُ عَائِشَةَ ﵂) وَهُوَ قَوْلُهُ: " تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضِ "، (6) فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ دَلِيلَهُمْ مُوَافِقٌ لِعِبَارَاتِهِمْ كَمَا لاَ يَخْفَى. (7)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: عَلاَمَةُ الطُّهْرِ جُفُوفٌ أَوْ قَصَّةٌ - وَهِيَ أَبْلَغُ - فَتَنْتَظِرُهَا مُعْتَادَتُهَا لآِخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، بِخِلاَفِ مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ، فَلاَ تَنْتَظِرُ مَا تَأَخَّرَ مِنْهُمَا كَالْمُبْتَدَأَةِ، أَيْ أَنَّ عَلاَمَةَ الطُّهْرِ أَيِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ أَمْرَانِ: الْجُفُوفُ، أَيْ خُرُوجُ الْخِرْقَةِ خَالِيَةً مِنْ أَثَرِ الدَّمِ وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَلَّةً مِنْ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ، وَالْقَصَّةُ وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ كَالْمَنِيِّ أَوِ الْجِيرِ الْمَبْلُول، وَالْقِصَّةُ أَبْلَغُ: أَيْ أَدَل عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنَ الْحَيْضِ، فَمَنِ اعْتَادَتْهَا أَوِ اعْتَادَتْهُمَا مَعًا طَهُرَتْ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهَا فَلاَ تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ، وَإِذَا رَأَتْهُ ابْتِدَاءً انْتَظَرَتْهَا لآِخِرِ الْمُخْتَارِ، بِحَيْثُ تُوقِعُ الصَّلاَةَ فِي آخِرِهِ، وَأَمَّا مُعْتَادَةُ الْجُفُوفِ فَقَطْ، فَمَتَى رَأَتْهُ أَوْ رَأَتِ الْقِصَّةَ طَهُرَتْ، وَلاَ تَنْتَظِرُ الآْخَرَ مِنْهُمَا، وَكَذَا الْمُبْتَدَأَةُ الَّتِي لَمْ تَعْتَدْ شَيْئًا، هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَمُقْتَضَى أَبْلَغِيَّةِ الْقَصَّةِ أَنَّهَا إِنْ رَأَتِ الْجُفُوفَ أَوَّلاً انْتَظَرَتِ الْقَصَّةَ. (8)
وَقَال النَّوَوِيُّ: عَلاَمَةُ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَوُجُودِ الطُّهْرِ: أَنْ يَنْقَطِعَ خُرُوجُ الدَّمِ وَخُرُوجُ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ، فَإِذَا انْقَطَعَ طَهُرَتْ سَوَاءٌ أَخَرَجَتْ بَعْدَهُ رُطُوبَةٌ بَيْضَاءُ أَمْ لاَ. (9)
وَقَال الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِذَا كَانَتْ لِلْمَرْأَةِ عَادَةٌ، كَأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَثَلاً مِنْ كُل شَهْرٍ فَرَأَتِ الطُّهْرَ قَبْل انْقِضَائِهَا، فَإِنْ رَأَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهِيَ طَاهِرٌ، لِظَاهِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ لِلنِّسْوَةِ: لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ وَهَذِهِ قَدْ رَأَتِ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. (10)
__________
(1) حديث: " لا تعجلن. . . . " أخرجه مالك في الموطأ (1 / 59) ط. الحلبي عن عائشة.
(2) المصباح المنير، والقاموس المحيط.
(3) تبيين الحقائق 1 / 55، وانظر فتح القدير 1 / 113 ط. بولاق، ومواهب الجليل 1 / 370، 371، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 1 / 432، 433.
(4) مواهب الجليل 1 / 370، الشرح الصغير 1 / 214.
(5) مجموعة رسائل ابن عابدين ص 85.
(6) حديث عائشة: تقدم تخريجه ف 1.
(7) البحر الرائق 1 / 202 - 203، وحاشية ابن عابدين 1 / 192.
(8) الشرح الصغير 1 / 214.
(9) المجموع 2 / 543.
(10) شرح الزركشي على مختصر الخرقي 1 / 446. وحديث: " لا تعجلن. . . " تقدم تخريجه ف 1.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 279/ 33
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".