الحي
كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...
يَرِد مُصْطلَح (الصَّلَوَات الـخَمْس الـمَفْرُوضَة) في الفقه في مَواضِعِ، منها: كتاب الطَّهارَةِ، باب: التَّيَمُّمِ، وفي كتاب الصَّلاةِ، باب: شُروط الصَّلاَةِ، وباب: أَوْقات الصَّلاةِ، وباب: الأَذَان والإِقامَة، وفي كتاب الاِعْتكافِ، باب: شُروط الاِعْتكاف
الصَّلَوَاتُ الـخَمْسُ التي يَـجِبُ أَداؤُها كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وهي: الظُّهْرُ وَالعَصْرُ والمَغْرِبُ والعِشاءُ والفَجْرُ.
الصَّلَوَاتُ الـخَمْسُ الـمَفْرُوضَةُ: هي الصَّلَوَاتُ التي أَوْجَبَها اللهُ تعالى على عِبادِهِ خَمْسَ مَراتٍ في اليَوْمِ، وهي: صَلاةُ الظُّهْرِ والعَصْرِ والـمَغْرِب والعِشاءِ والفَجْرِ، وقد ثَبَتَ وُجُوبُها بِالكِتابِ والسُّنَّةِ والإِجْمَاعِ، وهي مَعْلُومَةٌ مِن الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، يَكْفُرُ جاحِدُها وتاركُها تهاونًا، وهي أَهَمُّ الفُرُوضِ وأَفْضَلُها بعد الشَّهادَتَيْنِ، وهي الرُّكْنُ الثّانِي مِن أَرْكانِ الإِسْلاَمِ الْخَمْسِ. وَقد كانت الصَّلاةُ أَوَّلَ ما فَرَضَها اللهُ خَمْسِينَ فَرْضًا، حين عُرِجَ بِنَبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلّم، ثم خَفَّفَها اللهُ على عِبادِهِ إلى خَمْسِ صَلَواتٍ؛ بِشَفَاعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّد صلّى اللهُ عليه وسلّم، فهي خَمْسٌ في العَمَلِ وخَمْسونَ في الأَجْرِ.
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (1/91)
* الـمغني لابن قدامة : (1/370) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الصَّلَوَاتُ مُفْرَدُهَا صَلاَةٌ، وَلِتَعْرِيفِهَا: يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (صَلاَةٌ) .
وَالْمُرَادُ بِالْمَفْرُوضَةِ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ الَّتِي تُؤَدَّى كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَهِيَ: الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَالْفَجْرُ ثَبَتَتْ فَرْضِيَّتُهَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ، وَهِيَ مَعْلُومَةٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، يَكْفُرُ جَاحِدُهَا (1) .
وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ: هِيَ آكَدُ الْفُرُوضِ وَأَفْضَلُهَا بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَهِيَ الرُّكْنُ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الإِْسْلاَمِ الْخَمْسِ. (ر: صَلاَةٌ) .
وَقَدْ ثَبَتَ عَدَدُ رَكَعَاتِ كُل صَلاَةٍ مِنْ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ بِسُنَّةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَوْلاً وَفِعْلاً وَبِالإِْجْمَاعِ. قَال الْكَاسَانِيُّ: عَرَفْنَا ذَلِكَ بِفِعْل النَّبِيِّ ﷺ وَقَوْلُهُ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي (2) ، وَهَذَا لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَدَدُ رَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ فَكَانَتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مُجْمَلَةً فِي الْمِقْدَارِ، ثُمَّ زَال الإِْجْمَال بِبَيَانِ النَّبِيِّ ﷺ قَوْلاً وَفِعْلاً (3) .
وَأَدَاؤُهَا بِالْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلاَفًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا بِوُجُوبِهَا. (ر: صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ) .
وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ حَسْب التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ، حَيْثُ بَدَءُوا بِصَلاَةِ الصُّبْحِ (4) .
أَوَّلاً - صَلاَةُ الظُّهْرِ:
2 - الظُّهْرُ: سَاعَةُ الزَّوَال وَوَقْتُهُ، وَلِهَذَا يَجُوزُ فِيهِ التَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ، فَيُقَال: حَانَ الظُّهْرُ أَيْ وَقْتُ الزَّوَال، وَحَانَتِ الظُّهْرُ أَيْ سَاعَتُهُ (5) .
وَالْمُرَادُ بِالزَّوَال: مَيْل الشَّمْسِ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ إِلَى الْمَغْرِبِ (6)
فَصَلاَةُ الظُّهْرِ هِيَ الَّتِي تَجِبُ بِدُخُول وَقْتِ الظُّهْرِ، وَتُفْعَل فِي وَقْتِ الظَّهِيرَةِ. وَتُسَمَّى صَلاَةُ الظُّهْرِ - أَيْضًا - بِالأُْولَى؛ لأَِنَّهَا أَوَّل صَلاَةٍ صَلاَّهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالنَّبِيِّ ﷺ. فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - ﵄ - أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: أَمَّنِي جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي الأُْولَى مِنْهُمَا حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْل الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُل شَيْءٍ مِثْل ظِلِّهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَأَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ، وَصَلَّى الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالأَْمْسِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ لِوَقْتِهِ الأَْوَّل، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الآْخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْل، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتِ الأَْرْضُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ جِبْرِيل فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُ الأَْنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ (7) .
وَهِيَ أَوَّل صَلاَةٍ ظَهَرَتْ فِي الإِْسْلاَمِ.
كَمَا تُسَمَّى بِالْهَجِيرَةِ (8) قَال أَبُو بَرْزَةَ: {كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي الْهَجِيرَةَ الَّتِي يَدْعُونَهَا الأُْولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، أَوْ تَزُول (9) .
أَوَّل وَقْتِ الظُّهْرِ وَآخِرُهُ:
3 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ أَوَّل وَقْتِ صَلاَةِ الظُّهْرِ هُوَ زَوَال الشَّمْسِ، أَيْ مَيْلُهَا عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَنَا؛ لأَِنَّ التَّكْلِيفَ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَاقِعِ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ آخِرَهُ هُوَ بُلُوغُ الظِّل مِثْلَهُ غَيْرَ فَيْءِ (10) الزَّوَال (11) .
وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذَا صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ سِوَى فَيْءِ الزَّوَال (12) . وَلِمَعْرِفَةِ الزَّوَال وَتَفْصِيل الْخِلاَفِ فِي آخِرِ الظُّهْرِ، وَأَدِلَّةِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ ف 8) .
الإِْبْرَادُ بِصَلاَةِ الظُّهْرِ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى: أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْحَرُّ شَدِيدًا يُسَنُّ تَأْخِيرُ صَلاَةِ الظُّهْرِ إِلَى الإِْبْرَادِ. قَال النَّوَوِيُّ: حَقِيقَةُ الإِْبْرَادِ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلاَةَ مِنْ أَوَّل وَقْتِهَا بِقَدْرِ مَا يَحْصُل لِلْحِيطَانِ فَيْءٌ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ، وَلاَ يُؤَخَّرُ عَنْ نِصْفِ الْقَامَةِ (13) .
وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (14) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ فِي الصَّيْفِ مُطْلَقًا أَيْ بِلاَ اشْتِرَاطِ شِدَّةِ الْحَرِّ وَحَرَارَةِ الْبَلَدِ (15) .
وَلِتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ ف 16) .
قَصْرُ الظُّهْرِ وَجَمْعُهَا مَعَ الْعَصْرِ:
5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَصْرِ صَلاَةِ الظُّهْرِ فِي السَّفَرِ (16) (ر: صَلاَةُ الْمُسَافِرِ) . كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَ صَلاَتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي عَرَفَةَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ، بِأَنْ يُصَلِّيَهُمَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا يَوْمَ عَرَفَةَ:
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِعُذْرِ السَّفَرِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ، بِأَنْ تُصَلَّى الْعَصْرُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ أَوْ بِالْعَكْسِ، خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ (17) .
وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (جَمْعُ الصَّلَوَاتِ) .
مَا يُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهُ فِي الظُّهْرِ:
6 - يُسْتَحَبُّ فِي الظُّهْرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: أَنْ يَقْرَأَ الإِْمَامُ أَوِ الْمُنْفَرِدُ إِذَا كَانَ مُقِيمًا طِوَال الْمُفَصَّل (18) كَصَلاَةِ الْفَجْرِ (19) ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الظُّهْرَ كَالْعَصْرِ، فَيُسَنُّ فِيهِ أَوْسَاطُ الْمُفَصَّل (20) . وَوَرَدَ فِي عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الظُّهْرَ كَالصُّبْحِ فِي الْقِرَاءَةِ مِنَ الطِّوَال أَوْ دُونَ ذَلِكَ قَلِيلاً (21) . وَاتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّهُ يُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ الظُّهْرِ، سَوَاءٌ أَصَلاَّهَا جَمَاعَةً أَمِ انْفِرَادًا، وَتَفْصِيل الْمَسْأَلَةِ فِي مُصْطَلَحِ: (إِسْرَار، صَلاَة، قِرَاءَة) .
ثَانِيًا - صَلاَةُ الْعَصْرِ:
7 - الْعَصْرُ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ مِنْهَا: الْعَشِيُّ إِلَى احْمِرَارِ الشَّمْسِ، وَهُوَ آخِرُ سَاعَاتِ النَّهَارِ، كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الصَّلاَةِ الَّتِي تُؤَدَّى فِي آخِرِ النَّهَارِ، قَال الْفَيُّومِيُّ: الْعَصْرُ اسْمُ الصَّلاَةِ " مُؤَنَّثَةٌ " مَعَ الصَّلاَةِ، وَبِدُونِهَا تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ (22) .
وَيُقَال: أُذِّنَ لِلْعَصْرِ. أَيْ لِصَلاَةِ الْعَصْرِ (23) . وَتُسَمَّى صَلاَةُ الْعَصْرِ بِ (الْعَشِيِّ) لأَِنَّهَا تُصَلَّى عَشِيَّةً (24) .
أَوَّل وَقْتِ الْعَصْرِ وَآخِرُهُ:
8 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَالصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ) إِلَى أَنَّ أَوَّل وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ غَيْرَ فَيْءِ الزَّوَال، وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا (25) . وَيَسْتَدِلُّونَ بِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل - ﵊ - وَفِيهِ: ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُل شَيْءٍ مِثْل ظِلِّهِ (26) .
وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ أَوَّل وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ غَيْرَ فَيْءِ الزَّوَال (27) (ر: أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ) .
9 - وَهَل يُوجَدُ وَقْتٌ مُهْمَلٌ بَيْنَ آخِرِ الظُّهْرِ وَأَوَّل الْعَصْرِ؟ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ عَنِ الْفُقَهَاءِ:
فَيَشْتَرِطُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لِدُخُول أَوَّل الْعَصْرِ أَنْ يَصِيرَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَزَادَ أَدْنَى زِيَادَةً. قَال الْخِرَقِيُّ: وَإِذَا زَادَ شَيْئًا وَجَبَتِ الْعَصْرُ (28) وَمِثْلُهُ مَا نَقَلَهُ الشِّرْبِينِيُّ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ (29) وَجُمْلَتُهُ: أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ مِنْ حِينِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِثْل أَدْنَى زِيَادَةً مُتَّصِلٌ بِوَقْتِ الظُّهْرِ لاَ نُصَلِّي بَيْنَهُمَا. كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي (30) .
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - أَيْضًا - قَوْلُهُ: إِذَا بَلَغَ الظِّل طُولَهُ سِوَى فَيْءِ الزَّوَال خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ، وَلاَ يَدْخُل وَقْتُ الْعَصْرِ إِلَى الطُّولَيْنِ (31) .
وَعَلَى هَذَا يَكُونُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقْتٌ مُهْمَلٌ، كَمَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ،
وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ حُدُوثُ زِيَادَةٍ فَاصِلَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ، كَمَا قَال الشِّرْبِينِيُّ (32) ، وَمِثْلُهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ الْحَنَابِلَةِ عَدَا الْخِرَقِيَّ (33) . قَال الْبُهُوتِيُّ: مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَهُمَا، وَلاَ اشْتِرَاكٍ (34) .
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ أَوَّل الْعَصْرِ وَآخِرَ الظُّهْرِ يَشْتَرِكَانِ بِقَدْرِ إِحْدَاهُمَا، أَيْ: بِقَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي الْحَضَرِ، وَرَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ، فَآخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ: أَنْ يَصِيرَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ طَرْحِ ظِل الزَّوَال، وَهُوَ بِعَيْنِهِ أَوَّل وَقْتِ الْعَصْرِ فَيَكُونُ وَقْتًا لَهُمَا مُمْتَزِجًا بَيْنَهُمَا (35) .
وَيُؤَيِّدُهُ ظَاهِرُ حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل حَيْثُ جَاءَ فِيهِ: صَلَّى الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالأَْمْسِ.
10 - أَمَّا آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ فَهُوَ مَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ. أَيْ قُبَيْل غُرُوبِ الشَّمْسِ (36) .
(ر: أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ) .
مَا يُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهُ فِي الْعَصْرِ:
11 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ بِأَوْسَاطِ الْمُفَصَّل (37) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَقْرَأُ فِيهَا بِالْقِصَارِ مِنَ السُّوَرِ مِثْل: {وَالضُّحَى} وَ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} ، وَنَحْوِهِمَا (38) . وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ فِي الْعَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الظُّهْرِ (39) .
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الإِْسْرَارَ فِي الْقِرَاءَةِ سُنَّةٌ فِي الْعَصْرِ وَالظُّهْرِ، بَيْنَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ: بِأَنَّهُ وَاجِبٌ (40) . وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (إِسْرَار، وَقِرَاءَة) .
التَّنَفُّل بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ:
12 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّنَفُّل بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ صَلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ (41) .
وَتَشْمَل ذَلِكَ مَا لَوْ صُلِّيَتِ الْعَصْرُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ كَذَلِكَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ (42) لِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (صَلاَةُ التَّطَوُّعِ) .
ثَالِثًا - صَلاَةُ الْمَغْرِبِ:
13 - الْمَغْرِبُ فِي الأَْصْل: مِنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ إِذَا غَابَتْ وَتَوَارَتْ. وَيُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى وَقْتِ الْغُرُوبِ وَمَكَانِهِ، وَعَلَى الصَّلاَةِ الَّتِي تُؤَدَّى فِي هَذَا الْوَقْتِ (43) .
أَوَّل وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَآخِرُهُ:
14 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أَوَّل وَقْتِ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ يَدْخُل إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ وَتَكَامَل غُرُوبُهَا. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الصَّحَارِي. وَيُعْرَفُ فِي الْعُمْرَانِ بِزَوَال الشُّعَاعِ مِنْ رُءُوسِ الْجِبَال، وَإِقْبَال الظَّلاَمِ مِنَ الْمَشْرِقِ (44) وَآخِرُ وَقْتِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ.
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - وَهُوَ الْجَدِيدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - أَنَّ لِلْمَغْرِبِ وَقْتًا وَاحِدًا وَهُوَ بِقَدْرِ مَا يَتَطَهَّرُ الْمُصَلِّي وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَيُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلصَّلاَةِ (45) . لِلتَّفْصِيل (ر: أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ) .
تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ بِالْعِشَاءِ:
15 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ تَسْمِيَةِ الْمَغْرِبِ عِشَاءً لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: لاَ تَغْلِبَنَّكُمُ الأَْعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاَتِكُمُ الْمَغْرِبِ. قَال: وَتَقُول الأَْعْرَابُ هِيَ الْعِشَاءُ (46) وَلاَ يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْعِشَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَلَكِنْ تَسْمِيَتُهَا بِالْمَغْرِبِ أَوْلَى (47) .
رَابِعًا - صَلاَةُ الْعِشَاءِ:
16 - الْعِشَاءُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَالْمَدِّ: اسْمٌ لأَِوَّل الظَّلاَمِ مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعَتَمَةِ، وَسُمِّيَتِ الصَّلاَةُ بِذَلِكَ لأَِنَّهَا تُفْعَل فِي هَذَا الْوَقْتِ. وَالْعَشَاءُ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ: طَعَامُ هَذَا الْوَقْتِ (48) وَيَجُوزُ أَنْ يُقَال لَهَا: الْعِشَاءُ الآْخِرَةُ، وَالْعِشَاءُ - فَقَطْ - مِنْ غَيْرِ وَصْفٍ بِالآْخِرَةِ (49) قَال تَعَالَى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ} (50) . وَقَال ﷺ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلاَ تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الآْخِرَةَ (51) .
تَسْمِيَةُ صَلاَةِ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ:
17 - أَجَازَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ تَسْمِيَةَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ لِوُرُودِهَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْحَادِيثِ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأََتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا (52) وَمِنْهَا قَوْل عَائِشَةَ - ﵂ -: كَانُوا يُصَلُّونَ الْعَتَمَةَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْل الأَْوَّل (53) وَالْعَتَمَةُ هِيَ شِدَّةُ الظُّلْمَةِ كَمَا يَقُول الْبُهُوتِيُّ (54) .
18 - وَكَرِهَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ تَسْمِيَتَهَا بِالْعَتَمَةِ لِمَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ - أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: لاَ تَغْلِبَنَّكُمُ الأَْعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاَتِكُمْ، أَلاَ إِنَّهَا الْعِشَاءُ وَهُمْ يُعْتِمُونَ بِالإِْبِل (55) مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِكَوْنِهِمْ يُعْتِمُونَ بِحِلاَبِ الإِْبِل أَيْ يُؤَخِّرُونَهُ إِلَى شِدَّةِ الظَّلاَّمِ (56) وَصَرَّحَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ (57) .
قَال النَّوَوِيُّ: إِنَّ هَذَا الاِسْتِعْمَال وَرَدَ فِي نَادِرِ الأَْحْوَال لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، أَوْ أَنَّهُ خُوطِبَ بِهِ مَنْ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ بِالْمَغْرِبِ، فَلَوْ قِيل: الْعِشَاءُ لَتَوَهَّمَ إِرَادَةَ الْمَغْرِبِ؛ لأَِنَّهَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ بِالْعِشَاءِ، وَأَمَّا الْعَتَمَةُ فَصَرِيحَةٌ فِي الْعِشَاءِ الآْخِرَةِ (58) .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي تَسْمِيَتِهَا قَوْلاَنِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَثَانِيهِمَا: الْحُرْمَةُ (59)
أَوَّل وَقْتِ الْعِشَاءِ وَآخِرُهُ:
19 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ أَوَّل وَقْتِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ يَدْخُل مِنْ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ (60) ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّفَقِ. فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ: الْحُمْرَةُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ يَقُولاَنِ: هُوَ الْبَيَاضُ بَعْدَ الْحُمْرَةِ.
وَآخِرُ وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ الصَّادِقِ (61) ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: آخِرُ وَقْتِ الْعِشَاءِ مَا لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ (62) . هَذَا، وَقَدْ قَسَّمَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْوَقْتَ إِلَى اخْتِيَارِيٍّ، وَضَرُورِيٍّ، وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ) .
صَلاَةُ فَاقِدِ الْعِشَاءِ:
20 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ هُوَ الْوَقْتُ، وَذَكَرُوا حُكْمَ مَنْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيْهِمُ الْعِشَاءُ فِي بَعْضِ أَيَّامِ السَّنَةِ أَوْ كُلِّهَا، هَل تَجِبُ عَلَيْهِمْ صَلاَةُ الْعِشَاءِ أَمْ لاَ؟ وَإِذَا وَجَبَتْ فَكَيْفَ يُؤَدُّونَهَا؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِمْ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَيُقَدِّرُونَ وَقْتَهَا قَدْرَ مَا يَغِيبُ الشَّفَقُ بِأَقْرَبِ الْبِلاَدِ إِلَيْهِمْ. وَفِي رَأْيٍ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ مَنْ لاَ يَأْتِي عَلَيْهِ الْعِشَاءُ لاَ يُكَلَّفُ بِصَلاَتِهَا لِعَدَمِ سَبَبِ وُجُوبِهَا (63) . وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحَ: (أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ) .
تَأْخِيرُ صَلاَةِ الْعِشَاءِ:
21 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - إِلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ مُسْتَحَبٌّ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْل (64) ، قَال الزَّيْلَعِيُّ: قَدْ وَرَدَ فِي تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ صِحَاحٌ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (65) ، وَمِنَ الأَْحَادِيثِ الَّتِي يَسْتَدِلُّونَ بِهَا عَلَى اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ قَوْلُهُ ﷺ: لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأََمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْل أَوْ نِصْفِهِ (66) .
وَقَيَّدَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ اسْتِحْبَابَ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ بِالشِّتَاءِ، أَمَّا الصَّيْفُ فَيُنْدَبُ تَعْجِيلُهَا عِنْدَهُمْ (67) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأَْفْضَل لِلْفَذِّ وَالْجَمَاعَةِ الَّتِي لاَ تُنْتَظَرُ غَيْرُهَا تَقْدِيمُ الصَّلَوَاتِ، وَلَوْ عِشَاءً فِي أَوَّل وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ بَعْدَ تَحَقُّقِ دُخُولِهِ (68) ، وَلاَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْل إِلاَّ لِمَنْ يُرِيدُ تَأْخِيرَهَا لِشُغْلٍ مُهِمٍّ، كَعَمَلِهِ فِي حِرْفَتِهِ، أَوْ لأَِجْل عُذْرٍ، كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ. لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَخِّرَهَا أَهْل الْمَسَاجِدِ قَلِيلاً لاِجْتِمَاعِ النَّاسِ (69) ، وَأَفْضَلِيَّةُ تَقْدِيمِ الصَّلَوَاتِ لأَِوَّل وَقْتِهَا وَلَوْ عِشَاءً هُوَ - أَيْضًا - قَوْلٌ آخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ. قَال النَّوَوِيُّ: وَالأَْصَحُّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ تَقْدِيمَهَا أَفْضَل، ثُمَّ قَال: وَتَفْضِيل التَّأْخِيرِ أَقْوَى دَلِيلاً (70) .
كَرَاهَةُ النَّوْمِ قَبْل صَلاَةِ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا:
22 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْل صَلاَةِ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا (71) لِمَا رَوَاهُ أَبُو بَرْزَةَ - ﵁ - قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا (72) قَال النَّفْرَاوِيُّ: الْحَدِيثُ بَعْدَهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنَ النَّوْمِ قَبْلَهَا (73) .
وَالدَّلِيل عَلَى كَرَاهَةِ النَّوْمِ قَبْلَهَا: هُوَ خَشْيَةُ فَوْتِ وَقْتِهَا، أَوْ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا (74) .
لَكِنِ الْحَنَفِيَّةُ قَالُوا: إِذَا وَكَّل لِنَفْسِهِ مَنْ يُوقِظُهُ فِي وَقْتِهَا فَمُبَاحٌ لَهُ النَّوْمُ، كَمَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنِ الطَّحَاوِيِّ (75) .
وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ النَّوْمَ قَبْل صَلاَةِ الْعِشَاءِ وَلَوْ وَكَّل مَنْ يُوقِظُهُ؛ لاِحْتِمَال نَوْمِ الْوَكِيل أَوْ نِسْيَانِهِ فَيَفُوتُ وَقْتُ الاِخْتِيَارِ (76) . أَمَّا كَرَاهَةُ الْحَدِيثِ بَعْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ:
فَلأَِنَّهُ رُبَّمَا يُؤَدِّي إِلَى سَهَرٍ يَفُوتُ بِهِ الصُّبْحُ، أَوْ لِئَلاَّ يَقَعَ فِي كَلاَمِهِ لَغْوٌ، فَلاَ يَنْبَغِي خَتْمُ الْيَقَظَةِ بِهِ، أَوْ لأَِنَّهُ يَفُوتُ بِهِ قِيَامُ اللَّيْل لِمَنْ لَهُ بِهِ عَادَةٌ؛ وَلِتَقَعَ الصَّلاَةُ الَّتِي هِيَ أَفْضَل الأَْعْمَال خَاتِمَةُ عَمَلِهِ وَالنَّوْمُ أَخُو الْمَوْتِ، وَرُبَّمَا مَاتَ فِي نَوْمِهِ (77) .
وَهَذَا إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، أَمَّا إِذَا كَانَ لِحَاجَةٍ مُهِمَّةٍ فَلاَ بَأْسَ. وَكَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَحَدِيثِ الرَّسُول ﷺ وَمُذَاكَرَةُ الْفِقْهِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ، وَالْحَدِيثُ مَعَ الضَّيْفِ، أَوِ الْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ وَنَحْوِهَا فَلاَ كَرَاهَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ خَيْرٌ نَاجِزٌ فَلاَ يُتْرَكُ لِمَفْسَدَةٍ مُتَوَهَّمَةٍ، كَمَا قَال النَّوَوِيُّ (78) وَعَنْ عُمَرَ - ﵁ - قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْمُرُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَا مَعَهُمَا (79) .
خَامِسًا - صَلاَةُ الْفَجْرِ:
23 - الْفَجْرُ فِي الأَْصْل هُوَ الشَّفَقُ، وَالْمُرَادُ بِهِ ضَوْءُ الصَّبَاحِ، سُمِّيَ بِهِ لاِنْفِجَارِ الظُّلْمَةِ بِهِ بِسَبَبِ حُمْرَةِ الشَّمْسِ فِي سَوَادِ اللَّيْل. وَالْفَجْرُ فِي آخِرِ اللَّيْل كَالشَّفَقِ فِي أَوَّلِهِ (80) .
وَالْفَجْرُ اثْنَانِ:
1 - الْفَجْرُ الأَْوَّل: وَهُوَ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ، وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُسْتَطِيل يَبْدُو فِي نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْعَرَبِ بِذَنَبِ السِّرْحَانِ (الذِّئْبِ) ، ثُمَّ يَنْكَتِمُ. وَلِهَذَا يُسَمَّى فَجْرًا كَاذِبًا، لأَِنَّهُ يَبْدُو نُورُهُ، ثُمَّ يَعْقُبُهُ الظَّلاَمُ 2 - الْفَجْرُ الثَّانِي أَوِ الْفَجْرُ الصَّادِقُ: وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُسْتَطِيرُ الْمُعْتَرِضُ فِي الأُْفُقِ، لاَ يَزَال يَزْدَادُ نُورُهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيُسَمَّى هَذَا فَجْرًا صَادِقًا؛ لأَِنَّهُ إِذَا بَدَا نُورُهُ يَنْتَشِرُ فِي الأُْفُقِ (81) وَفِي الْحَدِيثِ: لاَ يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ وَلاَ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيل، وَلَكِنِ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ فِي الأُْفُقِ (82) .
قَال النَّوَوِيُّ: وَالأَْحْكَامُ كُلُّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفَجْرِ الثَّانِي، فَبِهِ يَدْخُل وَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَيَخْرُجُ وَقْتُ الْعِشَاءِ، وَيُحَرَّمُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، وَبِهِ يَنْقَضِي اللَّيْل وَيَدْخُل النَّهَارُ (83) .
وَيُطْلَقُ الْفَجْرُ عَلَى صَلاَةِ الْفَجْرِ؛ لأَِنَّهَا تُؤَدَّى فِي هَذَا الْوَقْتِ (84) ، وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (85) ، كَمَا وَرَدَتْ تَسْمِيَتُهَا بِالصُّبْحِ وَالْفَجْرِ فِي الأَْحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، كَقَوْلِهِ ﵊: مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْل أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ (86) .
تَسْمِيَةُ صَلاَةِ الْفَجْرِ بِالْغَدَاةِ:
24 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ لاَ تُكْرَهُ تَسْمِيَةُ صَلاَةِ الْفَجْرِ بِالْغَدَاةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَقِّقُو الشَّافِعِيَّةِ (87) .
وَنَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلَهُ فِي الأُْمِّ:
أُحِبُّ أَنْ لاَ تُسَمَّى إِلاَّ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الاِسْمَيْنِ (أَيِ الْفَجْرِ وَالصُّبْحِ) ، وَلاَ أُحِبُّ أَنْ تُسَمَّى الْغَدَاةَ. قَال النَّوَوِيُّ: وَهَذَا لاَ يَدُل عَلَى الْكَرَاهَةِ، فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ مَا ثَبَتَ فِيهِ نَهْيٌ غَيْرُ جَازِمٍ، وَلَمْ يَرِدْ بَل اشْتُهِرَ اسْتِعْمَال لَفْظِ الْغَدَاةِ فِيهَا فِي الْحَدِيثِ وَكَلاَمِ الصَّحَابَةِ - ﵃ - لَكِنِ الأَْفْضَل الْفَجْرُ وَالصُّبْحُ (88) .
وَذُكِرَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ كَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ كَرَاهَةُ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ (89) . تَسْمِيَتُهَا بِالصَّلاَةِ الْوُسْطَى:
25 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلاَةِ الْوُسْطَى فِي قَوْله تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى} (90) صَلاَةُ الْعَصْرِ كَمَا وَرَدَتْ فِي الأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الأُْمِّ - أَنَّ الصَّلاَةَ الْوُسْطَى هِيَ الْفَجْرُ، حَتَّى إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ يُسَمُّونَهَا الْوُسْطَى، قَال النَّفْرَاوِيُّ: لَهَا أَرْبَعَةُ أَسْمَاءٍ: الصُّبْحُ، وَالْفَجْرُ، وَالْوُسْطَى، وَالْغَدَاةُ (91) . وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (الصَّلاَةُ الْوُسْطَى) .
أَوَّل وَقْتِ الْفَجْرِ وَآخِرُهُ:
26 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ أَوَّل وَقْتِ صَلاَةِ الْفَجْرِ هُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ الثَّانِي أَيِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ، وَآخِرُ وَقْتِهَا إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ (92) ، لِقَوْلِهِ: إِنَّ لِلصَّلاَةِ أَوَّلاً وَآخِرًا، وَإِنَّ أَوَّل وَقْتِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ (93) .
وَقَدْ قَسَّمَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَقْتَ الْفَجْرِ إِلَى: وَقْتِ اخْتِيَارٍ، وَضَرُورَةٍ، وَغَيْرِهِمَا (94) ، يُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ) .
الْقِرَاءَةُ فِي الْفَجْرِ:
27 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ تَطْوِيل قِرَاءَتِهَا، بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا طِوَال الْمُفَصَّل (95) قَال أَبُو بَرْزَةَ - ﵁ -: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ آيَةً (96) قَال الشِّرْبِينِيُّ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ وَقْتَ الصُّبْحِ طَوِيلٌ وَالصَّلاَةُ رَكْعَتَانِ فَحَسُنَ تَطْوِيلُهُمَا (97) .
وَهَذَا فِي الْحَضَرِ. أَمَّا فِي السَّفَرِ فَيَقْرَأُ مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَيَّ سُورَةٍ شَاءَ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ فِي سَفَرِهِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ (98) .
وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (قِرَاءَة) .
مَنْعُ النَّافِلَةِ بَعْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَقَبْلَهَا:
28 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ جَوَازِ صَلاَةِ النَّافِلَةِ بَعْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، كَمَا أَنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ لاَ يُجِيزُونَ التَّنَفُّل قَبْل صَلاَةِ الْفَجْرِ - أَيْضًا - إِلاَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ (99) ، لِقَوْلِهِ ﵊: إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ (100) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (تَطَوُّع، وَأَوْقَاتُ الصَّلاَةِ) .
التَّغْلِيسُ أَوِ الإِْسْفَارُ بِالْفَجْرِ:
29 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ التَّغْلِيسَ: أَيْ أَدَاءُ صَلاَةِ الْفَجْرِ بِغَلَسٍ (101) أَفْضَل مِنَ الإِْسْفَارِ بِهَا (102) ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: أَفْضَل الأَْعْمَال الصَّلاَةُ فِي أَوَّل وَقْتِهَا (103) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: نُدِبَ تَأْخِيرُ الْفَجْرِ إِلَى الإِْسْفَارِ (104) ، لِقَوْلِهِ ﵊: أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأَْجْرِ (105) قَال الزَّيْلَعِيُّ: وَلاَ يُؤَخِّرُهَا بِحَيْثُ يَقَعُ الشَّكُّ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ، بَل يُسْفِرُ بِهَا بِحَيْثُ لَوْ ظَهَرَ فَسَادُ صَلاَتِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الْوَقْتِ بِقِرَاءَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ (106) . وَيُسْتَثْنَى مِنَ الإِْسْفَارِ صَلاَةُ الْفَجْرِ بِمُزْدَلِفَةَ يَوْمَ النَّحْرِ، حَيْثُ يُسْتَحَبُّ فِيهَا التَّغْلِيسُ عِنْدَ الْجَمِيعِ (107) .
وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ ف 15) .
الْقُنُوتُ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ:
30 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ. قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَنُدِبَ قُنُوتٌ سِرًّا بِصُبْحٍ فَقَطْ دُونَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ قَبْل الرُّكُوعِ، عَقِبَ الْقِرَاءَةِ بِلاَ تَكْبِيرٍ قَبْلَهُ (108) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُسَنُّ الْقُنُوتُ فِي اعْتِدَال ثَانِيَةِ الصُّبْحِ، يَعْنِي بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِالنَّازِلَةِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ: لاَ قُنُوتَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ إِلاَّ فِي النَّوَازِل (109) وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ - ﵄ -: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ثُمَّ تَرَكَهُ (110) ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - ﵁: - أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ لاَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ إِلاَّ أَنْ يَدْعُو لِقَوْمٍ أَوْ عَلَى قَوْمٍ (111) وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ مَنْسُوخَةٌ فِي غَيْرِ النَّازِلَةِ. هَذَا وَفِي أَلْفَاظِ الْقُنُوتِ وَكَيْفِيَّتِهِ خِلاَفٌ
وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (قُنُوت) .
__________
(1) البدائع 1 / 91، والفواكه الدواني 1 / 192، ومغني المحتاج 1 / 121،، المغني لابن قدامة 1 / 370، والعناية على الهداية 1 / 191.
(2) حديث: " صلوا كما رأيتموني أصلي. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 111 - ط السلفية) من حديث مالك بن الحويرث.
(3) البدائع 1 / 91، والفواكه الدواني 1 / 191، والحطاب 1 / 397، وكشاف القناع 1 / 297.
(4) المراجع السابقة، وكشاف القناع 1 / 249.
(5) المصباح المنير في المادة.
(6) المجموع للنووي 3 / 24، والمغني 1 / 372.
(7) حديث: ابن عباس - ﵄ -: " أن صلاة الظهر أول صلاة صلاها جبريل بالنبي ﷺ ". أخرجه الترمذي (1 / 279 - 280 - ط الحلبي) وقال: حديث حسن صحيح.
(8) الحطاب 1 / 383، ومغني المحتاج 1 / 121، والمغني لابن قدامة 1 / 371.
(9) حديث أبي برزة: " كان رسول الله ﷺ يصلي الهجيرة. . . ". أخرجه البخاري (الفتح2 / 26 - ط السلفية) .
(10) الفيء بوزن شيء هو الظل بعد الزوال، سمي به، لأنه فاء أي رجع من جهة المغرب إلى المشرق، أما الظل فيشمل ما قبل الزوال وما بعده. (ابن عابدين 1 / 240 ومغني المحتاج 1 / 122) .
(11) ابن عابدين 1 / 240، وفتح القدير مع الهداية 1 / 192 وما بعدها، وجواهر الإكليل 1 / 32، ومواهب الجليل للحطاب 1 / 382، ومغني المحتاج 1 / 121، 122، والمغني لابن قدامة 1 / 371، 375، وكشاف القناع 1 / 250، 251.
(12) فتح القدير والعناية على الهداية 1 / 193، والبدائع 1 / 123.
(13) المجموع 3 / 51، 60.
(14) الدسوقي 1 / 180، 181، والمغني لابن قدامة 1 / 390.
(15) ابن عابدين 1 / 245، وفتح القدير مع الهداية 1 / 199.
(16) البدائع 1 / 91، والحطاب 1 / 379، والإقناع 2 / 169، وكشاف القناع 1 / 249.
(17) ابن عابدين 1 / 256، والبدائع 1 / 127، وجواهر الإكليل 1 / 92، والمغني لابن قدامة 1 / 409.
(18) طوال المفصل من سورة الحجرات إلى آخر البروج (ابن عابدين 1 / 362، 363) .
(19) ابن عابدين 1 / 362، 363 والفواكه الدواني 1 / 227، ومغني المحتاج 1 / 163، والمغني لابن قدامة 1 / 570، 571.
(20) أوساط المفصل من البروج إلى لم يكن (فتح القدير1 / 192) وانظر ابن عابدين 1 / 363
(21) الفواكه الدواني 1 / 227.
(22) القرطبي 2 / 178، كشاف القناع 1 / 221، ومواهب الجليل 1 / 377.
(23) القرطبي 20 / 178، وما بعدها، ومتن اللغة والمصباح المنير.
(24) الحطاب 1 / 389.
(25) جواهر الإكليل 1 / 32، والحطاب مع التاج والإكليل 1 / 382، ومغني المحتاج 1 / 121، 122، وكشاف القناع 1 / 252، المغني 1 / 375.
(26) حديث إمامة جبريل: تقدم تخريجه ف2.
(27) فتح القدير 1 / 195.
(28) المغني لابن قدامة 1 / 375.
(29) مغني المحتاج 1 / 122.
(30) المغني 1 / 375.
(31) فتح القدير والعناية على الهداية 1 / 193.
(32) مغني المحتاج 1 / 122.
(33) المغني لابن قدامة 1 / 375.
(34) كشاف القناع 1 / 252.
(35) التاج والإكليل مع الحطاب 1 / 390، والدسوقي 1 / 177.
(36) ابن عابدين 1 / 241، والفواكه الدواني 1 / 196، والحطاب مع المواق 1 / 390، ومغني المحتاج 1 / 122، والمغني 1 / 376، 377، وكشاف القناع 1 / 252.
(37) ابن عابدين 1 / 363، ومغني المحتاج 1 / 163، وأوساط المفصل هي من سورة البروج إلى آخر سورة (البينة) ابن عابدين 1 / 363.
(38) الفواكه الدواني 1 / 229.
(39) المغني لابن قدامة 1 / 572، 573.
(40) فتح القدير 1 / 383، والفواكه الدواني 1 / 227، والمجموع 1 / 390، والمغني 1 / 569.
(41) حديث: " لا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 61 ط السلفية) ومسلم (1 / 567 ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري ﵁ مرفوعا.
(42) نفس المراجع.
(43) المصباح المنير وكشاف القناع 1 / 253، وحاشية الباجوري 1 / 123.
(44) البدائع 1 / 123، والحطاب 1 / 391، وجواهر الإكليل 1 / 32، 33، ومغني المحتاج 1 / 122، والمغني لابن قدامة 1 / 381.
(45) الحطاب 1 / 393، 394، وجواهر الإكليل 1 / 32، 33، ومغني المحتاج 1 / 123، والمجموع 3 / 28.
(46) حديث: " لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 43 ط السلفية) وجامع الأصول 6 / 262، من حديث عبد الله المزني - ﵁ -.
(47) الحطاب 1 / 392، وما بعدها، والمجموع 3 / 28، وكشاف القناع 1 / 253، ومغني المحتاج 1 / 123.
(48) المصباح المنير مادة (عشى) والحطاب 1 / 396، وكشاف القناع 1 / 254، والمجموع 3 / 36.
(49) المجموع 3 / 42، وكشاف القناع 1 / 254، والحطاب 1 / 397.
(50) سورة النور / 58.
(51) حديث: " أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ". أخرجه مسلم (1 / 328 ط الحلبي) وأبو داود (4 / 401 - 402 ط عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة - ﵁ - مرفوعا.
(52) حديث: " لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 139 ط. السلفية) ومسلم (صحيح مسلم 1 / 325 ط. الحلبي) ومالك (الموطأ 1 / 131 ط الحلبي) من حديث أبي هريرة - ﵁ - مرفوعا.
(53) حديث عائشة ﵂: " كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 347 ط السلفية) من حديث عائشة - ﵂ -.
(54) مواهب الجليل للحطاب 1 / 396، ومغني المحتاج 1 / 124، 125، المجموع للنووي 3 / 36، وكشاف القناع 1 / 254.
(55) حديث: " لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها العشاء وهم يعتمون بالإبل ". أخرجه مسلم (1 / 445 ط الحلبي) وأبو داود (سنن أبي داود 5 / 261 - 262 ط عزت عبيد دعاس) من حديث - عبد الله بن عمر - ﵄ مرفوعا.
(56) الحطاب 1 / 396، ومغني المحتاج 1 / 124، 125، والمجموع للنووي 3 / 36.
(57) مغني المحتاج 1 / 125.
(58) المجموع للنووي 3 / 41، 42.
(59) الحطاب 1 / 397.
(60) ابن عابدين 1 / 241، ومواهب الجليل للحطاب 1 / 397، ومغني المحتاج 1 / 123، 124، والمغني لابن قدامة 1 / 382، 383.
(61) الفجر الصادق هو المنتشر ضوؤه معترضا بالأفق من قبل المشرق (مغني المحتاج 1 / 123، 124، والمغني 1 / 384) .
(62) حديث: " آخر وقت العشاء ما لم يطلع الفجر ". أورده الزيلعي في نصب الراية (1 / 234) وقال: " غريب " يعني لا أصل له، ثم قال: تكلم الطحاوي في شرح الآثار ههنا كلاما حسنا ملخصه أنه قال: يظهر من مجموع الأحاديث أن وقت العشاء حين يطلع الفجر وذلك أن ابن عباس وأ
(63) ابن عابدين 1 / 241، والاختيار 1 / 39، ومغني المحتاج 1 / 124، والفواكه الدواني 1 / 198، والمغني لابن قدامة 1 / 384.
(64) ابن عابدين 1 / 246 والبدائع 1 / 124، ومغني المحتاج 1 / 126، والمجموع 3 / 40، والمغني لابن قدامة 1 / 393.
(65) الزيلعي 1 / 84.
(66) حديث: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أونصفه ". أخرجه الترمذي (سنن الترمذي 1 / 310 - 312 ط دار الكتب العلمية) وابن ماجه (سنن ابن ماجه 1 / 226 ط الحلبي) من حديث أبي هريرة - ﵁ - وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد بن حنبل (2 / 250، ط الميمنية) بلفظ مقارب ورواه الحاكم في المستدرك (1 / 146 ط دار الكتاب العربي) وفيه (إلى نصف الليل) بغير شك وصححه وأقره الذهبي.
(67) ابن عابدين 1 / 246.
(68) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1 / 180.
(69) الفواكه الدواني 1 / 197.
(70) مغني المحتاج 1 / 125، 126، والمجموع للنووي 3 / 57.
(71) تبيين الحقائق للزيلعي 1 / 84، والفواكه الدواني للنفراوي 1 / 197، والمجموع للنووي 3 / 42، وما بعدها.
(72) حديث أبي برزة الأسلمي: " كان رسول الله ﷺ يكره النوم قبلها والحديث بعدها ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 73 ط السلفية) ومسلم (1 / 447 ط. الحلبي) والترمذي (سنن الترمذي 1 / 312 - 313 ط دار الكتب العلمية) .
(73) الفواكه الدواني 1 / 197.
(74) الزيلعي 1 / 84، والفواكه الدواني 1 / 197.
(75) تبيين الحقائق 1 / 84.
(76) الفواكه الدواني للنفراوي 1 / 197.
(77) الزيلعي 1 / 84، والفواكه الدواني 1 / 197، والمجموع 3 / 42، ومغني المحتاج 1 / 125.
(78) المجموع 3 / 42.
(79) الزيلعي 1 / 84، وانظر المراجع السابقة وحديث عمر بن الخطاب - ﵁ -: " كان النبي ﷺ يسمر مع أبي بكر في أمر من أمور المسلمين وأنا معهما ". أخرجه الترمذي (سنن الترمذي 1 / 315. ط دار الكتب العلمية) وحسنه ورواه أحمد في المسند (1 / 25 - 26 ط الميمنية) مطولا.
(80) القرطبي 2 / 28، والمصباح المنير ولسان العرب ومتن اللغة وكشاف القناع 1 / 255.
(81) المصباح المنير ومتن اللغة، والهداية مع فتح القدير 1 / 192، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 1 / 122، ومغني المحتاج 1 / 124، والفواكه الدواني 1 / 192، وكشاف القناع 1 / 255
(82) حديث: " لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق " أخرجه مسلم (2 / 769 ط الحلبي) والترمذي واللفظ له (سنن الترمذي 3 / 86 ط دار الكتب العلمية) وأبو داود (سنن أبي داود 2 / 759 ط عزت عبيد الدعاس)
(83) المجموع للنووي 3 / 44
(84) الكفاية مع الهداية وفتح القدير 1 / 192
(85) سورة الإسراء الآية 78
(86) حديث: " من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح " أخرجه البخاري (فتح الباري27 / 56. ط السلفية) واللفظ له، ومسلم (صحيح مسلم 1 / 424 ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة - ﵁ - مرفوعا
(87) الفواكه الدواني 1 / 192، ومغني المحتاج 1 / 124، والمجموع 3 / 46، وكشاف القناع 1 / 256
(88) المجموع 3 / 46
(89) المهذب للشيرازي 1 / 60
(90) سورة البقرة - الآية 238
(91) ابن عابدين 1 / 241، والحطاب 1 / 398، 400، والفواكه الدواني 1 / 192، والمجمع 3 / 60، ومغني المحتاج 1 / 124، وكشاف القناع 1 / 256
(92) فتح القدير مع الهداية 1 / 192، والفواكه الدواني 1 / 194، ومغني المحتاج 1 / 124، والمغني لابن قدامة 1 / 385
(93) حديث: " إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر، وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس " أخرجه الترمذي (سنن الترمذي 1 / 283، 284، ط دار الكتب العلمية) وحسنه الأرناؤوط (جامع الأصول 5 / 214 - 215 نشر مكتبة الحلواني)
(94) المراجع السابقة، والدسوقي 1 / 189، وحاشية الجمل 1 / 273
(95) طوال المفصل من سورة الحجرات إلى آخر البروج، والمفصل هو السبع السابع من القرآن الكريم سمي بذلك لكثرة فصله بالبسملة (ابن عابدين 1 / 362، 363)
(96) حديث أبي هريرة: " كان النبي ﷺ يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة آية " أخرجه البخاري (فتح الباري2 / 251 ط السلفية) ومسلم (صحيح مسلم 1 / 338 - ط الحلبي) واللفظ له
(97) مغني المحتاج 1 / 163، وابن عابدين 1 / 263، والفواكه الدواني 1 / 225 والمغني لابن قدامة 1 / 570
(98) حديث: " أن النبي ﷺ قرأ في صلاة الصبح في سفره بالمعوذتين " أخرجه أبو داود (1 / 152 ط عزت عبيد الدعاس) مطولا، والنسائي (2 / 158 نشر مكتبة المطبوعات الإسلامية) والحاكم في (المستدرك1 / 240 ط دار الكتاب العربي) وصححه ووافقه الذهبي
(99) الزيلعي 1 / 87، والحطاب 1 / 416، والمجموع 4 / 164، والمغني 2 / 113، و114
(100) حديث: " إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر " أخرجه الطبراني في الأوسط قال الهيثمي: وفيه إسماعيل بن قيس وهو ضعيف (مجمع الزوائد 2 / 218 نشر مكتبة القدسي) وقال المناوي نقلا عن الميزان: له شواهد من حديث ابن عمر أخرجه الترمذي واستغربه وحسنه. فمن أطلق ضعفه كالهيثمي أراد أنه ضعيف لذاته، ومن أطلق حسنه كالمؤلف السيوطي أراد أنه حسن لغيره (فيض القدير1 / 398)
(101) الغلس: هو اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل (الفواكه الدواني 1 / 193، 194)
(102) الفواكه الدواني 1 / 193، ومغني المحتاج 1 / 125، 126، وكشاف القناع 1 / 256، والمغني لابن قدامة 1 / 394، 395
(103) حديث: " أفضل الأعمال الصلاة في وقتها " أخرجه أبو داود (سنن أبي داود 1 / 296 320 ط عزت عبيد الدعاس) والترمذي (سنن الترمذي 1 / 319 - 320 ط دار الكتب العلمية) من حديث أم فروة - ﵂ - بلفظ " سئل النبي ﷺ أي الأعمال أفضل؟ قال: " الصلاة لأول وقتها ". وقال الترمذي: هذا حديث غريب حسن
(104) تبيين الحقائق للزيلعي 1 / 82
(105) حديث: " أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر " أخرجه أبو داود (سنن أبي داود 1 / 294، ط عزت عبيد الدعاس) والنسائي (سنن النسائي 1 / 272، نشر مكتب المطبوعات الإسلامية) والترمذي (سنن الترمذي 1 / 289 - 290 ط. دار الكتب العلمية) واللفظ له من حديث رافع بن خديج مرفوعا. قال: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح
(106) تبيين الحقائق 1 / 82
(107) جواهر الإكليل 1 / 51، وحاشية الدسوقي 1 / 248
(108) مغني المحتاج 1 / 166، والقليوبي 1 / 157
(109) الهداية مع فتح القدير 1 / 378، 379، والمغني لابن قدامة 2 / 154، 155، وحاشية ابن عابدين 1 / 451
(110) حديث: أن النبي ﷺ قنت شهرا يدعو على أحياء من أحياء العرب ثم تركه " أخرجه مسلم (1 / 469، ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك ﵁، وابن حبان (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 3 / 220 ط. دار الكتب العلمية)
(111) حديث أبي هريرة ﵁ " أن رسول الله ﷺ كان لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعو لقوم أو على قوم " أخرجه ابن حبان كما في نصب الراية (2 / 130 نشر المجلس العلمي) ورواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث أبي هريرة ﵁ بلفظ " أن النبي ﷺ كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحد أو يدعو على أحد " (صحيح ابن خزيمة 1 / 313 - 314 نشر المكتب الإسلامي)
الموسوعة الفقهية الكويتية: 309/ 27
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".