المقيت
كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...
ما رميَ أو ضُرب حتى مات من غير تذكية . ومن شواهده قول الله تَعَالَى : ﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﱪ المائدة :3.
المَوْقُوذَةُ والوَقِيذُة: الشَّاةُ التي تُضْرَبُ بِالعَصا أو بِالحَجَرِ، أو التي تُرْمى حتّى تموتَ مِن غير تَذكِيَةٍ. والوَقْذُ: شِدَّةُ الضَّرْبِ، يُقال: وَقَذَهُ، يَقِذُهُ، وَقْذاً: ضَرَبَه حتّى اسْتَرْخى وأشْرَفَ على المَوْتِ، والوَقْذُ أيضاً: أن يَقْتَلَ الشّاةَ بِالضَّرْبِ المُثْخِنِ والكَسْرِ بِشَيْءٍ لا حَدَّ له مِثلَ حَجَرٍ ثَقِيلٍ أو عَصا غَلِيظَةٍ وما أشبَهَها، والوَقِيذُ والمَوْقُوذُ: الشَّدِيدُ المَرَضِ المُشْرِفُ على المَوْتِ. والوقائِذُ: حِجارَةٌ مفروشة، واحِدَتُها: وَقيذَةٌ.
يَرِد مُصطَلح (مَوقُوذَة) في الفقه في عِدَّة مواطن، مِنها: كِتاب الصَّيد والذَّبائِح، باب: الذَّكاة عند الكلام على أحكام تَذكِيَةِ المَوقوذَةِ قبل مَوتِها، ويَرِد أيضاً في باب: الغَصْب عند الكلام على حُكم المَوقوذَةِ المَغصوبَةِ مِن غير المُسْلِمِ. وفي كتاب العِتْقِ عند الكلام على حُكْمِ مُكاتَبَةِ العَبْدِ سَيِّدَهُ على مَوقوذَةٍ، وغير ذلك مِن الأبواب.
وقذ
ما رميَ أو ضُرب حتى مات من غير تذكية.
* تهذيب اللغة : (9/202)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/543)
* شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم : (11/7253)
* مشارق الأنوار : (2/293)
* لسان العرب : (3/519)
* تاج العروس : (9/495)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 104)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 468)
* التعريفات الفقهية : (ص 221)
* القاموس الفقهي : (ص 384)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 508) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمَوْقُوذَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الَّتِي تُرْمَى أَوْ تُضْرَبُ بِالْعَصَا أَوْ بِالْحَجَرِ حَتَّى تَمُوتَ مِنْ غَيْرِ تَذْكِيَةٍ.
وَالْوَقِيذُ: هُوَ الَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ، لاَ يُدْرَى أَمَيِّتٌ هُوَ أَمْ حَيٌّ؟ وَالْوَقِيذُ أَيْضًا: الشَّدِيدُ الْمَرَضِ الْمُشْرِفُ عَلَى الْمَوْتِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْمُنْخَنِقَةُ:
2 - الْمُنْخَنِقَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الَّتِي تَمُوتُ خَنْقًا، وَهُوَ حَبْسُ النَّفْسِ، سَوَاءٌ فَعَل بِهَا ذَلِكَ آدَمِيٌّ أَوِ اتَّفَقَ لَهَا ذَلِكَ فِي حَبْلٍ، أَوْ بَيْنَ عُودَيْنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمَوْقُوذَةِ وَالْمُنْخَنِقَةِ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ، لِعَدَمِ الذَّبْحِ.
ب - الْمُتَرَدِّيَةُ:
3 - الْمُتَرَدِّيَةُ فِي اللُّغَةِ مُتَفَعِّلَةٌ مِنَ الرَّدَى وَهُوَ الْهَلاَكُ، وَالتَّرَدِّي: التَّعَرُّضُ لِلْهَلاَكِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} .
وَالْمُتَرَدِّيَةُ هِيَ: الشَّاةُ أَوْ نَحْوُهَا الَّتِي تَتَرَدَّى مِنَ الْعُلُوِّ إِلَى السُّفْل فَتَمُوتُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جَبَلٍ أَوْ فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهِ، وَسَوَاءٌ تَرَدَّتْ بِنَفْسِهَا أَوْ رَدَّاهَا غَيْرُهَا.
وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهَا الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ (3) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمَوْقُوذَةِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ، لأَِنَّهُ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ.
ج - النَّطِيحَةُ:
4 - النَّطِيحَةُ فِي اللُّغَةِ: فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، وَهِيَ: الشَّاةُ تَنْطَحُهَا أُخْرَى أَوْ غَيْرُهَا فَتَمُوتُ قَبْل أَنْ تُذَكَّى.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (4) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمَوْقُوذَةِ وَالنَّطِيحَةِ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْرُمُ أَكْل لَحْمِهِ لِكَوْنِهِ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ.
د - مَا أَكَل السَّبُعُ:
5 - مَا أَكَل السَّبُعُ هُوَ: كُل مَا افْتَرَسَهُ ذُو نَابٍ وَأَظْفَارٍ مِنَ الْحَيَوَانِ كَالأَْسَدِ وَالنَّمِرِ وَالثَّعْلَبِ وَالذِّئْبِ وَالضَّبُعِ وَنَحْوِهَا (5) .
وَالْعلاَقَةُ بَيْنَ الْمَوْقُوذَةِ وَمَا أَكَل السَّبُعُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ إِذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمَوْقُوذَةَ لاَ يَحِل أَكْل لَحْمِهَا إِذَا لَمْ يَتِمَّ ذَبْحُهَا (6) لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي تَعْدَادِ مَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَل السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} .
قَال الْعُلَمَاءُ: كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ يَضْرِبُونَ الأَْنْعَامَ بِالْخَشَبِ وَالْحَجَرِ وَنَحْوِهَا حَتَّى يَقْتُلُوهَا فَيَأْكُلُونَهَا.
وَلِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ﵁ قَال: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ فَقَال: مَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْهُ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَهُوَ وَقِيذٌ (7) .
وَفِي رِوَايَةٍ: إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُل، فَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ، فَلاَ تَأْكُل (8) ، قَال النَّوَوِيُّ: وَقِيذٌ، أَيْ: مَقْتُولٌ بِغَيْرِ مُحَدَّدٍ.
وَالْمَوْقُوذَةُ الْمَقْتُولَةُ بِالْعَصَا وَنَحْوِهَا، وَأَصْل الْوَقْذِ مِنَ الْكَسْرِ وَالرَّضِّ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي الْمَقْتُولَةِ بِالْبُنْدُقَةِ: تِلْكَ الْمَوْقُوذَةُ. 7 - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا كَمَا قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي الصَّيْدِ بِالْبُنْدُقِ وَالْحَجَرِ وَالْمِعْرَاضِ (9) .
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ كُل مَا يُقْتل بِغَيْرِ مُحَدَّدٍ مِنْ عَصًا أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَهُوَ وَقِيذٌ لاَ يَحِل أَكْلُهُ إِلاَّ إِذَا أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ (10) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (صَيْدٌ ف 31 - 36) .
ذَكَاةُ الْمَوْقُوذَةِ
8 - قَال الْجَصَّاصُ: قَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَكَاةِ الْمَوْقُوذَةِ وَنَحْوِهَا، فَذَكَرَ مُحَمَّدٌ: أَنَّهُ إِذَا أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهَا قَبْل أَنْ تَمُوتَ أُكِلَتْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} حَيْثُ يَقْتَضِي ذَكَاتَهَا مَا دَامَتْ حَيَّةً، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنَّ تَعِيشَ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ لاَ تَعِيشَ، وَلاَ بَيْنَ أَنْ تَبْقَى قَصِيرَ الْمُدَّةِ أَوْ طَوِيلَهَا، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ ﵃ مِنْ أَنَّهُ: إِذَا تَحَرَّكَ شَيْءٌ مِنْهَا صَحَّتْ ذَكَاتُهَا، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الأَْنْعَامِ إِذَا أَصَابَتْهَا الأَْمْرَاضُ الْمُتْلِفَةُ الَّتِي قَدْ تَعِيشُ مَعَهَا مُدَّةً قَصِيرَةً أَوْ طَوِيلَةً أَنَّ ذَكَاتَهَا بِالذَّبْحِ، فَكَذَلِكَ الْمَوْقُوذَةُ وَنَحْوُهَا (11) .
قَال إِسْحَاقُ: وَمَنْ خَالَفَ هَذَا فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ مِنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَمِنْهُمْ أَبُو يُوْسُفَ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَهُوَ الْقَوْل الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْل أَهْل الْمَدِينَةِ: إِذَا صَارَتِ الْمَوْقُوذَةُ وَأَمْثَالُهَا إِلَى حَالٍ لاَ تَعِيشُ مَعَهَا فَلاَ يَحِل أَكْل لَحْمِهَا وَإِنْ تَمَّ ذَبْحُهَا قَبْل الْمَوْتِ (12) .
وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اخْتَلَفَ قَوْل مَالِكٍ فِي هَذِهِ الأَْشْيَاءِ فَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ لاَ يُؤْكَل إِلاَّ مَا ذُكِّيَ بِذَكَاةٍ صَحِيحَةٍ، وَاَلَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَبَحَهَا وَنَفَسُهَا يَجْرِي وَهِيَ تَضْطَرِبُ فَلْيَأْكُل، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِهِ الَّذِي كَتَبَهُ بِيَدِهِ، وَقَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ مِنْ كُل بَلَدٍ طُول عُمْرِهِ، فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الرِّوَايَاتِ النَّادِرَةِ (13) .
__________
(1) المفردات في غريب القرآن، والمعجم الوسيط، وتفسير القرطبي 6 / 48.
(2) المعجم الوسيط، وتفسير القرطبي 6 / 48، وروح المعاني 3 / 231.
(3) المصباح المنير، والمفردات في غريب القرآن، وتفسير القرطبي 6 / 49، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 304، وروح المعاني 3 / 231.
(4) المصباح المنير، والمعجم الوسيط، والمفردات في غريب القرآن، وتفسير القرطبي 6 / 49.
(5) تفسير القرطبي 6 / 49 - 50، والمفردات في غريب القرآن.
(6) تفسير القرطبي 6 / 48، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 304، وصحيح مسلم مع شرح النووي 13 / 73 - 75، ومغني المحتاج 4 / 274، وتفسير روح المعاني 3 / 231.
(7) حديث: " ما أصاب بحده فَكُلْهُ. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 599 ط السلفية) ومسلم (3 / 1530 ط عيسى الحلبي) .
(8) حديث: " إذا أصبت بحده فكل، فإذا أصاب بعرضه فإنه وقيذ فلا تأكل ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 603 ط السلفية) .
(9) المعراض مثل المفتاح: سهم لا ريش له (المصباح المنير) .
(10) أحكام القرآن للجصاص 3 / 304، وشرح صحيح مسلم للنووي 13 / 75، وتفسير القرطبي 6 / 48 - 49، الاختيار 4 / 7 - 8، وحاشية الدسوقي 2 / 103، والشرح الصغير 2 / 176، ومغني المحتاج 4 / 274، وكشاف القناع 6 / 207 - 208.
(11) أحكام القرآن للجصاص 2 / 305 - 306، وتفسير القرطبي 6 / 50 - 51.
(12) تفسير القرطبي 6 / 50، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 306.
(13) تفسير القرطبي 6 / 50 - 51، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 305 - 306.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 321/ 39
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".