المحيط
كلمة (المحيط) في اللغة اسم فاعل من الفعل أحاطَ ومضارعه يُحيط،...
الرعاية، والمتابعة، والتعاهد .
الرعاية، والمتابعة، والتعاهد.
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْشْرَافُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَشْرَفَ، أَيِ اطَّلَعَ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ أَعْلَى (1) .
وَإِشْرَافُ الْمَوْضِعِ: ارْتِفَاعُهُ، وَالإِْشْرَافُ: الدُّنُوُّ وَالْمُقَارَبَةُ.
وَانْطِلاَقًا مِنَ الْمَعْنَى الأَْوَّل أَطْلَقَ الْمُحَدِّثُونَ كَلِمَةَ إِشْرَافٍ عَلَى " الْمُرَاقَبَةِ الْمُهَيْمِنَةِ " (2) .
وَهُوَ مَعْنًى اسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ كَالْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ الأُْخْرَى. فَقَدِ اسْتَعْمَلُوهُ فِي مُرَاقَبَةِ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمُ.
الإِْشْرَافُ بِمَعْنَى الْعُلُوِّ:
أ - إِشْرَافُ الْقَبْرِ:
2 - لاَ يَحِل أَنْ يَكُونَ الْقَبْرُ مُشْرِفًا بِالاِتِّفَاقِ، لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الأَْسَدِيِّ قَال: قَال لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَلاَ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَلاَّ تَدَعَ تِمْثَالاً إِلاَّ طَمَسْتَهُ، وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ (3)
وَفِي اعْتِبَارِ تَسْنِيمِ الْقَبْرِ إِشْرَافًا خِلاَفٌ تَجِدُهُ مُفَصَّلاً فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ (4) .
ب - إِشْرَافُ الْبُيُوتِ:
3 - يُبَاحُ لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَعْلُوَ بِبِنَائِهِ مَا شَاءَ بِشَرْطَيْنِ:
الأَْوَّل: أَلاَّ يَضُرَّ بِغَيْرِهِ، كَمَنْعِ النُّورِ أَوِ الْهَوَاءِ عَنِ الْغَيْرِ (5) .
الثَّانِي: أَلاَّ يَكُونَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ ذِمِّيًّا، فَيُمْنَعُ مِنْ تَطْوِيل بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ، لِيَتَمَيَّزَ الْبِنَاءَانِ، وَلِئَلاَّ يَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِ (6) . وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ.
الإِْشْرَافُ بِمَعْنَى الاِطِّلاَعِ مِنْ أَعْلَى:
4 - يُمْنَعُ الشَّخْصُ مِنَ الإِْشْرَافِ عَلَى دَارِ غَيْرِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلِذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يَفْتَحَ فِي جِدَارِهِ كُوَّةً يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ وَعِيَالِهِ (7) .
5 - أَمَّا الإِْشْرَافُ عَلَى الْكَعْبَةِ وَالنَّظَرُ إِلَيْهَا فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرُبَاتِ، وَالسَّاعِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَصْعَدُ عَلَى الصَّفَا وَعَلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى يُشْرِفَ عَلَى الْكَعْبَةِ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ عِنْدَ كَلاَمِهِمْ عَلَى السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
الإِْشْرَافُ بِمَعْنَى الْمُرَاقَبَةِ الْمُهَيْمِنَةِ:
6 - إِقَامَةُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الإِْشْرَافِ وَاجِبٌ تَحْقِيقًا لِلْمَصَالِحِ الَّتِي هِيَ مَقْصِدٌ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّارِعِ، وَيَتَجَلَّى ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
أ - الْوِلاَيَةُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ وِلاَيَةً عَامَّةً كَوِلاَيَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْقَاضِي، وَنَحْوِهِمَا، أَمْ وِلاَيَةً خَاصَّةً كَوِلاَيَةِ الأَْبِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ، كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ مُفَصَّلاً فِي مَبْحَثِ (وِلاَيَةٌ) .
ب - الْوِصَايَةُ: كَالْوِصَايَةِ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَبْحَثِ (الْحَجْرِ) .
ج - الْقِوَامَةُ: كَقِوَامَةِ الرَّجُل عَلَى زَوْجَتِهِ، كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي مَبْحَثِ (النِّكَاحِ) .
د - النِّظَارَةُ: كَنَاظِرِ الْوَقْفِ، كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
الإِْشْرَافُ بِمَعْنَى الْمُقَارَبَةِ وَالدُّنُوِّ:
7 - يَتَرَتَّبُ عَلَى الإِْشْرَافِ بِهَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ مِنَ الأَْحْكَامِ، ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِي أَبْوَابِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ عَلَى
سَبِيل الْمِثَال لاَ الْحَصْرِ:
أ - عَدَمُ أَكْل الذَّبِيحَةِ إِذَا ذُبِحَتْ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْتِ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ مُبَيَّنٍ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ (التَّذْكِيَةُ) .
ب - وُجُوبُ إِنْقَاذِ مَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ كَالْغَرِيقِ وَنَحْوِهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ إِنْقَاذُهُ.
ج - وُجُوبُ الاِنْتِفَاعِ بِاللُّقَطَةِ إِذَا أَشْرَفَتْ عَلَى التَّلَفِ. كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي كِتَابِ (اللُّقَطَةِ) .
__________
(1) لسان العرب، والصحاح، مادة: (شرف) .
(2) انظر: المرجع للعلايلي مادة: (شرف) .
(3) حديث: " ألا تدع تمثالا إلا طمسته. . . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 666 ط عيسى الحلبي) .
(4) مطالب أولي النهى 1 / 910 طبع المكتب الإسلامي، وجواهر الإكليل 1 / 111 طبع شقرون، وحاشية قليوبي 1 / 341 طبع مصطفى الحلبي، وحاشية ابن عابدين 1 / 601.
(5) حاشية ابن عابدين 4 / 361 الطبعة البولاقية الأولى.
(6) أسنى المطالب 2 / 220، 4 / 220 طبع المكتبة الإسلامية، وحاشية ابن عابدين 3 / 276، والمغني 8 / 532.
(7) حاشية ابن عابدين 4 / 361.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 5/ 5
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".